|
الإيمان بالعالم الخفي ح2
عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني
(Abbas Ali Al Ali)
الحوار المتمدن-العدد: 7350 - 2022 / 8 / 24 - 15:46
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
من الثوابت العلمية المؤكدة أن الطبيعة التكوينية للكائنات الحية قد أضافت ميزة ذاتية بدرجات متفاوتة تعمل باللا وعي او باللا منظور لتزويد الكائن الحي بالطاقات الفوقية، أي الطاقات فوق الأعتيادية التي تستخدم في حالة نقص الطاقة الطبيعية نتيجة عارض مثلا أو المرض أو التعرض لمواقف صعبة، أحيانا تسمى الإرادة الدفينة وأحيانا تسمى القدرة الخفية، في كل المجموعة الحية في الوجود توجد درجات متفاوتة من هذه الطاقة، ويوجد طرق ومجالات وأستعمالات تتراوح بين أعتمادا كليا وبين الأستخدام الجزئي ووفقا للظروف. هذه القوة الطبيعية الذاتية في تكوينات البناء الجسدي للكائن الحي تقابلها أيضا قوة معاكسة في الأتجاه تسمى القوة المحبطة أو قوة النكوص الذاتي، عمل هذه القوتان مرتبط بشبكة من الأستشعارات الذاتية التي تعتمد على المحفزات والبواعث، مثلا عند الحيوانات بشكل عام تظهر بقوة ملحوظة، فعندما يصاب كلب مثلا بكسر عظمي أو بعارض صحي فإنه يلجأ الى السكون الحركي والاعتزال، ليبدأ الجسد في علاج نفسه من خلال تفعيل هذه القوة، بينما الإنسان لا يستخدم عادة هذه القوة الكامنة وإنما يحاول البحث عن علاجات خارجية من مصادر مختلفة قد تكون أسرع من العلاج الطبيعي الذاتي، لكنها ليست أمنة بشكل تام وقد تترك أثارا سلبية على المدى البعيد، اهمها إهمال القوة الذاتية وإضعافها. وأيضا من المسلمات العلمية التي يقرها علم النفس وخاصة العلاجي منه، أن قدرة الإيحاءات النفسية المتقنة تؤثر بشكل أكيد على فاعليات الجسد وتأثيراتها على الحالة النفسية والسلوكية للفرد، فمن ينجح في تحفيز هذه القوى الكامنة من خلال الإيحاء النفسي يمكن له أن يؤثر في تسخير وتشغيل هذه القوة إيجابا وسلبا، فمرة بمكن أن تكون عامل مساعد في شد الهمة وإنطلاق القوة الذاتية الإيجابية لتساعد في تجاز أي حالة مرضية جسدية أو نفسية، في المقابل يمكن من خلال نفس الإيحاء ولكن بشكل عكسي من إثباط العزيمة والشعور بالانتكاس والتدهور والتأثير بشكل سلبي ومعاكس للحالة الأولى. إن تفعيل أي من القوتين داخل الجسد البشري ليس بالأمر الهين دون تجربة ومران وخبرة، مع ذلك فإن هذا الأمر بحاجة لمقدمة أساسية كي ينجح التسخير ويؤتي ثماره، هذه المقدمة تسمى الإيمان بوجود القوة والإيمان بالقدرة على الفعل، إذا الشخص الذي يعالج بهذه الطريقة أو الشخص الذي يريد أن يتعالج بها يشترط مقدما توفر عنصر الرغبة المبني على الأعتقاد واليقين والإيمان بها، الإيمان هنا تعريفا هو جعل الثقة الكاملة بالفكرة، كما هي في فهم الإيمان الديني الذي يعتمد على الالتزام بالعقيدة وليس على دليل إثباتها، بينما الإيمان عند العالم المادي هو التعبير عن الثقة التامة بقوانين الطبيعة مبتدئاً بقانون السبب والنتيجة، إذا فالإيمان الروحي النفسي يعتمد على القوى الخارقة العليا الميتافيزيقية التي تجعل الأشياء تحدث بشكل مستقل عن القوى المادية. من هذه النقطة "طريقة العمل المستقلة" أنطلق عالم السحر والعلاج الروحي والتسخير للقوى اللا مرئية من جن وشياطين وقوى خارقة، معتمدة على هذا الإيمان حين فهم الساحر أو المشعوذ إن إدخال الإيمان بعقل المريض أو المطلوب إيذاءه بأن هذه القوى تعمل خارج قوانين القوى المادية، وإنها قادرة بالفعل على ذلك إنما هو في الحقيقية تسخير باللا وعي للقوة الكامنة التي سيتفاعل معها الشخص المعني دون إدراك بها، فالساحر أو المعالج يعطي دفق من الإحساسات ألذاتية للشخص بأنه قادر مقلا على التغلب على المشكلة أو النكوص عنها، فيتفاعل نفسيا مع إيمانه بأنه سينجح. وبالتالي فهولا يخضع في التأثير لهذه القوى اللا مرئية وإنما يتعامل بشكل لا مباشر على تحفيز القدرة الذاتية عنده، فعندما ينجح ستزيد قناعته وإيمانه بالقوى اللا مرئية، وعندما يفشل فالسبب والذنب سيعود لضعف إيمانه ويقينه وعدم التصديق المؤكد بوجود وقوة هذه الكائنات اللا مرئية، وبالتالي فالساحر أو المعالج بالحالتين أصبح على خط اليقين من الغير بأنه فعلا يستخدم قوى حقيقية ولكنها لا مرئية لها قدرات وإمكانيات فوق العادة وتعمل مستقلة عن القوانين المادية الطبيعية. إذا ما يزعمه البعض من وجود قوى لا مرئية لها قدرات وفعاليات ونشاط غير عادي ولا أعتيادي، بالواقع هي قوى وجودية غير مدركة بشكل مباشر وتعمل ضمن أليات القوة المادية وطاقاتها الفعالة، عندما كان الإنسان في مراحل تطور إداركه الواعي النامي ووعيه التجريبي لا يفهم بشكل كامل هذه القوانين المادية المباشرة والمحسوسة، ولا تلك التي تعمل ضمن نطاقات غير مفهومة وغير محسوسة بالشكل الذي يمكن التنبؤ بها مثلا، أحال الموضوع كله تفسيرا وتبريرا عبر تصوراته الذهنية الخاصة إلى تأثيرات العالم الموازي، وظن أن من يفعل هذه الأعمال ويسخر هذه الطاقات هم كائنات ذلك العالم الغريب الذي لا بد أنه يخضع لقوانين ما، وقسم الأعمال بحسب الفائدة خيرا أو شرا منها على طوائف، فللملائكة والجن الصالح عمل الخير وللشياطين والجن الفاسد عمل الشر، وهكذا أنتقلت الفكرة من المعرفة البسيطة إلى الممارسة السحرية إلى الدين وبالعكس. في البداية حاول أن يفهم ومن خلال تجاربه الخاصة بعض أسرار التحفيز أو تأويل ما يفهمه لغرض أكتشاف طريقة التعامل الأكثر قدرة على التواصل والأتصال، فلجأ منذ البداية إلى ترميز تجاربه ومخارجها كي تكون حكرا عليه أو لأضافه نوع من الطقوسية الغير معتادة من الأخرين، وبذلك يضعهم أمام الدهشة وعدم محاولة فهم ما يجري بأعتبار أن هذه الطقوس والأسرار هي من الغيبيات التي لا تدرك بالسهل ولا تنال بالأمور الطبيعية، لذا أعتمد أولا على اللغة مشفرة أو مرمزه والتي سخرها بشكل غرائبي لتنتج له أبجدية أو رموز مشفرة لا يملك مفاتيحها إلا هو، بهذه الألية ظهرت مفاهيم الجنجلوتيات والعزائم والأقسام، ثم تطور الأمر وأستخرج من اللغة ما يعرف بالبديل الرقمي، أي جعل لكل حرف رقم موازي لزيادة في مظهرية الطقوس الغريبة.
#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)
Abbas_Ali_Al_Ali#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الإيمان بالعالم الخفي ح1
-
عالم الحور العين ح3
-
عالم الحور العين ح2
-
عالم الحور العين ح1
-
على سبيل الفرض والافتراض ح8
-
دين التصديق ودين التعقل
-
صناع الرب ق ق ج
-
ثلاثية الله الدين الإنسان
-
الدين والمدينة الفاضلة واوهام المنقذ الجبار ح5
-
الدين والمدينة الفاضلة واوهام المنقذ الجبار ح4
-
الدين والمدينة الفاضلة واوهام المنقذ الجبار ح3
-
اللا زمن في الزمن ... ووهم الجنة والنار ح3
-
اللا زمن في الزمن ... ووهم الجنة والنار ح2
-
اللا زمن في الزمن ... ووهم الجنة والنار
-
تعطيل أعمال مجلس النواب وحله من خلال أستقالة رئيس مجلس النوا
...
-
المهدي الموعود فاضل مؤجل
-
الدين والمدينة الفاضلة واوهام المنقذ الجبار ح2
-
على سبيل الفرض والافتراض ح7
-
الدين والمدينة الفاضلة واوهام المنقذ الجبار
-
على سبيل الفرض والافتراض ح6
المزيد.....
-
حرس الثورة الاسلامية يدين استهداف الصحفيين في غزة
-
الاحتلال يعتقل شابًا من ذوي الاحتياجات الخاصة وشقيقين في كفر
...
-
يهود في مواجهة الصهيونية
-
مادونا تدعو بابا الفاتيكان لزيارة غزة -قبل فوات الأوان-
-
مادونا تناشد بابا الفاتيكان أن يزور غزة -قبل فوات الأوان-: -
...
-
السيوف اليتيمة.. لماذا اعتبر المؤرخون ظهور دولة المماليك من
...
-
مادونا تناشد بابا الفاتيكان أن يزور غزة -قبل فوات الأوان-: -
...
-
انتهاك للحريات.. مدريد تطالب بلدية جوميلا بإلغاء حظر إقامة ا
...
-
زيارة الأربعين تجدد روح المقاومة الإسلامية في مواجهة العدوان
...
-
الطريق إلى سلفيت… حقل من الألغام البشرية تحت سطوة الحواجز ال
...
المزيد.....
-
علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب
/ حسين العراقي
-
المثقف العربي بين النظام و بنية النظام
/ أحمد التاوتي
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
المزيد.....
|