أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد عبد الكريم يوسف - الإبادة الجماعية في رواندا ، دروس وعبر















المزيد.....



الإبادة الجماعية في رواندا ، دروس وعبر


محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث

(Mohammad Abdul-karem Yousef)


الحوار المتمدن-العدد: 7313 - 2022 / 7 / 18 - 15:04
المحور: حقوق الانسان
    


أدى انتهاء الحرب الباردة إلى الشعور بالراحة والتفاؤل بين شعوب العالم. فخفض أعداء الأمس أسلحتهم النووية والتقليدية بصورة كبيرة ووجد الزعماء الجدد سبلاً للتعاون بشأن مجموعة من القضايا الدولية.

مع ابتعاد شبح المواجهة النووية، عقد الكثيرون الآمال على أن تشكل روح التعاون هذه سابقة تُحتذى. و في ظل عدم وجود سياق تنافس القوى العظمى، قد يكون لدى العالم رغبة جديدة في العمل معاً كمجتمع دولي لحل الصراعات من خلال التفاوض السلمي والدبلوماسية.

لكن أحداث العقد التالي أثبتت أن ذلك التفاؤل كان سابقا لأوانه.
في عام ١٩٩٤ ، على سبيل المثال، وبعد مرور ثلاث سنوات فقط على توقيع الزعماء الأميركيين والروس على المعاهدة الأولى للحد من الأسلحة الاستراتيجية (ستارت ١ )، فشل المجتمع الدولي في أن يكون له رد فعل واضح تجاه عمليات الإبادة الجماعية في رواندا.

حثت طبيعة هذه الإبادة الجماعية ونطاقها واضعي السياسات والمراقبين على إجراء دراسة وتحليل جوهريين، إلى جانب البحث العميق. ففي محاولة للتخلص من أقلية التوتسي في رواندا، قتلت الأغلبية "الهوتو" حوالي ٨٠٠ ألف شخص أغلبهم من المدنيين بصورة منظمة خلال ١٠٠ يوم فقط، وهو أسوأ معدل للقتل الإجرامي في تاريخ البشرية. وكان القتلة، المسلحون بالمناجل، وحشيين ومنظمين، فقد عذبوا ضحاياهم وقتلوهم بدم بارد وألقوا بجثثهم في مقابر جماعية. وفي حالات كثيرة، حدثت هذه المذابح بينما كانت قوات حفظ السلام الدولية تقف تجاه ما يجري موقف المتفرج.

كشفت الإبادة الجماعية الرواندية عن أوجه الضعف الصارخة في قدرة المؤسسات الدولية ومتعددة الأطراف على منع حدوث مثل هذا العنف أو التصدي له، كما أثارت أسئلة مقلقة حول الرغبة الدولية في القيام بذلك.

دولة رواندا

تقع رواندا في منطقة البحيرات العظمى بإفريقيا، وقد سميت بذلك بسبب تعدد التجمعات المائية الضخمة التي تتضمن بحيرات فيكتوريا وكيفو وتنجانيقا وغيرها.
كان إقليم رواندا يقطنه سكانه الأصليون من التوا الذين كانوا يعيشون في الغابات على الصيد والجمع. ثم اضطروا إلى الانتقال إلى أعماق الغابات بعد وصول الهوتو الذين قطعوا الأشجار وزرعوا المحاصيل، وقدموا أشكالاً أآثر تعقيداً لتنظيم اجتماعي عشائري. وبعد الهوتو جاء التوتسي الذين احتلوا مكانة بارزة في المنطقة من خلال امتلاكهم للماشية. وبمرور الوقت تزاوج الهوتو والتوتسي وأصبحوا يتحدثون نفس اللغة وهي لغة كينيا و رواندا. ومن خلال نظام طبقي عُرف باسم أوبوهاكي، كان الذين يحرثون الأرض وغالبيتهم من الهوتو، يقدمون خدماتهم للأرستقراطيين المالكين للماشية وغالبيتهم من التوتسي.

عندما وصل المستعمرون الألمان إلى الإقليم في نهاية القرن التاسع عشر, وجدوا مجتمعاً منظماً إلي حد كبير يحكمه ملك من التوتسي، أو موامي باللغة المحلية، وسلطة هرمية مكونة من رؤساء من آل من الهوتو والتوتسي. ونتيجة قبول من الموامي، فرض الألمان الحماية على رواندا عام ١٨٩٩ , ولكنهم رحلوا عنها بعد وقت قصير.
وفي هذا السياق يقول لويز موشيكيوابو، رئيس مشروع تذكر رواندا:" أعتقد أن نشأتي في رواندا وتعلمي منذ نعومة أظفاري أن رواندا مكان فريد جداً، وأننا شعب جميل، وأننا نحظى ببلد عظيم (بالمناسبة فإن رواندا بالكينية تعني الكون وأن رواندا هي بيت الله وفجأة يحدث كل هذا العنف غير المعقول -- أعتقد أن كل هذا أصبح مؤلماً للغاية لدرجة أن فهم ما حدث لا يستعصي فقط على كثير من الناس، بل أعتقد أننا نحن الروانديون فعلا لم نفهم ماذا حدث لنا".
أما جريج نون، مسؤول برنامج سابق في برنامج التدريب المهني فيقول : " تعرف رواندا بأرض الألف تل، وهي بلد جميل بمعنى الكلمة. هذه التلال المتموجة التي تتجمع في الشمال الغربي لتشكل المتنزه الوطني البركاني حيث يمكنك مشاهدة غوريلات الجبل. وشعب رواندا, الهوتو والتوتسي على حد سواء, ودود بشكل غير عادي. ومن الصعب أن تتخيل عندما تذهب إلى رواندا أن الناس يمكنهم قتل جيرانهم. وتتميز رواندا بمناظرها الطبيعية الخلابة, وهو أمر غير عادي للغاية عندما تدرك التاريخ الذي ولى، وأدى إلى هذه الإبادة الجماعية العنيفة المفاجئة التي أبادت جزءاً كبيراً من السكان."

الإدارة البلجيكية

الحرب العالمية الأولى

أثناء الحرب العالمية الأولى، فقدت ألمانيا المقاطعة التي أصبحت رواندا . ثم وضعت رواندا تحت الإدارة البلجيكية من قبل عصبة الأمم. ومن خلال تفوقها الفني والعسكري، تمكنت بلجيكا من أن تحكم بسهولة السكان الأصليين، ونعمت المنطقة بفترة سلام طويلة.

ومع ذلك لا يصف المتخصصون في تحليل الصراع هذه الفترة على أنها سلام دائم. فعلى الرغم من عدم مواجهة الحكم البلجيكي تحديات تذكر، ومن ثم فترة من الاستقرار العام، إلا أن السلام لم يكن قائماً على ما يمكن تسميته " القيم والأهداف والمؤسسات المشتركة". فواقع الأمر أن السلام المستقر فرضته بلجيكا من خلال قدرتها الفنية والعسكرية الفائقة. علاوة على ذلك، فإن السياسات والإجراءات التي اتخذتها القوة الأوربية أثناء هذه الفترة قامت بإزكاء العداوات والريبة التي كانت حتماً ستهز أسس هذا السلام وتشعل العنف الحقيقي، بما في ذلك الإبادة الجماعية عام ١٩٩٤

تفاقم التمييز العرقي

كانت التقارير الإعلامية عام ١٩٩٤ ، تصور أعمال الإبادة الجماعية الرواندية في الغالب على أنها صراع أساسه كراهية قديمة، بين أناس يقتتلون فيما بينهم لمئات السنين. وكانت هذه التقارير مضللة بصورة كبيرة. ومع أن منطقة البحيرات العظمى لم تخل طوال تاريخها من الصراع، إلا أنه لم يكن هناك نمط من العنف الطائفي بين الهوتو والتوتسي، ولم يقترب شيء أو حتى أوحى بمستوى العنف الذي صاحب الإبادة الجماعية عام ١٩٩٤.

في رواندا ما قبل الاستعمار, كان مصطلحي "الهوتو " و"التوتسي"، بعد قرون من التزاوج، يمثلان إلى حد كبير الاختلافات في الطبقة الاقتصادية وليس في الأصل العرقي. وكان من الممكن أن يتحول أي فرد من الهوتو استطاع تكوين ثروة إلى "توتسي"، والعكس, أن يتحول أي فرد من التوتسي انخفضت منزلته الاقتصادية إلى "هوتو".

ولكن في عام ١٩٢٦ ، وضع البلجيكيون سياسات لزيادة التمييز بين الهوتو والتوتسي. فكان من يمتلكون أكثر من ١٠ بقرات يصنفون على أنهم توتسي ويصنف الآخرون على أنهم هوتو، مع عدم وجود إمكانية للتنقل بين الجماعتين. وما كان تمييزاً بسيطاً، تطور بمرور الوقت والعادات، ليحل محله فجأة تصنيف دائم غير مرن. بالإضافة إلى ذلك، حابى البلجيكيون إلى حد كبير الطبقة العليا من التوتسي، وعرضت على أثريائهم فرصاً أفضل للتعليم والتقدم الاقتصادي، وتوظيفهم كإداريين لفرض الحكم الاستعماري البلجيكي.

يقول هاوارد ولب، مبعوث خاص أميركي سابق لمنطقة البحيرات الكبرى بإفريقيا: " لن يكون شيء أبعد عن الحقيقة من تصوير الصراع في رواندا، أو الصراع في بوروندي، على أنه نتيجة للعداءات القديمة أو المنافسات التاريخية قديمة العهد . في الواقع، في كلتا الحالتين فإن تبادل القتل على أساس عرقي، والمذابح الطائفية التي شاهدنا حدوثها، بما في ذلك حوادث الإبادة الجماعية، في كلا البلدين، هو أمر يرجع لعهد حديث جداً، وأساساً بدأت أعمال القتل أواخر الخمسينات وفي حالات كثيرة لم تحدث حتى الستينات، ولم تأت أسبابها في شكل عنف طائفي تقليدي. بل على العكس، كانت أسبابها في المعالجة الحديثة للغاية من قبل النخب السياسية للهويات العرقية النامية حديثاً التي اتخذت شكلاً مختلفاً اليوم عن فترة ما قبل الاستعمار أو الفترة الاستعمارية.

أما المقدم جوزيف نزابامويتا، ملحق الدفاع بسفارة رواندا في واشنطن فيقول: إن كلمتي"الهوتو والتوتسي" في المجتمع الرواندي لا تعنيان فقط جماعة الهوتو العرقية وجماعة التوتسي العرقية . بل تشيران أيضا إلى الوضع الاقتصادي للشعب الرواندي. فإذا كان هناك شخص غني, فإنه يشار إليه على أنه توتسي، لأن "التوتسي "كانت طبقة وليست أناساً. وكان بإمكان أي هوتو من جماعة الهوتو العرقية الانتقال من طبقة الهوتو ، أو بعبارة أخرى، من مستوى معين للمكانة الاقتصادية ، إلى طبقة التوتسي. لكن تعليمات الإدارة الاستعمارية تركت الانطباع الدائم بأن المنتمين إلى جماعة الهوتو العرقية ليس بإمكانهم مطلقاً الانتقال ليكونوا من التوتسي, وأن المنتمين إلى جماعة التوتسي العرقية سيبقون دائما توتسي ، بينما في الحقيقة، ينتمي حتى إخوتهم الفقراء, إلى الهوتو. وقد أدى هذا إلى خلق تمزق اجتماعي اقتصادي كبير جداً في المجتمع الرواندي.

بطاقات الهوية
أصدر البلجيكيون، كجزء من نظامهم لتصنيف التمييز العرقي، بطاقات هوية لكل الروانديين، وهي مشابهة للمستخدمة في بلجيكا، التي ساعدت على تصنيف التمييز بين الفلمنكيين الذين يتحدثون الألمانية وبين الولونيين الذين يتحدثون الفرنسية، فقد أوضحت بطاقات الهوية الرواندية المجموعة العرقية التي صنف فيها كل فرد.

السخرة
إلى جانب بطاقات الهوية، استمر البلجيكيون في تنفيذ السياسات التي نفرت الهوتو والتوتسي من بعضهم البعض، بما في ذلك نظام سخرة كلف المراقبين المختارين من التوتسي بمعاقبة العمال البطيئين بدنياً. وفي هذا النظام، لم يعد المزارعون الهوتو يزرعون المحاصيل لاستهلاكهم الشخصي ولكنهم كانوا مجبرين على زراعة المحاصيل التجارية لصالح الإدارة الاستعمارية. وأدى إتباع النماذج الأوربية للتنظيم الاجتماعي, إلى إحداث تقسيم جوهري في الثروة والسلطة، استفاد منه البلجيكيون وعدد قليل من التوتسي على حساب أفراد التوتسي والهوتو الآخرين.
يقول جورج وورد، سفير متقاعد، مدير سابق في برنامج التدريب المهني: إن سلطة المستعمر هي التي تبنت هذا التمييز، وأضفت عليه الصفة الرسمية. وطلبت ذكر الخلفية العرقية للشخص في بطاقات الهوية، وقصرت ذلك بالفعل على ثلاثة أعراق هي الهوتو والتوتسي والتوا )الجماعة العرقية الثالثة والأصغر كثيراً (. وقد حابوا التوتسي في سياساتهم، ومنحوهم وضعاً تمييزياً بتوظيفهم في السلطة الاستعمارية ، بحيث أصبحت جماعة الأقلية، التوتسي، في موضع سلطة أعلى من جماعة الأغلبية، الهوتو، مع نهاية الفترة الاستعمارية.

أما هاوارد ولب، مبعوث خاص أميركي سابق لمنطقة البحيرات الكبرى بإفريقيا فيقول: لقد انتهجتم نظام السخرة، وتولى التوتسي بشكل أساسي أداء الأعمال القذرة للسلطة الاستعمارية من خلال تنظيم عملية السخرة التي كان الهوتو هم عناصرها الصاغرة. كانت الظروف قاسية للغاية، ولذلك فإنكم تسببتم في خلق الكثير من الأحقاد. وخلال هذا التحول المثير للغاية, قضي تماماً على أنواع التوازنات التقليدية التي كانت موجودة في فترة ما قبل الاستعمار نتيجة للتدخل الاستعماري، وأسلوب معالجة سلطة المستعمر للهويات العرقية، وقراراته للحكم بشكل أساسي عن طريق التوتسي الذين تحولوا إلى امتداد لسلطته.

التحركات نحو تقرير المصير

بعد الحرب العالمية الثانية، بدأ وضع العديد من المستعمرات الإفريقية في التغير. وفي عام ١٩٤٦ ، أصبحت رواندا جزءاً من منطقة مشمولة بوصاية الأمم المتحدة، تحت الإدارة البلجيكية . وكما فعلت العديد من القوى الاستعمارية في فترة ما بعد الحرب، بدأت بلجيكا في دمج الروانديين بشكل أكثر في المؤسسات السياسية للدولة.
لكن هذه المؤسسات لم تطرق القضايا التي تمثل أهمية للروانديين على نحو كاف، خصوصا لأغلبية الهوتو. وفي عام ١٩٥٠ بدأ الهوتو في مقاومة سلطة التوتسي، بينما قاوم الهوتو والتوتسي معاً الحكم البلجيكي.

وبدأ التوتسي والهوتو في اعتبار أنفسهم في وضع منافسة على السلطة والوصول للموارد النادرة أو "النظر للآخر على أنه عدو". وزادت حدة التوتر والشك لتسفر عن فترة من السلام غير المستقر. وفاقمت السياسات البلجيكية من التوترات بدلاً من أن تقللها. آما فشلت دبلوماسية وسياسة وقت السلم في منع تصاعد التوترات واللجوء إلى العنف في نهاية المطاف.

يقول جريج نون، مسؤول برنامج سابق في برنامج التدريب المهني: في النصف الأول من القرن كان لديكم بشكل أساسي سلام مستقر لأن البلجيكيين كانوا يسيطرون تماماً على الأوضاع مثلما فعلوا في معظم مستعمراتهم. وقد وطد التوتسي مناصبهم كمديرين حكوميين بينما يعمل الهوتو كمزارعين . لذا ليس لديكم أي نوع صراع في الوقت الحالي.

العنف والاستقلال
أدى تصاعد التوترات إلى أن يفسح السلام غير المستقر مكاناً لحدوث أزمة في أواخر الخمسينات. ففي عام ١٩٥٩ ، تخلى البلجيكيون عن التوتسي الذين حابوهم خلال الفترة الاستعمارية. وسحبوا دعمهم من المديرين التوتسي، واستبدلوهم في الكل الحالات إلا قليلاً بالهوتو، ولم يبذلوا جهداً حقيقياً لمنع تفجر العنف.

بدأ العنف السياسي المتكرر عام ١٩٥٩ في شكل مصادمات بين أعضاء الأحزاب السياسية القائمة على أسس عرقية التي تشكلت حديثاً، أو في شكل هجمات على التوتسي نظمها المديرون الهوتو المعينين حديثا. وقد خلف هذا العنف مئات القتلى من التوتسي وعشرات الآلاف من النازحين . وقد دفع آل حادث عنيف أعداداً كبيرة من التوتسي إلى الهرب من البلاد . وبحلول عام ١٩٦١ ، شكل بعض اللاجئين جماعات كوماندوز وشنوا الغارة الأولى في سلسلة غارات معظمها غير فعالة على رواندا.

نجحت القوى السياسية بقيادة الهوتو في إلغاء الملكية التوتسية عام ١٩٦١ ، وقاد مدير استعماري جديد, بالتخطيط مع السياسيين من الهوتو، رواندا إلى الاستقلال في ١ يوليو/تموز ١٩٦٢ . وبهذا النصر، أعلن الهوتو قيام الجمهورية ووضعوا مسودة للدستور.

وعند الاستقلال، نقل البلجيكيون السلطة إلى الهوتو، الذين واصلوا ممارسة احتكار الشؤون الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
يقول هاوارد ولب، مبعوث خاص أميركي سابق لمنطقة البحيرات الكبرى بإفريقيا: قرر البلجيكيون أن الوقت قد حان لتغيير خططهم، فبعد دعمهم للتوتسي ليكونوا قوتهم السائدة بين الروانديين، بدأ البلجيكيون فجأة في تأييد التعبئة السياسية للهوتو، وبدأوا في القيام بكل ما في وسعهم لرفع مكانة الهوتو ولتحسين الهوتو تعليمياً خلال التنظيمات السياسية الجديدة التي بدأت في الظهور مع دنو الاستقلال.
لذا حدث بالفعل انعكاس كبير للأدوار. فمع شروع الهوتو في اكتساب نفوذ سياسي بتشجيع ودعم من السلطة الاستعمارية, بدأوا في الثأر من عدد من أفراد التوتسي الذين كانت تتم إساءة معاملتهم ومهاجمتهم بشكل منتظم مما أدى إلى هروب حوالي ٧٥٠٠٠٠ توتسي رواندي إلى أوغندا وتنزانيا.

أما المقدم جوزيف نزابامويتا، ملحق الدفاع بسفارة رواندا في واشنطن فيقول: أنت تعرف أن أسوأ شيء يمكن أن يعانيه الأشخاص هو أن يكونوا لاجئين. وكانت عائلتي واحدة من العائلات الرواندية التي هربت من رواندا عام ١٩٥٩ ولجأت إلى أوغندا. وأتذكر أننا آنا نعتمد على الحسنات للحصول على الطعام. ولم يكن مسموحاً لنا بالزراعة أو المشاركة في أي نشاط اقتصادي لأن ذلك كان مخالفاً للقوانين الوطنية. وكان تعليم الأطفال محدوداً. حيث كانوا ممنوعين من الالتحاق بالمدارس المتوسطة والثانوية. وفي معسكرات النازحين داخلياً في رواندا، كان الناس يوضعون في المناطق السيئة التي غزاها ذباب التسي تسي، لذا ماتوا من المرض، وهو نفس ما حدث لمن هربوا إلى الدول المجاورة أوغندا وتنزانيا وبوروندي. لقد كان الأمر في واقعه إبادة للناس.

غارات حرب العصابات
بعد الاستقلال، واصلت وحدات الكوماندوز شبه العسكرية من اللاجئين شن غارات دورية على رواندا, ومهاجمة المسؤولين المحليين. وتصاعدت مستويات العنف لفترة قصيرة، من المستويات المرتبطة بالأزمة إلى تلك المرتبطة بالحرب. واستخدمت سلطات الهوتو كل هجوم كمبرر لتقوية سلطتهم عن طريق ذبح المدنيين التوتسي، مما تسبب في هروب المزيد منهم. وبعد غارة منظمة جيداً من قبل التوتسي على وجه الخصوص في أواخر عام ١٩٦٣ ، قتل الهوتو الثائرون حوالي ١٠٠٠٠ مدني من التوتسي و نفوا ٢٠٠٠٠٠ آخرين خارج البلاد . وبنهاية عام ١٩٦٤ , أصبح ٣٣٦٠٠٠ توتسي رواندي، أو ما يعادل تقريباً نصف عدد السكان من التوتسي في ذلك الوقت، لاجئين رسمياً في الدول المجاورة تنزانيا ) تنجانيقا في ذلك الوقت( وبوروندي والكونغو وأوغندا.

انتهت غارات كوماندوز التوتسي وانتقامات الهوتو عموماً عام ١٩٦٧ . وظلت الأزمة سائدة حتى منتصف عام ١٩٧٢ ، عندما وقعت مذابح واسعة النطاق في بوروندي. حيث قتلت وحدات جيش أقلية التوتسي ومؤيدوهم حوالي ٨٠٠٠٠ من الهوتو. ونتيجة لذلك، زاد انعدام ثقة الروانديين في التوتسي. وفي أوائل عام ١٩٧٣ بدأت جماعات عديدة من الهوتو في رواندا حملة تخويف واعتداءات على التوتسي لفرض نظام الحصص العرقي الذي تم إدخاله مؤخراً في التعليم والقوى العاملة. وقد أدى ذلك إلى موجة أخرى من هروب التوتسي، وبينهم الطلبة الجامعيين الذين خافوا من استهداف حياتهم.

الانقلاب
في عام ١٩٧٣ , قاد رئيس أركان الجيش جوفينال هابياريمانا، وهو من الهوتو، انقلابا سلمياً ونصب نفسه رئيساً لرواندا. ومع وعده بتحسين ظروف التوتسي في رواندا، عزز من سلطته سريعاً، وحظر كل الأحزاب السياسية إلا حزبه وقمع المعارضة السياسية . وبالأساليب الجائرة، نجح في احتواء العنف في المنطقة، وساد سلام غير مستقر خلال معظم فترة حكمه. لكن كلفة تقليل حدة التوتر كانت باهظة.
وفي وظائف الخدمة العامة، واصل الرئيس الجديد فرض سياسة صارمة للحصص العرقية. ولا يزال التوتسي الذين يعيشون في رواندا، ومازالوا يحملون بطاقات الهوية مثل آل الروانديين، مقيدين بنسبة ٩% من الوظائف المتاحة في القطاع العام والأماكن في المدارس والجامعات.
خلال السبعينات والثمانينات، عانى التوتسي في رواندا من عدد متزايد من السياسات التي بلغت حد التمييز الرسمي. وأصبحوا هدفاً مفضلا للسياسيين الصاعدين من الهوتو، الذين حملوهم مسؤولية الكثير من كوارث الأمة الجديدة، وواصلوا الخوف على سلامتهم البدنية كأهداف في المتناول للانتقام العسكري.

يقول جريج نون، مسؤول برنامج سابق في برنامج التدريب المهني: قبل عام ١٩٥٩ مباشرة آنا ننتقل من مرحلة السلام غير المستقر إلى مرحلة الأزمة. وكان المزيد من التوتسي يُقتلون أو يهربون من البلد . وقد استمر هذا الوضع خلال الستينات. لذا كان هناك وضع يتذبذب من سلام غير مستقر إلى أزمة وفي النهاية إلى ما سيكون مرحلة الحرب. وبينما يتم تعريف الأزمة على أنها عنف متفرق مع مقتل بعض الأشخاص، إلا أننا الآن في وضع يقتل فيه الآلاف.

أما لويز موشيكيوابو، رئيس مشروع تذكر رواندا فتقول: وصل جوفينال هابياريمانا إلى سدة الحكم، في الواقع، من خلال انقلاب عسكري. وفي وقت هام بالنسبة للتوتسي حيث زعم عند تولى السلطة تحقيق الوحدة بين الهوتو والتوتسي. فقد كان عليه تهدئة المجتمع الدولي في ذلك الوقت, ولذا كان عليه خلال السنوات الأولى القليلة، إلى حد ما، أن يسلك سلوكاً حسناً، إذا كان يريد. ولكن في الثمانينات، وضح جلياً من خلال سياسات هابياريمانا -- مثل نظام الحصص في سياسات رواندا التعليمية التي سمحت لنسبة ضئيلة فقط من التوتسي بالالتحاق بالمدرسة الثانوية، حيث لم يأخذ النظام القضائي في الاعتبار شكاوى التوتسي -- أنه لم يكن يعني ما قاله عندما تولى السلطة.

تشكيل الجبهة الوطنية الرواندية
منذ البداية، واجه اللاجئون التوتسي في البلدان المجاورة لرواندا ظروفاً صعبة . فقد غادر العديد منهم رواندا تاركين كل شيء باستثناء ما استطاعوا حمله . وفي منطقة البحيرات العظمى الفقيرة للغاية، لم يحظ التوتسي بسبب وضعهم كلاجئين سوى بوسائل قليلة لتحسين قدرهم.
وفي أوغندا في أوائل الثمانينات، انضم عدد كبير من التوتسي إلى جيش المقاومة الوطني بقيادة يوري موسيفيني للمساعدة في الكفاح ضد الدكتاتور ميلتون أوبوت. وكان للتوتسي شكاواهم ضد أوبوت، الذي سمح لتابعيه بمهاجمة اللاجئين، وسرقة ماشيتهم واحتلال أراضيهم . وبعد تولى موسيفيني السلطة في كمبالا عام ١٩٨٦ ، عين العديد من التوتسي الروانديين في مناصب بارزة، وبخاصة في الجيش، لمكافأتهم على دعمهم له.
وأصبح التوتسي يمثلون عنصراً هاماً لجيش موسيفيني. ولكن، سرعان ما انقلب تيار الرأي العام في أوغندا ضد التوتسي وأصبحوا عائقاً أمام موسيفيني. لذا، وفي عام ١٩٨٧ ، شكل اللاجئون الجبهة الوطنية الرواندية التي تهدف لتحقيق الديمقراطية للمجتمع الرواندي وعودة اللاجئين الروانديين.
وكانت المنظمة ملتزمة رسمياً بتحقيق هذه العودة من خلال الوسائل السلمية، إلا أن الرئيس الرواندي أصر على عدم وجود إمكانية لدى رواندا لعودة التوتسي المبعدين، فكانت حتمية المصادمات بين الحكومة والجبهة الوطنية الرواندية . وفي عام ١٩٨٨ تكررت مذابح الهوتو مرة أخرى في بوروندي . وبعد هجمات الهوتو على المدنيين التوتسي، قتل الجيش الذي يسيطر عليه التوتسي حوالي ٥٠٠٠٠ من الهوتو على سبيل الانتقام . وقد أدى هذا إلى زيادة القلق الرواندي من عودة المبعدين التوتسي.
الذي غزا رواندا في تحرك مفاجئ في نهاية الأمر، شكلت الجبهة الوطنية الرواندية الجيش الوطني الرواندي في تشرين الأول من عام ١٩٩٠ . ورغم صد الهجوم في البداية وإجبار قواته على العودة إلى أوغندا، واصل الجيش الوطني الرواندي شن حرب منخفضة الحدة على الحدود الرواندية الأوغندية حتى توصل الطرفان إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وبدء مفاوضات السلام في تموز من عام ١٩٩٢ . وفي ذلك الوقت، كان هناك حوالي ٦٠٠٠٠٠ مشرد داخل رواندا نتيجة الصراع.


يقول لويز موشيكيوابو، رئيس مشروع تذكر رواندا: تشكلت الجبهة الوطنية الرواندية كمعارضة في أواخر الثمانينات وأوائل التسعينات من الروانديين الشباب الذين هربوا مع عائلاتهم وهم أطفال عامي ١٩٥٩ و ١٩٦٠ ، الذين لم يسمح لهم مطلقاً بالعودة إلى وطنهم وعاشوا في ظروف صعبة للغاية كلاجئين، والذين اعتقدوا أنه حق وامتياز لهم أن يحاولوا تغيير الأفكار في رواندا والعودة إلى وطنهم.
ويقول المقدم جوزيف نزابامويتا، ملحق الدفاع بسفارة رواندا في واشنطن: تشكلت الجبهة الوطنية الرواندية للتفاوض بشأن عودة الروانديين في المنفى إلى وطنهم. وقد انضممت إليها عام ١٩٨٨ . وفي عام١٩٩٠ ، توقفت المفاوضات، ووصلت إلى طريق مسدود، فكان شن هجوم عسكري ضرورياً لمساندة الضغط السياسي. وأنهيت تعليمي الجامعي في القانون، وفي عام ١٩٩١ انضممت إلى الجناح العسكري للجبهة الوطنية الرواندية، الذي يسمى الجيش الوطني الرواندي.
عملية السلام
تحت ضغط من الحكومات الغربية، بدأ الرئيس الرواندي إصلاحات سياسية أجازت وجود أحزاب سياسية في عام ١٩٩١ وحكومة متعدد الأحزاب يرأسها رئيس وزراء من المعارضة عين في أوائل عام ١٩٩٢ . وكانت أولوية الحكومة الجديدة التفاوض بشأن السلام مع الجبهة الوطنية الرواندية. ورغم تفوقها العددي الكبير، أثبتت الجبهة الوطنية الرواندية المتمرسة في القتال ندية هائلة للقوات الحكومية. وفي منتصف عام ١٩٩٢ ، اتفق الجانبان على وقف إطلاق النار وبدأت مفاوضات سلام استهدفت دمج الجبهة الوطنية الرواندية في المؤسسات السياسية والعسكرية الرواندية.
لم يؤيد الرئيس عملية السلام علانية أبداً. آما لم يمنع مؤيديه من إثارة العنف واسع الانتشار في أواخر عام ١٩٩٢ الذي بلغ أوجه بمذبحة التوتسي وأتباع المعارضة في أوائل عام ١٩٩٣ . وفي شباط ١٩٩٣ انتقمت الجبهة الوطنية الرواندية، وشنت هجوماً جديداً بلغ ضواحي العاصمة الرواندية كيجالي. وبعد شهر واحد، توصلت الحكومة والمتمردون إلى اتفاق جديد لإيقاف إطلاق النار واستأنفوا المفاوضات بشأن الإصلاح السياسي والعسكري.

إنتراهاموي وشبكة الصفر

على الرغم من مفاوضات السلام الجارية، كان الرئيس الرواندي يشكل تحالفات مع حركة سلطة الهوتو المتطرفة التي رفضت ترتيبات تقاسم السلطة وفقاُ لما تم الاتفاق عليه في المحادثات . وتحولت كوادر الحزب السياسي المؤيد للهوتو، والمعروفة باسم إنتراهاموي (هؤلاء الذين يهاجمون سويا ) إلى ميليشيا، ووزعت الأسلحة على المدنيين، و شكلت وهي جماعة سرية من المقربين من الرئاسة. وارتكبت كوادر الحزب، التي تكونت شبكة الصفر بشكل ، رئيسي من الشباب والعاطلين، وقامت بأعمال عنف ومذابح متفرقة ضد المدنيين من التوتسي وخصوم الهوتو السياسيين.

اتفاقيات أروشا

في آب ١٩٩٣ ، وقعت الحكومة والجبهة الوطنية الرواندية اتفاقية شاملة جديدة في أروشا بتنزانيا. ومهدت اتفاقيات أروشا لتقاسم هام للسلطة، لكن الناقدون الهوتو في رواندا شجبوا هذه الاتفاقيات، ومع تاريخ الرئيس في المفاوضات سيئة النية، تساءل الكثيرون عن مدى جديته في تنفيذ الاتفاقيات الجديدة.

يقول لويز موشيكيوابو، رئيس مشروع تذكر رواندا: رغم أن اتفاقية سلام أروشا كانت اتفاقاً مقبولاً للغاية ومرض لكثير من الروانديين، فإن هابياريمانا لم يكن يرغب على الإطلاق في التفاوض . وأعتقد أنه أدرك أنه كان يخسر عسكرياً، وأنه لم يكن أمامه خيار آخر. لذلك فقد تفاوض طوال الوقت بنية سيئة . ففي الوقت الذي كان يوقع فيه وأحزاب أخرى الاتفاقية، وكان كل رواندي يتطلع إلى تنفيذها ، كان هابياريمانا ينظم سراً للإبادة في رواندا بعد توقيع الاتفاقيات الجماعية. وكان لديه ميليشيا خاصة تسمى شبكة الصفر مباشرة . ووقعت حوادث عنف عديدة بعد توقيع الاتفاقية مباشرة.

أما المقدم جوزيف نزابامويتا، ملحق الدفاع بسفارة رواندا في واشنطن فيقول: لقد كانوا يتدربون ، لقد كانت الحكومة تدرب الميليشيات خصيصاً لقتل الناس. وقد فعلوا ذلك بالفعل. وكانت هناك مذابح. كانت هناك مذابح في مكان يسمى بوجيسيرا، وهو أحد معسكرات النازحين داخلياً الذي أخبرتكم عنه سابقاً . وقد قتلوا عدداً كبيراً للغاية من الأشخاص في هذا المعسكر. وأضرموا النيران في بيوتهم. وكانت هناك مذابح باجوجوي في شمال غرب رواندا، بالقرب من مقاطعة روهينجيري . وقد قامت منظمات حقوق الإنسان بالتحقيق في هذه المذابح. وكانت هناك لجان لحقوق الإنسان تم إنشاؤها ، وهي لجان دولية . وقد قامت هذه اللجان بالتحقيق، وعرفنا أن تلك الميليشيات كان يتم تدريبها وتسليحها لقتل الناس.


الإبادة الجماعية :

التخطيط والإعداد:
عندما بدأت أحداث القتل, بدت وكأنها أحداث مفاجئة وعفوية . لكن فيما بعد فقط أدرك العالم بأسره التخطيط والإعداد الشامل الذي سبق الإبادة الجماعية.

الاغتيالات الرئاسية:

في نيسان ١٩٩٤ ، قتل رئيسي رواندا وبوروندي عندما أسقطت طائرتهما بصاروخ أرض جو عند اقترابها من المطار في كيجالي. وحامت شكوك كثيرة حول متطرفي الهوتو بأنهم منفذو الهجوم، إما خشية أن ينفذ هابياريمانا في النهاية اتفاقيات أروشا أو للغرض الخاص ببدء الإبادة الجماعية. ومهما كان الوضع، ألقى المتطرفون في رواندا، عبر الإذاعة والصحف، اللوم على التوتسي في مقتل الرئيس وطالبوا الهوتو في جميع أنحاء البلاد بثأر سريع.

القتل الجماعي:

واستجابة منهم لذلك، بدأ الحرس الرئاسي في كيجالي والجيش الرواندي وميليشيات إنتراهاموي شن هجمات منظمة ومتواصلة على المدنيين التوتسي . وفي مجموعة من المناورات المنسقة بعناية، أقامت جماعات معينة حواجز على الطريق لسد سبل
الهروب، بينما فتشت مجموعات أخرى المدينة من منزل لآخر لطرد الضحايا. ولم تكتف المحطات الإذاعية المتطرفة بتشجيع القتلة فقط، بل وجهت تحركاتهم أيضاً في بعض الحالات . وتم قتل حاملي بطاقات الهوية المسجل بها "توتسي". وكان جميع من لا يحملون بطاقات هوية يعتبرون من "التوتسي" ويقتلون. كما كان المعتدلون سياسياً من الهوتو والمؤيدون لتقاسم السلطة مع التوتسي يحددون ويقتلون مع التوتسي، بالإضافة إلى الهوتو الذين رفضوا المشاركة في أعمال القتل، مما خلق مناخاً من الذعر عاش فيه الهوتو والتوتسي على حد سواء.

يقول لويز موشيكيوابو، رئيس مشروع تذكر رواندا: كانت الأحداث في رواندا عام ١٩٩٤ غير مسبوقة تماماً من ناحية الوحشية والعنف، وعدم احترام حياة البشر. وأنا أعتقد أنه حتى يومنا هذا هناك كثيرون لا يفهمون فعلا ما حدث في رواندا عام ١٩٩٤ ، والأكثر أهمية هو ما حدث للروانديين كشعب ، حيث أنه للمرة الأولى في تاريخ رواندا كانت النساء تمارسن أعمال القتل وكان الأطفال الصغار يستخدمون لقتل هؤلاء الذين لا يموتون بسرعة، وحيث كان الأخ أو الأخت يقتل أحدهما الآخر فقط لأن أحدهما تبدو عليه ملامح التوتسي أكثر من ملامح الهوتو، و تم بالفعل تدمير الكثير من قيم الروانديين كشعب، وليس حياة البشر فحسب.

يتابع جريج نون، مسؤول برنامج سابق في برنامج التدريب المهني قائلا: عندما كنت في رواندا، اصطحبونا إلى أحد مواقع المقابر الجماعية في جيكونجورو، وشعر الروانديون أن جزءاً من المجتمع الدولي كان يقول بالفعل أنه من المستحيل أن يكون هذا الكم من الناس قد قتل. لذا فإنهم في جيكونجورو أخرجوا كل الجثث التي ألقيت حديثاً في المقابر الجماعية، بل أن بعضها لأشخاص دفنوا أحياء . فقد حدث ذلك في أحد المواقع حيث كانت توجد مدرسة بها عدد كبير من المباني، وكان في كل مبنى عشر حجرات تقريباً . وقد وضعوا الجثث في كل من هذه الحجرات وغطوها بالجير. وقد سمحوا لنا –بل في الواقع شجعونا على التقاط الصور لأن الروانديين أرادوا أن يرى المجتمع الدولي ما رأوه. شعر الروانديون أنه كان من المهم أن يعرف الناس أن هذا قد حدث بالفعل، وأن هناك أشخاصاً كثيرين قتلوا بالفعل كما يعتقد هؤلاء الناس. وفي الواقع, ففي الصور التي التقطناها هناك بلا شك حوالي ٢٥٠٠ إلى ٣٠٠٠ جثة أخرجت من القبور.
هذه الصور مزعجة ومن الصعب للغاية النظر إليها. لكنها جزء مهم في فهم أن هؤلاء الذين قتلوا كانوا أفراداً وأناساً حقيقيين.
ويبدو رقم ٨٠٠٠٠٠ مجرد رقم مذهل، وفي أحوال كثيرة عندما نتحدث عن أرقام بهذا الحجم، فإننا لا نلقي لها بالاً . ومن المهم للضحايا أن تتواصل رواية قصصهم.

انسحاب المجتمع الدولي

لا يزال الكثيرون من التوتسي يشعرون بالأمان في رواندا نتيجة لوجود قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة. ولكن بالرغم من بعض التحذيرات المسبقة، لم تتخذ الأمم المتحدة أي إجراء لتجنب وقوع الكارثة . وعند فرض انتدابه وقواعد التدخل، لم يضع مجلس الأمن تصوراً لمثل هذا التدخل.

وبينما تواصل ارتفاع عدد الوفيات، حذر قادة الأمم المتحدة المحليون رؤساءهم في نيويورك من طبيعة أعمال القتل ومداها, ومع ذلك قررت الدول الأعضاء في مجلس الأمن خفض قوات الأمم المتحدة إلى الحد الأدنى. وكانت الولايات المتحدة، التي كانت مازالت تعاني من خسائرها من العسكريين في الصومال مؤخرا، ضمن الدول المدافعة عن خفض القوات . وبانسحاب قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، تعرض الآلاف من المدنيين الذين كانوا يحتمون بمعسكرات الأمم المتحدة لمذابح.

انتصار الجبهة الوطنية الرواندية

حاول الجيش الوطني الرواندي بمفرده، دون دعم من المجتمع الدولي، إيقاف الإبادة الجماعية . حارب جنود الجبهة الوطنية الرواندية بحماسة لإنقاذ المدنيين الأبرياء ، الذين كانوا في كثير من الأحيان الأصدقاء وأفراد العائلة ، وسرعان ما اخترقوا صفوف الحكومة. وفي منتصف شهر تموز، أحكمت الجبهة الوطنية الرواندية سيطرتها على البلاد ونصبت نفسها سلطة جديدة في كيجالي.

بالرغم من استمرار القتل الفردي، إلا أن الإبادة الجماعية كانت قد انتهت . وفي ١٠٠ يوم فقط، قتل ما يقرب من ٨٠٠ ألف مدني رواندي، جميعهم تقريباً من التوتسي.


يقول لويز موشيكيوابو، رئيس مشروع تذكر رواندا : كان شقيقي لاندو يقود الفرع غير المسلح للحزب الليبرالي الرواندي في عام ١٩٩٤ . وكان بالإضافة إلى شخصيات المعارضة الأخرى في رواندا يتمتعون بحماية الأمم المتحدة، أو تم إخبارهم بذلك. ولمدة عدة أشهر، أعتقد أنها ثلاثة أو أربعة أشهر قبل أن تبدأ بالفعل أعمال الإبادة الجماعية، كان لديه حراس مسلحون في بيته وسيارته . لكن عندما بدأت أعمال الإبادة الجماعية في الصباح الباكر من يوم ٧ نيسان ١٩٩٤ ، هرب الجنود التابعون للأمم المتحدة الذين كانوا يحرسونه. وتركوه وعائلته بالكامل ليتم قتلهم من قبل الحرس الرئاسي في ذلك الوقت.

أما المقدم جوزيف نزابامويتا، ملحق الدفاع بسفارة رواندا في واشنطن فيروي الحكاية قائلا: عندما بدأت أعمال الإبادة الجماعية، أدركنا أننا كنا المعنيين باتخاذ ما يلزم، على الأقل، من أجل ضمان إنقاذ أكبر عدد ممكن من الأشخاص، وإيقاف الإبادة الجماعية بأسرع ما يمكن، من خلال الوصول لكافة أرجاء البلد وهزيمة جيش الإبادة الجماعية.

لقد كان العمل المطلوب قاسياً وكثيراً، لأنه من ناحية يجب شن غارات في أرض العدو لإنقاذ الناس الذين يتعرضون للمذابح, وفي نفس الوقت شن هجوم عسكري على طول خطوط المعركة.

وبينما كنا نزيح الجيش الوطني تدريجياً، كنا نعثر بالمصادفة على جثث موتى. على سبيل المثال في الكنيسة ، حيث لجأت أغلبية الناس إلى الكنائس. ستصادف الآلاف من الناس الذين قتلوا حديثا، كما ستجد ناجين قليلين بين الموتى، وهم ينزفون، وما زالوا ينزفون. لقد كانت المسؤولية هي إنقاذ أكبر عدد ممكن من الروانديين، وإيقاف الإبادة الجماعية بأسرع ما يمكن.

إعادة الإعمار فيما بعد الإبادة الجماعية

منذ الإبادة الجماعية، واجهت الحكومة الجديدة في رواندا مشكلات لا يمكن التغلب عليها تقريباً.
النظام القضائي الجنائي

لقد كان النظام القضائي الجنائي في رواندا غارقاُ تماماً في قضايا الإبادة. وقد حاولت الحكومة الجديدة جاهدة، بمواردها المحدودة للغاية، توفير تسعة وثلاثين محامياً لمحاكمة جميع المحتجزين.

في الأول من أيلول ١٩٩٦ ، أقرت الحكومة قانوناً وضع خصيصا ليسرع عملية المحاكمة. قسم القانون الجديد المتهمين إلى أربع فئات هي:

1. منظمو العمليات والقتلة سيئو السمعة
2. القتلة
3. مرتكبو الهجمات التي لم تتسبب في الموت
4. مرتكبو جرائم التعدي على الملكية الخاصة مثل السلب والنهب.

كما قدم القانون الجديد أيضاً فكرة صفقة الإقرار بالذنب على أمل أن يقدم بعض المشتبه بهم معلومات مقابل الرأفة للمساعدة في مقاضاة هؤلاء الذين ارتكبوا جرائم أكبر . حتى مع القانون الجديد، فقد وجد مسؤولو المحكمة أنفسهم مجبرين، نظراً للموارد المحدودة، إلى الاستغناء عن العمليات المعيارية والقواعد الصارمة إلى حد
كبير للشهادة والمستخدمة في محاضر جلسات المحاكمة الرسمية، مما أدى إلى تعرضهم للانتقاد من جانب المتهمين والضحايا على حد سواء.

وعلى النقيض، تلقت المحكمة الجنائية الدولية لرواندا التابعة للأمم المتحدة والمقامة في أروشا بتنزانيا, ملايين الدولارات لتمويل محاكمة أقل من سبعين متهماً . وبقدر ضئيل للغاية من تلك الموارد، أدارت المحاكم المحلية في رواندا عام٢٠٠٣ ما يزيد عن ٦ آلاف محاكمة، وهو عدد هائل لكنه مازال يمثل نسبة صغيرة من المحتجزين الذين مازالوا بانتظار المحاكمة . ومع وجود آم هائل من الأشخاص المفترض محاكمتهم من خلال القنوات المعتادة, أسس المسؤولون نظاماً جديداً، يعرف باسم جاكاكا )المحاكم القبلية(، ويعتمد هذا النظام على جلسات الاستماع التقليدية المستخدمة في حل النزاعات.

تبرز هذه المشكلة ببساطة أحد أصعب المشكلات التي يواجهها الروانديون في محاولتهم لإعادة بناء المجتمع بعد الخراب الذي خلفته أعمال الإبادة الجماعية التي تورط فيها ما يزيد عن نصف سكان البلد.

تقول لويز موشيكيوابو، رئيس مشروع تذكر رواندا: العدل مفهوم مخادع للغاية في حالة الإبادة الجماعية, والإبادة الجماعية الرواندية بالتحديد, لأن الطريقة التي نفهم بها العدل في الولايات المتحدة والطريقة التي يجب إقامة العدل بها مستحيلة بالنسبة لرواندا. لأن الأمر لا يمس الذين قتلوا فقط ولكن أيضاً هؤلاء الذين شهدوا, وهؤلاء الذين لم يوفروا الحماية, وهؤلاء الذين وشوا بالأماكن التي يختبئ بها جيرانهم وهو ما سيكون عدداً كبيراً جداً من الأشخاص يعجز أي نظام قضائي عن التعامل معه. لذا فإنني أعتقد أن العدل بهذا المعنى من المقاضاة مفهوم محدود جداً للروانديين. وأنا شخصياً لا أعتقد بأنه سيكون هناك إنصاف لي ولخسارتي, ويجب علي بطريقة ما إيجاد طرق للتعامل مع نقص العدالة هذا, ولذا فإنني اشتركت في أشياء عديدة. لقد اشتركت في الدفاع والتعليم حول الإبادة الجماعية الرواندية, وهذه طريقتي في التعامل معها.

أما إليزابيث باولي، عضو لجنة السياسات لبرنامج نساء تشن السلام فتقول: يشعر الروانديون أن النساء تحملن الوطأة العظمى للإبادة الجماعية لأنهن شاهدن أزواجهن وأبناءهن وإخوانهن وهم يَقتلون ويموتون, ولأنهن فقدن أطفالهن واغتصبن وشردن, وشاهدن البنية الاجتماعية بالكامل وهي تتفسخ حولهن, ثم بعد ذلك تركن وحيدات لمواجهة هذه المشكلة. وعقب الإبادة الجماعية مباشرة, كانت النساء والفتيات يشكلن نسبة سبعين في المائة من السكان. وهو أمر شائع للغاية بعد الحرب أن تكون هناك أغلبية أنثوية, لكن هذه الإحصائية كانت محرفة تماماً. لذا وواقعياً فإن النساء هن من بقين بينما فني المجتمع, وهن من بدأن إعادة البناء. يتحدث الروانديون عن عمل النساء الآن كسائقات للشاحنات وبناءات, وأنه لهن أدوار اجتماعية واقتصادية آلت إليهن بشكل أساسي من جراء الإبادة الجماعية. فقد كان عليهن مواصلة ليس فقط أدوارهن وأوضاعهن القديمة ومسئولياتهن التقليدية، ولكن تولي أدوار جديدة -- وقد واجهن هذا التحدي. لذا فإنها كانت جزئياً سمة الإبادة الجماعية والعنف المفرط الذي شهدنه وواجهنه ، وحقيقة أنهن شكلن أغلبية الناجين وخطون للأمام عقب الإبادة لتولي دور القيادة ولإعادة بناء البلد مادياً ونفسياً مما يجعل الروانديين يعتبروهن "من تحملن الوطأة العظمى" و ذلك هو أسلوبهن.

اللاجئون
تشكل مخيمات اللاجئين في رواندا والمناطق المحيطة بها أزمة إنسانية هائلة ومستعصية. حيث استخدم متطرفو الهوتو المصممون على مواصلة القتال، أو إنهاء المهمة، تلك المخيمات في البلدان المجاورة التي تأوي الرجال والنساء والأطفال الأبرياء أيضاً كمناطق لتعبئة القوات.

وفي المخيمات المنتشرة في غير نظام، لم تحقق المنظمات الدولية نجاحاً يذكر فيما يتعلق بفصل القتلة، أو مرتكبي أعمال الإبادة الجماعية عن الأبرياء، مما أدى إلى أن اللاجئين الحقيقيين كانوا يحتجزون فعلياً كرهائن في كثير من الأحيان. كما سادت حالة من عدم الاستقرار بطول حدود رواندا، ناهيك عن الغارات على الأقاليم الشمالية الغربية من البلاد التي شنها مرتكبو أعمال الإبادة الجماعية المصرون على قتل الناجين ممن شهدوا جرائمهم النكراء.

دفعت المشكلات الأمنية التي تشكلها المخيمات الجبهة الوطنية الرواندية إلى لعب دور قيادي في الثورة التي اندلعت في دولة زائير المجاورة . وبحلول أيار ١٩٩٧ ، استطاع لوران كابيلا بمساعدة رواندا أن يحل محل موبوتو سيسي سيكو زعيماً جديداً للبلاد، التي تغير اسمها فيما بعد إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية وفي آب ١٩٩٨ ، تطور القتال الدائر في جمهورية الكونغو الديمقراطية ليصبح صراعاً أوسع نطاقاً شمل عدة دول إفريقية وراح ضحيته أعداد لا تحصى.

وبمرور الوقت، عاد ملايين من اللاجئين الهوتو والتوتسي إلى رواندا، ووقع عدد قليل جداً من جرائم القتل الانتقامية . ولا تزال بعض جماعات مرتكبي أعمال الإبادة الجماعية المتشددة باقية في الكونغو، ولكن الحكومة الرواندية شرعت منذ أوائل عام ٢٠٠٤ في التفاوض معهم ومع الكونغو بشأن عودتهم.

تحقيق الديمقراطية
بعد انتصارها الذي أحرزته عام ١٩٩٤ ، شكلت الجبهة الوطنية الرواندية التي حكمت رواندا حكومة الوحدة الوطنية لمدة تسع سنوات . وإبان هذه الفترة، صاغت هذه الحكومة دستوراً جديداً وأجرت انتخابات بموجبه في آب ٢٠٠٣ . وفي محاولتها إعادة البناء عقب أحداث الإبادة الجماعية، واجهت البلد تحديات هائلة من بينها تفشي الفقر والأمية.

تقول إليزابيث باولي، عضو لجنة السياسات لبرنامج نساء تشن السلام: يسود رواندا الآن شعور رائع بضرورة التحرك قدماً، وعدم السماح بتكرار أعمال الإبادة الجماعية، وضرورة تحقيق تنمية اقتصادية، ودعم التعليم ومحو الأمية، وأن للمرأة دوراً في ذلك ولكن لابد للبلد بأسره أن يمضي نحو الأمام . إن الأمر ليس بيسير،
فلم يمض على الإبادة الجماعية سوى تسعة أعوام فحسب، ولكن الجراح بالغة والصدمة حقيقية، وينتظر رواندا الكثير من العمل لمداواة جراحها. ولكن، ثمة إحساس لا يصدق، ينعكس في التعاملات اليومية، بضرورة تحركنا قدماً وإعادة إعمار وبناء البلد، بل وتحقيق النمو الاقتصادي والحصول على الموارد والتعليم. إلى جانب تلك الأشياء التي من شأنها دعم رواندا وتحقيق استقرارها، بحيث لا نعود أبداً إلى هذا الرعب مرة أخرى.
أما لويز موشيكيوابو، رئيس مشروع تذكر رواندا فيقول: يدرك الناجون من جرائم الإبادة الجماعية أنهم أمام خيارين: إما الاستسلام أو الاستمرار. وبمجرد اختيار الاستمرار، وهو اختيار الكثيرين من الروانديين بمن فيهم أنا، لا بد من الانخراط في أنشطة الحياة اليومية. حيث يتعين عليك الاستيقاظ والاغتسال والذهاب للعمل، وهذا جزء من الحياة اليومية. لكن الذكريات أبداً لا تنمحي, فتأتي بعض الأيام مريرة، غير أن معظم الأيام تكون عادية. ودائماً ما يكون شهر نيسان عصيباً في رواندا وعلى الروانديين أينما كانوا . فهو نقطة توازن بين التذكر والاستمرار
تختلف من فرد إلى فرد. وبالنسبة لي، أعتقد أني اكتشفت في نفسي قدراً هائلاً من القوة لم يخطر ببالي قط عام ١٩٩٤ . وأحياناً، وفي بعض الأيام، بينما أسير في شوارع واشنطن أو أقود السيارة أو أجلس في محل عملي، يتملكني شعور بأنني في عالم مختلف تماماً. وهكذا، فإن آل يوم يختلف عن الآخر.

ملخص
يوفر تطبيق مفاهيم لند على تاريخ رواندا الحديث طريقة بيانية يمكن من خلالها تصور مدى تصاعد أعمال العنف التي تؤدي إلى الإبادة الجماعية ومدى انخفاض حدتها أيضاً. ففي النصف الأول من القرن، ساد سلام مستقر حيث كانت هناك تقسيمات جوهرية في المجتمع، أحدثها الحكم الاستعماري، تحتجب وراء القوى التقنية والعسكرية العليا للإدارة الاستعمارية. وفشل البلجيكيون في النهوض بأعباء تحول آمن عند الانسحاب من البلاد, وانتهت هذه الفترة من السلام المستقر نهاية مفاجئة. ومع منتصف القرن, تصاعدت حدة التوترات بشكل سريع حتى وصلت إلى المستويات المرتبطة بالأزمات والحروب منخفضة الحدة، وهي نوع من العلاقات استمر ثلاثة عقود. والجدير بالذكر أن الجهود المبذولة في أوائل التسعينات من القرن الماضي على صعيد دبلوماسية الأزمة كانت مبشرة، إلا أنها في النهاية فشلت بشكل مأساوي.

المراجع

تحليل الصراعات ، معهد السلام الأمريكي https://www.usip.org/training/online ، 2006
الصراع والسلام ، محمد عبد الكريم يوسف ، الحوار المتمدن ، 2022
التطهير في رواندا ، Rwandan genocide – Wikipedia https://en.wikipedia.org › wiki › Rwandan_genocide


التطهير العرقي في رواندا ، الحقائق والاستجابة والمحاكمات والتاريخ Rwandan Genocide - Facts, Response & Trials – HISTORY https://www.history.com › topics › africa › rwandan-ge.

أوروبا الموحدة: المنطق الجديد Europe Undivided: The New Logic of Peace in U.S.-Russian Relations للسلام في العلاقات الأميركية-الروسية بقلم جيمس إي جودباي

وزارة الخارجية الأميركية، التطهير العرقي في كوسوفو: المسؤولية
Ethnic Cleansing in Kosovo: An Accounting) ,
http://www.state.gov/www/global/humn_rights/kosovoii/homepage.html

الديمقراطية والصراع المتأصل: خيارات للمفاوضين بيتر هاريس وبن ريلي، محرران حقوق الطبع والنشر والتأليف محفوظة للمعهد الدولي للديمقراطية والمعونة الانتخابية الدولي) ١٩٩٨ (IDEA) (آيديا
http://www.idea.int



#محمد_عبد_الكريم_يوسف (هاشتاغ)       Mohammad_Abdul-karem_Yousef#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف تشتري الصين النفوذ في أوروبا
- أنواع الحكومات من وجة نظر أمريكية
- الديمقراطية من وجهة نظر أمريكية
- نطاق القانون الدولي الإنساني
- الغوص العميق في البحر الأسود: دور تركيا وإمكاناتها في المنطق ...
- الموقع المستقبلي لروسيا
- ما هي أقوى الديمقراطيات في العالم؟
- خريف
- حب أبدي
- أرخبيل المشاعر
- روسكي مير
- الببلومانيا و التوسوندوكو و الببيلوفيليا
- لم نبدأ بعد
- رسالة الرئيس بوتين للغرب
- إسكروا
- مفهوم مدريد الاستراتيجي ومستقبل الناتو
- أكثر من مجرد أصدقاء
- حدود دور الصين في سوريا
- الطاقة المتجددة ومستقبل الشرق الأوسط
- جرائم المستقبل


المزيد.....




- مندوب مصر بالأمم المتحدة يطالب بالامتثال للقرارات الدولية بو ...
- مندوب مصر بالأمم المتحدة: نطالب بإدانة ورفض العمليات العسكري ...
- الأونروا- تغلق مكاتبها في القدس الشرقية بعدما حاول إسرائيليو ...
- اعتقال العشرات مع فض احتجاجات داعمة لغزة بالجامعات الأميركية ...
- تصويت لصالح عضوية فلسطين بالأمم المتحدة
- الأمم المتحدة تدين الأعمال العدائية ضد دخول المساعدات إلى غز ...
- الإمارات تدين اعتداءات مستوطنين إسرائيليين على قافلة مساعدات ...
- السفير ماجد عبد الفتاح: ننتظر انعقاد الجامعة العربية قبل الت ...
- ترحيب عربي وإسلامي بقرار للجمعية العامة يدعم عضوية فلسطين با ...
- سفير فلسطين بالقاهرة: تمزيق مندوب إسرائيل بالأمم المتحدة ميث ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد عبد الكريم يوسف - الإبادة الجماعية في رواندا ، دروس وعبر