أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عطا درغام - قضايا المشرق العربي كما يراها الشعراء الأسبان















المزيد.....

قضايا المشرق العربي كما يراها الشعراء الأسبان


عطا درغام

الحوار المتمدن-العدد: 7310 - 2022 / 7 / 15 - 23:38
المحور: الادب والفن
    


تمت أول إطلالة علي العالم العربي علي يد شاعر كان يدرس اللغة الأسبانية في دمشق فيما بين عامي(1960-1962)،ألف فيهما معظم ديوانه "الوساوس"أو "المغريات" الذي فتن فيه بسحر الشرق وبهائه،وقد استطاع الشاعر خواكين بينيتو دي لوكاس أن يرسم صورة حية للشعب السوري ،من خلال معايشته لآلامه وآماله،وجعل من الطبيعة وعناصرها إطارًا لهذه الصورة.
وفي حديثه عن الجبال السورية يستوحي بطريقة شعورية أو لا شعورية- جبل ابن خفاجة الأندلسي،وفي حديثه عن الصحراء ولياليها ونجومها وحيواناتها يستوحي الشعر العربي القديم.
وحينما يخصص قصيدة للنبي(صلي الله عليه وسلم) نراه يبرز دور الرسالة المحمدية في تحطيم قيود الإنسان وتحريره؛فقد كان الإسلام ثورة علي كل المستويات.
وكذا يبرز الشاعر حالة الإنسان العربي المسلم الآن،ويعرض علينا هذا الواقع الأليم،حيث تتحول إلي أمة من الحالمين أو النائمين، ويستوي التعبير في الأسبانية عن الحلم والنوم ليعطي دلالة قوية علي الوضع المتردي،الذي وصل إليه العرب.
فالعرب اليوم الذين يجتمعون حول النبي الآن بدو رحل فطريون، يعيشون بعقلية عصر المعجزات ،إنهم ينتظرون حدوث المعجزة التي تنتشلهم من وهنهم،لكنهم لا يفعلون شيئًا في سبيل حدوث هذه المعجزة لأنهم لا ينتمون إلي عصر العلم والعقل.
ويحاول الشاعر أن يخلق لنفسه جمهورًا منهم؛ فيلمس آلامهم، ويغنيهم نشيد الخلاص؛إلا أنهم سرعان ما ينفضون من حوله، ويتركونه قائمًا ليعودوا إلي آلامهم وقيودهم وعبر تاريخ مدينة تدمر القديمة التي قهرت الغزاة يُعطي الشاعر درسًا في الحرية والثورة الكامنة التي لا بد أن تندلع يومًا ما.
وفي الفصل الثاني يتناول أخطر قضايا وأكبر داء تعاني منه أمتنا العربية،وهي قضية فلسطين.لكن فلسطين ترتبط في ذهن المسيحيين- والأوربيين والأسبان منهم – بالاماكن المقدسة أولًا،ولهذا فإنها ترد في ثياب دينية وحنين رومانسي إلي الأرض التي شهدت ميلاد السيد المسيح.
وقد كان الشاعر بنيتو دي لوكاس خير من عبَّر عن ذلك عندما زارها إبان وجوده في دمشق،ونراه يُطيل الوقوف عند أسوار مدينة القدس القديمة،ويتحدث عن القسم العربي منها، الذي لم يكن قد سقط-بعد- تحت الاحتلال الإسرائيلي،بل إنه يدخل الأرض المحتلة ويتغني بها كأرض للميعاد وبلاد طاهرة مقدسة تارة،وكأرض عربية تارة أخري .
وفي هذا الجانب الثاني نجد الشاعر يُعايش الشع بالعربي في فلسطين المحتلة، ويتحدث عن حياة أبنائه وعن الصور البدوية التي لا تختلف كثيرًا عن نظيرتها السورية.
أما القضية الفلسطينية، فقد انقسم الكُتاب ورجال الصحافة والساسة إزاءها إلي فريقين: أحدهما متأثر بالدعاية الصهيونية، ولذا فهو يتعاطف مع إسرائيل التي يريد العرب أن يقذفوا بها إلي البحر، وهذا الفريق يُطلق علي "الفدائيين" كلمة "الإرهابيين".وأما الثاني فيُسند كفاح الشعب الفلسطيني من أجل استرداد وطنه وإقامة دولته علي ترابه.
ولكننا إذا نظرنا إلي الشعر سنكون واهمين إذا تصورنا أن شاعرًا أسبانيًا أو أوربيًا سيكرس شعره للدفاع عن القضية الفلسطينية، وإنما سنجد بعض قصيدة تتعاطف مع هذه القضية.لكن ثم شاعرًا فلسطينيًا يعيش في أسبانيا،ويحمل جنسيتها ويكتب بلغتها بعض الأشعار التي تحمل في ثناياها إشارات إلي وطنه ومسقط رأسه فلسطين،حيث تذكره إياه بعض مناطق الشمال الغربي من أسبانيا كإقليم الريوخا.
وإذا كانت أسبانيا تذكر محمود صبح بوطنه فلسطين×؛فإن فلسطين تذكر الشاعر الأسباني أنطونيو أيرنانديث بمسقط رأسه في إقليم الأندلس الجنوبي، الذي مازال يحمل عبق التاريخ الاندلسي العريق،ويكتب هذا الشاعر قصيدة يرحب فيها بصديقه الفلسطيني،ويشعر بمأساته وتشرده فيتعاطف معه،ويري في فلسطين أندلسًا جديدة،وهي نظرة تشيع عند كثير من الشعراء العرب.
ويجمع الشاعر في قصيدته بين الماضي العربي العريق في الأندلس والواقع الراهن والدعوات الإقليمية التي تشيع في أسبانيا،والتعاطف مع الشعب القلسطيني ودعوته إلي ضرب أعداء الحرية والشرف، ويتآخي الشاعر الأسباني مع صديقه الفلسطيني، ويدعوه إلي النضال والثقة في النصر والعودة إلي أرض فلسطين.
وإلي جانب الإبداع اهتم دارسو الأدب والمؤخون له في الجامعات الأسبانية بدراسة شعر المقاومة الفلسطينية في الأرض المحتلة وترجمته إلي اللعة الأسبانية..وإذا كنا لا نجد كثيرًا من الشعر الأسباني الذي يدور حول القضية الفلسطينية ؛ فإن ذلك يعكس مدي فشل السياسة الدعائية والإعلامية العربية للتعريف بالحق الفلسطيني العربي.
فنحن أمام قضية سياسية يعتمد التأثير فيها علي وسائل الدعاية والتحرك الإعلامي.لكن الحروب، وماتجره من ويلات، وما تسببه من صدمات تكون أكثر تنبيهًا وأقوي بيانًا؛لأنها تؤدي في النهاية إلي الفناء والدمار في الجانبين، يستوي في ذلك المنتصر والمهزوم، وبهذا فإن القضية السياسية تتحول إلي قضية إنسانية بالنسبة للطرفين.
وقد كانت حرب يونيو 1967 ناقوس خطر مفزعًا، ومنبهًا للضمائر الإنسانية،دفع أديبًا كبيرًا هو ماكس أوب إلي أن يكتب مجموعة من النصوص، وينحلها الجنود العر ب والإسرائيليين الذي سقطوا ضحايا في هذه الحرب،ويضمها في ديوان نشر بعد وفاته هو"سيناء المستحيلة".
وقد تناول الفصل الثالث ديوان"سيناء المستحيلة"، وكيف استطاع ماكس أوب أن يقدم فكره الخاص حول قضية الصراع العربي الإسرائيلي،وإنشاء دولة إسرائيل، وفي سبيل ذلك عرض للأفكار التي تدور عند كل من الطرفين علي حدة،لكي يقابل بينها، ويخلق تقاربًا بينها فيما بعد،حتي يصل إلي دعوته الإنسانية لنبذ الحروب وإقرار السلام بين بني الإنسان.
ويمكن تقسيم أفكار الديوان إلي قسمين، يتناول الأول منها أفكار الجانب العربي التي تدور في مجملها حول الموت ورثاء النفس وذكر أعدائها،إلي جانب الحديث عن قضية فلسطين والأرض العربية، وتمسك البدوي بصحرائه لا يدريد لها بديلًا حتي ولو كان الجنة، ونجد العربي كذلك يقاوم فكرة التفوق اليهودي في العالم.
ويتناول القسم الثاني أفكار الجانب الإسرائيلي، وهي تنقسم إلي قسمين: أحدهما متعصب للفكر الاستعماري الذي أنشأ دولة إسرائيل بالقوة الغاشمة.ويتحدث عن أرض فلسطين وجدارة الإسرائيليين- دون غيرهم من الشعوب- بها،ويتناول قضية الحدود وتغير الخرائط بحيث صارت كلها ملكًا لإسرائيل وعلي الآخرين أن يبحثوا لهم عن حدود أخري.
ويتحدث كذلك عن مساعدة السوفيت للعرب،وموقف أسبانيا من إسرائيل،ويرجع الشعر هذه الحرب إلي أنها حرب أهلية بين القوتين العظميين:أمريكا والاتحاد السوفيتيي اللتين تساهمان في تكوين إسرائيل بتشجيع الهجرة إليها من الطرفين.
أما القسم الثاني من أفكار الجانب الإسرائيلي فيتسم بالإنسانية؛ لأنه يعترف بما جرَّته عليهم الحروب وعلي العرب من ويلات،وفيه نري اعترافًا ببعض الحقائق حول حرب 1967 والقضية الفلسطينية،ومنها دور أمريكا والاستعمار العالمي في إنشاء دولة إسرائيل،وفضح العلاقة الحميمة بين أمريكا وربيبتها،وكشف النقاب عن أسرار هجوم 5 يونيو 1967 وعلاقة المخابرات الفرنسية ومعرفتها به.
وإلي جانب الحقائق التاريخية يكشف الديوان عن حقائق إنسانية، تتبدي في صور الخراب والذهول الذي أصاب الإسرائيليين والوحشة والنقص في المؤن الغذائية، وضيق الجنود بإسرائيل التي صارت رمزًا للعزلة والتخريبن بل إن بعضهم ليتهكم علي التعاليم الدينية اليهودية التي انقلبت إلي تعاليم مدمرة، تدور حول القتل والذبح والتخريب والتعذيب والوحشية..إلخ ونري الأرض مشبعة بالدماء بدلًا من الماء.
ونلحظ كذلك تمزقًا نفسيًا لدي المحارب الإسرائيلي الذي يدعو جميع القتلي من عرب وإسرائيليين إلي توحيد صفوفهم للانتقام من الأحياء الذين أشعلوا نيران الحرب ،وتبرز صورة إنسانية لدي جندي يهودي لا يريد أن يتقدم لقتل العرب، فهناك عرب يهود، ويهود عرب؛ كاشفًا بذلك القناع عن زيف الدعوي الدينية في بنية إسرائيل.
ويصل الشاعر إلي قمة التآخي الإنساني حين يُدير حوارًا بين قتيلين :عربي ويهودي يصلان فيه إلي الحقيقة التاريخية وهي أن أرض فلسطين أرضهما معًا،ويستنكران دخول الاجانب من روس وألمان وبولنديين وأمريكان للاستيطان بها، ويخلعان الزي العسكري ليعودا إلي السلام والأخوة.
وبهذا يصل ماكس أوب إلي الحل الطبيعي للقضية الفلسطيمية، وهو أن تتعايش علي أرضها- كأي مكان في العالم- الأديان الثلاثة، فالدين لله والوطن للجميع.
أما الفصل الرابع والأخير من هذا الكتاب فقد دار حول الصدي الذي لقيه تفجير الحرب في لبنان عند الشعراء الأسبان،وقد اهتم بلبنان ذلك الشاعر الذي عاش في بلاد الشام عامين،و هو بنيتو دي لوكاس، وقد دعاه حبه لهذا البلد أن يكتب فور مغادرته الشام وعودته إلي مدريد قصيدة حنين إلي سحر الشرق وسحر لبنان وطبيعته التي ذكرته إياها طبيعة بلاده أسبانيا.
وحينما تعصف رياح الحرب العاتية ،وتحل الكارثة بلبنان ، يكتب الشاعر بكل الأسي والحزن إلي صديقته اللبنانية، ويتحدث عن صورة لبنان قبل الحرب وبعدها..ثم يكتب علي نهج نزار قباني في كتابيه عن بيوت- قصيدة إلي صديقة ذات العيون الحزينة،وتشده الذكري فيقارن بين الصراع مع العدو الإسرائيلي من قبل، والصراع الداخلي بين الأخوة والاشقاء ،ويقارن بين حالتي لبنان في السلم قبل ذلك، والحرب والفتنة التي حلت به الآن.
ويساهم في إحساس الشاعر بهذه الفتنة الطاحنة إحساس قديم كامن عنده منذ طفولته،حيث أتت الحرب الأهلية الأسبانية علي الأخضر واليابس في وطنه..وتتألم نفسه للمستقبل الذي يراه بعينيه من خراب سيُحيق بلبنان إذا استمرت هذه الحرب الضروس ، ويعرض صورتين لمدينة بيروت ليقارن بين حالة السلام والأمن والاستقرار من جهة وحالة الحرب والفوضي والخراب من جهة أخري.



#عطا_درغام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوسف الشاروني وعالمه القصصي
- حكايات أندرسن
- الغيم والمطر: الرواية الفسطينية ..من النكبة إلي الانتفاضة
- المرأة والتغير الاجتماعي 1919-1945
- القصص الديني في مسرح الحكيم للدكتور إبراهيم درديري
- كتاب الفكر الثوري في مصر قبل ثورة 23 يوليو- الدكتور عبد العظ ...
- حول الثقافة الشعبية القبطية
- الكادراج السينمائي
- المجتمع المصري والثقافة الغربية للدكتورمحمد رجب تمام
- المأثور الشعبي في السينما المصرية (دراسة لبعض أفلام صلاح أبو ...
- الشخصية الوطنية المصرية: قراءة جديدة لتاريخ مصر للدكتور طاهر ...
- المرأة من السياسة الي الرئاسة
- التيارات السياسيبة والاجتماعية بين المجددين والمحافظين- دراس ...
- نظرية العرض المسرحي
- الفيلم التاريخي في مصر
- أدب الزهد في العصر العباسي للدكتور عبد الستار السيد متولي
- الأصول الفني للشعر الجاهلي
- الهجاء في الأدب الأندلسي
- الشعر العماني- مقوماته واتجاهاته وخصائصه الفنية
- نقد المنظور اليهودي لتطور الشعر العربي الحديث- الدكتورمحمد ن ...


المزيد.....




- أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202 ...
- الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا ...
- متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا ...
- فرنسا: مهرجان كان السينمائي يعتمد على الذكاء الاصطناعي في تد ...
- رئيس الحكومة المغربية يفتتح المعرض الدولي للنشر والكتاب بالر ...
- تقرير يبرز هيمنة -الورقي-و-العربية-وتراجع -الفرنسية- في المغ ...
- مصر.. الفنانة إسعاد يونس تعيد -الزعيم- عادل إمام للشاشات من ...
- فيلم -بين الرمال- يفوز بالنخلة الذهبية لمهرجان أفلام السعودي ...
- “ثبتها للأولاد” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد لمشاهدة أفلام ...
- محامية ترامب تستجوب الممثلة الإباحية وتتهمها بالتربح من قصة ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عطا درغام - قضايا المشرق العربي كما يراها الشعراء الأسبان