أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - حقوق الانسان والاستثمار السياسوي المفضوح .















المزيد.....

حقوق الانسان والاستثمار السياسوي المفضوح .


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 7308 - 2022 / 7 / 13 - 12:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تبلور مفهوم حقوق الانسان فلسفيا عبر مفهوم الحقوق الطبيعية ، وضمن مدرسة الحق الطبيعي . وهي طبيعية في هذا المنظور ، بمعنى انها ليست هبة من النظام السياسي ، او من الدولة ، خاصة كالدولة السلطانية التي طبيعتها واصلها معادية ، وضد حقوق الانسان . بل هي سابقة على نشأة المجتمع نفسه . فما على المجتمع والدولة الاّ المصادقة على هذه الحقوق ، والعمل على تنزيلها على ارض الواقع ، وإيجاد آليات لضمان تحقيقها . انها اذن حقوق غير قابلة للتفويت ، كما تقول البوليساريو بالنسبة لتقرير المصير ، غير قابل للتصرف . كما انها غير قابلة للسحب Inaliénables .
ان جوهر هذه الحقوق ، الحرية ، والمساواة ، والامن الذي يسيطر عليه البوليس السياسي ، والجهاز السلطوي L’appareille autoritaire moyenâgeuse ، وهذه المقولات الحقوقية الكبرى ، تؤول في النهاية الى حق رئيسي يتمثل في تمييز الانسان ، ومن ثم في كرامته . فكل الحقوق الفرعية تصب في النهاية على شكل جداول نهرية ، في المجرى الكبير المتمثل في إقرار كرامة الانسان .
والكرامة Dignité هنا ، لا تعني مدلولا أخلاقيا محصورا . الكرامة تعني تميز الانسان عن بقية المخلوقات وسموه عليها ، وهي الفكرة في كل الديانات ، وعلى الأخص المسماة سماوية منها ، كما تعني ان سمة الانسان الأساسية في الحالة الطبيعية ، هي الحرية . اما المساواة ، فيقصد بها المدلول الانثروبولوجي المتمثل في تساوي الناس في درجة انتماءهم الى الإنسانية بغض النظر عن الجنس ، او اللون ، والعرق ، والموقع الجغرافي او الاجتماعي .
يترتب على هذه النواة الثلاثية : الكرامة – الحرية – المساواة ، وهي الحقوق المفقودة في الدولة السلطانية التي يحكم فيها البوليس السياسي ، حق أساسي هو حق الانسان في الأمن المفقود عندنا بالمرة ، وفي حماية نفسه ، وربما نوعه من أي تهديد لحمايته ومعاشه ، وهي الحماية المفقودة في الدولة السلطانية ، رغم ان دستور مولانا السلطان ينص على ذلك .
وعلى هذه البنية الثلاثية ، يقوم صرح كامل من الحقوق ، التي تتناسل باستمرار على شكل أجيال ، لتشكل بناء معماريا جميلا اشبه ما يكون بلوحة الوصايا المبعدة عن الخطايا الكبرى .
ان السجل الفلسفي لحقوق الانسان ، هو بمثابة بناء مثالي مليء بأجمل القيم ، و اكثرها مثارا للعشق والْوله . انها قيم الكرامة ، والحرية ، والمساواة ، والامن ، والصحة ، والشغل ، والتضامن ... التي تشكل اجمل لوحة أخلاقية وقيمية في هذا العالم الأرضي .. لكن السجل Registre العملي كسجل الدولة السلطانية ، يختلف تماما عن السجل النظري . السجل الثاني ينتمي الى عالم المثل الجميلة المأمولة ، امّا السجل الأول فينتمي الى عالم الاحداث والوقائع المعلولة ، التي تعرف بها الدولة السلطانية عدوة حقوق الانسان .
وسنكتفي للتدليل على هذه القطيعة بين مستويين : مستوى النظر ، ومستوى الواقع ، مستوى الاخلاق ومستوى السياسة ، بالإشارة الى نوعين من التوظيف او الاستثمار لهذه المثل : الاستثمار الدولي ، والاستثمار المحلي ، او الوطني ، او القُطْري .
فقد تمثّلت تجربة الاستثمار الدولي لمقولة حقوق الانسان ، في تحويلها من طرف الولايات المتحدة الامريكية الى قوة أيديولوجية ضاربة ، في وجد الاتحاد السوفياتي السابق ، ورسيا اليوم ، والصين ، وكوريا الشمالية . وقد صُوّر الغرب على انه مجال الحرية " العالم الحر " والديمقراطية ، وصُوّر المعسكر الاشتراكي السوفياتي – خلال الحرب الباردة – ، واليوم روسيا ، والصين ، وكوريا الشمالية .. على انه مجال الاكراه ، والقمع ، والنفي الى سيبيريا La Sibérie ، وتحويل المعارضين الى مصحات الامراض العقلية .. الخ .
في هذا السياق الدولي ، نُصّب ساخاروف و سولجنتسين والقليل من يتذكر هذا التنصب ، انبياء لهذا العصر الجديد ، عصر حقوق الانسان ، مبشرين بسقوط الستار الحديد ، وأنظمة الفولاذ المهترئ في شرق الغرب . وتعود كل الأنظمة اليوم ، بما فيها الأنظمة السياسية القمعية ، والأنظمة البوليسية في العالم الثالث ، وبالدول العربية ، لتمتح من وادي حقوق الانسان ، وترفع من دون حياء شعار ضرورة حماية هذه الحقوق التي تدوسها في واضحة النهار كالنظام السلطاني المغربي ، فتؤسس من دون حياء مرة وزارة لحقوق الانسان ، ومرة لجنة لحقوق الانسان ، ومرة المجلس الرسمي الوطني لحقوق الانسان ، مع نهجها وسيرها على خطى تكثير جماعات ، وجمعيات ، ومنظمات حقوق الانسان لإتلاف رأس الخيط ، وتضبيب المشهد ، من تم تمييع العمل والاشتغال في مجال حقوق الانسان المعطوب ، لضرب المطالبين بالاشتغال الجاد في ميدان حقوق الانسان .. والدولة السلطانية عدوة حقوق الانسان ، تتشدق وهي تلتفّ على هذه الحقوق ، لأنها دولة بوليسية تتقن اعمال البوليس السياسي الذي نجحت فيه لوحده ، دون جميع الاعمال الأخرى من اجتماعية واقتصادية التي سقطت فيها سقوطا مدويا ، لأنها خارج اختصاصها .. وكيف ننسى اعتراف السلطان بفشل نموذجه التنموي الذي هو اعتراف بفشل حكمه ، اعترف به وحده بعظمة لسانه المليان .. فهي ، أي الدولة البوليسية البارعة في الاعتداء الظالم على الناس ، والبارعة في تزوير المحاضر البوليسية لرمي الناس ظلما في السجون التي هي سجون السلطان ، الذي صدرت الاحكام باسمه ، ونفدت باسمه ، والاعوان الذين نفدوها هم اعوانه ، والسجون هي سجونه ، والقضاة قضاته ... ، حين تلتف مثل الاخطبوط القاتل على هذه الحقوق ، فلانها تريد ان تتصدر المشهد بانها دولة كانت السباقة الى انشاء وزارة حقوق الانسان خاصة بها ، ومجلس وطني رسمي لحقوق الانسان ، وانشاء مجالس جهوية واقليمية لحقوق الانسان والذود عنها ، وهي عدوها الرئيسي من دون منازع .. هكذا يختلط مفهوم حقوق الانسان في الدولة السلطانية ، البطريركية ، الرعوية ، الثيوقراطية .. اختلاط الحابل بالنابل .. والتفسير العملي الوحيد لهذا الوضع الشاد ، أنْ لا مكان لحقوق الانسان ، في دولة الرعايا التي يوجد فيها فقط الراعي ، الإمام ، الأمير الكبير ، والباقي كله في مِلك الراعي اب الرعية الضامن لوحدة ، وبأعراف التقاليد المرعية ، حقوق الرعايا السلطانية الخاصة المتعارضة مع حقوق الانسان الكونية ، وكما هي مسطرة في المواثيق والاتفاقيات الدولية ، وابرزها ميثاق الأمم المتحدة .. ففرق بين حقوق الانسان السلطانية ، وحقوق الانسان الأممية ..
فالقوى السياسية الديمقراطية حتى النصف الأول من ثمانينات القرن الماضي – وللأسف انقرضت هذه القوى كليا من الساحة لأنها انهزمت – كانت قد تبنت هذه الحقوق ، وسخرتها كأداة للنضال من اجل انتزاع بعض الحقوق ، وذلك لان حركية حقوق الانسان في العالم المعاصر ، اصبحت احدى آليات نضال المجتمع المدني ، من اجل انتزاع حقوقه ، وحمايتها ، والدفاع عنها ضد غُلو ، وعسْف ، وقمع الدولة البوليسية . لكن عندما يصبح الخصم المطالب بالحقوق ، هو الوصي عليها ، والراعي لها ، فان العملية برمتها تأخذ صبغة نوع من التمويه ، والتدجيل من دون شك .
هنا نجد انفسنا امام احدى ادق آليات العمل السياسي ، وهي عملية القلب ، حيث يصبح البوليسي الجلاد ، وكل توابعه في الدولة السلطانية – درك ، إدارة السجون ، سلطة ، مْخازنية .. – ضحية ، والذئب خروفا ، والمتهم قاضيا فيه الخصم والحَكَم ، وذلك وفق المثل الشعبي : ضْربْني وبْكى ، وسْبقْني وشْكا ..
فمثلما استثمرت مُثل الحرية ، والعدالة الاجتماعية والاشتراكية وغيرها من القيم السامية ، ها هي اليوم في عهد السلطان محمد السادس ، تتمرغ في وحل الصراعات السياسية الداخلية ( يساريين جذريين / إسلاميين ) ، والخارجية ( النظام المغربي والنظام الجزائري ، والاتحاد الأوربي ، والأمم المتحدة ) ، وتتعرض لاستثمارات مختلفة ، ولعمليات قلب وتمويه ، مما يبرز ان المُثل والقيم السامية ، لا تفلت من التوظيف ، والاستثمار السياسوي المفضوح ، وغيره ، وذلك بالالتفاف الاخطبوطي القاتل عليها بوليسيا ، من اجل تسخيرها أحيانا ضد مدلولها ووظيفتها الاصلية ..
فهل نصدق في ما يخص الالتفاف الداخلي من طرف بوليس السلطان ، وجهازه السلطوي القروسطوي على الشعار – قول الشاعر :
ومنْ يجعل الضرغام للصيد بازه / تصيده الضرغام في من تصيدا .
في دول المماليك والسلاطين ، لا وجود لحقوق الانسان اطلاقا ..



#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الساسة الكبار ، ومرتزقة السياسة السياسوية الصغار . ذئاب السي ...
- الإستبداد السياسي .
- الهزيمة التاريخية
- موسم الهجرة من بلاد قابلة للنسيان ...
- محكوم على زيارة ستيفان دوميستورا بالفشل .
- صناعة القرار السياسي في الدولة السلطانية .
- ماذا نقصد بالبطريركية والرعوية السياسية ، في الامبراطورية ال ...
- نزاع الصحراء الغربية بين الحكم الذاتي ، وتقرير المصير ..
- هل تم استبدال منتدى - كرانس مونتانا - الفاشل بمدينة الداخلة ...
- آخر ملك
- قضية زكرياء المومني ، وقضية فريد بوكاس
- خطاب احياء العقل ، وخطاب قتل العقل / الفرق بين العقل الفلسفي ...
- المدير العام للبوليس السياسي عبداللطيف الحموشي يزور واشنطن
- هل سينزل رعايا السلطان ، ضد السلطان ، الى الشارع في 17 يوليو ...
- بيدرو سانشيز اليتيم .
- النظام الجزائري يخوض حرب وجود ضد النظام المغربي وبالمكشوف .
- النظام الجزائري يهدد بالاعتراف بالجمهورية الريفية . النظام ا ...
- ماذا ينتظر نزاع الصحراء الغربية المغربية خلال السنتين القادم ...
- من له مصلحة في اشعال الحرب بالمنطقة ؟
- موت ثقافة التغيير .. لا مثقف جماهري ولا مثقف نخبوي


المزيد.....




- -لا نعرف إلى أين سنذهب هذه المرة-.. الجيش الإسرائيلي يدعو إل ...
- طلاب مناصرون للفلسطينيين ينصبون الخيام في جامعة بولونيا في إ ...
- تسمم غذائي جماعي في مطعم برغر في السعودية.. مقتل شخص وإصابة ...
- مسؤولو حماس يكشفون تفاصيل الاتفاق.. وهجوم إسرائيلي يلقي بظلا ...
- حماس تعلن قبول اتفاق هدنة في غزة وغموض موقف إسرائيل
- ميقاتي: موافقة -حماس- على وقف إطلاق النار في غزة خطوة متقدمة ...
- جنوب إفريقيا.. إصابات في انهيار مبنى قيد الإنشاء
- توقف التحقيق في قضية الرفات البشري المتحلل في مخبأ نازي سابق ...
- العاهل الأردني: الهجوم الإسرائيلي على رفح يهدد بالتسبب في مج ...
- شولتس: الاتحاد الأوروبي يوافق على استخدام فوائد الأصول الروس ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - حقوق الانسان والاستثمار السياسوي المفضوح .