أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - الساسة الكبار ، ومرتزقة السياسة السياسوية الصغار . ذئاب السياسة .














المزيد.....

الساسة الكبار ، ومرتزقة السياسة السياسوية الصغار . ذئاب السياسة .


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 7306 - 2022 / 7 / 11 - 14:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الساسة الكبار ومرتزقة السياسة السياسوية الصغار
ذئاب السياسة
يؤثر عن المفكر السسيولوجي الألماني المعروف Max weber تمييزه بين من يعيشون السياسة ، ومن يعيشون ، ولا أقول يتعيشون منها .
الفئة الأولى هم أصحاب السياسة العقائدية ، وكبار رجالات الدولة ، أولئك الذين ولجوا ميدان السياسة إيمانا بفكرة ، أو دفاعا عن حق ، أو خدمة لمبدأ أو عقيدة ، أو نصرة لمثال سياسي ، أو أخلاقي ، أو ديني ، أو غيره . ان نموذج هؤلاء كبار الساسة المعروفين في التاريخ البشري ، والذين كان كل همهم ، وهدف حياتهم كلها نصرة المبدأ وخدمته .. ومقابل هؤلاء هناك فئة السياسيين التقنيين أو الاحترافيين ، رواد السياسة السياسوية ، أولئك الذين دخلوا الساحة السياسية بحثا عن جاه ، أو مال ، أو نفود .. ليس همهم الأول تحقيق مبدأ ، أو تجسيم فكرة مثالية . بل " تسيير " " الأمور " ، وتحقيق الذات ، والاستمتاع بنشوة السلطة ، و الاستلذاذ بحكم الآخرين ، والاستمتاع بالخيرات ، والمكاسب ، والممتلكات . هؤلاء المرتزقة اللصوص في واضحة النهار ، يعتبرون الشأن السياسي العام بمثابة غنيمة ، عليهم ان يأخذوا منها نصيبهم قبل فوات الأوان .
إذا كانت أخلاقيات السياسيين الكارزميين ، الصدق ، والمثالية ، والإخلاص للوطن ، والتفاني في خدمة البشر ( على افتراض وجود هذا الصنف من الكائنات ) ، فإن اخلاقيات المرتزقة اللصوص ، ساسة مهنة ، هو التحايل ، والتكيف ، والدهاء ..
لكن هناك صنف ثالث من الكائنات السياسية ، وهم الساسة المخضرمون . أي الذين وفّقوا بين النموذجين الأول والثاني . هؤلاء يرفعون شعارات مثالية ( العدالة ، المساواة ، التقدم ) بيد ، ويمارسون الاختلاس باليد الأخرى . ويبدو ان هذا الصنف الثالث اكثر أنواع الكائنات السياسية انتشارا ، وذلك تحت تأثير عاملين :
-- أولهما طغيان الروح التجارية التسويقية على كافة مجالات الحياة في المجتمع ( المعاصر ) ، بما في ذلك مجال القيم ، والثقافة ، والسياسة ..
-- وثانيهما توسع دائرة العمل السياسي في المجتمعات المعاصرة عبر ما يسمى اليوم إجمالا بالديمقراطية .
فالديمقراطية التي طالما عقدت عليها أجمل الآمال ، تحولت الى كرنفال كبير تتحكم فيه الرساميل ، ووسائل الاعلام المُؤدى عنها ، والاقلام المأجورة ، وشبكات المصالح الخاصة .. كرنفال يقدم نفسه على شكل مشهد متسلسل ، يوجهه مخرجون متخصصون في خداع الجماهير والشعب ، واجتذابها لهذه البضاعة السياسية او تلك ، وفي صناعة الرأي العام مغشوش .. كرنفال أدواته اللون ، والديكور ، والضوء ، والصوت ، والماكياج ، تجند فيه كل حيل المسرح والسينما لخداع الشعب والجمهور . وتلك هي أرضية الاجتماعية التي يفرخ فيها هذا الصنف من الساسة السياسويين ، أو ذئاب السياسة .
ان السياسي السياسوي المحترف – كما أبدع ماكيافيللي في وصف طرائق عمله -- ، هو الشخص الذي يعتبر كل الوسائل مبررة في سبيل الوصول الى الغاية ، سواء كانت أخلاقية ، أو غير أخلاقية ، مشروعة ، أو غير مشروعة ، سلمية او عنيفة ، عقلانية أو لا عقلانية .. المهم لديه النتائج والمكاسب .. أمّا القيم السامية ، والاخلاقيات النبيلة ، فهذه لا تعدو ان تكون ديكوراً يراعى في كيفية تقديمها الى الجمهور فقط ، أكثر مما هي غاية في ذاتها .
أما فصيلة ساسة المبدأ والعقيدة ، التي تزدهر عادة مع صعود منظومة إيديولوجية ، أو دينية ، أو عقدية ما ، فقد بدا أنها آخذة في الانقراض تدريجيا ، وخاصة في الدول المتقدمة . ولعل آخر فصيلة هذا النوع بالنسبة للإيديولوجيات الطوباوية الدهرية ، قد مثلتها الماركسية قبل خسوفها . ومن حيث ان الليبرالية هي النظام السياسي والاجتماعي الأكثر ملاءمة لطبيعة الانسان ككائن أناني ذي حاجات ، فإنّ انتصارها قد وطد الطريق لانتشار أوسع ، لهذا النوع من الحيوانات السياسية . إن المثال والمبدأ الذي يحفز هذا الصنف من السياسيين ، هو الكسب ، والمصلحة الفردية قبل كل شيء ، وبعد كل شيء .
ولعل لغة السياسة اليوم ، تعكس هذا التحول في ماهية السياسة والسياسي ، حيث لم يعد الحديث السياسي حديثا عن المصالح ، والمكاسب ، والموازنة ، والمداخيل ، والمصاريف .. لقد اصبح السياسي الناجح ، هو الخبير في الاستراتيجية والتكتيك ، والمناورات ، وعقد التحالفات الظرفية ، أو كما قال " جون جاك روسو " -- الذي لمح هذا التحول في طبيعة السياسة والسياسي مع استهلال العصور الحديثة -- ، " فإن قدامى السياسيين يتحدثون باستمرار عن العادات الحسنة ، وعن الفضيلة ، في حين لا يتحدث سياسيونا سوى عن التجارة والمال " .
ولا شك في ان تقدم العلوم الإنسانية بما تحمله من روح نقدية وتفكيكية ، أسهم في الكشف عن الخلفيات ، وعن المرتكزات المصلحية ( الاجتماعية والنفسية ) للكثير من الادعاءات المثالية عند بعض رجال السياسة ، واقطاب الأيديولوجية ، بالكشف عن الدوافع اللاّشعورية ، او عن الدوافع الاقتصادية التي تكمن وراء سلوكهم .
كما ان الروح البراغماتية المُنبثة في ثنايا كل مجتمع تهب عليه رياح الحداثة الرسمالية ، تجعل الادعاءات المثالية والطوباوية للساسة والايديولوجيين ، دعاوى غير قابلة للتصديق ، وكأنها تنتمي الى عصر آخر .
فعصر المعصومين والاتقياء والمستقيمين الاطهار ، ربما ولى الى غير رجعة ، تحت تأثير انتشار ورح الكسب ، والاستهلاك ، والانتفاع التي تزكيها العلاقات الرأسمالية التي تُحوّل كل شيء الى أداة . لذلك ، وبوعي حدسي ، تلجأ المجتمعات المعاصرة الى تأطير نفسها بالقوانين والمؤسسات ، وبالضوابط من كل نوع ، لتحد من استبداد ذوي النفوذ ، ومنْ ميْلهم الى ابتلاع الخيرات والمؤسسات لصالحهم الخاص . وربما كان هذا هو جوهر ما يسمى اليوم بدولة القانون ، الغير موجودة في الدولة السلطانية ، التي تحاول إحداث التوازن اللازم ، والحد من غلواء وشطط الافراد ، وكأنها تعرف ان المجال العام مهدد باستمرار بمن يعيشون فيه ، مدعين أنهم يعيشون له ومن أجله .



#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإستبداد السياسي .
- الهزيمة التاريخية
- موسم الهجرة من بلاد قابلة للنسيان ...
- محكوم على زيارة ستيفان دوميستورا بالفشل .
- صناعة القرار السياسي في الدولة السلطانية .
- ماذا نقصد بالبطريركية والرعوية السياسية ، في الامبراطورية ال ...
- نزاع الصحراء الغربية بين الحكم الذاتي ، وتقرير المصير ..
- هل تم استبدال منتدى - كرانس مونتانا - الفاشل بمدينة الداخلة ...
- آخر ملك
- قضية زكرياء المومني ، وقضية فريد بوكاس
- خطاب احياء العقل ، وخطاب قتل العقل / الفرق بين العقل الفلسفي ...
- المدير العام للبوليس السياسي عبداللطيف الحموشي يزور واشنطن
- هل سينزل رعايا السلطان ، ضد السلطان ، الى الشارع في 17 يوليو ...
- بيدرو سانشيز اليتيم .
- النظام الجزائري يخوض حرب وجود ضد النظام المغربي وبالمكشوف .
- النظام الجزائري يهدد بالاعتراف بالجمهورية الريفية . النظام ا ...
- ماذا ينتظر نزاع الصحراء الغربية المغربية خلال السنتين القادم ...
- من له مصلحة في اشعال الحرب بالمنطقة ؟
- موت ثقافة التغيير .. لا مثقف جماهري ولا مثقف نخبوي
- ويستمر نظام السلطان في الكذب على الرعايا . هل حقاً انّ الجمه ...


المزيد.....




- جعلها تركض داخل الطائرة.. شاهد كيف فاجأ طيار مضيفة أمام الرك ...
- احتجاجات مع بدء مدينة البندقية في فرض رسوم دخول على زوار الي ...
- هذا ما قاله أطفال غزة دعمًا لطلاب الجامعات الأمريكية المتضام ...
- الخارجية الأمريكية: تصريحات نتنياهو عن مظاهرات الجامعات ليست ...
- استخدمتها في الهجوم على إسرائيل.. إيران تعرض عددًا من صواريخ ...
- -رص- - مبادرة مجتمع يمني يقاسي لرصف طريق جبلية من ركام الحرب ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب باردة جديدة
- روسيا تطور رادارات لاكتشاف المسيرات على ارتفاعات منخفضة
- رافائيل كوريا يُدعِم نشاطَ لجنة تدقيق الدِّيون الأكوادورية
- هل يتجه العراق لانتخابات تشريعية مبكرة؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - الساسة الكبار ، ومرتزقة السياسة السياسوية الصغار . ذئاب السياسة .