أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الفلسطيني في كتاب -ذاكرة المنفى- تيسير نصر الله















المزيد.....

الفلسطيني في كتاب -ذاكرة المنفى- تيسير نصر الله


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 7303 - 2022 / 7 / 8 - 01:13
المحور: الادب والفن
    


الفلسطيني في كتاب
"ذاكرة المنفى"
تيسير نصر الله
من الضروري للفلسطيني تدوين شيء من حياته/ مما مر به، وذلك حفاظا على التاريخ، وتأكيدا على صعوبة الواقع الذي عاشه، وإعطاء صورة مبسطة عن الواقع الرسمي العربي، وهنا نوجه دعوة لكل من يجد ف تاريخه شيء يستحق التوقف عنده أن يقدمه للقراء، حتى يكون هناك مادة أدبية توثيقية تبين حالنا وحال المنطقة العربية وما مرت به من محطات.
في كتاب "ذاكرة المنفى" يقدم لنا تيسير نصر الله مفاصل أساسية من حياته كفلسطيني عاش في مخيم بلاطة، وكيف تم نفيه إلى لبنان، ومن ثم رحلته إلى تونس والأردن، وكيف تم التعامل معه رسميا وشعبيا، إلى أن تم عودته إلى ارض الوطن في عام 1995 بعد اتفاقيات أوسلو، هذا على صعيد المضمون، أما على صعيد الشكل الأدبي الذي قدمت به المذكرات فقد اعتمد الكاتب على التوقف عن ما يراه مهما من خلال مقاطع قصيرة، مستخدم لغة سهلة وسلسة، وهذا ما سهل على المتلقي قراءة الكاتب في جلسة واحدة.
وهذه إحدى ميزات الكتاب، تقديم أحداث وتناول شخصيات بطريقة عصرية تتناسب وطبيعة القارئ الذي يريد مادة مختزلة ومكثفة بعيدا عن الخوض في التفاصيل غير المهمة، فالسهولة والبساطة منحت القارئ متعة القراءة، إضافة إلى متعة المعرفة التي يجدها في "ذاكرة المنفى"
الاحتلال
خلال هذا الذاكرة يتوقف الكاتب عند العديد من الأحداث والشخصيات الفاعلة، ونبدأ من المحتل وكيف تعامل مع الكاتب: "لقد اختارت الحكومة الإسرائيلية يوم عيد ميلادي لاعتقالي" ص17، وهذا إشارة إلى أن المحتل لا يتوانى عن استخدام أي شكل/أسلوب/مكان/وقت لإلحاق أكبر قدر من الأذى بحق الفلسطيني، من هنا نجده يستخدم الأهل كوسيلة ضغط على المطلوب ليسلم نفسه للمحتل: "...لكنني ل أسلم نفسي، فاعتقلوا والدي للضغط علي لتسليم نفسي" ص23، وبعد الاعتقال كانت المعاملة الوحشية تأخذ أكثر من شكل، منها: "...قيام أحد الأخوة بالغناء،...فكان نصيبي من الضرب والتعذيب مضاعفا بسبب عدم اعترافي على الأسير الذي كان يغني" ص90.
أما عن طرق الضرب والتعذيب فكانت من خلال: "...والبربيش المجدول بأسلاك الكهرباء بيده، ومعه مجموعة من حراس السجن وبدأوا يمارسون طقوسهم التلموذية بالرقص وهم ينهالون بالضرب على مختلف أنحاء جسمي، كان عددهم ثمانية جنود يتناوبون على ضربي، وكان صراخي يلقى صداه في جبال الفارعة المحيطة بالسجن... ألقوني كالجثة الهامدة على أرض الزنزانة التي رشوها بالماء كي لا أخلد للراحة " ص91 و92، اللافت في هذه الصورة القاسية انه سبقها حديث عن عرس فلسطيني تم في تونس، وكأن الكاتب أراد به التخفيف على المتلقي مما هو قادم، من هنا كانت المحطات القاسية لا تقدم بشكل متتابع، بل كان هناك فواصل تخفف من حدة القسوة، وهذا يشير إلى أن الكاتب لا يريد أن يرهق ذاكرته بما مر به من ألم، ولا يريد أن يتعب القارئ، فكانت محطات القسوة موزعة بطريقة (تريح) المتلقي بحيث لا يتعب مما يقدم له.
الفلسطيني والمكان
علاقة الفلسطيني بالمكان علاقة تماهي وانصهار، لهذا نجد الأدب الفلسطيني يذكر المكان ويقدمه بصورة مقدسة، في "ذاكرة المنفى" يتحدث "تيسير نصر الله" عن المكان بطريقة جديدة، بحيث يكاد أن يكون هو الوحيد الذي انفرد به، فعندما يحدثنا عن السجن يقول: "المنفى بالنسبة للأغلبية العظمى من كان مجهولا... صحيح أننا اعتدنا حياة السجون وقسوتها، وألم الفراق والحرمان من زيارة الأهل لبضعة شهور، إلا أننا كنا ندرك أن هذه السجون مقامة فوق أرضنا، وهذا وحده كان كفيلا بتخفيف الألم، وتهدئة الروح والنفس معا" ص42، هذا القول يستوقفنا ويجعلنا محتارين، كيف تكون حياة السجن والتعذيب والقهر ارحم على الفلسطيني من المنفى/الغربة، وهل كان يعي الكاتب معاناة الفلسطيني في المنفى، لهذا فضل السجن على المنفى؟، هذا ما سنجيب عليه لاحقا.
بعد صدور قرار محكمة الاحتلال بنفي الكاتب ورفاقه إلى خارج فلسطين كان يفكر بهذا الشكل: "فكل يوم نقضيه في السجن هو مكسب لنا، يكفي أننا نقف على جزء من أرض فلسطين" ص45، وعندما تم نفيه إلى لبنان وصدر قرار سفره إلى قبرص ومنها إلى تونس، وكانت قوارب السفر معرضة للملاحقة من قوات الاحتلال واعتقال من فيها، كان تحليل "تسسير نصر الله" بهذا الشكل: "...فإذا ما تم اعتقالنا من قبل الزوارق الإسرائيلية فأننا سنعود إلى فلسطين وهذا هو حلمنا والهدف الذي سنعمل من أجله طيلة فترة الإبعاد" ص67، إذن الفلسطيني يفضل سجن في سجون الاحتلال في فلسطين على حياة المنفى/الغربة عن وطنه، وهذا ما يؤكد على حالة التماهي بينه وبين المكان/الأرض/فلسطين.
الأردن
هناك مثل يقول: "العتب على قدر المحبة" من هنا نجد الكاتب يعتب كثيرا على الأردن والطريقة التي عومل بها، إن كان في المطار أو بعد أن سمح له العبور، وما رافق ذلك من مضايقات ومتابعات أمنة، إلى أن صدر قرار بترحيله إلى تونس، يحدثنا عن هذا الأمر بقوله: "..ذهبنا لختم جوازات السفر للسماح لنا بالدخول وإذ بأمن المطار يوقفني، ويطلب مني العودة من حيث أتيت، لقد صادروا وثيقة السفر اليمنية التي كانت بحوزتي ...أبلغوني بموافقتهم الدخول للأردن مدة أسبوع فقط، وأبلغوني بمراجعة مقر جهاز المخابرات العامة" ص107و107، مشاعر الإحباط كانت كبيرة وثقيلة على ا لكاتب، وذلك لأنه لم يكن يتوقع أن تأتيه الضربة من الأشقاء: "أشعر بالمرارة والأسى، كنت أتوقع أن أحظى بالتكريم على رحلة نضالي في سجون الاحتلال الإسرائيلي، ولم اكن أستوعب أن أجلس في هذا المكان ولو للحظة واحدة" ص109.
أما عما واجهه في المخابرات وكيف تم التعامل معه: "...بدأ باستفزازي بأسئلة جديدة حول ذكر أسماء من اعرف من التنظيم والتنظيمات المختلفة وأسماء العملاء... ومع اقتراب الساعة من نهاية الدوام طلب مني العودة صباح اليوم التالي لاستكمال التحقيق... كنت أحاول أن أبتعد بتفكيري عن المقارنة بين ما يجري معي هنا وما جرى معي أثناء فترات التحقيق الطويلة مع رجال المخابرات الإسرائيلية، كنت أريد أن أتجنب هذه المقارنة، لا أريد أن أصل إلى هذا الحد، كي لا أظلم أحدا" ص110، اعتقد أن الفكرة وصلت للقارئ، من هنا تم القفز على الخوض في تفاصيل أخرى وانتقل الكاتب إلى عنوان جديد: "الأردن يحتضن رمز الحركة الفلسطينية الأسيرة" ص113، وكأنه بهذه النقلة يريد (الهرب) من مواجهة الواقع وما فيه من حقيقة موجعة، ومع هذا لم يستطع أن يتخلص تماما من الواقع، لهذا نجده يعود إلى مأساته على يد المخابرات الأردنية بقوله: "أن وضعي لم يستقر كثيرا في الأردن ولم أنه مشكلتي مع المخابرات الأردنية" ص119، وبعد أن يتزوج يأتيه خبر صاعق: "زادت ضغوط المخابرات الأردنية ضدي، وأبلغني في إحدى اللقاءات معي بضرورة مغادرتي الأردن، ...لم يمضي على زواجي سوى بضعة شهور، وزوجتي لا تستطيع العودة إلى الضفة الغربية، لا تستطيع السفر معي إلى تونس" ص125، من هنا نعيد القول "أن العتب على قدر المحبة" بهذا الشكل القاسي/المزعج/المزري تم معاملة من كان يفترض أن يلقي الترحاب والحفاوة من أهله وأشقائه، لهذا كان ما تعرض له يحمل الم مزدوج، الألم (العادي)، والألم النفسي لما فيه من وجع جاء على يد الأخوة.
الشخصيات والتنظيمات
تتناول "ذاكرة المنفى" مجموعة كبيرة من الشخصيات، سنحاول التوقف عند بعضها لما لها من مكانة وأثر في الكاتب: "..جماعة أبو نضال تعلن قيامها بتنفيذ حملة إعدامات لعدد كبير من الشباب بتهمة الخيانة العطمى والعمل لصالح مخابرات كثيرة، تبدأ بالعمل لصالح المخابرات الإسرائيلية وتنتهي بالعمل لصالح مخابرات أجنبية وعربية، ولا أحد يعرف من هي الجهات التي تصدر الأحكام وتنفذها" ص58و59، وهذه إشارة كافية لإيصال دور مجموعة أبو نضال في ضرب الحركة الوطنية الفلسطينية وتدميرها وتصفية أعضاءها بأوامر الأعداء.
أما رؤيته عن الجبهة الديمقراطية: "...حيث أن عددا من قيادتها المركزية هم من أصول غير فلسطينية، كالأخ (أبو ليلى) قيس عبد الكريم العراقي الجنسية، وفهد سليمان اللبناني الجنسية... ما لفت نظري أثناء لقائي بالرفيق (أبو النوف) انسيابيه حديثه وقدرته على توظيف المصطلحات والمفاهيم وكأنه يقرأ كتابا، يواصل الحديث وفق أسلوب جذاب، كان ملما بتفاصيل الوضع الفلسطيني" ص129.
أما عن أبو إياد فيقول: "كان الأخ أبو إياد يريد أن يعرف معلومات أكثر عن الانتفاضة وعن القيادة الموحدة، كان يسأل عن اسماء كثيرة ويربط بين المعلومات التي جمعها من المبعدين الذين سبقونا" ص76، وهذه إشارة إلى أن القيادة الفلسطينية كانت حريصة على معرفة ما يجري في الانتفاضة لتحسين أدائها وتصويب أخطائها.
وكانت هناك أكثر من وقفة مع "أبو عمار": "... يقوم بكل شيء في الوقت نفسه يجامل الجميع، يُطعم من على المائدة، يتحدث حول زيارته الكثيرة والتقائه برؤساء العالم وقادته" ص77.
أما محمود عباس وشفيق الحوت فقد تناولهما من خلال مناقشة أتفاق أوسلو: "... محمود عباس الذي قال في نهاية كلمته: "أما أن تفضي هذه الاتفاقية إلى دولة فلسطينية وإما ى تفضي إلى شيء، وهذا يعتمد على أدائنا، وكانت مداخلة المرحوم شفيق الحوت...حيث تناول أوجه القصور والثغرات في الاتفاقية المذكورة، وعندما صودق عليها قدم استقالته من المنظمة" ص134.
اعتقد أن هذا المذكرات توصل فكرة مبسطة عما مر به الفلسطيني ومرت به فلسطين، وهي تلبي متطلبات عصر السرعة والنت لما فيها من وقفات كثيرة وشخصيات، لهذا سيجد القارئ فيها متعة المعرفة وسلاسة التقديم وبساطة اللغة.
الكتاب من منشورات دار طباق للنشر والتوزيع، رام الله، فلسطين، الطبعة الأولى 2021.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جمال التقديم في كتاب -الدهيشي- عيسى قراقع
- الاسم وأثره في قصيدة -فيء الفاء- وجيه مسعود
- التغريب والدهشة في قصة -الخبر السيئ لنبيل عودة
- السيرة الغيرية في كتاب -الطيور لا تغرد بعيدا عن أوطانها- للك ...
- إليكِ: فالحبّ ليس وجهاً واحداً فراس حج محمد
- رائد الحواري يقرأ أدب محمود شاهين في كتاب جديد
- رواية فتى الغور 67 كامل أبو صقر
- رابطة الكتاب الأردنيين تناقش -الرواحل الواقع والمأمول- للأسي ...
- منتدى المنارة للثقافة والإبداع يحتفي بكتاب -ترانيم اليمامة-
- الفرح عند جلال سليم
- الهروب من سجن الرملة حمزة يونس
- مناقشة رواية حرب وأشواق للروائية نزهة أبو غوش بتاريخ 4/6/202 ...
- رواية الحب المحرم محمد عبدالله البيتاوي
- العهد التركي والمجتمع المتعدد في رواية -احتضار عند حافة الذا ...
- تعدد المهارات الشعرية في ديوان -أنا سيد المعنى- ناصر الشاويش
- الطرح الطبقي في رواية حدائق شائكة صبحي فحماوي
- السارد في رواية حدائق شائكة صبحي فحماوي
- حجم القصة وعلاقته بالقص وموضوع القصة في مجموعة -سلم لي على ا ...
- تماثل الزمن مع الشكل في رواية -يصعدون في السماء- سرمد فوزي ا ...
- عبد السلام عطاري ورؤيته للموت -إلى شيرين المقدسيَّةِ


المزيد.....




- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الفلسطيني في كتاب -ذاكرة المنفى- تيسير نصر الله