أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - جمال التقديم في كتاب -الدهيشي- عيسى قراقع














المزيد.....

جمال التقديم في كتاب -الدهيشي- عيسى قراقع


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 7302 - 2022 / 7 / 7 - 10:31
المحور: الادب والفن
    


جمال التقديم في كتاب
"الدهيشي"
عيسى قراقع
الكاتب النبيه هو الذي يعي طبيعة ما يقدمه، فيحسن اختيار الشكل والطريقة التي يقدم بها مادته الأدبية، فعندما يحمل الأدب مضامين وأفكار وأحداث قاسية، عليه أن يجد وسائل وطرق تخفف على المتلقي، وهنا تكمن أهمية الأدب، إيصال فكرة قاسية بأقل الأضرار النفسية على القارئ، وحتى إيصالها بطريقة ممتعة، هذا ما فعله عيسى قراقع في كتابة "الدهيشي"، فرغم أن حجم المأساة التي تناولها، ورغم كثرة الشهداء والمعتقلين والجرحى في الكتاب، ورغم أن المكان المركزي هو مخيم الدهيشة، إلا أن الكاتب استطاع إخراجنا من ضيق المخيم إلى فسحة اللغة وجمالية الصور.
ولكي نقرب القارئ من هذا المنجز الأدبي المدهش سنحاول التوقف قليلا عند ما جاء فيه، ونبدأ من الدهيشي الذي قدم بهذه الصورة: "الدهيشي ليس اسما مذكرا ولا مؤنثا، هو اللا اسم، لا ينسب لمكان واضح أو لسلالة وعشيرة، ربما حسب اللغويين هو المندهش والمدهوش، المفتوح العينين دائما، ... الدهيشي يريد الحياة ويريد الموت معا ..الدهيشي ليس له وقت" ص15و16، بهذا الشكل أستطاع الكاتب أن يستوقف المتلقي عند الطريقة التي قدم بها "الدهيشي" فهو يجمع/يجمل/يوحد المكان بالإنسان، بحيث يصعب التفريق بينهما، وهذا الثنائية هي التي تدهش المتلقي، وبما أن لفظ الدهيشي" بمعناه المجرد يحمل فكرة الدهشة، فإن القارئ ستصله الفكرة من خلال المضمون الذي تحمله الفقرة ومن خلال اللفظ أيضا.
وعندما يريد توضيح علاقة الإنسان بالمكان ويكون هناك حديث عن الشهداء، فإن طريقة التقديم تكون بهذا الشكل: " استشهد براء الدهيشي، ولا زال دمه تحت علم الأمم المتحدة ويافطة وكالة الغوث، ولكنه عاد حيا مغسولا بزيت شجرة زيتون رومانية، حالة طوارئ واستنفار في الكنيست الإسرائيلي وفي تل أبيب، دولة إسرائيل مصابة بالاندهاش والعصبية من خروج الحي من الميت، أيديها على الزناد" ص42، إذا ما توقفنا عند هذا المشهد سنجد صورة أبعد من المنطق، لا يتقبلها العقل العادي، لما فيها من غرابة، شهيد يعود حيا، بعد أن غسل بزيت الشجرة، والدولة الأكثر عسكرة في المنطقة مدهوشة وفي حالة عصبية!!، فالفرد/الشهيد الذي هز أكبر قوة عسكرية في المنطقة هو المدهش والمثير، وهنا يكون الكاتب قد أوصل فكرة عظمة الفرد/الشهيد، وضعف دولة الاحتلال.
إذن الكاتب يتألق أدبيا عندما يتحدث عن الشهداء، فهم من يمدونه بالأدوات الفنية لكي يقدمهم بطريق استثنائية: "عكازات الجرحى في مخيم الدهيشي تتوحد مع عكازات المقعد الشهيد محمد الجبالي في طولكرم، إني رأيت في السماء أجسادا تطير تفتش عن أقدامها الضائعة" ص 213، اللافت في هذا المقطع أن المكان واضح وقدم بطريقة (عادية)، لكن الكاتب يتجاوز هذه العادية من خلال حديثه عن الجرحى والشهداء، الذي يحلقون في السماء بحثا عن أقدامهم، فالفانتازيا التي يستخدمها أراد بها التعويض/التخفيف من حدة القسوة التي يحملها حدث مقتل المقعد محمد الجبالي.
وعندما يريد أن يتحدث عن الدعم الأمريكي لدولة الاحتلال، يقدمه بهذا الشكل: "الولايات المتحد كانت دائما منذ عهد ترومان إلى اليوم أكبر صديقة لإسرائيل، وأن التزامها بأمن إسرائيل لن يتضعع، وقد أرسل لها الأسلحة والطائرات والأدوات التقنية الأمنية وتنكات الخراء أيضا لقمع اللاجئين الذين لم يتوبوا بعد" ص58، بهذه السخرية استطاع الكاتب أن يقدم فكرة الدعم الأمريكي لدولة الاحتلال، مستفيدا من رش الفلسطينيين بالمياه العادمة التي يستخدمها الاحتلال عندما يريد أن يلحق أكبر ضرر بالمتظاهرين وبأسرهم وبالمكان الذي يتظاهرون فيه.
تمثل السخرية أهم طريقة للتعبير عن حالة الاحتجاج/القهر التي يمر بها الإنسان، فعندما ضع دولة (عظيمة) نفسها في مواجهة أسرة (ضعيفة/محدودة) العدد فهذا يشير إلى تفاهة هذه الدولة: "حسب الدراسات الأمنية الإسرائيلية فإن انسحاب جيش الاحتلال من بيت نضال أبو عكر يعرض دولة إسرائيل لخطر وجودي، لهذا يجب بقاء الاحتلال في البيت، وتحويل بيوت الفلسطينيين إلى أهداف عسكرية وزج اكبر عدد ممكن من السكان في السجون" ص262، إذن الكاتب ينوع الأشكال والطرق التي يقدم بها مأساة الفلسطيني، ويبدع في طريقة تهكمه وسخريته من دولة الاحتلال ومما تقوم بها، ورغم أن مضمون المشهد قاسية، إلا أن السخرية خففت من حدة المضمون، وهذا ما جعل المتلقي يصل إلى الفكرة باقل الأضرار.
الأم حاضرة في الكتاب وبطريقة مذهلة، من الأمهات التي تناولها الكاتب "الحاجة مزيونة والدة الأسير ناصر أبو سرور الذي يقضي 29 عاما في سجون الاحتلال،...إنها عقدت اتفاقا مع أبنها ناصر بأن يموتا مع بعضهما البعض، وقالت: إنها تضع ساطور المرحوم زوجها الذي كان يعمل جزارا تحت الوسادة للتصدي لملاك الموت إذا ما فكر أن يأتي في إحدى الليالي ليخطف روحها قبل عودة ناصر" ص37، مشهد لا نراه/نسمعه حتى في خيال الأطفال، فتبسيط فكرة مواجهة الموت بهذه الطريقة المذهلة هو ما يفرح المتلقي الذي يستمتع بالفكرة المجنونة التي قدمها الكاتب، وتجعله يتجاوز/يتجاهل فكرة الأم التي تنتظر ابنها الأسير، هذا المزج بين المشهد المؤلم والصورة الخيالية هو ما يجعل كتاب الدهيشي مدهش، بحيث يتناوله المتلقي بقراءة واحدة رغم ما فيه من قسوة وألم.
الكتاب من منشورات وزارة الثقافة الفلسطينية، الطبعة الأولى 2021.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاسم وأثره في قصيدة -فيء الفاء- وجيه مسعود
- التغريب والدهشة في قصة -الخبر السيئ لنبيل عودة
- السيرة الغيرية في كتاب -الطيور لا تغرد بعيدا عن أوطانها- للك ...
- إليكِ: فالحبّ ليس وجهاً واحداً فراس حج محمد
- رائد الحواري يقرأ أدب محمود شاهين في كتاب جديد
- رواية فتى الغور 67 كامل أبو صقر
- رابطة الكتاب الأردنيين تناقش -الرواحل الواقع والمأمول- للأسي ...
- منتدى المنارة للثقافة والإبداع يحتفي بكتاب -ترانيم اليمامة-
- الفرح عند جلال سليم
- الهروب من سجن الرملة حمزة يونس
- مناقشة رواية حرب وأشواق للروائية نزهة أبو غوش بتاريخ 4/6/202 ...
- رواية الحب المحرم محمد عبدالله البيتاوي
- العهد التركي والمجتمع المتعدد في رواية -احتضار عند حافة الذا ...
- تعدد المهارات الشعرية في ديوان -أنا سيد المعنى- ناصر الشاويش
- الطرح الطبقي في رواية حدائق شائكة صبحي فحماوي
- السارد في رواية حدائق شائكة صبحي فحماوي
- حجم القصة وعلاقته بالقص وموضوع القصة في مجموعة -سلم لي على ا ...
- تماثل الزمن مع الشكل في رواية -يصعدون في السماء- سرمد فوزي ا ...
- عبد السلام عطاري ورؤيته للموت -إلى شيرين المقدسيَّةِ
- علي أبو عجمية - شِيرينُ شاعت شعاعاً -


المزيد.....




- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...
- فنانة لبنانية شهيرة تتبرع بفساتينها من أجل فقراء مصر
- بجودة عالية الدقة: تردد قناة روتانا سينما 2024 Rotana Cinema ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - جمال التقديم في كتاب -الدهيشي- عيسى قراقع