أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سنان سامي الجادر - سوق الشيوخ .. أصل المندائيين.















المزيد.....

سوق الشيوخ .. أصل المندائيين.


سنان سامي الجادر
(Sinan Al Jader)


الحوار المتمدن-العدد: 7276 - 2022 / 6 / 11 - 23:46
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


تُمثّل مدينة سوق الشيوخ أقدم مناطق تواجد المندائيين في بلاد الرافدين. وحيث أنّ هذه المدينة لاتبعد سوى 30 كيلومتر عن مدينتي أور وأريدو, والتي توجد بها أطلال لمعابد أنكي ملاك الماء وهو الذي علّم البشر الحكمة كما تقول النصوص المترجمة عن السومريين, وهو نفسه تمت تسميته أيا لدى البابليين, وأنّ الشواهد الآثاريّة من تلك المعابد وطريقة عبادتهم وطقوسهم المائيّة هي من أكبر الأدلّة على التشابه والتوافق مع العبادة لدى المندائيين, وبالتالي فهي تأكيد لإصولهم الرافدينيّة (مصدر1), ولكن نهر الفُرات الذي كان يمر سابقاً بهاتين المدينتين كان قد حوّل مجراه ولهذا فقدت المدينتين قوتهما السُكانيّة, بينما بقيت سوق الشيوخ على نهر الفُرات.

أن القِدم المندائي في مدينة سوق الشيوخ يعود لكونها مُحصّنة بحماية طبيعيّة وهي الأهوار, ولهذا فهُم كانوا يَحتمون بها بعد سقوط مدنهم الكُبرى خلال الإحتلالات المُتعاقبة من الفُرس إلى اليونان والرومان, وحيث أن مُدن الناصريّة والعمارة هي حديثة نسبياً.

فسوق الشيوخ كانت محميّة عبر العصور داخل هور الحمار وهو أكبر الأهوار العراقيّة الآن, وأمّا سابقاً فكان يُمثل عُمق الأهوار ولأنها كانت مُتصلة مع بعضها البعض. وهذه الحماية الطبيعيّة هي التي حَمَت المندائيين من بطش الإحتلال الروماني, والذي كان يقتل كُل من لايتحوّل إلى المسيحيّة في جميع البُلدان التي أحتلتها تلك الإمبراطوريّة العنيفة. ورُغم ذلك فأن كثير من المندائيين في مدينة بابل وفي أماكن أخرى على طول نهر الفُرات لم يكُن لهم من خيار سوى الهجرة إلى مدينة حرّان, والتي كانت ضمن الدولة الفارسيّة ولهذا فلا تصلهم الجيوش الرومانيّة.

وهذه هي الهجرة المندائيّة التي كانت تتحدّث عنها أحدى الكتابات المندائيّة الغير موثّقة وهي مخطوطة حرّان كويثا, حيث أنّ المستشرق ماكوخ وهو مبعوث الكنيسة اللوثرية كان قد جلب مصور لتلك المخطوطة من الفاتيكان, وهي عبارة عن تدوين بخط رجل دين مندائي ضمن الهوامش (أزهار) التي كتبها خلال عملية نسخه لأحد الكتب الدينيّة المندائيّة, وهو أحد أجزاء كتاب الترسر الخاص بالتوجيهات التي تُعطى لرجال الدين. المهم هو أنّ ماكوخ حاول تحريف مايقوله الأزهار الذي يتحدث عن الهجرة من جنوب العراق إلى مدينة حرّان, بينما فسرها ماكوخ على أنها كانت من فلسطين والتي لايرد أسمها ولا توجد لها أي أشارة في ذلك التدوين أو في غيره.

ولا علاقة لنا بفلسطين الحاليّة ولا يوجد تشابه معها أو مع عادات وعبادات أهلها, ولا يوجد ذكر جُغرافي لمناطقها في كُتبنا (مصدر2), وجميع تلك الكتابات حول الأصول الغربيّة للمندائيين هي لغرض إعطاء أهميّة تاريخيّة لليهود ولتلك المدينة الصغيرة في ذلك الزمان والتي تُسمى القُدس الآن.

وبعد سقوط مملكة ميسان في القرن الثالث الميلادي بيد الساسانيين الفرس, فأنّ تجمعات المندائيين هُناك أصبحت بين مُدن متعددة, بعضها قريب من التجمعات الفارسيّة ومدنها, ولهذا فكان المندائيون يُعانون من بطش الفُرس بالقتل والسرقة وغيرها من وسائل الظُلم والحيف! خلال تلك العصور وصولاً إلى العصر الحديث, وحيث تَذكُر بعض المجازر التي حَدَثت في مدينة شوشتر في القرن الثامن عشر, كيف أبادوا المندائيين فيها (مصدر3) وفي مُدن كثيرة أخرى, حيث يذكر هذا المصدر عن الباحث الفرنسي مورغان التالي:
(الفرس ارادوا الحصول على الكتب الدينيه للمندائيين ولكنهم لم ينجحوا بالحصول عليها لا عن طريق الشراء ولا عن طريق السرقه.لذلك قاموا بأعتقال قادتهم ولكن المندائيين قالوا لهم انهم يتبعون الديانه المندائيه عن طريق التقليد عند القيام بالطقوس المندائيه الدينيه خوفا على كتبهم ,عند ذاك تم رمي قادتهم الدينين في السجن وتحت التعذيب, ولكنهم استمروا في انكار وجود اي كتاب مندائي لديهم ولكن الفرس هددوا الكثير من قادة المندائيين بالقتل , ثم بدأوا بذلك فالبعض خوزقوا واخرون مزقوا ,احد المعذبين المندائيين تم قطع اطرافه الواحد بعد الاخر بدأ من اصابع الارجل ثم الايدي, بعض قادتهم تم جلدهم احياء والاخرين تم احراق اعينهم بوضع سيخ الحديد الحار في اعينهم, ثم بعد ذلك تم ذبحهم ,والبعض الاخر تم احراقهم احياء.)

وعلى أثر تلك المذبحة وغيرها, فقد هاجرت بعدها عوائل مندائيّة كثيرة من مدنهم في إيران إلى مدن جنوب العراق, وأنضمّت إلى عوائل من مندائيي العراق وتصاهروا معهم, وهذا الموضوع وغيره يؤكّد بأنّ حالة المندائيين في العراق كانت أفضل من أقرانهم في إيران خلال مُعظم العصور.

ففي العهد الإسلامي كان المندائيون في العراق مُقدّرون لدى الخُلفاء والحُكّام وكانت لبعضهم وظائف مُهمّة, وبعد ذلك وفي عهد الإحتلال العُثماني للعراق في القرن السادس عشر كان المندائيون في بلاد الرافدين محميين بالأهوار الطبيعة المُنعزلة, وكذلك بتحالفاتهم مع كثير من العشائر العربيّة المُسلمة وخاصة مع تلك التي ترتبط بالصداقة مع المندائيين, مثل بني أسد والسعدون وكنانة والسواعد وغيرها, وهُم كانوا يَهبّون للدفاع عن المندائيين ضد أي تعدّي يصدر عليهم وفق ما يُعرف عشائريا بالجرش. وطبعاً في تلك العصور لم تكن الحالات الأمنيّة في مناطق المندائيين بأفضل منها لدى المسلمين الذين يعيشون هناك, وكانت حالات الإجرام بالسلب والنهب وسبي النساء موجود في جميع المناطق, وهذا الخطر تُعاني منه المُجتمعات العشائريّة في المناطق النائيّة لغاية زمن قريب, وكذلك فأن الإحتلال العُثماني كان فاسداً وظالماً حد النُخاع.

وحيث أنّ الإضطهاد ضد المندائيين في العراق هو حقيقي, ولكن التضخيم الخارجي له من قبل المستشرقين كان لأهداف سياسيّة بالدرجة الأولى, فعند دخول الإنكليز للعراق بغرض أستكشافه, وهُم الذين بدأوا بذلك مُنذ القرن التاسع عشر, عبر تقديم المُساعدة التكنولوجيّة للعُثمانيين بالنقل النهري في دجلة والفرات وكذلك بجلب التلغراف وخدمات البريد المتطورة وغيرها من أوجه عصر الصناعة, وعندها بدأوا بمُحاولة تصوير الوضع في العراق على أنه كارثي, وأنّ العُثمانيين الذين يحكمون وفق الشريعة الإسلاميّة كانوا يضطهدون باقي الأديان وخاصّة المسيحيّة (ولهذا أطلقوا على المندائيين تسمية مسيحيي يوحنا المعمدان), وذلك لغرض كسب تأييد المجتمع العالمي والدول الغربيّة المسيحيّة, وتصوير انفسهم على أنهم مُحررين لهذه الشعوب ضد الإستعمار العُثماني الإسلامي, وبهذا يُخفون سببهم الرئيسي وهو الطمع بخيرات تلك البُلدان.

المصادر

1 كتاب: الصابئة المندائيون في العراق وإيران, دراور

2. مقالة: قُرب بابل كانت أورشلام, سنان سامي الجادر

https://mandaean.home.blog/2020/02/06/%d9%82%d9%8f%d8%b1%d8%a8-%d8%a8%d8%a7%d8%a8%d9%84-%d9%83%d8%a7%d9%86%d8%aa-%d8%a3%d9%88%d8%b1%d8%b4%d9%84%d8%a7%d9%85/?fbclid=IwAR2nZ-HAKmRztRg_RMJiugR1dmY9HP1tG4mqzfLsTO4dP7Zg9W1owm2ot1Q

3. Jean de Morgan (mission scientifique en Perse ) volume5



#سنان_سامي_الجادر (هاشتاغ)       Sinan_Al_Jader#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حرب التلفيق ضد المندائيّة
- الناصورائيّة والمندائيّة ..وليس الغنوصيّة (الجزء الثالث)
- الناصورائيّة والمندائيّة ..وليس الغنوصيّة (الجزء الثاني)
- الناصورائيّة والمندائيّة ..وليس الغنوصيّة (الجزء الأول)
- آلهة العصر الحديث الكاذبة
- الأصل المندائي لتسمية المَسجد!
- الكُنية المندائيّة السومريّة “إكوما – أسوَد”
- الشُهداء المندائيون للنورِ صاعِدون
- بلاد الرافدين -أصل المندائيين (الجزء الثاني)
- بلاد الرافدين -أصل المندائيين (الجزء الأول)
- برديصان: حامل الشُعلة المندائية
- العوالم رَمتني بالأحجار وإخوتي أغضبوني بالأقوال
- آدم الرجُل الأوّل.. الناصورائي
- المَعرِفَة الناصورائية والتعابير المَجازيّة
- المَوروث الديني المَندائي
- الكائن اللّطيف مُحرّك الثورات!
- عوائل الموت تحكم العالم
- قُرب بابل …كانت أورشلام
- المَسيح الترميدا الناصورائي
- قَتل العُلماء وحُكم السُفهاء.


المزيد.....




- قصر باكنغهام: الملك تشارلز الثالث يستأنف واجباته العامة الأس ...
- جُرفت وتحولت إلى حطام.. شاهد ما حدث للبيوت في كينيا بسبب فيض ...
- في اليوم العالمي لحقوق الملكية الفكرية: كيف ننتهكها في حياتن ...
- فضّ الاحتجاجات الطلابية المنتقدة لإسرائيل في الجامعات الأمري ...
- حريق يأتي على رصيف أوشنسايد في سان دييغو
- التسلُّح في أوروبا.. ألمانيا وفرنسا توقِّعان لأجل تصنيع دباب ...
- إصابة بن غفير بحادث سير بعد اجتيازه الإشارة الحمراء في الرمل ...
- انقلبت سيارته - إصابة الوزير الإسرائيلي بن غفير في حادث سير ...
- بلجيكا: سنزود أوكرانيا بطائرات -إف-16- وأنظمة الدفاع الجوي ب ...
- بايدن يبدى استعدادا لمناظرة ترامب


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سنان سامي الجادر - سوق الشيوخ .. أصل المندائيين.