أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد محمد جوشن - موت أبى الجميل














المزيد.....

موت أبى الجميل


خالد محمد جوشن
محامى= سياسى = كاتب

(Khalid Goshan)


الحوار المتمدن-العدد: 7268 - 2022 / 6 / 3 - 21:30
المحور: الادب والفن
    


اخبرونى ان أبى يحتضر وأن على العودة بسرعة ، كنت فى سفر خارج القاهرة
عدت مسرعا ، خلال ساعتين تقريبا كنت اطرق باب الشقة ، دخلت على والدى الممدد على فراشه يتهدج تنفسه عاليا صعودا وهبوطا ، حاولت التحدث اليه دون جدوى فقد كان فى سكرات الموت .

ربت أخى الاوسط على كتفى قائلا ابوك بيموت ، هيرد عليك أزاى ؟
لم التفت الى كلمات اخى وطبطبت على جسد أبى وقبلته والبكاء يخنقنى ، قائلا له ازيك يابابا ؟
لم يرد عليا أبى بالطبع ، نظرت بأسى الى شقيقى وانا أقول له هو مبيردش عليا ليه ؟

قال لى تعال بس وسحبنى خارج الغرفة الى الصالة كان على المائدة طعام الغذاء جلست أكل فى صمت معهم ، وأنا أرقب باب غرفة ابى التى يتسلل منها صوت تهدجه خفيفا.

وأنظر الى وجوه الجالسين شقيقاى وزوجتى وأبن خالتى الجالسين معنا ، يأكلون فى صمت وكأن على رؤسهم الطير .

قامت زوجتى لتحضر طعاما اخر ربما طلبه أحد الجالسين لا أدرى ، وعادت واضعة الطعام على المائدة ، حانت منى التفاته اليها فوجدت عيناها مغروقتين بالدموع ، لم انتبه كثيرا فقد كانت عيناى معلقة على باب الغرفة المفتوح ، ولكنى سألتها هو فيه حاجة ؟ قالت لا .
أزدرت لقمة أخيرة كانت بيدى وقمت الى غرفة ابى وتبعنى شقيقاى فوجدت أبى بلا حراك ، لقد توقف النفس الاخير .

قلت يائسا هو فيه أيه ؟
رد اخى الأصغر ابوك مات .

مات ابى الطود الشامخ وأصبح جثة هامدة بلا حول ، وجلسوا يتناقشون فى ترتيبات دفن الرجل الذى تحول من أنسان الى جثة بلا حراك ولا أرادة ، خارجا من مسرح الحياة ، ولم يك أيا منا ، منذ اقل من ساعة ، قادر أن يوجهه قبلا أو يصدر له أمر مهما كان .
ياه هكذا موت هادى وجميل وبلا معاناة وبعد تسعون عاما قضيته رائحا غاديا قى الحياة

انتبهت الى صياح اخى وهو يوجه لى كلاما حول ترتيبات الجنازة فقلت له اه طبعا موافق ، وانا لا أعى حقيقة السؤال ولا كنه الاجابة .

باغتنى مرة أخرى اخى الاوسط قائلا فيه ايه ياعم ؟ اثبت كده كلنا هنموت .
ياه حقيقة صادمة نتوقعها للجميع إلا لنا . سيموت الجميع ونحن لا ، حقيقة لا تُدرك ، ولعل ذلك حكمة للاُستمرار فى الحياة .

حضر المُغسل وطلب منى أن أحضر فانا أبنه الكبير ، حضرت ووجدت المُغسل يقلب فى الرجل ( أبى ) يمينا وشمالا مسدلا عشرات الليترات من الماء والصابون ، ويقوم بكل ذلك وهناك ملاءة بيضاء تستر أبى تماما عدا وجهه
.
انتهى مشهد الغُسل الشرعى كما نعته المُغسل وكفن والدى وطيبه بالعطور واستلقى
أبى فى نعشه وصلوا عليه فى الجامع ، صلاة لم استطع ، أمامتها وتولاها اخى الاوسط الذى كان رابط الجأش تماما بيننا .

انتقلت سيارة الاسعاف بجثة والدى المكفنه الى المقابر ونزل بها ، ووراها الثرى التربى ومعه اخى الاوسط والاصغر ولم استطع على الاطلاق نزول القبر للمشاركة وبكيت الى ابعد مدى فى صمت ونادرا ما ابكى .

تحاشيت بعده لفترة طويلة ان أدخل الغرفة التى توفى بها والدى وكنت اتجنبها تماما وهذا لفت نظر شقيقى الاوسط وكان فى حالة عجب دائم .

انتهى الى الابد والدى ومات، وانقضت سيرته ودفن ، ولكنى دائما أتخيله وأتخيل مدى ثراء تفكيره ومخيلته ، وعمق تقديره للامور ، كنت أتمنى لو كان أبى يمتلك موهبة الكتابة ، ليكتب على الاقل صفحة حياته ، فكلا منا هو صفحة فى الحياة ليته يكتبها ولا يحياها فقط ، رحم الله أبى .



#خالد_محمد_جوشن (هاشتاغ)       Khalid_Goshan#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كوبرى فى الصالة
- من يمهله القدر ؟
- الجمال وحده لايكفى
- صاحب بابا
- لا حاجة إلى عالم لا مكان فيه لروسيا ( بوتين )
- فتاة الثوانى
- تأملات عرضية
- وفاة غير حقيقية
- ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الأداة التاسعة والأربعون
- ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الأداة الثامنة والأربعون
- ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الأداة السابعة والأربعون
- ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الأداة السادسة والأربعون
- ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الأداة الخامسة والأربعون
- ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الأداة الرابعة والأربعون
- ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الأداة الثالثة والأربعون
- ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الأداة الثانية وا لأربعون
- ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الأداة الواحد وا لأربعون
- ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الأداة لأربعون
- ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الأداة االتاسعة والثلاثون
- وإحنا مالنا ، خلينا فى حالنا


المزيد.....




- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد محمد جوشن - موت أبى الجميل