|
ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الأداة الثامنة والأربعون
خالد محمد جوشن
محامى= سياسى = كاتب
(Khalid Goshan)
الحوار المتمدن-العدد: 7190 - 2022 / 3 / 14 - 00:27
المحور:
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
تعلم من ناقديك
تحمل حتى النقد غير المعقول
لقد أجلت واحدا من أصعب الدروس إلى قرب النهاية . لا أعرف أحدا يستمتع بالنقد السلبى ، خصوصا نقد العمل الإبداعى . إلا أن مثل هذا النقد قد يكون ثمينا إذا تعلمت كيف تستفيد منه .
فالحالة الذهنية الصحيحة تستطيع تحويل النقد الفاحش والتافه وغير المخلص والمنحاز والمجدف إلى ذهب إ وتركيبة صنع الذهب هذه تحتاج إلى استراتيجية سحرية ؛ يحول الكاتب محل النقد الجدلى إلى حوار .
ففى الجدل يلتقط المستمع الحجة المضادة فقط . أما فى الحوار ، فهناك أخذ وعطاء الجدل ينتهى بفائز أو خاسر . أما الحوار ، فينتهى بطرفين تعلما شيئا ، ووعد بمتابعة الحديث .
منذ وقت بعيد وضعت هدفا ، قد يبدو مستحيلا : لن أدافع عن أعمالى ضد النقد .
الا تدافع عن عملك ؟
الأمر يشبه إشعال عود الثقاب وانتظار وصول اللهب إلى أصابعك ، ردة الفعل الطبيعية توجهك للدفاع عن عملك ، إنه رد فعل يشبه القتال أو الهرب .
دعنى أقدم لك مثالا افتراضيا . لنفرض اننى كتبت هذا العنوان الإخبارى عن اجتماع مجلس المدينة : " هل يجدر بشرطة سياتل التلصص على المتلصصين فى عروض التلصص ؟ " والاٌن ، لنقل اننى تلقيت هذا النقد من محرر أو معلم .
" روى ، لقد أكثرت من استخدام مفردة تلصص ، وحولت موضوعا جادا عن الخصوصية إلى تلاعب بالألفاظ " . قد يثير غضبى هذا النوع من النقد ، ويضعنى فى وضع دفاعى ، لكننى وصلت إلى إيمانى الجديد : بأن الجدل لا يفيد .
لقد أحببت الطريقة التى كتبت بها ، وناقدى يكرهها . كان يريد منى كتابتها بهذه الطريقة : " مجلس المدينة يناقش السماح لشرطة سياتل بالعمل فى الخفاء والتحقق من أن حانات البالغين تتبع قوانين المدينة " .
يعانى ناقدى من الجدية المفرطة ، ويظن أننى أعانى من الطيش .
تذهب واحدة من أقدم الحكم المرتبطة بالفن إلى أنه ما من جدال فى المسائل الذوقية
أعتقد أن موبى ديك رواية طويلة ، وأنت تعتقد أن الفن التجريدى تجريدى للغاية . لا تعجبك الحرارة اللازعة لهريسة الفلفل التى أعددتها ، فتمد يدك لصلصة التباسكو ..
ما البديل للجدل الحاد إذن إذا لم أدافع عن أعمالى ، ألن أفقد سلطتى أمام الذين لا يشاركوننى القيم نفسها ؟
البديل هو : لا تدافع أبدا عن أعمالك . وعوضا عن ذلك ، اشرح ما الذى أردت تحقيقه من ورائها . إذن : " أنا اٌسف يا جاك أن التلصص فى مقدمتى لم ينل إعجابك .
كنت فقط أبحث عن طريقة لأوضح للقراء الأثر الذى ستتركه هذه السياسة . لم أكن أرغب فى ترك ما فعلته الشرطة يضيع فى لغة بيروقراطية " .
رسالة رد كهذه قد تحول جدلا – يخسره الكاتب – إلى حوار يحول الناقد من معارض إلى حليف .
صديقتى " اٌنثيا بيروز " كتبت نقدا لسلسلتى " ثلاث كلمات صغيرة " قالت فيه ما معناه : لم تكن كافيه بالنسبة إلى ، ما إن بدأت قراءتها حتى أنهيتها .
أردت المزيد . كيف يمكننى تغيير رأيها ؟ ولم على فعل ذلك ؟ إذا كانت ترى الفصول قصيرة ، فهى كذلك فعلا .
وهكذا كان ردى : " اٌنثيا ، لست الأولى فى تفاعلك مع قصر الفصول . فهى لم تعجب بعض القراء .
كان استخدام الفصول القصيرة محاولة منى لإغراء القراء الجوعى ، الذين لا يقرؤون الأعمال الطويلة .
ووصلتنى منهم تعليقات إشادة لاحترامى لوقتهم ، فهىالمرة الأولى التى يتابعون فيها سلسلة تنشر فى جريدة " .
صرح ناقد اٌخر بقوله : " كرهت انهاءك الفصل الذى أجرت فيه جين الفحص للكشف عن إصابتها بالإيدز .
لقد انتهى من دون أن تخبرنا بالنتائج . أردت أن أعرف فورا . لكنك تركتنا ننتظر لصحيفة اليوم التالى .
لقد كان ذلك استغلالا منك " . وكان ردى عليه : " تعلم أن جين خضعت لكثير من الفحوصات من قبل ، وفى ذلك الوقت كانت تنتظر أحيانا لأسابيع حتى تعرف النتيجة .
لقد تفهمت هذا الانتظار المؤلم بين الحياة والموت وعرفته ، وأردت أن أنقل هذا الشعور للقارىء ، لينتظر لليلة واحدة معرفة النتيجة . وهكذا سيتفهم ما مرت به "
ردود كهذه تخفف حدة الناقد وتكسر الحاجز بينى وبينه . إن إسقاط الحواحجز يفتح مجالا للحوارات والتساؤلات والتعلم بين الجانبين .
باختصار
لا تقع فى فخ الجدال فيما يتعلق بالذائقة .
لا تدافع عن عملك كردة فعل للنقد السلبى .
اشرح لناقدك ما غرضك مما فعلت . حول الجدال إلى حوار .
منذ زمن ليس ببعيد ، وجدت نفسى فى متجر كتب ضخم وسط مجموعة . مجموعة من الكتاب يجلسون فى دائرة ضيقة ويستمعون لكاتب شاب يقرأ مقتبسا من أحدث أعماله .
بعد الانتهاء من القراءة يبدأ المستمعون بتفكيك العمل . واتهموا الكاتب بسوء استخدام الكلمات ، والإكثار من الأوصاف أو الإقلال منها .
قاومت رغبتى فى القفز داخل الدائرة واتهامهم باحتقاره والتقليل من شأنه . ما منعنى من ذلك هو ردة فعل الكاتب نفسه ؛ حيث نظر فى عينى كل منهم وهز رأسه متفهما ، وكتب ملاحظاتهم وتقدم لهم بالشكر .
كان ممتنا لكل تفاعل يساعده فى شحذ أدواته ، حتى لو كان ذلك التفاعل عديم الإحساس .
لقد تعلم درسا من هذا الكاتب المخلص . حتى عندما كان الهجوم عليه شخصيا ، حول هذا النقد ذهنيا بإتجاه العمل : " ما الذى أثار كل هذا الغضب فى قصتى ؟ " إذا تمكنت من تعلم الاستفادة الإيجابية من النقد .
ستستمر فى التقدم والنمو ككاتب ؟
والى الأداة التاسعة والأربعون فى مقال قادم
#خالد_محمد_جوشن (هاشتاغ)
Khalid_Goshan#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الأداة السابعة والأربعون
-
ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الأداة السادسة والأربعون
-
ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الأداة الخامسة والأربعون
-
ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الأداة الرابعة والأربعون
-
ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الأداة الثالثة والأربعون
-
ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الأداة الثانية وا لأربعون
-
ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الأداة الواحد وا لأربعون
-
ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الأداة لأربعون
-
ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الأداة االتاسعة والثلاثون
-
وإحنا مالنا ، خلينا فى حالنا
-
ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الأداة االثامنة والثلاثون
-
مسدس بلا فائدة
-
ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الأداة السابعة والثلاثون
-
ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الأداة السادسة والثلاثون
-
اتفضل بيع عمرك كله ؟
-
الاسانسير899
-
ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الأداة الخامسة والثلاثون
-
ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الأداة الرابعة والثلاثون
-
ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الأداة الثالثة والثلاثون
-
الجنس مع الموتى
المزيد.....
-
جملة قالها أبو عبيدة متحدث القسام تشعل تفاعلا والجيش الإسرائ
...
-
الإمارات.. صور فضائية من فيضانات دبي وأبوظبي قبل وبعد
-
وحدة SLIM القمرية تخرج من وضعية السكون
-
آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /25.04.2024/
...
-
غالانت: إسرائيل تنفذ -عملية هجومية- على جنوب لبنان
-
رئيس وزراء إسبانيا يدرس -الاستقالة- بعد التحقيق مع زوجته
-
أكسيوس: قطر سلمت تسجيل الأسير غولدبيرغ لواشنطن قبل بثه
-
شهيد برصاص الاحتلال في رام الله واقتحامات بنابلس وقلقيلية
-
ما هو -الدوكسنغ-؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
-
بلومبرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث وجهة النظر الأوكرانية لإنها
...
المزيد.....
-
الكونية والعدالة وسياسة الهوية
/ زهير الخويلدي
-
فصل من كتاب حرية التعبير...
/ عبدالرزاق دحنون
-
الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية
...
/ محمود الصباغ
-
تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد
/ غازي الصوراني
-
قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل
/ كاظم حبيب
-
قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن
/ محمد الأزرقي
-
آليات توجيه الرأي العام
/ زهير الخويلدي
-
قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج
...
/ محمد الأزرقي
-
فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو
...
/ طلال الربيعي
-
دستور العراق
/ محمد سلمان حسن
المزيد.....
|