أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدى عبد العزيز - مقاربةٌ مبدئيّةٌ لمساراتِ الحربِ الأوكرانيّة















المزيد.....

مقاربةٌ مبدئيّةٌ لمساراتِ الحربِ الأوكرانيّة


حمدى عبد العزيز

الحوار المتمدن-العدد: 7267 - 2022 / 6 / 2 - 04:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ما من شكٍّ أنّ نتائجَ الحربِ الأوكرانيّة المباشرة وغير المباشرة، ستحدّد شكلَ العالم، استكمالًا لما بدأته مرحلةُ فيروس كورونا، حيث شكّلت أوّلَ تحدٍّ حقيقيٍّ لطبيعة القوي الصاعدة إلى مستوى القطبيّة الدوليّة، ووضعت موازين القوى في اختبارٍ نجحت فيه الصين (الرأسماليّة المخطّطة بقيادة أكبر حزبٍ شيوعيٍّ في العالم)، وروسيا (رأسماليّة الدولة الكنزيّة).

وفي المقابل فقد سقطت مراكزُ الرأسماليّة النيوليبراليّة في اختبارات الوباء، عندما انتهى الأمرُ بتركّز أعلى معدّلاتِ الضحايا والخسائر في أمريكا وبعض دول أوروبا، في حين نجحت الصينُ في الخروج من حالة انتشار الوباء سريعًا، بفضل قوّة نظامها الصحي، وروسيا بفضل ما ورثته من الاتّحاد السوفييتي من مؤسّساتٍ صحيّة. وبمجرّد الخروج من ذروة نشاط وباء الكورونا؛ سرعان ما بدأت الولايات المتّحدة الأمريكيّة تحرّشاتها بكلٍّ من الصين وروسيا، وهنا فقد تحدّدت أهداف القوى المتصارعة على المسرح الأوكراني.

فبينما تخوضُ روسيا حربَ أوكرانيا - كنوعٍ من تصحيح وضعها الإقليميّ والأمنيّ على نحوٍ يتناسب مع وضعها الدولي كقطبٍ صاعدٍ وكدولةٍ لأمّةٍ كبيرةٍ - تجاوزت مرحلة انهيارها واستنهضت قواها من جديد، وبهدفٍ معلنٍ هو الحفاظ على الأمن القوميّ الروسيّ في مواجهة تحدّياتٍ وأخطارٍ حقيقيّةٍ تتمثّل في وصول الناتو على حدود روسيا، في حين خاضت أمريكا هذه المعركة، باعتبارها قطبًا يعاني من تراجعٍ ويريد أن يوقف هذا التراجع بهجومٍ عكسيّ، يقوم فيه بخنق فرص الأقطاب التي يهددها تصاعدها (أي الصين وروسيا)، بأهدافٍ استراتيجيّة :

أوّلها: فصل أوروبا المتّجهة نحو التواصل (البنيويّ) على قاعدة المصالح المشتركة مع روسيا والصين على نحوٍ قد يؤدّي إلى انسلاخها عن الهيمنة السياسيّة والعسكريّة للولايات المتّحدة الأمريكيّة .

ولذلك ليس غريبًا أن تكون أوّل الأهداف الأمريكيّة هي ضرب خط نودستريم 2، وصولًا إلى وقف التعاون بين أوروبا وأمريكا في مجالات الطاقة الأحفوريّة والنوويّة.

ثانيها: هو وضع صواريخها النوويّة في خاصرة روسيا مباشرةً لخنق وتأديب وإزلال روسيا ومن ثمّ إنهاء مستقبلِ اتّصالٍ خطيّ الحزام البحري والطريق البري الصينيين، في إحدى أهمّ النقاط الاستراتيجيّة البنيويّة لمبادرة الحزام والطريق وتفجيرها عند هذه النقطة، بالإضافة لمحاولة تفجيرها بالتوازي في نقاط انطلاقها البري عند أفغانستان وباكستان (إسقاط عمران خان وعودة الرهان علي الجيش الباكستاني والرابطة الإسلامية)، بالتوازي أيضًا مع محاولة خنق نقطة الانطلاق البحري (التلغيم النووي للمحيط الهندي قبالة شواطئ استراليا)، وبنظرة جرد مبدئيّة على ما تحقّق حتّى الآن من الأهداف الروسيّة، فسنجد أنّ روسيا حتى هذه اللحظة التي يكتب فيها هذا المقال، قد اقتربت من ضمان تحقيق منطقةِ جوارٍ حليفةٍ وآمنةٍ وهي منطقة شرق أوكرانيا وتحديدًا إقليم الدونباس الذي أحكمت هي وحلفاؤها الأوكرانيّون السيطرة عليه، وأصبح هذا أمرًا واقعًا، يمثّل الاعتراف به ورقة محسومة من أوراق التفاوض على إنهاء الحرب، وقبل ذلك فقد أصبح الاعتراف الأوكراني بروسية القرم أمرًا مفروغًا منه، بالإضافة إلى حياد أوكرانيا الذي اعتقد أنّه قد أصبح حقيقةً سواءً للأوكرانيين أو لحلف الناتو ذاته، وهذهِ هي أهمّ الأهداف الروسيّة التي يمكننا الحديث عن الاقتراب من تحقّقها حتّى الآن، أمّا عن الأهداف الأمريكيّة، فمن السابق لأوانه الجزم بتحقّقٍ يضمن له دوام الأثر ولو جزئيًّا للأهداف الأمريكيّة.

صحيحٌ أنّ علاقات أوروبا بروسيا وصلت لأدنى مستوى لها وتمزّقت روابط التقارب الروسي بقلب أوروبا وكتلتها المركزيّة الصلبة المتمثّلة في ألمانيا وفرنسا ومن ثم باقي أوروبا.. لكن هذا ليس في المطلق سواءً في المنظور الآني أو المنظور الآجل، وخاصّةً أنّ هناك الدول المستهلكة للطاقة الأحفوريّة والنوويّة الروسيّة، غير مؤهّلة لفكّ روابطها المصلحيّة بروسيا وهناك دول أوروبيّة أعلنت ذلك صراحة: كالمجر وصربيا، بل إن الدولتين تقفان موقفًا رافضًا لمواقف الناتو تجاه روسيا، رغم عضويّة المجر في حلف الناتو.

كذلك، فإنْ كان من الصحيح القول: إن خط نودستريم، توقّف بشكلٍ يجعل البعض يعتدّ بهذا كقطيعة أوروبيّة روسيّة، ولكن المتابع للمواقف الألمانيّة والأوربيّة من مسألة الطاقة، سيستنج أن هذا الدول تنتظر مجرّد عقد اتّفاق إنهاء الحرب للعودة إلى بدء التعاون مع روسيا .

وبغض النظر عن بريطانيا التي لا يمكن اعتبارها جزءًا من اللحمة الأوروبيّة وبولندا، غير الفاعلة تاريخيًّا، فإنّ قلب أوروبا يعبّر بين حينٍ وآخر على أنه لا يمكن إقصاء روسيا، بل وهناك حالة تململ من الحصار الاقتصادي المفروض أمريكيًّا على روسيا، بل إنّ في أوروبا الآن أصواتًا تسمع بوضوح حول عدم جدوى العقوبات الاقتصادية بالنسبة لروسيا، من حيث إنّها جاءت عقابًا عكسيًّا على دول أوروبا المنخرطة في الناتو، وعلى الرغم من احتماليّة انضمام السويد إلى الناتو وتفكير فنلندا الجارة لروسيا في ذلك، إلا أنّ هناك تصدّعاتٍ في الناتو ذاته، تتمثّل صراحةً في مواقف تركيا والمجر.. وهناك من يتحيّن فرصة ما بعد انتهاء الحرب لطرح قضيّة الدفاع الأوروبي المستقلّ عن أمن أوروبا (فرنسا).

نشهدُ لأوّل مرّةٍ في تاريخ ما بعد الحرب العالميّة الثانية، خروجًا عن الطاعة للسيّد الأمريكي، من قوى كانت تمثّل في مراحلَ سابقةٍ دور الخادم الوظيفي للمصالح الأمريكيّة (السعوديّة - باكستان - الإمارات)، التي بدأت تتململ من أوامر السيّد الأمريكي في مواقفها بشكلٍ أو بآخر أثناء الحرب الروسيّة الأوكرانيّة التي هي في حقيقتها حرب من حروب الهيمنة الأمريكيّة، بل إنّ التشقّقات والشروخ، قد وصلت إلى داخل جدران حلف الناتو ذاته، فالمجر وتركيا عضوا الناتو يرفضان الامتثال لمواقف الناتو تجاه روسيا، بل إنه من المرجّح أن تُراجع أوروبا بعد أن تنتهي الحرب الأوكرانيّة، مسألة الأمن القومي الأوروبي وجدوي بقاء الناتو عرابًا للأمن القومي الأوروبي، وهذا ما يمكننا أن نأخذ بإشاراته من كلمات الرئيس الفرنسي ماكرون، عن ضرورة بناء الدفاع الذاتي المستقلّ عن الأمن القومي الأوروبي وضرورة استقلال أوروبا في مساري الأمن والطاقة، وهذه إشاراتٌ ذات دلالاتٍ عميقة، توضّح مدى تململ الحلفاء داخل جدران الناتو .

كذلك، لا يمكن أن يمرّ الحديث عن تأثيرات الحرب الأوكرانيّة حتى الآن، دون أن نقف أمام دورها في تعميق أزمة الغذاء والطاقة على صعيد المجتمعات، وهو ما ينذر بتطوّراتٍ مجتمعيّةٍ داخل العديد من بلدان العالم، سواءً في بلدان العالم النامي بالنسبة لأزمة الغذاء أو بلدان العالم المتقدّم بالنسبة لأزمة الطاقة، وهو ما يتوقّع لها أن يفجّر قلاقل وصراعات وتناحرات داخليّة، قد تسهم هي أيضًا في تغيير شكل العالم.



#حمدى_عبد_العزيز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليلة بصحبة جيرمي أورنز وبيل اوجست
- دعوة للمشاهدة
- مقاومة مشروعة
- مواقف لايمكن إهمال دلالاتها
- قطر تحصل علي جائزة الأكثر وفاءً لسيدها
- وبعيداً عن التأييد أو التنديد ..
- هكذا تدفع الشعوب تكلفة خطايا حكامها
- عمنا أحمد مصطفي أحد أبطال تاريخنا الوطني العظام ..
- اعتراف قديم وطلب غفران متجدد ..
- إبراهيم عيسي وقاهرته وناسه
- خبر لم يكن ينبغي أن يمر مرورا عابرا ..
- عندما تكون (الدولة) فاعلاً ، ومفعولاً به ..
- تناقض قابل للحل ، وأخر جذري لايقبل الحل
- استقالة قرداحي
- لحظة عابرة ، بقيت مرارتها فى القلب …
- أنا لست رقماً تأمينياً ولاعلامة علي الشاشة ..
- معارك السوفت وير ..
- مؤتمر (وعد الآخرة) كإهانة لنبل وشرف القضية الفلسطينية
- تعليق علي ماحدث في أربيل العراق
- إنهم يسحقون الأجراء


المزيد.....




- لماذا تهدد الضربة الإسرائيلية داخل إيران بدفع الشرق الأوسط إ ...
- تحديث مباشر.. إسرائيل تنفذ ضربة ضد إيران
- السعودية.. مدير الهيئة السابق في مكة يذكّر بحديث -لا يصح مرف ...
- توقيت الضربة الإسرائيلية ضد إيران بعد ساعات على تصريحات وزير ...
- بلدات شمال شرق نيجيريا تشكل وحدات حماية من الأهالي ضد العصاب ...
- أنباء عن -هجوم إسرائيلي محدود- على أهداف في العمق الإيراني و ...
- قنوات تلفزيونية تتحدث عن طبيعة دور الولايات المتحدة بالهجوم ...
- مقطع فيديو يوثق حال القاعدة الجوية والمنشأة النووية في أصفها ...
- الدفاع الروسية: تدمير 3 صواريخ ATACMS وعدد من القذائف والمسي ...
- ممثل البيت الأبيض يناقش مع شميغال ضرورة الإصلاحات في أوكراني ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدى عبد العزيز - مقاربةٌ مبدئيّةٌ لمساراتِ الحربِ الأوكرانيّة