أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي الجنابي - صَفَدُ الفَنَاءِ














المزيد.....

صَفَدُ الفَنَاءِ


علي الجنابي
كاتب

(Ali . El-ganabi)


الحوار المتمدن-العدد: 7263 - 2022 / 5 / 29 - 09:53
المحور: الادب والفن
    


لا ناقةَ لقارئٍ في مَقالٍ يَسمِرُ بغُثاءٍ من قيلٍ مُعتَرٍّ مُجتَرِّ بتَرديد.
ولا طاقةَ له في مقالٍ لا يَعمُرُ المُقامَ بنبأٍ من ذِكرٍ فريدٍ سَديد، ولا يَجمُرُ المرامَ بخَبءٍ مِن فكرٍ حَميدٍ رشيد. وعَسى مَقاليَ هاهُنا يَضْمُرَ مِمَّا ألزمَني به مدادي من فَرْضٍ قعيدٍ عَتيد، ولعلَّهُ يَجْمُرُ بكلِمٍ من نفخاتٍ من خَطبٍ عَميد، وتِلكُمُ لعمرُ بني الأقلامِ ضالَّة مدادي بتَأبيد، وذلكُمُ هو عندَ القلمِ صدرُ وعجزُ القَصيد.

إعلَمْ يا ذا عِزِّ، أن الحَيَواتَ مِنَحٌ كُبرى بِتَمجِيد، لا تُجارى حتّى بنعمةِ الدّينِ الرَّشيد، ولا تُمارى بما حَمَلَ مِن زَكَواتٍ ومِن تَوحِيد، ولومَا مِنحَةُ الحَياةِ لَمَا كانَ للزَّكَواتِ مِن رَصِيد، ولما كانَ للتَّوحِيد من تَغريدٍ وتَخلِيد. بَيْدَ أنَّ مِنحَةَ الحَياةِ منحَةٌ مَغْلُولةٌ بصَفَدٍ مِن نُحاسٍ غَيرِ حَميد. صَفَدٌ هَوَى بِلَذّاتِها إلى وادٍ سَحيقٍ حالكٍ بَعيد، وإذ الصّفَدُ مُناطِحُ أَعْنَاقِ كُلِّ كَبِدٍ رطبَةٍ ومُقْمَحٌ وشَهيد، وإذ هوَ مُلافِحٌ صَدرَ كُلِّ وَالدٍ وَوَليد، ومُنافِحٌ بذرَ مَا وَلَدَ لوالدٍ مِن حَفيد. وذاكَ هُوَ لعمري صَفَدُ الفَناءِ بتَنكيد، إذ يُحاصِرُ الوَجدَ وما جنى، والمجدَ وما بنى كُلَّ آنٍ بِتَهديد، ويُناصِرُ هَدْمَ الشَهواتِ وصَدْمَ النَّشواتِ بتَرديد، فلا سَفرةً تَسري بتَمهيد، أو وفرةً تغري بتمديد. ولا طَفرةً تَجري بتَشيِيد، أو ظفرةً تَمري بِتَجديد، ولا حتّى زفرةً تَدري بتَخميد، إلّا وتَرى صَفَدَ المَوتِ مُسْتَتِراً وراءَها بِتَهديدٍ وتَجريد، فَضَاعَ مِنَ المِنحَةِ تَوَسُّمُ عَبَقِها الحَميد، ومِنَ الفَرحَةِ تَبَسُّمُ ألَقِها بتَنهيد. ورَاعَ كُلَّ نفسٍ صَفَدُها وما إحتَمَلَ مِن رَغَدٍ بتَقييد، ومَاتَ أملُها وما إشتَمَلَ من سَعدٍ بتَأبيد ، وباتَتِ المِنحةُ مِحنَةً بفَزعٍ وتَنكيدٍ، والحَيُّ فيها كأنَّهُ فَزِعٌ شَريدٌ، جَزِعٌ طَريد، وإذ تَراهُ بالسَّاهِرَةِ صائماً لا يَبغي إِسْتَجَابَةً لشِرعَتِها ولن يُريد، وسائماً فيها لا يصغي لإِسْتِطَابَةٍ مِن جُرعَتِها ولعَلَّها تُفيد، وقائماً يُعَقِّبُ في طَوِيَّات سِرِّ ذاكَ الصَّفَدِ العَتيد، وهَائماً يُنَقِّبُ عن تفكيكِ اللّغزِ العَنيد، علَّهُ يَحظى بِعَيشٍ سَعيد، لا صَفَدَ فيه مُكَبِّلٌ مَريد، ويَرضى بجَيشٍ من بَنِينَ ومن مالٍ رَغيد، وإذ تراهُ صُبحاً قد أَطَّرَ صَفَحاتِ جَرائدِهِ بتفاؤلٍ بَليدٍ قَصَّهُ في ثنايا القَصيد ؛ "سبلُ البَحثِ عنِ السّعادةِ" بإصرارٍ وَبتَرديد، وعَطَّرَ نَفحاتِ مَوائدِهِ بتساؤلٍ عَنيدٍ رَصَّهُ في حَوايا الثَّريد؛
" أنّى لسَّعادةٍ تتماشى مع ميقاتٍ بأجلٍ مؤَكَّدٍ أكِيد! ومُصَفَّدةً بصَفَدٍ عُتُلٍّ عَقِيدٍ وقَعيد. وأنَّى لسَعادةٍ تَتَلاشى بقَرصةٍ مِن بَقٍّ في جَسَدٍ أو أصغر أو أزيد، ولا تَتَحاشى رَصَّةً في شَقٍّ في لَحْدٍ لها يُريدُ ليَستَعيد؟".
والْحَقَّ أَقُولُ؛ ما تلكَ بسعادةٍ! وكَذَبَ السُّعداءُ وما قالوا بتَقليد! وأفٍّ من سَذاجةٍ في قيلِهم بتَسهيد! فما هذهِ المِنحةُ إلّا مِحنةٌ بِكَبَدٍ وبتَقييد، ولا سَعْدَ فيها، ولا فيها رَغدٌ إلّا بِفَكِّ الأصفادِ بتَنديد. ولن تُفَكَّ الأصفادُ إلّا بأمرٍ من القَهَّارِ المَجيد. وما فَكُّ الأصفادِ بكائنٍ مَهمَا بَلَغَ أبنُ آدمَ مِن تَرديدٍ ومِن تَجديد، وإذ تَراهُ قد رَكَنَ الى فَرَحٍ بَئيسٍ، ومَرَحٍ تَعيسٍ يحسبهُ سَعادةً بتَحشيد، وإنّما الفَرَحُ والسّعدُ نِدّان يختصمانِ بِتَوطيد، فالفَرحُ سَرابٌ ودُنو بقِيعان، والسّعدُ سَحابٌ وسُموّ في العَنَان، فكَلَّما غارَ الإنسانُ في سَرابِ القيعانِ، توارى عن سَحابِ العَنَانِ.
الفَرحُ هَباءٌ إنسيٌّ آنيٌّ مُتَزمِّلٌ بِكَبَدٍ ومُتَرَجرِجٌ في المَكان، والسّعدُ بَهاءٌ حِسيّ أبَدِيٌّ غيرُ مُتَظَلِّمٍ بصَفَدٍ ومُتَدَرِجٌ في الزَّمان.
الفرحُ جامِحٌ للقَطْفِ، ويَستَمنِي القَطفَ بالبَنان، السَّعدُ مانحٌ للعَطْفِ، ويَستَغني العَطفَ بالحَنان. الفَرحُ والسّعدُ ضِدّانِ لا يَتَحادّانِ ولا يَتَحدّانِ.
ألا وإنّ للسَّعدِ فَلَقَةً، بأمرٍ من ربِّ الرّوحِ مُنفَلِقة. ألا وإنّها تَضيقُ في بريقِ جاهٍ مُخِلٍّ مُقَلَّدِ، وتَقصُرُ في بسماتِ مَالٍ مُذلٍ مُلحِدِ. ألا وإنّها تَستَفيقُ وتَبصُرُ...
في شروقٍ إذا شَجَى، وفي غروبٍ إذا سَجَى، وفي مثاباتِ غيمةٍ تَتَمَلَّأ بثوبِ أحرامِها مُلَبِّيَةً بتَلَبيد. في نَبَضاتِ شَمسٍ بضِياءٍ تَتَلأَلأُ، في لَمَضاتِ قَمرٍ على إستحياء تَتملأُّ، وفي وَمَضَاتِ نجومٍ تَتَلألأ مُتهجِّدةٍ بتَمجيد. في بِحارٍ زَرقاءَ لغَضَبِها تَجنُّ، في قِفارِ صَمَّاءَ بِحَطَبِها تَأنُّ، وفي نظراتِ ثمارٍ تَتَعَالى وزهورٍ تَتَأَلَّى بعطرِها فَوّاحَةً بصَعيد. في نَضرةٍ لنَخلٍ ذي جَريدٍ، في نظرةٍ لجبلٍ ذي جَليد، وفي حَضرة حَبلٍ سرِّيٍّ لوَليد. في حِافلةٍ من نَحلٍ تَهبُّ، في قافلةٍ من نَملٍ تَدبُّ، وفي نَظَراتِ فَرخةٍ لأمِّها مُفتَقِدَةٌ ومُتَفَقِّدةٌ بتَغريد. في تَحايلٍ لعرشٍ طاووس، في تمايلٍ لكرشِ جاموس، وفي تَغَنُّجِاتِ لَبوةٍ بينَ ذَراعي بعلِها مُداعِبَةٌ بتودّدٍ وتَجسيد. في صَمَمٍ من حَصىً غَافيةٍ، في لَمَمٍ من هَوَامٍ خافيةٍ، وفي تَمَوجاتِ تلالٍ، ولموجِ البحرِ مُحاكِيَةٌ بتَقَليد. في جُبَّةٍ من زيتونٍ كَميدٍ، في قُبّةٍ لحلزونٍ سعيدٍ، وفي رَقَصاتِ نَبتةٍ كأنَّها أينَعت بينَ الصخورِ مُتَقَصِدَةً بتَعميد، فَغَشِيتُهم مَلاحَةً، وعلى نواصيهمُ تَتَمايلُ بتَسنيد. في حَيّةٍ في البَحرِ تَسبحُ، وعلى بَطنِها للبرِّ تَكبحُ، تَارةً تَخسرُ، تارةً تَربحُ، ولرزقِها مُطمئِنَّةً بلا لهاثٍ ولا تَشديد.
تلكمُ هي المَفاتِحُ للصَّفَدِ المُرعِبِ الطَّريد، ولصَفَدِ الفناءِ هي تُحَيِّدُ وتُبيد.
فَسِرْ في مِنحَةِ الوَهَّابِ وأرمِ الخُطى هَونَاً، قَاصَّاً قَاصِدا وحامِداً لربِّ المِنحَةِ الرَّشيد.



#علي_الجنابي (هاشتاغ)       Ali_._El-ganabi#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- { خَرَابُ - مظفّرِ النّواب - }
- غَزَلٌ بالحبيبِ
- الطبيبُ أديبُ
- أنَا والعِيدُ وصديقَتي النَّملة
- المقاديرُ تُكَذِّبُ المحاذيرَ
- عملياتُ تجميلِ النساء!
- هَمَساتٌ عن غَسيلِ الذَّات
- عِندما يَتَأرَّقُ النَّملُ
- تَنُّوُرُ أمّي
- وُجُوُمُ عِلوانَ ولا نُجُوُمُ لبنانَ
- أيَهجُرُ البلبلُ عُشَّهُ!
- ( نُزهَةُ المَحرُومِ )
- كُلُّ مَن عَليهَا نِسنَاسٌ، إلَّا..
- هَل في الصَّحافةِ حَصَافةٌ؟
- تَسَاؤُلَاتٌ مَدفونةٌ غَيرُ مَأذُونة
- حُبَيْبَاتُ ” نَظَريَّةِ المُؤامَرة “
- الفَرحُ والسعادة
- (قَالَتْ نَمْلَةٌ)
- خَدُّ الشَّمسِ -
- مَسارِحُ اللَّيلِ


المزيد.....




- مغني راب أمريكي يرتدي بيانو بحفل -ميت غالا- ويروج لموسيقى جد ...
- فنانو أوبرا لبنانيون يغنون أناشيد النصر
- 72 فنانا يطالبون باستبعاد إسرائيل من -يوروفيجن 2025- بسبب جر ...
- أسرار المدن السينمائية التي تفضلها هوليود
- في مئوية -الرواية العظيمة-.. الحلم الأميركي بين الموت والحيا ...
- الغاوون:قصيدة (مش ناوى ترجع مالسفر )الشاعر ايمن خميس بطيخ.مص ...
- الشاعر الفلسطيني مصعب أبو توهة يفوز بجائزة -بوليتزر-
- الثقافة العربية بالترجمات الهندية.. مكتبة كتارا تفتح جسرا جد ...
- ترامب يأمر بفرض رسوم جمركية على الأفلام السينمائية المنتجة خ ...
- إسرائيل: الكنيست يناقش فرض ضريبة 80? على التبرعات الأجنبية ل ...


المزيد.....

- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي الجنابي - صَفَدُ الفَنَاءِ