أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عطا درغام - الفن القصصي بين جيلي طه حسين ونجيب محفوظ















المزيد.....


الفن القصصي بين جيلي طه حسين ونجيب محفوظ


عطا درغام

الحوار المتمدن-العدد: 7254 - 2022 / 5 / 20 - 14:21
المحور: الادب والفن
    


الفن القصصي بين جيلي طه حسين ونجيب محفوظ الدكتور يوسف نوفل
نشط النتاج القصصي نشاطًا كثيرًا، وغدا ثمرة ناضجة تُدين بالكثير لجهود السابقين ممن كتبوا كتابات تمهيدية في أواخر القرن التاسع عشر، وأوائل القرن العشرين من قصص تعليمي ، أو وعظي أو للتسلية. كما تدين بالكثير لجهود المتقدميين ممن قاموا بالتمصير والتعريب، والترجمة من الأدباء العرب في أنحاء الوطن العربي..
وقد استحق هذا الجيل الذي راد الرواية الفنية الحديثة أن يعتبره مؤرخو الأدب الجيل الأول، أو الجيل الرائد؛ لأنه يمثل التجربة الفنية الأولي لذلك الفن الحديث مهما قيل عن عدم اكتمال النضج الفني، وعدم اتضاح الملامح والسمات، ومهما قيل عن أبناء ذلك الجيل من عدم التفرغ لذلك الفن والإخلاص له، فعلي الرغم من انشغال كتاب ذلك الجيل بأنشطة تبعد عن فن الرواية، بل تجاوز المجال الأدبي كالنشاط السياسي وغيره- علي الرغم من ذلك فإنهم أسهموا إسهامًا كبيرًا في تشييد صرح ذلك الفن وإعلاء مهارته. وتنوع الجيل إلي طائفتين : طائفة الشيوخ، وهم كبار رجال الجيل، وطائفة الشباب وهم أولئك الذين أسهموا بشكل جاد وخلاق في حقل الفن القصصي عامة والرواية خاصة فتقدموا خطوات عمن سبقوهم، ونقصد بهم جماعة المدرسة الحديثة.
وقد قُدِّر لكثير من أبناء ذلك الجيل- بطائفتيه- أن يمتد بهم العمر قليلًا أو كثيرًا ، فتمت المعاصرة الفنية بينهم وبين الجيل الثاني الذي نشأ فنيًا زمن قيام الحرب العالمية الثانية، وما زال يقدم عطاءه الفني مع من امتد به العمر من السابقين.
وفي تلك المعاصرة يتجلي الثراء الفني، إذ نتج عن المعاصرة محاورات وتنافس للرواية والروائيين من ناحية، ونشر النفع الأدبي علي من يليها من أجيال روائية .
وفي هذا الصدد تأتي الدراسة العلمية التي قام بها الدكتور يوسف نوفل بعنوان( الفن القصصي بين جيلي طه حسين ونجيب محفوظ) وهي ترصد تيارات الفن القصصي في مصر .
ويُقسِّم الدراسة إلي بابين؛ وياتي الباب الأول بعنوان): أجيال فنية) ويحتوي علي أربعة فصول.
جاء الفصل الأول بعنوان( الجيل الفني)، ويتناول جيل الرواد الذي ثمثل في التهيئة والتمهيد للقصة، ويضيف إليهم ممن قاموا بالتوجيه الفكري والروحي والاجتماعي وغيره، ويمكن أن نُسمي الجيل الأول الجيل الرائد او جيل البعث، ذلك الجيل الذي اكتشف الأدب العربي علي يديه الفن القصصي. ويجمع الدارسون علي أن علامته البارزة علي الطريق هي رواية"زينب" للدكتور محمد حسين هيكل، ومن أعلام ذلك الجيل أيضًا: الدكتور طه حسين، ومحمد تيمور وعيسي عبيد وشحاته عبيد وتوفيق عبيد وتوفيق الحكيم وإبراهيم عبد القادر المازني ومحمد السباعي ومحمد تيمور وعباس محمود العقاد ومحمد فريد أبو حديد.
وكان أبناء الجيل الثاني أسعد حظًًا من سابقيهم بما قام به السابقون من ريادة وتمهيد، وبما طرأ علي الحياة الثقافية من جديد،إذ نشطت الصحافة وكثر عددها واتسعت صفحاتها لنشر الفن القصصي ونقده، كما كثرت السلاسل التي تُعني بالفن الروائي وزاد عدد قراء ذلك الجنس الأدبي بفضل الصحافة.التي أسهمت في النهضة الأدبية والثقافية في نشر وتطوير الفن القصصي.
ويتناول الفصل الثاني) الريادة بين هيكل وطاهر حقي)؛ فيبرز الكاتب قضية الريادة الفنية للرواية الفنية الحديثة ما يُقال بسبب سبق محمود طاهر حقي المولود عام 1884- أي قبل هيكل بأربع سنوات- برواية "عذراء دنشواي"(يوليو1906)؛أي قبل زينب بست سنوات، وهي قضية جديرة بالتأمل الموضوعي، فقد سبق حقي تاريخيًا وراجت روايته فور صدورها، ومهدت الطريق لما بعدها للتعبير عن الفلاح المصري وعن القضايا الوطنية.بل نجد تشابهًا كبيرًا بينها وبين زينب من ناحية، وبين شخصيتي كاتبيهما من ناحية أخري.
فالروايتان عن الريف المصري والفلاح المصري، وإن كانت الأولي واقعية والثانية فيها من الرومانسية الكثير، وتعالجان شئون المثقف الريفي ومجتمعه، وتستعينان بالعامية في الحوار، والكاتبان قد اشتغلا بالسياسة وانغمسا فيها مع فارق في المركز والمنصب.
وفي الفصل الثالث ( أليات الفن القصصي في الادب العربي) ،ويعرج فيها الكاتب سريعًا علي بدايات الفن القصصي في الوطن العربي. ففي القصة القصيرة اعتبر الكاتب ( في القطار) التي نشرها محمد تيمور في مجلة السفور 1917 رائدة القصة المصرية.
وفي لبنان، كان للمقامات أثرها في البدايات الأولي ، فناصف اليازجي يكتب (مجمع البحرين) سنة 1866، وأحمد فارس الشدياق يكتب (الساق علي الساق فيما هو الفارياق) سنة 1855، والبستاني ينشر سنة 1870 رواية ( الهيام في جمان الشام) ، وأقصوصة( العاقر) لميخائيل نعيمة سنة 1915.
ويرجع بعض الباحثين بدايات الرواية السورية إلي جهود باكرة لدي فرنسيس مراش في رواية ( دور الصدف)، كما يرجعون البدايات إلي نعمان بن عبده القسطالي الذي قدم في القصة ثلاث روايات نشرت في مجلة الجنان ( الفتاة الأمينة وأمها- مرشد وفتنة- أنيس وأنيسة).
وفي العراق يري الباحثون ـأن المدة من 1900 إلي 1920 شهدت بدايات الفن القصصي ، فقد كتب سليمان فايض الموصلي سنة 1919 رواية ( الرواية الإيقاظية)،
ويمكن القول إن الريادة الحقيقة لرواية ( جلال خالد) لمحمود أحمد السيد سنة 1928، ثم روايتيه ( في سبيل الزواج ) 1921 ، و( مصير الضعفاء) 1922 .
أما القصة القصيرة فيري الباحثون نموذجها فيما نشره مراد ميخائيل سنة 1922 بعنوان( شهيدة الوطن وشهيدة الحب ) في جريدة المفيد.
ولم تنفصل حركة الأدب في فلسطين عن حركته في البيئتين الرائدتين: بيئة مصر وبيئة لبنان، ويبرز الأديب محمد بن الشيخ أحمد التميمي في روايته ( أم حكيم)، وخليل بيدس الذي ألف مجموعة أقاصيص بعنوان( مسارح الأذهان)، والتف حوله جيل قصصي من أمثال : أنطوان بلان، وجبران مطر، والسيدة كلثوم عودة، وفارس مدور ، وإبراهيم حنا، واستحق أن يعتبره الباحثون رائد القصة القصيرة الفلسطينية والأردنية.
وفي المغرب العربي، تبرز البدايات الأولي من خلال المحاولات الساذجة أو إلي المقامات، أو إلي محاولات الترجمة والاقتباس فيرجعون بها إلي سنة 1905 ذاكرين( الرحلة المراكشية أو مرآة المسائل الوقتية) لمحمد عبد الله المؤقت، وتعتبر المحاولة الأولي الحقيقية في ( في الطفولة) لعبد المجيد بن جلون، ومحمد القري وروايتاه ( اليتيم المهمل) 1923 و( مليكة الفاس وقصتها الضحية) 1941 .
وقد تأخر الفن القصصي بالعربية في الجزائر نظرًا لانتشار ظاهرة الكتابة بالفرنسية في إطار السيطرة الاستعمارية ومحاربة اللغة العربية؛؛ففي الفترة من 1945 حتي 1972 لم تظهر سوي ثلاث روايات باللغة العربية.
استهلت القصة التونسية برواية صالح سوسي القيرواني ( الهيفاء وسراج الليل) سنة 1906 ، وروايات محمد العربي، ومحمود المسعدي بروايته( مولد النسيان) و( حديث أبي هريرة قال..) والشاعر مصطفي خريف برواية(دموع القمر) 1930 .
ويعتبر هؤلاء الأربعة عصب الحركة القصصية الرائدة، ومهدوا بذلك لمن تلاهم من أجيال.
وفي الكويت ارتبط ظهور الفن القصصي بالصحافة كما في مجلة ( البعثة) التي أصدرها الطلبة الكويتيون بالقاهرة؛ إذ نشرت قصصصا لهؤلاء الطلاب :( بين الماء والسماء) ل خالد خلف و ( مدرسة من المرقاب) لعبد الله خلف، وكذا مجلة ( كاظمة) في عددها الأول سنة 1948 قصة(من الواقع) لفهد الدويري.
وبدات القصة اليمنية حياتها سنة 1939 بقصة (أنا سعيد) لأحمد البراق ونشرها بمجلة) الحكمة.
أما في السودان فقد كان لمجلتي ( النهضة) لمحمد عباس أبو الريش 1931 والفجر لعرفات محمد عبد الله سنة 1943 ، كان لهما أثرهما في نهضة الأدب السوداني، ونهضة الفن القصصي ، ونلمسها عند عثمان محمد هاشم في رواية ( تاجوج) 1948 ومعاوية محمد نور ومحمد عشري الصديق.
وفي الفصل الرابع يتناول ( المدرسة الحديثة وأشهر أعلامها) التي نشأت في أعقاب ثورة 1919، وقد عاصر أتباع المدرسة أتباع مدرسة أحمد لطفي السيد ، ثم مدرسة العقاد وزميليه وأتباعهم فواكبت الدعوة إلي التجديد لديهم دعوات التجديد المتنوعة لدي هؤلاء وغيرهم.
وقد آمن أعضاء المدرسة الحديثة بالترجمة لما يتمتع به الفن القصصي الأوربي من تقدم فني، ثم قرروا بدء الإنتاج المحلي.
وكانت السمة العامة لإنتاجهم التخفف من السمات الرومانسية والميل إلي الواقعية مع ظهور آثار المنفلوطي في لإنتاجهم المبكر.
ومن أعلام المدرسة الحديثة، محمود طاهر لاشين ، فكانت القصة القصيرة أكبر أعماله وأسبقها، أما الرواية فلم يكتب فيها إلا ( حواء بلا آدم)، وقد أفاد كثيرا من طبيعة عمله مهندسًا في التنظيم يجوب الأحياء ويلتقي بالناس ويستلهم أفكاره ، ويفكر فيها بأناة وصبر.
وقد أسهم في جعل العمل الفني متكامل العناصر متحد الأعضاء لا مجرد لوحات فنية، وارتبطت أعماله الفنية بما رأي وأحس وعاش، مازجًا بين الدعابة والتأثر اللذين يبعدان به عن التشاؤم، حريصصا علي نظرة واقعية تمزج أحيانًا بالرومانسية وأسلوب سهل ظهر في بداياته تأثره بالمويلحي والمنفلوطي، وقد امتاز بقدرة علي الوصف تعتمد علي المشاهدة.
والعلم الثاني محمود تيمور، الذي غلب علي أعماله تناول مشاكل الإنسانية بطبقاتها المختلفة، ونماذجها المتعددة وأثر في ذلك لديه اطلاعه علي الأدب الروسي.
ويعتمد في معظم رواياته علي اتخاذ الراوي وسيلة لسرد العمل الفني( كليوباترا في خان الخليلي- نداء المجهول).
ويحرص في لغته علي القيم الجمالية، وقد عدل عن استخدام اللهجة العامي في الحوار، كما بدت في أعماله الباكرة، وتمسك بالفصحي وكان موفقًا في الحالتين .
والعلم الثالث يحيي حقي الذي اعتني في فنه القصصي بالتحليل النفسي وتناول المشاعر والخلجات، ويلتقط ذلك من التجارب البسيطة التي تستوقف نظره في الحياة فيخلع عليها من تأمله وفهمه وذوقه ما يمنحها أبعادًا وأعماقًا ذات دلالة اجتماعية وفنية.
وفي الباب الثاني: تيارات، ويكون من تسعة فصول.
جاء الفصل الأول بعنوان):تيار تسلسل الأجيال) ويمثله الدكتور طه حسين بروايته ( شجرة البؤس) أول عمل فني في هذا المجال 1941، وهي تصور – زمنيًا- أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين- وتعرض وسط بيئة تؤمن بالغيبيات- الصراع بين العقل والمنطق من ناحية التواكل والحسبة المستترة وراء الدين من ناحية أخري من خلال أسرة صعيدية فقيرة تعيش في جو مظلم من البؤس والشقاء والضعف.
ثم يأتي نجيب محفوظ بثلاثيته ( بين القصرين، قصر الشوق، السكرية)، ويبدأ الزمن الروائي في( بين القصرين) منذ سنة 1917إلي سنة1919، ونجد أنفسنا إزاء أسرة قاهرية هي أسرة عبد الجواد وتنتمي للطبقة الوسطي المحافظة وفي( قصر الشوق) من 1924إلي 1927 ، وفيها نسمع تطور أقدام تطور يطرأ علي المجتمع في الثلاثينات من هذا القرن حيث تسود السيطرة الرأسمالية كمنافس للسيطرة الاجتماعية، كما نري مظاهر التقاء الحضارة الغربية بالتقليد والعقائد. وفي ( السكرية) تبدأ الأحداث منذ سنة 1935 حتي سنة 1944، وفيها نري الصراع بين اليمين واليسار في ركب الحركة الوطنية والرغبة في النمو الاجتماعي، وفيها نري الأحداث الكبري من توقيع معاهدة 1936 مع إنجلترا، ثم الحرب العالمية الثانية ثم لإنذار 4 فبراير سنة 1942 .
وفي الفصل الثاني:( التيار الأسطوري) ونقف فيه مع (أحلام شهرزاد) للدكتور طه حسين ومشارك توفيق الحكيم في( القصر المسحور)، وفيهما إشارة إلي إجبار الطغاة علي التغيير علي لسان"فاتنة" و"شهرزاد" كما نري رمز"شهرزاد" للعلم والحرية، وضرورة كل منهما للمجتمع.
ويورد الكاتب رواية (كليوباترا في خان الخليلي)،ويبين أنه كتبها وقت انشغال العالم بالحرب العالمية الثانية وعقد المؤتمرات الدولية والمناداة بحقوق الإنسان وحرياته والدعوة للإسلام، وما إلي ذلك من اتجاهات مثالية رفيعة فلجأ إلي الصورة الفكاهية الساخرة، وقد توقع حين قدم روايته سنة 1945 ،أن تنجح المؤتمرات وتصبح روايته أكذوبة لكن المؤتمرات لم تنجح.
والفصل الثالث بعنوان): التيار الرمزي).ويُعد يحيي حقي أبرز من اقتحموا عالم الرمز ب(قنديل أم هاشم) ذ944 و( صح النوم) 1956 ، كما سلك الدكتور طه حسين مسلك الرمز في كثير من أعماله الروائية او ما يشبهها ارتباطه بظروفه السياسية التي مرت به من اضطهاد وغيره وخاصة فيما أعقب ظهور كتاب( الشعر الجاهلي)، وفيما بين سنة 1945 و 1949 .
وقدم محمود تيمور تناولا رمزيًا في( شمروخ)، وتكثر في هذا المجال التفسيرات التي قد تُخطيء وقد تصيب، ومن ذلك بأن صوت الكروان في( دعاء الكروان) لدي حسين صوت الماضي الغابر، وشهريار للطغيان في(أحلام شهرزاد).
ومن الرمز الجزئي صور كل من الملك فؤاد في (محام صغير) لفتحي رضوان ، والإقطاعي في( سلوي في مهب الريح) لمحمود تيمور والطفل في( الشحاذ) لنجيب محفوظ ودلالتها حسب اقتضاء الموقف.
كذلك مدلول اسم( الشارع الجديد ) لعبد الحميد جودة السحار والقرية النموذجية في(المستحيل) للدكتور مصطفي محمود.
وتفسير البرص في(أنا الشعب) لمحمد فريد أبي حديد حيث وصفه المؤلف بأنه يشبه شخصية مكروهة في الرواية.
وتكثر تفسيرات الرمز في أعمال نجيب محفوظ، فحميدة في ( زقاق المدق) 1947 ، وزهرة في( ميرامار) 1967 رمزان لمصر والفندق في ( ميرامار) رمز للخصوبة وتجددها في(ميرامار)، وكذا في رواية(الشحاذ) 1965 .
وفي الفصل الرابع:( التيار الذاتي): يتناول روايات ( سارة ) للعقاد تصوير الشك وأثره في نفسية الحب، وتصوير لعقلية البطل الحائرة ، ورغبته في التحليل والتعليل والتقويم من خلال صراع فني بينه- بصفاته السابقة- وبين حبيبته بصفاتها المتناقضة من ولع بالجسد والمتعة والحرية والجرأة.
وقد ارتبطت نظرة الشك في روايته بظروف عصره وما فيها من قلق ونظرة شك في المرأة وعلاقتها بالرجل، وكان العقاد وقت كتابتها قد جاوز الثلاثين ببضعة أعوام.
وروايات ( السراب)و( خان الخليلي) و( الطريق) لنجيب محفوظ. وفي( السراب)، يؤمن نجيب محفوظ بأثر البيئة في الأبطال ودورها في صنعهم وتكوينهم، ويستخدم أسلوب الاعتراف بالاعتماد علي ضمير المتكلم الذي جعله يبدو كمن يعترف أو يكتب سيرته الذاتية.
وفي(خان الخليلي) يقدم نجيب محفوظ النموذج النفسي الفريد الذي تسهم فيه إرادة البطل بقسط كبير في صنع مصيره، وقد يكون مرد فشله إلي قيود العقد والأزمات النفسية.
وفي ( الطريق) نجد أنفسنا أمام نموذج يكفر بكل شيء ، بالقيم، مُحب للمال، مولع بالجنس، والسكر والرقص، مؤمن بالوساطة، ولعله قد ورث ذلك عن أبيه.
وسيلحظ من يبحث أدب نجيب محفوظ كثرة نماذج الفاشلين، ولعل سر ذلك إلي محاولته تصوير الطبقة المتوسطة في محاولاتها في تغيير واقعها وهو أمر فرض عليها مواجهة كثير من الصعاب والعقبات.
وفي الفصل الثالث ( التيار الذاتي)، يواصل الكاتب تناول التيار الذاتي؛ فيؤكد أنه لا يكاد يخلو عمل قصصي من المشاركة الذاتية من كاتبه، متمثلة في تجربته الشخصية أو تقمصها حتي لتصبح جزءًا من التجربة الفنية لا يطغي علي غيره ولا يمس معالم الجانب الموضوعي فيحوله إلي قضايا خاصة أو هموم فردية لصاحبها.
وتتعدد صور المشاركة الذاتية ، فمنها ما يمكن تسميته التجربة الذاتية المعاشة فنيًا حيث يستمدها الكاتب من تجربة عاشها أو كان له مشاركة في جانب من جوانبها دون حرص منه علي الالتزام بوصفها الزماني والمكاني الذي كانت عليه في الواقع بما تفرضه أصول الفن القصصي.ويستشهد الكاتب برواية (إبراهيم الكاتب) لإبراهيم عبد القادر المازني، وصور فيها المواجههة بين المحافظة والتجديد وتبرز مثاليات الطبقة المتوسطة التي تحاول أن تثبت وجودها بقيمها وأخلاقها، واعتمد في ذلك التصوير علي وعي بطبيعة تلك الطبقة في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين من خلال علاقة البطل بالمرأة بما في ذلك من قلق وبحث صريح لواقع المرأة آنذاك.
وفي رواية ( إبراهيم الثاني)، التي تُعد الجزء الثاني من إبراهيم الكاتب؛إذ تتخذ الموضوع السابق منطلقًا لما تعالجه من قضايا بذاتها قضايا الجزء الأول أو الرواية الأولي. وتدور حول علاقة البطل بالمرأة وتحليل تلك العلاقة.
ثم يتناول في نفس التيار( محمد فريد أبو حديد) من خلال روايتيه ( أزهار الشوك) 1948 و( أنا الشعب)1951 .
والدكتور طه حسين في رواياته ( الأيام) و( أديب) و( رحلة الربيع والصيف) ويحيي حقي في ( خليها علي الله).
ويبرز في الفصل السادس( التيار التاريخي) ، الذي يتناول الرواية التي تتخذ مادتها من التاريخ، ويتناول المؤلف رواية محمد فريد أبي حديد( عنترة بن شداد)،و( عبث الأقدار لنجيب محفوظ .
ويُشير الكاتب إلي بعض الذين أسهموا في الرواية التاريخية أمثال: علي أحمد باكثير، وعادل كامل فانوس، والدكتورة عائشة عبد الرحمن، وجمال الشيال، والدكتورة سهير القلماوي، وعلي ادهم، وسنية قراعة، وعبد الحميد جودة السحار، وأمين سلامة وغيرهم
وفي الفصل الثامن( المذهب الأدبي بين الرومانسية والواقعية)، ويذهب الكاتب إلي أن اتجاهات المذاهب الأدبية ارتبطت بالتيارات السائدة منذ فترة الحربية : الأولي والثانية، حيث اجتمع إلي التأثر بالثقافة الاجنبية ، إحياء التراث وتاكيد للشخصية المصرية.
كان من مظاهر الرومانسية الاتجاه التاريخي لدي جرجي زيدان، ومحمد فريد أبي حديد، والدكتور محمد عوض محمد، والدكتور محمد عوض محمد، والدكتور طه حسين، وأمثالهم من كتاب الجيل الأول: علي أحمد باكثير، وعادل كامل، ونجيب محفوظ في منحاه التاريخي الذي شمل بواكير إنتاجه الروائي في"همس الجنون"، و" رادوبيس" و" كفاح طيبة".
وإلي جانب التيار التاريخي كان التيار المعني بالعواطف الذاتية من حزن وألم ، واهتمام بالوجدان، وتقديس الماضي، والضيق بالحاضر، وغير ذلك من مظاهر الرومانسية، وبرز مصطفي لطفي المنفلوطي فيما مصر من فن قصصي.
وعلي الرغم من نماذج الواقعية التحليلية فيما ترجم عن الأدبين : الروسي والإنجليزي وغيرهما، فقد امتزجت الرومانسية بالواقعية حينًا وانفردت دونها حينًا لدي الجيل الجامعي الذي يعتبر الثاني في تاريخ الفن القصصي من أمثال نجيب محفوظ ، وعادل كامل، وعبد الحميد حودة السحار، ومحمد عبد الحليم عبد الله، وثروت أباظة، ويوسف السباعي، وغيرهم.
وقد بدأ كثير من الروائيين رومانسيًا ثم تحول إلي الواقعية، نري ذلك لدي بعض أبناء الجيل الأول ك محمود تيمور الذي يبدأ رومانسيًا ثم يتأثر بالواقعية السائدة حوله وفي أدب أخيه محمد تيمور، كما نراه لدي أبناء الجيل الثاني ومنهم يوسف السباعي ، ومحمد عبد الحليم عبد الله، ونجيب محفوظ وغيرهم.
وبالنسبة للواقعية فقد امتزجت بالرومانسية حينًا،إذ سبقتها الرومانسية إلي الوجود علي أقلام كتابنا لدواعي العصر والمجتمع.
وبالرغم من الآثار الرومانسية الناجمة عن آثار الحرب الثانية؛ فإنه يمكن القول أن تعدد مشاكل الفرد في مواجهة وسائل القهر والظلم الاجتماعي وتقابل مصالح الطبقات، وظهور أبناء الطبقة المتوسطة في مجال الأدب والفن.
كل ذلك جعل الرواية توطد علاقتها بالطبقات الكادحة، وتنتشر ممتزجة بالرومانسية حينًا وسائدة عليها حينًا حتي غدا نمو الاتجاه الواقعي أمرًا ذا بال في ظل جهود أبناء المدرسة الحديثة واستجابة لروح العصر.
ويتناول توفيق الحكيم رائد الواقعية في رواياته): عودة الروح-حمار الحكيم) ، والواقعية النقدية عند يوسف من خلال :( قاع المدينة- الحرام- العيب) و نجيب محوظ من الطبيعية إلي الواقعية من خلال : ( الثلاثية- الشحاذ- ثرثرة فوق النيل- ميرامار- الكرنك- قلب الليل ).
وفي الفصل الثامن (اللغة) من خلال مناقشة عدة كقضايا: كلغة الحوار التي أثارت إشكالية لغة الحوار بين الاتجاهين الفصيح والعامي ، وما يسمي باللغة الثالثة الذي يمثله توفيق الحكيم وقد سماه تجربة ثالثة متفقًا مع مع محمود تيمور.
ويتناول في الجانب التطبيقي التعبير الأدبي عند طه حسين في كتابه( الأيام)،مبينًا أن المدخل الفني لقراءة هذه العمل يتكيء علي عناصر خمسة تتمثل في: التدرج النفسي للأسلوب، و دقة التصوير والوصف والتجسيد، والنقد والتهكم، والمعجم اللغوي.
ويختم الفصل بالتعبير الأدبي عند نجيب محفوظ من خلال دراسة مجموعته القصصية ( همس الجنون) 1938 ، وخصائص هذه المجموعة التي تمثلت في:( عدد كلمات الجملة، وكم الصفحات، وأسماء الأقاصيص، والتمديد أو الزيادة، والرواية بضمير الغائب.
ويختم الكاتب دراسته في الفصل التاسع من الباب الثاني ب( النماذج البشرية)، حيث حفلت الرواية بالنماذج البشرية، وكان البطل صورة لعصره، وشملت النماذج مختلف الطبقات في مواقفها من الأحداث والقضايا التي مرت بها مصر منذ الحرب العالمية الثانية ووقف البطل أحيانًا كنموذج يمثل مجموعة من الأفراد لا واحدًا منها فحسب.
وعبَّر الكاتب عن أمثلة النماذج البشرية في الرواية المصرية، واول ما عبر عنه نموذج البطل الإيجابي الذي يعمل علي تغيير واقعه ، مجتازًا ما يعترضه من عقبات كما في روايات ( أنا الشعب) لمحمد فريد أبي حديد ، و( طريق العودة)و( رد قلبي) ليوسف السباعي . و( صح النوم) ليحيي حقي ، و( الباب المفتوح) للدكتورة لطيفة الزيات، و( الفلاح) لعبد الرحمن الشرقاوي.
وفي الدراسة التطبيقية يتناول روايتي ( في بيتنا رجل) لإحسان عبد القدوس) و( الشوارع الخلفية) لعبد الرحمن الشرقاوي.
ونموذج البطل السلبي من خلال نموذجين ،أحدهما:البطل غير المبالي من خلال مثالين هما: ( المعلم نونو) صاحب شعار"ملعون أبو الدنيا" في رواية ( خان الخليلي) لنجيب محفوظ ، و( سناء) صاحبة شعار" ولا يهمك" في رواية( العيب) 1962للدكتور يوسف إدريس.
والثاني من النموذج السلبي : البطل المضاد، ونماذجه كثيرة ، مثل (مصطفي عجوة )في( انا الشعب) لمحمد فريد أبو حديد الذي يكيد لبطل الرواية، و(عيسي الدباغ) في (السمان والخريف)و( طلبة مرزوق- سرحان البحيري) في( ميرامار) لنجيب محفوظ.
ونموذج البطل الفاشل، الذي أسهمت إرادته بقسط كبير في صنع مصيره ؛ بمعني أن مقدماته أدت إلي نتائجه.
وكثرة فروع هذه الفصيلة تنتمي إلي أب واحد هو نجيب محفوظ، الذي وقف علي رأس طائفة من الكتاب يخلقون الأبطال الفاشلين،ففي معظم أعماله نري البطل الذي ضل طريق النجاح وخابت مساعي وصوله إلي ماتمني.
ويُنهي الكاتب الفصل بنموذج البطل المقهور، وهذا البطل مغلوب علي أمره، وضحية لشيء خارج ذاته، يرجع هذا الشيء للمجتمع من حوله، أو يرجع للقدر. ومعظم نماذجه من النساء، وربما كان ذلك راجعًا إلي الظروف التي عاصرت المرأة في مجتمعنا.
ويُشير الكاتب إلي بعض النماذج ومنها: ( عزيزة) بطلة ( الحرام)1959 للدكتور يوسف إدريس ، و( بسيمة) بطلة( الطريق الطويل 1958 لنجيب الكيلاني. و(نفيسة ) بطلة ( بداية ونهاية) 1949 لنجيب محفوظ، و( ليلي) بطلة ( لقيطة) 1947 لمحمد عبد الحليم عبد الله.



#عطا_درغام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المسرح الهندي : التراث والتواصل والتغير
- حكايات مصرية من القنال
- تراث الغناء العربي بين الموصلي وزرياب..وأم كلثوم وعبد الوهاب
- الفيلم السياسي في مصر
- الضمة البورسعيدية
- الشرطة في عيون السينما المصرية
- الفودفيل في تاريخ المسرح المصري
- الدراما التلفزيونية: تحضير التاريخ..تأريخ الحاضر
- الأراجوز مسرح خيال الظل التركي
- اتجاهات الرواية المصرية منذ الحرب العالمية الثانية إلي سنة 1 ...
- المايسترو باركييڤ تسلاكيان أحد رواد الموسيقي في لبنان
- روبين زارتاريان درة تاج الأدب الأرمني الحديث
- كريكور زوهراب شهيد الإبادة ورائد القصة القصيرة الأرمنية
- مع الأستاذة فيرا يعقوبيان رئيس الهيئة الوطنية الأرمنية في ال ...
- تانييل فاروجان: ذاكرة الشعر الأرمني الحديث
- مع الباحثة الأردنية الأرمنية الأستاذة مارال نرسيسيان
- حرب أكتوبر في الأدب العربي الحديث
- سيامنتو شهيد الإبادة الذي أسري الخوف في قلوب أعدائه
- ذكري مرور مائة عام علي وفاة الشاعر الأرمني ڤاهان ديريان ...
- الأرمن في عصر سلاطين المماليك ( 1250-1517 م)


المزيد.....




- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...
- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عطا درغام - الفن القصصي بين جيلي طه حسين ونجيب محفوظ