http://home.chello.no/~hnidalm
يحق للرياضيين وبالذات العرب منهم أن يتجاوزوا السياسيين في بلدانهم أو مناطقهم، وما قيام اللاعبين اليمني والسعودي بالانسحاب من منافسات كأس العالم للطاولة المقامة في باريس من 19 وإلى 24 من الشهر الجاري. وذلك على خلفية حظهما العاثر والقرعة التي أوقعتهما منذ البداية مع لاعبين إسرائيليين.إلا تعبيرا دقيقا وطبيعيا عن هذا الحق الفردي والقومي. إذا لا يمكن لهما أن يقابلا ممثلان لعدو شرس يقوم ليل نهار بذبح إخوانهم في فلسطين ويرفض الاعتراف بالحقوق الفلسطينية والانسحاب من الأراضي المحتلة. وهذا الانسحاب للرياضيين العربيين ورفضهما اللعب مع الإسرائيليين يعتبر أقل ما يمكن أن يفعله العربي لأخيه الفلسطيني المكتوي بنار الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين المحتلة. مع العلم أنه ليس التصرف الأول لرياضيين عرب في دورات دولية،فقد حصلت حوادث مشابهة في دورات عدة. ثم أنه يأتي ليتكيف مع الموقف الشعبي العربي الغاضب من سياسات إسرائيل الفاشية والدموية،و يأتي أيضا ليشجع الدول العربية على رفض إقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل مادامت الأخيرة لازالت تحتل الأراضي العربية وتقوم بقمع الفلسطينيين بشكل فاشي وسادي لا يرقى سوى لمصافي النازية والفاشية و الهمجية النيرونية الهولاكية.كما أنه يحث تلك الدول على رفض الإملاءات الأمريكية والخضوع لضغوط الدولة الأعظم في العالم. ومعروف أن العلاقات بين الدول العربية والكيان الإسرائيلي لازالت غير طبيعية، فبينما أقامت كل من مصر والأردن علاقات كاملة مع الكيان الإسرائيلي بسبب معاهدات السلام! تقيم أيضا موريتانيا علاقات دبلوماسية كاملة مع إسرائيل،وهذه العلاقة لا مبرر لها، وجاءت في زمن تقوم فيه إسرائيل باستباحة الدم الفلسطيني يوميا فيقتل ويجرح ويعتقل منهم العشرات يوميا على أيدي السفاحين من حكام وقادة تل أبيب. ولو كان هناك جامعة دول عربية تحترم نفسها وتقدر شعوبها وتلتزم بقوانينها وقراراتها لكانت طردت ممثلي الحكومة الموريتانية أو على الأقل فرضت عليهم التراجع عن تلك العلاقات التي لا مبرر لها على الإطلاق،لكانت الجامعة فعلت الشيء نفسه مع الذين يوقعون على اتفاقيات سلام مع إسرائيل تعطيهم معونة أمريكية اقتصادية ورضاً غربيا ويهوديا،لكنها لا تعطي الفلسطيني سوى المزيد من الويلات والدماء والتآمر على حقوقه. لكن وبما أن واقع حال الجامعة العربية يجعلها أقرب لأن تكون جامعة شكلية منها جامعة فعلية. فأنها تساهم في تضليل الشعوب العربية وتبني سياسات لا تخدم المصلحة العربية. و إلا ما معنى أن يترك باب إقامة العلاقات مع إسرائيل لكل دولة عضو في الجامعة تحدده حسبما تشاء وتراه مناسبا،هذه سخافة ووقاحة وقلة وفاء واحتيال على المبادئ. وهذه الفقرة بالذات جاءت لتبرر لمصر والأردن وقطر وموريتانيا وغيرهم العلاقات التي أقاموها مع إسرائيل على حساب الفلسطينيين وقضية العرب المركزية فلسطين وبحجة تلك القضية وأصحابها،مع أنهم أول المتضررين من تلك العلاقات. من هنا فأن قرار الرياضيان العربيان اليمني والسعودي يعتبر قرارا حكيما وسليما ويمثل الإرادة العربية الشعبية التي ترفض أي تطبيع للعلاقات مع إسرائيل مادامت الأخيرة تحتل الضفة الغربية وقطاع غزة ولا تعترف بحقوق الفلسطينيين وتمارس القهر والقمع والقتل بحقهم يوميا وبلا خوف أو تردد.
لم يمض وقت قصير على رفض اللاعبان العربيان اللعب مع الإسرائيليين ،حتى تعالت أصوات الصهاينة ومؤيديهم لتدين تلك التصرفات العربية التي برأيهم لا تخدم السلام. وكأنهم لا يروون الأشياء الحقيقية التي تضر بالسلام وتحرقه يوميا،وهي الممارسات التعسفية والإجرامية الإسرائيلية التي تمارس كل يوم وكل ساعة في فلسطين المحتلة. هذه الممارسات التي تجريها اليوم قوات جيش الدفاع الإسرائيلي الإرهابية في بيت حانون ومنطقة طولكرم والخليل وبيت لحم ورفح. هناك حيث تقوم تلك القوات عبر جرافاتها وبلدوزاراتها ودباباتها بتجريف الأراضي الزراعية الفلسطينية وتدمير البيوت والمباني والمساكن،كما أنها تقتلع الأشجار وتقتل الإنسان راعيها وساقيها. وهذه القوات التي تنضوي تحت رايات جيش الدفاع الإسرائيلي المؤلف من العصابات الصهيونية التي ارتكبت المذابح في فلسطين ولازالت ترتكبها،هي التي نسفت ودمرت خلال الانتفاضة الحالية 774 منزلا فلسطينيا منها 174 منزلا لمنفذي عمليات استشهادية ضد الاحتلال و 200 بحجة إطلاق نار منها باتجاه جيش الاحتلال و400 بحجة أنها بلا تراخيص.وهي نفسها التي قتلت آلاف الفلسطينيين خلال الانتفاضة الحالية منهم 58 شهيدا منذ بداية شهر أيار مايو الجاري.
إن الحقيقة الواضحة هي أن إسرائيل اعتمدت هذه السياسة وهي سياسة تحبذها القيادة الصهيونية لمعاقبة الفلسطينيين على أساس أنها عندما تهدم البيت تجعل الفلسطيني مشردا وبلا مأوى لأنه لا يجد لاحقا من يعيله ويبني له دارا جديدة. وهذه السياسة لازالت مستمرة منذ أن أقيمت إسرائيل على أراضي الفلسطينيين بالقوة سنة 1948، وهي امتداد للفكر الأصولي اليهودي الصهيوني الذي يستبيح الأرض والإنسان والنبات والحيوان في بلاد كنعان. وما فلسفة وزير خارجية إسرائيل الذي كان في ضيافة وزير خارجية قطر العظمى قبل أيام،والتي تنص على منع استخدام مصطلح حق العودة،سوى إضافة جديدة للسياسات الإسرائيلية التي تعنى بالسلام ولا تقبل به ولا تراعي مشاعر حتى حلفاء إسرائيل نفسها. وهذا الوزير اليهودي المتطرف يعتقد أنه بهذا الأجراء سيشطب حق العودة للاجئين الفلسطينيين من الذاكرة،ويفضل سيلفان شالوم استخدام مصطلح الرغبة بالعودة،وهذا بحد ذاته وهم وسخف. فحق العودة قائم وقانوني وشرعي والذين ينطبق عليهم موجودون في الداخل والخارج ولازالوا متمسكين بحق العودة ورافضين لكل الحلول أو الإجراءات التصفوية التي تحاول سلبهم هذا الحق القانوني والشرعي والطبيعي والفردي والجماعي بالعودة إلى بيوتهم وممتلكاتهم وديارهم التي سلبتها العصابات الصهيونية في حرب اغتصاب فلسطين والنكبة الفلسطينية الكبرى سنة 1948. إن حق العودة المسنود بقرارات دولية وحقائق واقعية ومأساة فلسطينية و مذابح وويلات قامت بها العصابات الصهيونية سوف لن ينتهي ويختفي باستبداله بمصطلح آخر يناسب الذاكرة اليهودية التي لا مكان فيها سوى للمحرقة. فالذي فعله النازيون باليهود فعله الناجون اليهود وعصاباتهم الإجرامية بالفلسطينيين في عملية اغتصاب واحتلال أرض فلسطين. وهم لازالوا يمارسون نفس السياسة العدوانية البشعة،سياسة التطهير العرقي والاستئصال والأجتثات والاستيطان ومصادرة الأراضي وتهويدها. لكن هذا كله سوف يتحطم على صخرة الصمود الفلسطيني المدعوم والمسنود بالحقوق الشرعية العادلة وبالقانون الدولي الذي سوف يطبق في نهاية المطاف على الإسرائيليين وقيادتهم وكيانهم،وبالدعم والإسناد العربيين. وما موقف الرياضيين العرب إلا شمعة نور مضيئة في الليل العربي القاتم.