أنيس يحيى
الحوار المتمدن-العدد: 1672 - 2006 / 9 / 13 - 06:41
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لا حاجة أن يذكرني أحدٌ أن اسرائيل قامت على آلام الفلسطينيين وحقوقهم . ولا حاجة أن يطلب مني أحدٌ مشاهدة التلفزيون في المساء لمشاهدة الطائرات الاسرائيلية وهي تقذف حمم الموت على كلٍّ من فلسطين ولبنان . فذاكرتي ما زالت جيدة ، وتعدد الشاشات يرهقني . لكن الكهوف لا شرفاتٍ لها ، ولا حاجة لدروب السماء للمصابيح ، فزائر الكهف يهتدي كما اهتدى شاعرٌ إلى ناره .
لا شك أن ثقافتنا تمتعض عند سماع هذه الكلمة " ديمقراطية " ، ليس لأن هذه الكلمة دخيلة على السماع فقط ، بل هناك أسباب أخرى ؛ فهي تُذكّر بالاستعمار والسيطرة ، فللديمقراطية دباباتها ومدافعها . لكن السبب الحقيقي هو ما سمعته بالأمس من على إحدى الشاشات حيث كان أحد المدافعين عن تنظيم القاعدة يحاول إبعاد صفة الارهاب عن تفجير البرجين في نيويورك ، فقال : أن الديمقراطية مخالفة للاسلام في الصميم ، إذ أنها تجعل الحاكمية للبشر في حين يجعلها الاسلام لله .
قد لا يكون للأسطر السابقة علاقة بالعنوان ، لكني أحببت أن أحشرها لئلا ذاب جليد القطبين فجأة .
أما عن حاجة اسرائيل الملحة للديمقرطية في الوطن العربي ، فهي ليست لأن اسرائيل تريد الخير لهذا العالم ، بقدر ما هي رغبة بانكشاف الطريق . كيف لاسرائيل أن تحدد سياستها مع أيّ من الدول العربية ، وهي تدرك أن الأنظمة التي يمكن التعاطي معها لا تمثّل الشعوب التي تحكمها ؟ فلو تنادت جميع الأنظمة العربية للسلام مع اسرائيل ، هل سيتحقق السلام ؟ وقّعتْ اسرائيل أتفاقية سلام مع مصر ، ومصر هي أكبر الدول العربية ، وأكثر قدرة على التأثير في مجالات عديدة . هل تحقق السلام فعلياً بين مصر واسرائيل في الوقت الذي لا يجرؤ سفير اسرائيل في مصر أن يفتح نافذة مكتبه في السفارة ليطلّ على النيل ، أو على مقهى يدخّن فيه حراس الله " الشيشة " ؟ كذلك الحال هو في الأردن ، حيث أن السفير الاسرائيلي في عمان يتسلّى طيلة النهار في حلّ الكلمات المتقاطعة لأن سيكريتارته بشعة ، أو على وجهها تجاعيد عجزتْ عن إخفائها . أذكر أني قرأت منذ فترة طويلة أن أحد المسؤولين الاسرائيلين تهكّم على إتفاقية السلام بين اسرائيل ومصر ، عندما قال : لقد أعدنا سيناء إلى مصر مقابل ورقة عليها توقيع أنور السادات .
بالنهاية ، اسرائيل تدرك إن الحديث عن السلام مع العرب لا يتعدّى قصور الحكام ، أما الشعوب بغالبيتها لها كلام آخر ، خاصة بعد أن أصبح عند نهاية كلّ زقاق ، أو في بداية كل شارع داعيةٌ يرشد التائهين إلى أقصر الطرق إلى السماء .
#أنيس_يحيى (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟