أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أنيس يحيى - لبنان الوطن .. هل مازال مشروعاً قيد التجربة ؟؟















المزيد.....

لبنان الوطن .. هل مازال مشروعاً قيد التجربة ؟؟


أنيس يحيى

الحوار المتمدن-العدد: 1395 - 2005 / 12 / 10 - 12:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ثمة من يعتبر طرح هذا السؤال تشكيكاً واضحاً في نهائية لبنان كوطن راسخ الأركان أسوة بغالبية أوطان العالم غير المشكوك في نهائيتها . لِـمَ لا ؟ فالتشكيك مبرر طالما عجز اللبنانيون عن إخفاء استخفافهم بالمكونات الأساسية التي تقوم عليها الأوطان .
مناسبة الاستقلال هي طليعة المناسبات الوطنية التي يتدافع المسؤولون كافة والمواطنون كذلك لاحيائها .. أما في لبنان ، فالأمر يحتاج إلى أيام وأسايع كيما يتم التوافق بين كبار المسؤولين للمشاركة فيها . وتصبح في النهاية " مسألة بروتوكولية " .
لقد تشكّل لبنان في حدوده الحاضرة عام 1920 بمبادرة فرنسا التي كانت قد حازت على حق انتداب لبنان بعد الحرب العالمية الأولى . ليس بخافٍ حينذاك أن بعض اللبنانيين عبّروا عن رفضهم قيام هذه الدولة الجديدة ، وآثروا الاندماج مع الكيان الذي إقامته فرنسا بدورها في سوريا ، وهو كيان مستحدث بدوره .
ليس قصد هذه المقالة استعراض التاريخ الذي تناساه البعض أو جهله . بل القصد عرض واقع اللبنانيين اليوم ، ومدى اتساع الحالة الوطنية بين كافة مكوناتهم الطائفية والمذهبية .
يعجز أي لبناني ، أو المتتبع لاحوال اللبنانيين اليوم أن يشاهد حالة اسمها " اللبنانية " .ويسهل عليه جداً رؤية السني والماروني والدرزي والشيعي وغيرهم من أطياف العصبيات الدينية بالرغم من انحسار موجة التدين . وقد عبّرت هذه العصبيات عن ذاتها بشكل استفزازي ينذر عند أي مفترق بالانزلاق نحو مهاوي الصراعات التي لا تتوانى عن اتخاذ شتى الأشكال .
لقد نجحت هذه العصبيات في انتاج مادة عجبية ( طالما نحن في القرن 21 ) ، إستطاعت بواسطتها أن تتلاصق بشكل مدهش حيث أصبح أي فراغ فيما بينها يشكّل تهمة مؤذية لأصحابها ، وبالتالي يسهل نبذهم والتنديد بهم واتهامهم بما يقارب الخيانة . طالما أصبح الاصطفاف ميزة وحيدة عند هذه العصبيات ، كان لا بدّ من وجود واحد فقط في الصف الأمامي ، يُعطي الاشارة من يده للجموع المتراصفة وراءه . ومَن فشل من هذه العصبيات في تقديم واحد أوحد وأفرز أثنين للقيادة ، وقع في الخيبة والخوف من عدم القدرة على مجاراة العصبيات الأخرى .
للسنة في لبنان زعيم واحد هو سعد الدين الحريري ، نجل الرئيس الشهيد رفيق الحريري . قلة قليلة من السنة تعرف زعيمها . يكفي أنه ابن رفيق الحريري ، فلو كان بهاء الدين ، أو أي شقيق آخر مكان سعد الدين لما اختلف الأمر . فالجماعة تحتاج إلى زعيم يتخذ القرارات في مواجهة العصبيات الأخرى .
للدروز في لبنان زعيمهم الذي لا يبارى ، وليد جنبلاط الذي ينتمي إلى أسرة توارثت الزعامة على الدروز منذ قرون . لكن هذه الزعامة لم تتفرّد بقيادة الدروز سوى مرات نادرة وهي عند اندلاع الحروب مع عصبيات أخرى . ذلك يؤكد أن الاصطفافات العصبية الحادة كانت تقوم قبيل أو أثناء أو بعيد الصراعات الدموية مباشرة .
الموارنة في لبنان طائفة من المسيحيين تآلفت مع القلق والخوف على المصير منذ نشأتها الأولى ، واعتادت بالتالي على الانقياد لمرجعية تطمئن إلى حكمتها ورجاحتها . إن اللافت عند هذه الجماعة هو سهولة انقيادها للكنيسة ولرجال الدين فيها . ومَن يخرج منهم عن هذه المرجعية يسهل نبذه واسقاطه . يقف الموارنة اليوم خلف زعامتين سياسيتين ، هما سمير جعجع وميشال عون . إلا أن كلتا الزعامتين تسعيان باستماتة لاستظلال عباءة بطريرك الموارنة ، التي من غيرها تبقى الزعامة منقوصة .
أما الشيعة في لبنان ، وهم الطائفة الأكثر حضوراً على الساحة اللبنانية في الوقت الراهن ، قادرون ، ودون الشعور بأي حرج على إظهار ما حققوه من مكانة وتقدّم بعد اجتماع كلمتهم التي لا يُخوّل النطق بها سوى مرجعية امتازت بقدرتها على الاندفاع نحو أهدافها عبر قوتين ؛ حزب الله ، وحركة أمل ، اللذين لا يضم أحدهما عنصراً واحداً من غير الشبعة .
إن شيعة لبنان يظهون حرصاً على التلاقي مع باقي العصبيات اللبنانية ، إلا أنه حرص لا يخفي تمسّكهم بالمكانة التي حققوها في السنوات الماضية ، ولو اضطرهم الأمر للوقوف في مواجهة باقي العصبيات اللبنانية مجتمعة .
لا شك أن هناك عصبيات أخرى في لبنان ، وجميعها تسعى إلى بناء شبكة علاقاتها خارج فكرة الدولة الجامعة . فشعار الدولة مُرحّب به عند تلاقيه مع مصلحة هذه العصبيات ، والجميع مهيأون لاغتصاب خيرات الدولة التي استطاعوا جعلها متأرجحة فوق الحبال التي نصبوها ، حتى كاد الجمبع في لبنان يقتنع بأن لكل من هذه العصبيات حضارة متميزة عن حضارات الآخرين ، وعليهم بالتالي تقليل فرص الاندماج لئلا تُدنس هذه الحضارة وتتبدّل بالتالي أنماط العيش . وكأن ما يفصل قرية عن أخرى ، أو حيّاً عن آخر ، أو شقة سكنية في بناية عن الشقق الأخرى محيطات لا يمكن اجتيازها .
إن هذه الحالة تستمر وتتعاظم بفعل إذكاء نار التفرقة والتشتت . فالعصبية تحتاج على الدوام إلى خصم يهدد نقاءها ويعيق نماءها . وفي لبنان عدد يفيض عن الحاجة من أولئك " الأخصام " ؛ فالطوائف والمذاهب في لبنان قاربت العشرين في تعدادها ، مما يكثر فرص اتخاذ خصم أو أكثر بحيث تبقى الجماعة مستفزّة دائماً ، وعلى استعداد متواصل لاغلاق أية نافذة لآخرين بقصد التواصل من خلالها . جميع ذلك يتم عبر ممارسات الزعيم أو القائد ، حتى باتت كلّ من هذه العصبيات شديدة الانقياد لارادته ونهجه ، وبات ضعف أيّ من هؤلاء الزعماء نذيراً بضعف وتراجع الطائفة أو المذهب الذي يتولّى قيادته .
لقد نجح الكثيرون من هؤلاء الزعماء أثناء فترة الحرب في تشكيل كياناتهم السياسية ذات النقاء الديني ، ونجحوا في حشد الأتباع للدفاع باستماتة عن هذه الكيانات .
هل صحيح أن اللبنانيين تجاوزوا مرحلة الحرب رغم مرور أكثر من خمس عشرة سنة عن توقف المدافع ؟
قد نجد العديد من السياسيين اللبنانيين يؤكدون انتهاء الحرب ، ويؤكدون أيضاً على تصميم اللبنانيين على التخلّص من تداعياتها ، رغم أن بعض هؤلاء يؤكدون كذلك أن إرادة خارجة عن إرادة اللبنانيين حالت دون ترسيم هذه الكيانات بأشكالها النهائية . إلا أن المراقب لممارسات السلطة اليوم يستشف بسهولة هشاشة عملية اندماج اللبنانيين فيما بينهم ، أو ما يحلو للبعض بتسميته " الانصهار الوطني " .
ما حصل في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة يؤكد ذلك . فعندما قال بعض ممثلي هذه الطوائف والمذهب بضرورة ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا نظراً لتشابكها ، قام آخرون وعارضوا عملية الترسيم . والمعارضة في لبنان تختلف عن المعارضة في أي بلد آخر من العالم لانها تعتبر انتقاصاً من حقوق طائفة أو مذهب ما ، ويستتبع ذلك اهتزازاً في الديمقراطية التي انفرد اللبنانيون في ابتكارها ، وهي " الديمقراطية التوافقية " التي تفرض سلطة متعددة الرؤوس ، رؤوس بعدد الطوائف والمذاهب ، وهي تسعة عشر . فاذا عارض رأس من هؤلاء على قرار ، وقع الجميع في المراوحة والشلل ، كيما تتحول هذه المعارضة إلى انشقاق ومناكفة تهدد بما هو أبعد من ذلك .
لقد جعلتْ هذه الألية المتبعة كلاً من زعماء الطوائف التسع عشرة لا يكتفي بالمعارضة ، بل سمحت له أن يلبط الأرض بكل عزمه ليتأكد الآخرون بأنه جاد في معارضته ومستعد للمضي بها مهما غلت الأثمان .
خمسة وثمانون عاماً مضت عل قيامة الوطن ، لبنان . وما زالت غالبية اللبنانيين لا تطمئن إلى غالبية اللبنانيين .كم من العقود أو القرون نحتاج بعد الآن حتى يصبح السؤال " لبنان الوطن .. هل ما زال مشروعاً قيد التجربة " من الماضي ؟



#أنيس_يحيى (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنا لا يُوحى إلي
- أيها الأمريكيون .. لماذا تركبون سيارات الهامر Hammerعند إثار ...
- أيها الأمريكيون .. - تحريركم - لنا أصبح يخيفنا ..فالتدمير تا ...
- نشأة اسرائيل تعبير عن معاناة الشعبين ؛ الفلسطيني واليهودي
- المسيحيون وضيق الأمكنة في أرض العرب
- العراق .. إذا غادره الجيش الأمريكي غداً !!
- لا تستكمل فصول الحكاية .. عُد إلى بدايتها
- كراهيتنا لأمريكا .. هل هي بمجملها مبررة ؟؟
- حيث دفنا ملِكاً
- أمريكا والشارع العربي .... - - كلام على مقربةٍ من مقالة الدك ...
- تعليقٌ على مقالة الشاعر سعدي يوسف - المنتفجي .. رئيساً


المزيد.....




- إنه أسلوب تنقل شائع في أوروبا وآسيا.. لكن هل يحظى السفر بالق ...
- فوق الإعصار -إيرين-.. صائدو أعاصير يصورون مشاهد مهيبة
- جدل متصاعد حول التمييز.. دعوات في فرنسا لمقاطعة المنتجعات ال ...
- الجيش الإسرائيلي يؤكد مهاجمة -بنى تحتية للطاقة- في اليمن
- -نايت أولوايز كامز-: كيف تحصل على 25 ألف دولار قبل بزوغ الشم ...
- قادة فرنسا وألمانيا وبريطانيا ينظمون مؤتمرا لمناقشة خطة ترام ...
- ترامب يسلم بوتين رسالة من زوجته ميلانيا خلال قمة ألاسكا
- 3 ولايات يقودها جمهوريون تستعد لنشر قوات حرس وطني بالعاصمة و ...
- تقدم للجيش الأوكراني على جبهة سومي
- هل يعود الجيش الأميركي لاحتلال بنما؟ إجابات من داخل قواعده ا ...


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أنيس يحيى - لبنان الوطن .. هل مازال مشروعاً قيد التجربة ؟؟