|
لا تستكمل فصول الحكاية .. عُد إلى بدايتها
أنيس يحيى
الحوار المتمدن-العدد: 1358 - 2005 / 10 / 25 - 10:09
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
والبداية.. حالة عربية متأزّمة إلى أقصى الحدود .. موروثٌ من التأزم نخجل من الاشارة إلى أصحابه الأوائل الذين دُفنوا منذ قرون ، لكنهم ما زالوا يمشون بيننا للتأكّد من محافظتنا على ذلك الارث . فإن قال قائلٌ منا أن الأرض تدور ، رُجم حتى الموت ، ليس بسبب مخالفته قاعدة معرفية مروثة ، بل لأن الدوران أيضاُ يعني الحركة والانتقال من حالٍ إلى حال . والحركة ألدّ أعداء ثقافتنا الموروثة . نظرة سريعة على العرب في أقطارهم تؤكّد أننا ننتمي إلى أرومة واحدة . فالأزمة لها لون واحد وطعم واحد ورائحة واحدة ؛ التصدّي لكل ما يخالف الموروث . نعم نحن بحاجة إلى المجتمع الدولي للأخذ بيدنا إلى العصر الذي نعيش فيه . المسألة ليست في هذه البساطة ، يقول بعضنا ، خاصة بعد أن أظهرت الولايات المتحدة الأمريكية هيمنةً على العالم . صحيح ، لكن الفرصة تبقى متاحةً لانقشاع الأفق ، ومشاركة شعوب الأرض في طموحاتهم من أجل عالم يسعى إلى انسانٍ أفضل . لا يتّسع المجال لاستعراض حالة كلّ من الأقطار العربية على حدة ؛ فالهمّ واحد ، والمعاناة تتنقل من شرق العرب إلى غربهم ، دون أن نُغفل رمي التهم على الآخرين . فالكثيرون من " مثقفينا " يتجاسرون أحياناً ، ويجاهرون بأن أنظمتنا القمعية هي من صنيعة الآخرين أيضاً ، دون الاتعاظ من سطوة الموروث الذي أحال حاضرنا إلى ماضٍ ليس فيه سوى ناقة اسمها البسوس . لبنان مثلاً .. لقد اغتيل رئيس وزراء لبنان رفيق الحريري في عملية استُخدمت فيها أحدث أدوات الاجرام نظراُ لما كان يُحيط نفسه به من احتياطات شديدة . وقد كان سبقه الكثيرون من الشخصيات اللبنانية الذين اغتلوا بأساليب متنوعة ، حتى أصبح الاغتيال السياسي في لبنان سمةُ ملازمة للحياة العامة ، تؤكّد وجودها بين فترات متقاربة . جميع هذه الاغتيالات كانت تُطوى على عجل ، وبات التحدّث بها محفوفاً بالمخاطر ، وأصبح على جميع اللبنانيين تصديق مقولة حكوماتهم المتعاقبة بأن اسرائيل تقف وراء هذه العمليات الاجرامية ، هذا دون أن تكشف هذه الحكومات مجرماً واحداً شارك في عملية من هذه العمليات . ما كان ليحدث لو أن المجتمع الدولي ما زال في حالة استرخاء أمام ما يدور في شرقنا العربي ؟ لا شيء سوى إضافة اسم الرئيس رفيق الحريري إلى قائمة الاغتالات التي اقترفتها " اسرائيل " . واستمر الوضع في لبنان ممسوكاً بقوة من الأجهزة المخابراتية السورية ، مع الانتشار الكبير للجيش السوري المهيمن على كل مجالات الحياة العامة في بلد كان سبّاقاً بين الدول العربية في ممارسات الحريات . نحن اللبنانيين بأمس الحاجة إلى دعم المجتمع الدولي لانقاذنا من " محبة " الأشقاء ، وتلازم المسارات التي لم تكن في الواقع إلا مساراً واحداً مفروضاً على لبنان بارهاب وتخلّف . لم تكن حاجة اللبنانيين إلى مساعدة المجتمع الدولي بأكثر من حاجة العراقيين في ظل حكم صدام حسين . ثلاثة عقود أو أكثر والشعب العراقي يعاني من نظام لا مثيل له في أساليب التعذيب والقمع والنفي ، دون أدنى بارقة أمل بانقضائه ؛ يبقى صدام حسين في السلطة حتى يهرم ويموت ليحل مكانه أحد أبنائه الذين بدأت تظهر بوادر تفوّقهم بالقهر والتنكيل بأبناء شعبهم انتشائهم . مَن يستطيع التكهّن بأن نظام صدام وأبائه وأحفاده لن يدوم في العراق إلى يوم " القيامة " ؟ قد لا تقتصر بشاعة هذا النظام على العراقيين وحدهم ، وقد كانت الكويت أولى ضحاياهم . ولم تكن لتكون الأخيرة لولا تدخل المجتمع الدولي حينها لوقف تمدد " الحضارة " إلى خارج العراق . لقد امتلأت بلدان أوروبا وأميركا بالمهاجرين العراقيين الذين نجوا من براثن صدام باعجوبة ، وقد تعرض الكثيرون منهم لأشكال من العنف قبل أن تطأ أقداهم بلداً لا تطاله يد صدام وأجهزته . مَن كان قادراً منا ( العرب ) إنقاذ العراقيين من نظامهم المتوحش ؟ كيف لنا ذلك ونحن بغالبيتنا نعيش في ظل أنظمة لا تختلف كثيراً عن نظام صدام ؟ حتى باتت الهجرة من الأقطار العربية مطلباً جماعياً . صحيح أن المجتمع الدولي ودوله الفاعلة ليست جمعية خيرية تقدم المساعدات المجانية على شعوب الأرض ، فللدول مصالح وأهداف تسعى إليها وتعمل من أجل تحقيقها . لكن ما هو صحيح أيضاً أن مصالح هذه الدول تصادمت في الوقت الراهن مع هذه الأنظمة العربية المتوحشة . فأصبح لزاماً على هذه الشعوب ( العربية ) إحتضان هذه الفرصة المؤاتية التي لا تتكرر دائماً ، للتخلّص من أسباب تخلّفهم وفقرهم وعذاباتهم ، وإلا سنبقى نحشر في قوارب صغيرة ليسير بنا المجذفون ليلاً إلى مرفأ أوروبي ندخله خلسة ونمزّق جوازات السفر التي دوّنت فوقها أسماؤنا باللغة العربية .
#أنيس_يحيى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كراهيتنا لأمريكا .. هل هي بمجملها مبررة ؟؟
-
حيث دفنا ملِكاً
-
أمريكا والشارع العربي .... - - كلام على مقربةٍ من مقالة الدك
...
-
تعليقٌ على مقالة الشاعر سعدي يوسف - المنتفجي .. رئيساً
المزيد.....
-
مطاردة بسرعات عالية ورضيع بالسيارة.. شاهد مصير المشتبه به وك
...
-
السفير الروسي لدى واشنطن: الولايات المتحدة اختارت الحرب ووضع
...
-
الشرطة الأسترالية تعتقل 7 مراهقين متطرفين على صلة بطعن أسقف
...
-
انتقادات لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بسبب تصريحات -مع
...
-
انهيار سقف مدرسة جزائرية يخلف 6 ضحايا وتساؤلات حول الأسباب
-
محملا بـ 60 كغ من الشاورما.. الرئيس الألماني يزور تركيا
-
هل أججت نعمت شفيق رئيسة جامعة كولومبيا مظاهرات الجامعات في أ
...
-
مصدر في حماس: السنوار ليس معزولًا في الأنفاق ويمارس عمله كقا
...
-
الكشف عن تطوير سلاح جديد.. تعاون ألماني بريطاني في مجالي الأ
...
-
ماذا وراء الاحتجاجات الطلابية ضد حرب غزة في جامعات أمريكية؟
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|