أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - عـبـد الـحـلــيــم حــافــظ .. حــكــأيــة مــصــريــــة














المزيد.....

عـبـد الـحـلــيــم حــافــظ .. حــكــأيــة مــصــريــــة


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 7226 - 2022 / 4 / 22 - 19:39
المحور: الادب والفن
    


قد تكون أديبا عظيما مثل عبد القادر المازني أو فنانا لا يشق له غبار مثل الموسيقار القصبجي، لكن الفن وحده لا يؤهل المبدع لأن يكون علامة قومية، فلا بد من تضافر عوامل كثيرة شخصية وسياسية وفنية وتاريخية ليصبح الفنان رمزا قوميا إذا نطقت باسمه فكأنك قلت مصر، وإذا قلت مصر استدعيت اسمه، مثلما هي الحال مع سيد درويش. محمد عبد الوهاب. طه حسين . أم كلثوم. نجيب محفوظ. والعندليب عبد الحليم حافظ الذي حلت ذكرى رحيله الخامسة والأربعين في 30 مارس الحالي. وقد رأيت العندليب أول مرة عام 1965، حين أجرت أختى عملية جراحية وهي في الخامسة عشرة، ورحتنا نزورها في المستشفى، وسألها والدي إن كانت بحاجة إلى أي شيء؟ فتنهدت وقالت: " نفسي أشوف عبد الحليم"! وضحكنا جميعا من طلبها، وقد كان العندليب أيامها في عز مجده معشوق البنات، لكن أبي لم يضحك بل استأذن منا بهدوء وما لبث بعد نصف ساعة أن رجع ومعه عبد الحليم! وسرعان ما امتلأت الحجرة الصغيرة بكل ممرضات المستشفى وأطبائها ومرضى الحجرات المجاورة. شاهدته بعد ذلك مرات عديدة في منزل والدي، كانا يجلسان في حجرة المكتب مغلقة عليهما نصف ساعة أو أكثر ثم يخرج عبد الحليم يحيي الجميع بعينيه المتدفقتين بالمودة وزهو الفنان الرقيق بحضوره. وذات مرة ساقني الفضول لأن أسأل والدي: " عما تتحدثان؟"، فتنهد بحزن وقال : " يحب سعاد حسني ويقول إنه لا يستطيع الارتباط بها لأنه مريض". كان ذلك عام 1971 ، وبالفعل توفي العندليب بعد ذلك بست سنوات، وبقي في القلب، وفي الأحلام بالحب، وفي فن لا يتكرر، وتحول إلى رمز قومي لا يغيب. وقد تضافرت عوامل كثيرة شخصية وسياسية وفنية لتجعل العندليب ذلك الرمز، في مقدمتها أنه جاء من قرى الفلاحين ضعيف البنية، يتيما بلا سند، وحتى صوته كان ضعيفا بمعايير جمال الصوت حينذاك، ولذلك فتح الناس له قلوبهم على أنه من المظاليم مثلهم، ومن بينهم، وأحاطوه بتعاطف شعبي واسع، بل وحتى وفاته كانت بسبب البلهارسيا مرض الفلاحين الفقراء. من ناحية أخرى كان العندليب مطرب الثورة الذي لم يبرز أو يلمع قبل ذلك في العهد الملكي، ثم أنه في سنوات الثورة كان الصوت المعبر عن الآمال الكبرى في البناء والعدالة الاجتماعية، وفي التصدي للاستعمار بأغنيات مثل" انذار"، و" ابنك يقول لك يا بطل هات لي انتصار" وغيرها. على المستوى الفني كان عبد الحليم تجسيدا لثورة فنية موسيقية، فقد أبطل الإطالة والتطريب والتلييل والتكرار وتفكيك البناء الفني للأغنية، وانتقل بالأغنية على يد كمال الطويل والموجي وحسين جنيد إلى قالبها المحكم القصير الذي يشبه الومضة. واستطاع العندليب أن يهدم القاعدة القائلة بأن جمال الصوت في قوته، لصالح أن جمال الصوت في حساسيته. لكل تلك العوامل الشخصية والسياسية والفنية أصبح العندليب رمزا قوميا يسكن النفوس ولا يغادرها، علاوة على الطبيعة النادرة لصوته، فهو المطرب الوحيد الذي بلغ صفاء صوته أنك تسمعه فلا تكاد تسمعه، لأنك حين تنصت إليه تجد أنك منصت لروحك أنت، وأحلامك، كأنما كان كل دور العندليب أن يطلق الغناء المحبوس في نفوسنا. يصونك في القلوب الفن والصوت النادر الجمال وتبقى حكاية مصرية.
د. أحمد الخميسي. قاص وكاتب صحفي مصري

***



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكاهن أرسانيوس .. مساء الخميس 7 أبريل
- الـعـنـصـريــة بــيــن الــمــعــرفــة والـــتــكـــويــ،ن
- روسيا أوكرانيا .. حرب صغيرة أم كبيرة ؟
- المفكر التنويري
- ريـــان والــمــغــرب .. الــطـفــولــة تــخــطــف الــقــلـ ...
- أمل جديد في غرف قديمة
- شـبـح الـحـرب بــيــن روســيــا وأكــرانــيــا
- محمود السعدني .. الساخر الحزين
- طه حسين .. صور متجددة
- زهور الإسفلت قصة قصيرة
- نوبل بين محفوظ وأيتماتوف
- اللغة والحب هذه الأيام
- نساء من العطر والبارود
- الديانة بين البطاقة والعلاقة
- الخيال والحرية والفلسطينيون الستة
- المرأة والأغاني والحب
- ثـيـودوراكــيـــس.. الـفـنـان والـمـوقـف
- من الأمريكان لطالبان .. يا قلبي لا تحزن
- حنا مينا .. الكفاح والفرح الإنساني
- الأم .. إكـــرام


المزيد.....




- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
- بوتين: من يتحدث عن إلغاء الثقافة الروسية هم فقط عديمو الذكاء ...
- -كنوز هوليوود-.. بيع باب فيلم -تايتانيك- المثير للجدل بمبلغ ...
- حديث عن الاندماج والانصهار والذوبان اللغوي… والترياق المطلوب ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - عـبـد الـحـلــيــم حــافــظ .. حــكــأيــة مــصــريــــة