أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - أمل جديد في غرف قديمة














المزيد.....

أمل جديد في غرف قديمة


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 7121 - 2021 / 12 / 29 - 20:25
المحور: الادب والفن
    


خلال أيام يحل علينا عام جديد، يحل وقد أدركت أنني إنسان قديم. أدركت ذلك عندما لفت أحد الشباب نظري إلى أنني أستخدم علب الثقاب، بينما يستخدم الجميع القداحات. بعدها بيومين نبهتني فتاة في مقتبل العمر قائلة :" أنت مازلت تستعمل مناديل من القماش وليس الورق؟ لقد ولى زمن هذه المناديل". أخيرا تيقنت أنني قديم أنتسب إلى زمن آخر عندما ركبت تاكسي من شارع عدلي وحين اقتربت السيارة من محطة البنزين في نهاية الشارع قلت للسائق الشاب: " أتعلم .. لقد رأيت عبد الحليم حافظ للمرة الأولى هنا، في هذه المحطة، عام 1966 ، كان واقفا يزود سيارته بالوقود "، فلوح الشاب بكفه ومط كلماته متعجبا : " ياه يا بيه .. ده أنت قديم قوي"! حينذاك اعترفت أمام نفسي بالحقيقة، ولم يبق سوى أن يعلقوا على رقبتي لافتة تسجل :" صنع في مصر عام 1948". ولأنني عتيق فقد سجلت كل الأغاني القديمة التي أحبها على فلاشا، أستمع إليها كلما أحسست أنني غريب بمناديلي وعلب الثقاب وذكرياتي واصدقائي الذين رحلوا وخيبات وهزائم المحبة. وقد اخترت الأغاني كلها بعناية، كأني أختار نغمات صغيرة من أوتار الزمن. أستمع إليها فأجد نفسي ثانية. أغنية : " داره قصاد داري وهو مش داري" لكارم محمود و" احتار خيالي" لعبد الحليم، وغيرها، ويحضرني من رحلة العمر نساء دخلن القلب مثل وردة، وخرجن مثل خنجر، وتركن خلفهن الأغنيات والأحلام، فأتوقف عند الأغاني وأدعو نبض قلبي للصحو، الأغنيات التي كتبها فتحي قورة، وأتعجب من ادراكه لقالب الأغنية، وأن الأغنية من ناحية لا تنتسب إلى الشعر، ولا ينبغي أن تكون لأنها تخاطب جمهورا واسعا، لكن عليها أن ترتشف قطرة رائقة من الشعر لتعبر إلى القلب. أتوقف طويلا أمام كلماته الرائعة لحن العبقري محمود الشريف " كل العيون حواليك شاغلها سحر عنيك.. ما بقاش مكان لعنيه تبص منه عليك.. فاتت سنين وأيام بشقاها وفرحها.. ولا أي عين بتنام.. وتسيب لي مطرحها.. حتى الخيال حجبوه.. وفي كل حلم فاتوه.. وسابوني وحدي أتوه.. في دنيا ملك إيديك". وأقول لنفسي : " نعم. هناك نساء دخلن القلب مثل عطر رقيق، وخرجن مثل عاصفة، ألملم منها الأمل والأغنيات. ولقد توقف الأديب الكبير يحيي حقي عند فتحي قورة وكتب عنه: " لا أعرف أحدا يداني فتحي قورة في خفة دمه ولا في القدرة على نصب شباك القوافي العسيرة والخلاص منها خلاص الشعرة من العجين". أستعيد أغنيات كتبها قورة مثل " أمانة عليك يا ليل طول" لكارم محمود ، و" مال القمر ماله " لمحمد فوزي، و" يا سيدي أمرك " لعبد الحليم، وغيرها. أجلس وتسكنني المرأة التي خرجت مثل خنجر على جنبيه ذكرياتي وآمالي. أمد يدي إلى علب الثقاب وليس القداحات، وأستخدم مناديل من القماش وليس الورق، وما إن يعلو صوت الأغاني حتى يرف أمل أبيض قويا مشبعا بالنور، وتهزني الحماسة ويدق قلبي بعنفوان. لا. لست قديما مادام القلب ينبض بالأمل.

د. أحـمـد الـخـمـيـسـي. قاص وكاتب صحفي مصري



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شـبـح الـحـرب بــيــن روســيــا وأكــرانــيــا
- محمود السعدني .. الساخر الحزين
- طه حسين .. صور متجددة
- زهور الإسفلت قصة قصيرة
- نوبل بين محفوظ وأيتماتوف
- اللغة والحب هذه الأيام
- نساء من العطر والبارود
- الديانة بين البطاقة والعلاقة
- الخيال والحرية والفلسطينيون الستة
- المرأة والأغاني والحب
- ثـيـودوراكــيـــس.. الـفـنـان والـمـوقـف
- من الأمريكان لطالبان .. يا قلبي لا تحزن
- حنا مينا .. الكفاح والفرح الإنساني
- الأم .. إكـــرام
- هيروشيما .. بيدوقراطية أمريكأ
- تذكرة الكاتب .. وآخرين أيضا
- بيير بوردو .. آليات التلاعب بالعقول
- أشــرف زكــي .. دفـــاعـــا عـــن الـــفــن
- ثورة يوليو بهجة التاريخ
- أليفة رفعت .. تحطيم الأقلام


المزيد.....




- هل يقترب أدونيس أخيرا من جائزة نوبل؟
- النزوح في الأدب الغزّي.. صرخة إنسانية في زمن الإبادة
- النزوح في الأدب الغزّي.. صرخة إنسانية في زمن الإبادة
- منتدى الفحيص يحتفي بأم كلثوم في أمسية أرواح في المدينة بمناس ...
- الطاهر بن عاشور ومشروع النظام الاجتماعي في الإسلام
- سينما الجائحة.. كيف عكست الأفلام تجربة كورونا على الشاشة؟
- فتح مقبرة أمنحتب الثالث إحدى أكبر مقابر وادي الملوك أمام الز ...
- الفنان فضل شاكر يُسلم نفسه للسلطات اللبنانية بعد 13 عاما من ...
- ابنة أوروك: قراءة أسلوبية في قصيدة جواد غلوم
- الطيب بوعزة مناقشا فلسفة التاريخ: هل يمكن استخراج معنى كلي م ...


المزيد.....

- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت
- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - أمل جديد في غرف قديمة