أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عباس علي العلي - مثقفون ولعبة الثقافة














المزيد.....

مثقفون ولعبة الثقافة


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 7224 - 2022 / 4 / 20 - 17:16
المحور: المجتمع المدني
    


في قراءات عديدة تطالعنا بها بعض الأصوات والتي تنتقد المثقفين خصوصا على سكوتهم وعدم جديتهم في محاربة الأفكار والسياسيات الأقصائية والتجهيلية والتغيبية التي تنتهجها قوى وإرادات وتسيرها أحداث ووقائع عنفية وهمجية في غالب الأحيان قهرت بل طحنت المواطن البسيط والإنسان العادي بعجلتها التي ترتدي الكثير من الألبسة والعناوين التي تتراوح بين المقدس والضروري والعملي والأحتكام إلى لغة واقع القوة , ويلقي بفشل المجتمع في التصدي لهذه المحاولات على النخب بالذات الثقافية والفكرية الرصينة والتي من الواجب التقليدي والضروري لها العمل على التصدي بكل ما أوتيت من قوة لهذا المد الظلامي والمتخلف عن كل أشتراطات حركة المجتمع والزمن , وبذلك ينفض الكاتب والمتكلم عن نفسه المسئولية الأخلاقية والوطنية من أن يحمل روحه أو وجوده الذاتي شيء من أثار هذه الخطيئة التي يسميها حضارية .
المثقف الذي ينتمي للثقافة لا يكون كذلك حتى ينخرط تماما بعالمها الإنساني الطبيعي فالثقافة ليست مجرد معلومات ومعارف تخزن , ولا سلوكيات يتمظهر خلفها البعض , ولا شعارات تقال هنا وهناك , الثقافة الجادة والإنسانية ريادة في تناول مشكلة الإنسان ووجوده بالبحث والتقصي والتدبير العلمي وكيفية الأنتقال بها من حالة السلب والتهميش لحالة الفعل الإيجابي المعزز للقدرة على أن نكون في الحال الأكثر قربا للمنطق الطبيعي للأشياء , المثقف عندما يتناول الفقر فهو يفهم المشكلة على أنها أختلال في الميزان الطبيعي للحقوق والواجبات وأختلال في سيرورة النظام الأقتصادي الذي أنتج سياسة الأفقار والتفقير ,وبالتالي عمله يكون في محاولة قيادة ناجحة ومتدبرة وواقعية وعلمية للمجتمع لتصحيح الأختلالات وليس بمحاربة الأغنياء والعطف على الفقراء , بل بأعادة فرض القواعد المسيرة للتغيير الإيجابي وتحييد القوانين المؤثرة في حدوثة الخلل ذاته .
المثقف الإنساني بطبيعته أن يكون أول من يلاحظ أوجه الأنحراف لما يمتلك من مقدمات فكرية ومعرفية ومنهج تراكمي قادر على أن يقوده لأن يكون الأكثر حساسية في ملاحظة ما لا يراه الأخرون بسعة الفعل العقلي لديه , هنا أود أن أشير إلى حقيقة لا تمس مجتمعنا المحلي فقط ولكن تقريبا كل المجتمعات الإنسانية بدرجة أو أخرى أبتدأ من المجتمعات التي تميز نفسها بأحترام الثقافة والمثقف وتستجيب لعمله ووجوده وأتهاء بكل المجتمعات التي تحارب كلمة الثقافة وتعتبرها الفايروس الذي سيتسبب بأنهيار منظومتها الفكرية المتحجرة والجامدة , هذه الحقيقة أن المثقف يعاني بشكل أيضا مميز وبدرجات من عدم الفهم الجزئي وصولا إلى الألغاء والمحاربة والتقتيل والأقصاء , وبالتالي هو في موضع لا يحسد عليه ولا يمكن أن ينال القدرة الكاملة للتحرك والعمل ما لم يتخلى عن وعيه وإدراكه ووجوده الأساس كرائد وقائد ومرشد لعملية التغيير والتصحيح.
المشكلة الأخرى وهي الأكثر فعلا سلبيا وتأثيرا على المثقف في سعيه الدائم لأن يتبنى ويقوم مخلصا لوظيفته العضوية ,تتمثل في غياب الحلقات التوصيلة أو الوسيط بين الفكر والناس ,هذه الحلقة أو الرابط يعاني شبه عطل وأغتراب وغياب عن دوره الأكثر قدرة ونجاح على أن يكون الوسيط بين الغالبية البسيطة "ذات الأمتلاك المعرفي المحدود" والتي هي بحاجة دوما لأن تكون خلف قيادات وواجهات تسير خلفها ,وقد أكتسبت ثقتها ليس من خلال كون هذه القيادات تمتلك العصا السحرية ,ولكن من خلال جديتها في نقل أفكار المثقف النخبوي ونجاحها في إيصال ما مطلوب للقواعد العريضة ,التي يجب أن يلحقها نفع وتغيير حقيقي في شرط الوجود اليومي والتفصيلي , في مجتمعات مثل المجتمعات العربية والإسلامية نجد هناك أنفصام وتخلف في أرتباط هذه الحلقات وتفاعلها في ربط الرؤية الكونية التي يتبناها المثقف وبين القاعدة الشعبية ,التي من الصعب عليها أن تدرك ماهية الرؤية ولا كيفية تجسيدها ,الحلقة الوسطى والتي عادة ما تكون الأنشط والأكثر تغلغلا في الواقع العملي نجدها اليوم منشغلة بأكثر من أشكالية ومتخلفة هي الأخرى عن أدراك ووعي لدورها المحوري في التغيير بما مخطط لها أن تكون في حال يمنع عليها أو يشغلها أن تفعل الواجب والمطلوب.
المثقف النخبوي ولا أقصد طبعا الغالبية التي تسمي نفسها وتنتظم عادة تحت عناوين الثقافة هو ضحية مزدوجة من قيم المجتمع وأشتراطات القوى المتحكمة فيه سواء أكانت دينية أو سياسية تحت عنوان أيديولوجي ما ,أو تحت أشتراطات واقع أجتماعي يحارب رواد الفكر والمعرفة , وضحية أيضا لغياب هيكلية البناء الثقافي الصحيح عندما يكون الرابط الذي وجوده ضروريا وحتميا في أداء الرسالة وبين الواقع غائبا وممتنعا عن مسايرة الفكر في لحظات التجلي العملي والبسط الواقعي له , ومظلوم من الجماهير التي تتعامل مع المثقف النخبوي على أنه خارج أطار تفكيرها وعليه أن ينزل لحدودها المعرفية بدل أن تسعى هي للرقي بأفكارها البسيطة وبذلك تحدث تحول جذري ومتناغم مع قوانين العلم والمعرفة والثقافة , ومظلوم أيضا من الطبقة المعرفية المساندة التي في بعض تفكيراتها تريد أن تكون البديل التفسيري أو التأويلي للفكر النخبوبي وتستمد من وجودها العريض مشروعية التنافس دون أن تكون قادرا أصلا على تجاوز أو المساواة مع فكر وثقافة النخبة , وبذلك تدخل في متاهات النقاش الأفلاطوني الذي لا يغني عن أداء الدور المناط بها والذي يمثل جوهر وجودها .



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقدمة في التربية الأولية وعلاقتها بالنظرية الأجتماعية العامة
- في الديمقراطية التوافقية ماهية الإشكالية وجوهر المشكلة
- وحدة الخالق ووحدة المخلوق ح2
- وحدة الخالق ووحدة المخلوق ح3
- وحدة الخالق ووحدة المخلوق ح1
- مسار تصحيح العلاقة التاريخية الوجودية بين الإنسان وربه
- كان ما هي الحدود التي يمكن تصورها لهذا العالم ؟,
- الأنسان بين المقدر له والمقدر عليه
- حلم العودة الى الجنة
- التغيير الفكري الديني ... عوامل موضوعية وأستحقاقات ذاتية
- التحولات الاولى في قضية الايمان بالدين وتطور مفهوم العقيدة
- الأسئلة الأولى قبل الفلسفة
- القداسة بين النص والناص
- الدين في لعبة الإنسان الأنانية
- وهم غودو الديني
- هل الدين قابل للديمقراطية كمقهوم تواصلي؟
- مقارنات في شكلية الأساطير ومصدرها
- أسطورة الخلق الأولى في الثقافات القديمة
- التدين والاخلاق الاجتماعية اولوية أم تزاحم؟
- الدين خيار بشري فطري ح3


المزيد.....




- عائلات الأسرى تتظاهر أمام منزل غانتس ونتنياهو متهم بعرقلة صف ...
- منظمة العفو الدولية تدعو للإفراج عن معارض مسجون في تونس بدأ ...
- ما حدود تغير موقف الدول المانحة بعد تقرير حول الأونروا ؟
- الاحتلال يشن حملة اعتقالات بالضفة ويحمي اقتحامات المستوطنين ...
- المفوض الأممي لحقوق الإنسان يعرب عن قلقه إزاء تصاعد العنف فى ...
- الأونروا: وفاة طفلين في غزة بسبب ارتفاع درجات الحرارة مع تفا ...
- ممثلية إيران: القمع لن يُسكت المدافعين عن حقوق الإنسان
- الأمم المتحدة: رفع ملايين الأطنان من أنقاض المباني في غزة قد ...
- الأمم المتحدة تغلق ملف الاتهامات الإسرائيلية لأونروا بسبب غي ...
- کنعاني: لا يتمتع المسؤولون الأميركان بكفاءة أخلاقية للتعليق ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عباس علي العلي - مثقفون ولعبة الثقافة