أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - وحدة الخالق ووحدة المخلوق ح2















المزيد.....

وحدة الخالق ووحدة المخلوق ح2


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 7222 - 2022 / 4 / 18 - 15:34
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


وهو كما يقولون هدف متقصد له يستهدف الإسلام ليسقط منه حد من حدود الله من ضمن جملة مشاريع تتناول حدود الله لتسقطها من التعامل وتخرجها من دائرة التشريع والجزاء والتعبد بها لتفرغ الإسلام من مصادر قوته كما في قول الله تعالى {وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ}النساء14, فالهم الأساسي عند وضع نظرية الاحتواء ليس أحترام حق التدين من عدمه عند الإنسان بل أخراج هذا الإنسان من التقيد بحدود الله ليصل المجتمع الإسلامي إلى النتيجة التي وردت في نص الآية الشريفة {يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ}أي يريد أن يصل بالمجتمع الإسلامي للفشل والإحباط واليأس من الله ورحمته.
أما فيما يتعلق مثلا بالعنوان الأخر وهو العولمة الأقتصادية والمالية, فلا يخفى أن الأقتصاد العالمي اليوم قائم على مبدأين, الأول المعاملات المالية الربوية, والثاني على مبدأ التكتل والاحتكار, وكلا المبدأين من الناحية التشريعية محرمين في الإسلام تحريما قاطعا وقطعيا, وليس للغرب أن يفرض بقوانين من عنده على المسلمين أن يحلوا الربا والاحتكار.
فلا بد من الدخول من باب أوسع وأكثر واقعية من خلال دمج الأقتصاديات الإسلامية بالأقتصاد العالمي عن طريق منظمة التجارة العالمية وأقتصاديات السوق والإقراض والاقتراض من المؤسسات المالية العالمية البنك الدولي وصندوق النقد العالمي، أو من خلال ربط أقتصاد الدول فيما بينها وبين المجموعات المالية والأقتصادية العالمية وجعلها تتحكم بقوانين واحدة تصيغها القوى الغربية المسيطرة أقتصاديا, فتخضع الأسواق الصغيرة ومنها الإسلامية لقوانين السوق ومتحكماته الخفية وبالتالي يصبح التعامل بالربا والاحتكار مسألة طبيعية ومن ضمن السياق العام وهنا نكون أما خروج أخر وبشكل مختلف عن حدود الله {وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُواْ عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً }النساء161.
الملخص من القول إن نظرية الاحتواء قد بدت تؤتي أكلها من غير تنبه للمسلمين عما يحاك لهم في الخفاء ويأكلون الطعم الذي أعد لهم وهم لا يزالون يؤمنون ويسعون إلى الغرب بقصد عنوان التقريب بين الأديان, ولكن من غير أس متفق عليه قبل أن يبدأوا العمل بما يؤمن لهذا الحوار والنهج قدرة الصمود أمام ما يضمره الأخر لنا.
فالنوايا السليمة إن كانت هي مصدر سعينا وأنا أشك بذلك عند أكثر الساعين لا تكفي لما في حقيقة النص القرآني الذي يبين لنا المضمرات من الأهداف الغربية من وراء الدعوى ذاتها {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ }البقرة120,فالله يجزم ويقطع بأن تحصيل الرضا والقبول بك أيها المسلم من قبل الأخر اليهودي والنصراني لا يمكن تحققه إلا بنتيجة واحدة هي أن يحتويك من خلال أتباعك لملتهم ولم يقل الله لدينهم لأنهم حرفوا الدين الحق ومالوا بملة محرفة تستهدف الهدى كما في منطق ومنطوق النص.
أما النظرية الأخطر والتي تعتبر مكملة لنظرية الاحتواء هي نظرية (المزدوج المعكوس) كما في الشكل )(, فالمعروف أننا أذا أردنا أن نحصر قضية ما أو مفهوم أو جملة لغرض جعلها محدودة بحدودها الخاصة والذاتية نضعها بين قوسين أو مزدوجين حسب التعبير الشائع لنعطيها ميزة منفردة بالتحديد, ولو قلبنا أتجاه القوسين أو المزدوجين بعكس الأتجاه الطبيعي سوف يفقد التحديد والتشخيص والأفراد قيمته.
فلم يعد للمحصور المراد له الحصر شخصية مستقلة, هذه النظرية أنتقلت إلى عالم السياسة والفكر الغربي في تعاملها في قضية التقريب بين الأديان أو حوار الحضارات, فبدلا من أن نحدد المواضيع الخلافية أو التي تؤدي إلى الأختلاف وتلك التي تؤدي إلى التقريب ونضعهما داخل قوسين أو مزدوجين نرى الغرب يتهرب من هذه القضية ويحدد تلك المواضيع ولكن ليس بين المزدوجين حصرا.
فهو يفترضها ويعتبرها ولكن يضع المزدوجين بالصيغة المعاكسة لتكون له حرية الخروج والدخول للمواضيع بدون أن يخضع لتجاوز المزدوج, فهو مثلا يؤمن بحرية الأديان ولكن يستشعر الخطر ويتخذ خطوط حمر وصفر وخضر أمام ما يسميه المد الإسلامي ويعتبر ذلك يمس أسس الحضارة الغربية ويهدد كيانها ومقوماته الحضارية.
فلو كان صادقا ويؤمن بما في داخل المزدوج لأمن بحرية حركة الإسلام ولم تنشأ فيه ظاهرة الإسلام فوبيا أو الخوف من الإسلام وما نتج عنها من محاربة كل الرموز الإسلامية وحظرها على المستوى العام ,فهو يومن ببعض المحددات ولا يحصرها داخل المزدوج ولكن بنفس الوقت يستحضر المزدوج ويضعه بالصيغة المقلوبة ليكون قادرا في حال ما التخلص من النتائج الغير متوقعة أن يخرج بحرية من أسر المزدوج, وفي حال أن تكون النتائج لصالحه أن يشير إلى وجود المزدوج ويلزم به الطرف الأخر.
من الأمثلة العملية لنظرية المزدوج المعكوس نورد مثلين أولهما في عالم السياسة والأخر في عالم الأقتصاد, ففي السياسة يشهد العالم كله وكما يصف الكثير من السياسيين حول العالم بما فيهم الغربين أنفسهم أن السياسة الغربية تكيل بمكيالين, فمرة ترى حريصة وجادة في تطبيق القانون الدولي وأسس السلم العالمي وتراها جادة جدا في أن تلتزم الدول مثلا بميثاق الأمم المتحدة طالما أن القضية تتصل بخارج أطارها الفكري والحضاري والقيمي.
ولكن لو تعلق الأمر بها ترى أن كل ذلك يمكن أن يطوع ويتصالح عليه بل ويترك جانبا لأنه في الألتزام به تماس مع بعض المصالح والتوجهات السياسية أو في قضاياها تحديدا, فلو كانت الأمور محكومة بالمزدوج المغلق لما أمكن لهذه القوى أن تتلاعب بالمضامين والموضوعات التي يجب أن تكون محدودة وواضحة ومحصورة لكي لا يتمكن أحد من الخروج والدخول عليها تحت مسميات أو ظروف هو يقدرها ولا تقدرها المحصورة بين المزدوجين.
هذا الحال نجده في عالم الأقتصاد وقضاياه أيضا, فقد حاربت أمريكا وكل الدول الغربية في فترة أواخر القرن الماضي ما يسمى بالمقاطعة الأقتصادية العربية للكيان الصهيوني تحت ذرائع شتى تبدأ من الحرية الأقتصادية العالمية وأنتهاء بما يسمونه تحريم أستخدام الأقتصاد في الحروب والعداء بين الدول ,ومثال أخر تحريم الحصار الأقتصادي في القانون الدولي وأعتباره جريمة بحق الإنسانية.
ولكن الواقع العملي أن بعد سقوط المقاطعة العربية للكيان الصهيوني وقبلها نرى أن نفس الدول والقوى التي حاربتها تمارس أبشع أنواع المقاطعة الأقتصادية ضد شعوب وبلدان وأمم تحت مسميات وأغطية هزيلة ,كما هي تمارس بنفس الوقت الحصار الأقتصادي والعقوبات الدولية, وهذا كله ناتج عن عدم حصر العناوين والقضايا بين مزدوجين صحيحين وترك الأمور على الضبابية التي تسمح للأخر القوي المتنفذ أن يستغل هذه الضبابية والوضع المقلوب لمصلحته وخدمة أهدافه.
نظرية المزدوجين المعكوسين تطبق الأن في موضوع حوار الحضارات والتقرب بين الأديان وتستغل أستغلالا واسعا لمصلحة القوى الحضارية الغربية لمحاولة تثبيت قيم ضبابية وترك المواضيع بلا محدد والالتفاف على النتائج لو كان هناك أمل في حصول النتائج, فلم يتفق كل المجتمعون والمتحاورون الأن على أي قضية محورية صالحة لتكون مدخلا ذو قابلية للنفاذ إلى جوهر المشكلة وهي عدم الأتفاق على قاعدة(هل نحن جميعا ننتمي إلى إله واحد),فلو أتفق الجميع على تأطير هذه الكلمة السواء داخل مزدوجين أو قوسين نكون أمام أنتقاله مهمة أخرى وتحت عنوان أخر{وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ}آل عمران64.
هذه الأنتقالة الثانية هي الخطوة اللاحقة والتي يبنى عليها حقيق الإيمان وجوهره التنفيذي, وهذا ما لا تسلم به بقية الديانات, لأن في البعض منها ما تعتقد وليس فيما هو حقيقة أن الله مثلا ثالث ثلاثة عند النصارى,{مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَاداً لِّي مِن دُونِ اللّهِ}آل عمران79,كما أتخذ بعض اليهود من أحبارهم أرباب من دون الله وبالتالي فهم أشركوا به{اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ}التوبة31,فهل تتوقع من أن ينتقل هؤلاء ومن خلال القضية التي يسعون إليها إلى هذا الحد الإيماني ويؤمنوا بما لم يستطع أحدا من أنبياء الله ورسله من قبل وعلى ما جُبل المشركون من أهل الكتاب أن يعالجوه, وبالصورة التي تعرض اليوم.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وحدة الخالق ووحدة المخلوق ح3
- وحدة الخالق ووحدة المخلوق ح1
- مسار تصحيح العلاقة التاريخية الوجودية بين الإنسان وربه
- كان ما هي الحدود التي يمكن تصورها لهذا العالم ؟,
- الأنسان بين المقدر له والمقدر عليه
- حلم العودة الى الجنة
- التغيير الفكري الديني ... عوامل موضوعية وأستحقاقات ذاتية
- التحولات الاولى في قضية الايمان بالدين وتطور مفهوم العقيدة
- الأسئلة الأولى قبل الفلسفة
- القداسة بين النص والناص
- الدين في لعبة الإنسان الأنانية
- وهم غودو الديني
- هل الدين قابل للديمقراطية كمقهوم تواصلي؟
- مقارنات في شكلية الأساطير ومصدرها
- أسطورة الخلق الأولى في الثقافات القديمة
- التدين والاخلاق الاجتماعية اولوية أم تزاحم؟
- الدين خيار بشري فطري ح3
- الدين خيار بشري فطري ح1
- الدين خيار بشري فطري ح2
- رغبة الله ورغبة البشر ح1


المزيد.....




- بشرط واحد.. طريقة التسجيل في اعتكاف المسجد الحرام 2024-1445 ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- ترامب: اليهود المصوتون للديمقراطيين يكرهون إسرائيل واليهودية ...
- -تصريحات ترامب- عن اليهود تثير عاصفة من الجدل
- أصول المصارف الإسلامية بالإمارات تتجاوز 700 مليار درهم
- 54 مستوطنا يقتحمون المسجد الأقصى
- ترامب: اليهود المصوتون للديمقراطيين يكرهون إسرائيل واليهودية ...
- ترامب يتهم اليهود المؤيدين للحزب الديمقراطي بكراهية دينهم وإ ...
- إبراهيم عيسى يُعلق على سؤال -معقول هيخش الجنة؟- وهذا ما قاله ...
- -حرب غزة- تلقي بظلالها داخل كندا.. الضحايا يهود ومسلمين


المزيد.....

- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد
- التجليات الأخلاقية في الفلسفة الكانطية: الواجب بوصفه قانونا ... / علي أسعد وطفة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - وحدة الخالق ووحدة المخلوق ح2