أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - بوناب كمال - ما الذي أساءَ فلاديمير بوتين فهْمهُ حول شعب أوكرانيا؟















المزيد.....

ما الذي أساءَ فلاديمير بوتين فهْمهُ حول شعب أوكرانيا؟


بوناب كمال

الحوار المتمدن-العدد: 7213 - 2022 / 4 / 8 - 06:15
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


قبل الغزو؛ هل كنتَ تستوعب معنى أوكرانيا، وهل كافحتَ لفهم حقيقة مِخيال وتصوّرات شعبها؟؛ ربما كانت موجودة على هامش خيالك، وأنها ضاحيةٌ قاتمةٌ من روسيا الكبرى يدّعي فلاديمير بوتين أنها غير موجودة فعليًا.؛ فتحّدثُ غالبية الأوكرانيين لغتين بشكل عرضي وتداخل الروايات التاريخية في وقت واحد من الإمبراطوريات الروسية والسوفياتية والنمساوية ـ المجرية، إلى البولندية والرومانية ، وبطبيعة الحال، الأوكرانية نفسها، دفعَ بكثير ممّن هم في الغرب يشعرون كما لو أنّ هذه الدولة ليست حقيقية تمامًا، لذلك يبدو مفهومًا معرفة أسباب إرباك أوكرانيا للبشر.
أثار صمود الأوكرانيين إعجاب الغرب وفاجأ الكرملين، ويبدو أنّ هذا الرّد على الغزو الروسي له جذورٌ عميقة في التاريخ الأوكراني. ففي عام 2014 غزتْ قوات بوتين الحافة الشرقية للبلاد، وذلك بعد أن أطاحت احتجاجاتُ الميدان الأوروبي بحليفه الكليبتوقراطي "فيكتور يانوكوفيتش"، وبينما ادّعى بوتين أنه كان يدافع عن العرق الروسي، فإنّ هدف حكومة موسكو كان تقسيم البلاد وإضعافها تمهيدًا للغزو الشامل، وكما يبدو الآن، تكاتفت وسائل الإعلام الروسية الحكومية ومزارع التصيّد على الأنترنت ومجموعة من الأثرياء لتقويض الإصلاحات الديمقراطية وتشويه سمعة الغرب وتمزيق شعور أوكرانيا بالوحدة؛ وركّزت أبحاث أجهزة المخابرات على معرفة نقاط الضعف في أوكرانيا، في ما وصفَ بوتين حكومة كييف بـ "النازيين"، وإنْ بدَا هذا الوصفُ افتراءً وسخافة فإنه لا يخلو من بُعدٍ إستراتيجي؛ إذْ ساند بعض القوميين الأوكرانيين النازية في الحرب العالمية الثانية، واعتقدوا أنّ هتلر سيمنحهم الاستقلال؛ ففي الدعاية السوفييتية عقب الحرب تمّ تصوير القوميين الأوكرانيين على أنهم العدو الفاشي للمواطن السوفياتي الصالح.
الأوكرانيون وحقبة الاتحاد السوفياتي
سعى بوتين إلى تقسيم أوكرانيا بين شرق مؤيّد للحقبة السوفييتية وغرب منافحٍ عن القومية؛ وتشكّكُ بعض استطلاعات الرأي في صحّة هذا الانقسام؛ فالأوكرانيون الأكثر موالاةً لموسكو هم في الغالب من كبار السّن المتقاعدين والأقل تعليمًا، ويعيشون ،إلى حدّ كبير، في المناطق الريفية جنوب وشرق البلاد؛ وبينما تشيرُ استطلاعات الأبحاث في روسيا إلى تأييد 70 بالمائة من الأوكرانيين لذكرى القائد السوفياتي جوزيف ستالين، فإنّ النسبة تتقلّص إلى أقلّ من 5 بالمائة في استطلاعات الرأي الغربية والأوكرانية، فذكرى مجاعة هولودومور (Holodomor) ،التي قضتْ على أربع ملايين أوكراني بين 1932 – 1933 ، لا تزال تطوفُ بحرقةٍ في الذاكرة الجماعية؛ من جهة أخرى، تبرزُ فئةٌ أصغرُ سنّا وأكثرُ تعليمًا،وتعيشُ في مدن كبيرة في الجنوب والشرق مثل أوديسا وخاركيف، وموقفُ هؤلاء اتجاه الاتحاد السوفياتي كان أكثر دقّة، فعلى الرغم من انتقادهم للقمع الممارس في تلك الحقبة، إلا أنهم أظهروا ميولًا وحنينًا إلى القيم الاجتماعية المُفترضة عن الماضي الشيوعي، وأبقوا على سلبية مواقفهم تجاه القوميين الأوكرانيين الذين قاتلوا ضد الجيش الأحمر في الحرب العالمية الثانية، وقاتلوا هتلر ، أيضا، بعد أن تبيّن لهم أنه لم يفِ بوعوده تجاههم؛ وكانت المجموعة الأكثر كُرها وعداء للاتحاد السوفياتي هي الطبقات الوسطى المتعلمة في مدن وسط وغرب أوكرانيا، ويُشكّل هؤلاء ثلث السكان، ولديهم إعجابٌ بشخصية "ستيبان بانديرا" زعيم الحركة القومية الأوكرانية إبّان الحرب العالمية الثانية.
تاريخٌ من الاضطهاد
أثناء الحملة الانتخابية؛ اتّهم المعارضون فولوديمير زيلنسكي بأنه غامضٌ أديديولوجيًا ومتردّدٌ بشأن الحديث عن التاريخ؛ في الحقيقة كان هذا جزءا من جاذبيته، فلقد جسّد تقليدًا أوكرانيًا عميقًا في إدراك كيفية التعايش مع الأشخاص الذين تتباينُ قصصهم؛ فأوكرانيا تفتخر بأنّ لديها ثقافة التسامح والعيش المشترك، ولا تبرزُ ملامحُ أي خلافات عميقة بين مدينتي خاركيف وأوديسا ،التي يُفترض أنها موالية لموسكو، ومدينة لفيف القومية، فلقد اعتاد الأوكرانيون على تنوّع الرموز واللغات، إنهم متّحدون عبر معرفة وإدراك اختلافاتهم؛ ويتجنّب الشعب الأوكراني الخوض في وصف حياتهم أواخر العهد السوفياتي، ويتفادون مناقشة تجاربهم مع الكارثة النووية في تشيرنوبيل وذكريات إرسال الأقارب إلى الحرب في أفغانستان والحرمان الاقتصادي والاضطراب في التسعينات.
على مرّ التاريخ؛ تعرّض الأوكرانيون للقمع على يدِ آل هابسبورغ والإمبراطورية الروسية والبولنديين والنازيين والاتحاد السوفياتي، ومنذ الاستقلال عام 1991 تصرّفت الأوليغارشية الأوكرانية كمجموعة من المستعمِرين الاستغلاليين؛ وفي القرن العشرين وحده يُعتقد أنّ حوالي 14 مليون شخص قُتلوا في أوكرانيا من خلال عمليات التطهير والمحرقة والمجاعة؛ لذلك ليس غريبًا أن أطلقَ المؤرخ "تيموثي سنايدر" على هذه المنطقة اسم بلاد الدم ؛ بل أنّ مصطلح "الإبادة الجماعية" قد اخترعهُ لأول مرة محام وباحث في جامعة لفيف.
أسطورة القوزاق
دفعَ تاريخُ العنف والإذلال بشعب أوكرانيا إلى التفكير بطريقة تآمرية؛ حيث يسودُ اعتقادٌ لدى غالبية الأشخاص أن "المنظمات السرية" تؤثّر بشكل كبير على القرارات السياسية، ونظرًا لأن الحكّام كانوا ،تاريخيا، قوى استعمارية، فإنّ الأوكرانيين ليس لهم ثقة كبيرة في حكوماتهم، وقد بدأت شعبية زيلنسكي في التلاشي منذ اللحظة التي وصل فيها إلى السلطة، وينظر الأوكرانيون إلى الدولة على أنها شيء يجب تجنبّه أو على الأقل توظيفهُ لتحقيق مكاسب شخصية، ولا تزال صعوبات بناء بيروقراطية فعالة وانتشار الفساد تُثيرُ حفيظة الإصلاحيين والمانحين الغربيين مثل الاتحاد الأوروبي، فحتّى عندما تنجح الحكومة في تشييد بنية تحتية جديدة، يتحدّث الأوكرانيون عن هذه الإنجازات كما لو أنها حدثتْ بطريقة سحرية؛ ووفقا لمركز الأبحاث البريطاني "المعهد الملكي للخدمات المتحدة" اعتقدت أجهزة المخابرات الروسية أنّ هذه الثقافة بمثابة نقطة ضعف قاتلة، واستند الكرملين إلى استطلاعاتٍ توقّعت انهيار الدّعم الأوكراني للحكومة مباشرة بعد الغزو؛ لكن على جانب الشعور السائد لانعدام الثقة، يقبعُ طيفٌ آخر يتمثّل في أنّ الأوكرانيين قد تعلّموا أن يعتمدوا على بعضهم البعض، فلقد أوجدوا على الدوام طُرُقًا للتنظيم الذاتي من خلال الثقة في المجتمع المدني والكنائس المحلية وجمعيات الأعمال الصغيرة، كما أنّ هناك تواجدٌ فعال لاتّحادات أخرى مثل مُثيري الشغب في ملاعب كرة القدم ورجال العصابات وميليشيات اليمين المتطرف الذين شكّلوا أفواجًا للقتال في دونباس بعد عام 2014، يقول الأوكرانيون "الكوارث والحزن يوحّداننا".
تلتفُّ سرديات أوكرانيا عن الهوية الوطنية حول أساطير مجموعة القوزاق، وهم عصابات من المحاربين تمتعوا بالحكم الذاتي وجابُوا السهوب؛ يروي أحد الأفلام الناجحة قصة إنشاء يهود أوكرانيا و تتار القرم شبكاتٍ سرية لمساعدة بعضهم في الحرب العالمية الثانية لمحاربة النازيين والكاي جي بي؛ ومن أشهر أفلام الكريسماس في أوكرانيا "Home Alone" الذي يعرض قصة تتماشى مع قصة أوكرانيا: بلدٌ صغير تخلّى عنه آباء العالم، وتهاجمه دوما قوى أكبر، ويضطرّ إلى الارتجال في الدّفاع عن النّفس.
أظهر الأوكرانيون في هذه الحرب أنهم قادرون على مقاومة الكرملين، وبوتين نفسه أشار إلى هذا الغزو وكأنه اغتصاب؛ ففي جلسةٍ مع الرئيس الفرنسي خاطب صحفيةً قائلًا " عليك أن تصبري وتتحمّلي الأمر يا جميلتي"؛ اليوم في مدينة لفيف بإمكانك أن ترى ملصقات لامرأة ترتدي زيّا شعبيا أوكرانيًا تدفعُ مسدّسا في فم بوتين وتقول "أنا لستُ جميلتك".
بتصرّفٍ عن عنوان المقال الأصلي:
Peter Pomerantsev : What Vladimir Putin misunderstood about Ukranians – The Economist – Apr 4th 2022.



#بوناب_كمال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مُقتطفاتٌ من كتاب: الجزائر مكّة الثوار ـ دار نشر جامعة أكسفو ...
- فلسفة المقاومة في مسلسل لا كازا دو بابل
- تسييس الجغرافيا
- الوعود الكاذبة لاتّفاقيات التطبيع
- أزمة التحليل في العلاقات الدولية
- تراجع الديمقراطية في الهند
- لماذا تستمرُّ الولايات المتحدة الأمريكية في بناءِ دُولٍ عميل ...
- نظريةُ العِرْق النّقدية
- المغرب بين مُعسكر التّطبيع ومُعسكر المذلولين
- مارتن هايدغر والنّازية: العلاقة الغامضة
- مُقتطفاتٌ من كتاب: في عِلمية الفكر الخلدوني - لمؤلّفه مهدي ع ...
- مٌقتطفاتٌ من كتاب: الثقافة السياسية للقيادة في الإمارات العر ...
- فلاديمير بوتين و دَرْسُ التّاريخ القَسْرِي
- عَرْضٌ مُلخّص لكتاب -بن خلدون وماكيافيلي- لمؤلّفه عبد الله ا ...
- عَرْضٌ مُلخّص لكتاب -بن خلدون وماكيافيلي- لمؤلّفه عبد الله ا ...
- في ذكرى رحيل إرنستو تشي غيفارا
- طقوسُ الثقافة التّذْكارية في كرة القدم الأوروبية
- التّيارُ السّائدُ في العلاقات الدولية وَالتّعامي عن العُنصري ...
- وهمُ الأيديولوجيا: المنافسةُ الأمريكية ل الصين لا ترتبط بالع ...
- أغاني المهرجانات في مصر والوعيُ الطّبقي المُسْتَتِر


المزيد.....




- قصر باكنغهام: الملك تشارلز الثالث يستأنف واجباته العامة الأس ...
- جُرفت وتحولت إلى حطام.. شاهد ما حدث للبيوت في كينيا بسبب فيض ...
- في اليوم العالمي لحقوق الملكية الفكرية: كيف ننتهكها في حياتن ...
- فضّ الاحتجاجات الطلابية المنتقدة لإسرائيل في الجامعات الأمري ...
- حريق يأتي على رصيف أوشنسايد في سان دييغو
- التسلُّح في أوروبا.. ألمانيا وفرنسا توقِّعان لأجل تصنيع دباب ...
- إصابة بن غفير بحادث سير بعد اجتيازه الإشارة الحمراء في الرمل ...
- انقلبت سيارته - إصابة الوزير الإسرائيلي بن غفير في حادث سير ...
- بلجيكا: سنزود أوكرانيا بطائرات -إف-16- وأنظمة الدفاع الجوي ب ...
- بايدن يبدى استعدادا لمناظرة ترامب


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - بوناب كمال - ما الذي أساءَ فلاديمير بوتين فهْمهُ حول شعب أوكرانيا؟