أياد الزهيري
الحوار المتمدن-العدد: 7211 - 2022 / 4 / 5 - 15:08
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أنا أعرف أن زيلينسكي يهودي الديانة , ولست بصدد الترويج له , ولكن ما يهمني هو العبرة التي يمكن أن نستفيدها منه , وهذا لا يمنع , أسترشاداً بحديث الرسول ( الحكمة ضالة المؤمن , أنى وجدها فهو أحق الناس بها). على العموم فتاريخ زيلينسكي ليس أكثر من مهرج مسرحي , فهو يمكن تمثيله بعادل امام في عالمنا العربي, كما أنه قام بدور مسلسل تلفزيوني يمثل فيه دور الرئيس , كما مثل عادل أمام مسرحية الزعيم والذي أخذ فيه دور الزعيم , فزيلينسكي لا علاقة له بالسياسة لا من بعيد ولا من قريب , ولكن أعجاب الجمهور بدوره في المسلسل المذكور, هو من فتح شهيته للسياسة فرشح نفسه لها في الأنتخابات الرئاسية فحالفه الحظ وفاز , ولم يحالف الحظ زميله عادل أمام في العالم العربي لأن هذه المراكز محجوزة سلفاً لأبن الرئيس كعادة أي دولة عربية, وكما ذكرنا في البداية عن الخلفية الغير سياسية للرئيس زيلينسكي جعلته هذه الخلفية صيد سهل لأمريكا في أستدراجه للعالم الغربي , وحاولت ضمه الى الحلف الأطلسي , فالرجل وبسبب بساطته في عالم السياسة وما أبهره بريق الحياة الغربية بأن تكون بلاده واحدة منها , ونسى أنه في عالم السياسة الحقيقية وليس في عالم المسرح الأفتراضي , فقبل الصفقة وسمح بنصب الصواريخ البالستية أن تُنصب على أراضي بلده ضارباً تحذيرات بوتين عرض الحائط , وبسبب سذاجته السياسيه وعدم مهنيته العسكرية دخل في صراع غير متكافيء مع روسيا . وفي نظرة خاطفه يمكن أن أبين الفرق بين القوتين , حيث تمتلك روسيا 4173 طائرة حربية, و1543 طائرة مروحية, في حين تمتلك روسيا من الدبابات 12420 , كما تمتلك من المدرعات 30 الف مدرعة , أما فيما يخص المدفعية فروسيا تمتلك 6574 مدفع ذاتي الحركة وقرابة 7571 مدفع ميدان و3991 راجمة صواريخ ولا نريد أن ندخل بتفاصيل أكثر في حين تمتلك أوكرانيا 318 طائرة حربية فقط ولديها حوالي 2596 دبابه و1067 مدفع . يتضح الفرق كبير بين القوتين , ولكن ما يهمنا هو ما نستخلصه من دروس وعبر من هذه المعركة , العبرة الأولى هو عدم معرفة الأنسان قدر نفسه, وولوجه في مجال غير مجاله , وهنا نتذكر القول المعروف , الذي يقول ( رحم الله أمرءٍ عرف قدر نفسه) , وأستناداً الى هذه الرؤية فالرجل ورط بلده في حرب ستحرق الحرث والنسل , وجعل شعبه يهرب الى الفيافي والجبال في هذا البرد القارص , وهكذا نعلم أن هناك شعوب كانوا ومازالوا ضحية غباء وحماقة رؤساءهم , ومن تلكم الشعوب , الشعب العراقي الي أُبتلي سابقاً بحاكم أحمق ضحكت علية أمريكا وحكام الخليج , وبين حكام حالين , حيث لبسوا رداءاً غير رداءهم , وتقمصوا دوراً غير أدوارهم فجعلوا بلدهم وشعبهم على كف عفريت , وأن ظاهرة زيلنسكي ما كانت أن تكون لولا الخيار العاطفي والساذج للشعب الأوكراني الذي أنتخب رئيساً للبلاد بمجرد أعجابه بدور مَثله الرئيس في مسلسل تلفزيوني, والأمر نفسة حدث مع الشعب العراقي عندما أنتخب أناس لا يمتون للسياسة بصلة , وأن كانوا سياسيون , فهم لم يستعدوا لها كامل الأستعداد ولم يتسلحوا لها كامل التسليح , ولم يمتلكوا كامل أدواتها, ولكن العاطفة والعصبية وروح المناطقية والطائفية والقومية ,هي من أتت برجال سياسة أدخلوا البلد في مأزق لا يُحسد عليه . أما الدرس الثاني الذي نأخذه من زيلينسكي فهو درس يُحسب له لا عليه , وهو رباطة جأشه , وثقته بنفسة التي جعلته يقف بوجه أكبر قوة نووية بالعالم , ولم يقل لشعبه أنت وربك فقاتل وأننا هاهنا قاعدون , ولكن الرجل وأن تورط بالحرب وجعل الأمور تنزلق الى حالة اللاعودة , لكن من الأشياء التي لفتت الأنتباه والتي لم يلتفت أليها سياسيونا على الرغم من المواقف الصعبة التي وقعوا في براثينها وكادوا أن يعصفوا بالبلد وأهله , حتى كاد البلد يكون في خبر كان وخاصة في أحتلال داعش له, الا أنهم لم يذهبوا كما ذهب زيلينسكي بأن أحاط نفسه بمجموعة مستشارين , خلق منهم فريق عمل يستطيع البلد من خلالهم أن يقف بوجه جيش عرمرم من الصعب الوقوف بوجهه. واليوم ما يقارب الأسبوع الثاني مشتبك الجيش الأوكراني مع الروسي ولم يستسلم . هكذا الأستشارة والتعاون تخلق فريق عمل لا يقهر وكما يقول المثل الشعبي العراقي ( أذا ما عندك چبير خلي عمامة وأستشير) , فالرجل صحيح دخل في حرب غير متكافئة ولكن عندما رأى نفسة غير قادر عليها , نراه لم يتوانى بالأعتماد على كبار مستشاري البلد من عسكرين وأعلاميين وسياسين لذلك لم تستسلم آلته العسكرية , وكان متألق في وسائل أعلامه , حيث وصل صوته الى أهم برلمانات العالم , يعرض قضية شعبه ويشرح العدوان عليه حتى نال كثير من العطف والدعم لحكومته , أما نحن العراقيون فلم نكن أقل ضرر من أوكرانيا فقد تكالبت علينا دول عديدة وأنتهكت سيادة بلدنا , ودخل البلد أشبه ما يكون بالحرب الأهلية وسياسيوا الصدفة لا زالوا يتخبطون بمصير البلد , وصامون آذانهم لكل نصيحة قد تنقذ البلد من الأنهيار , والأدهى أن معظمهم قارؤون لموروث ثقافي يعج بالدعوة بأخذ النصيحة حتى لو كانت من مجنون, وحتى لو كان مصدرها من غير ملتهم , وشعوب بعيده عليهم , وقول نبيهم (ص) ( الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها) يحفظونها على ظهر قلب , وهناك منهم يَدعون الأنتماء الى مدرس يكون فيها أحد أهم حكماءها وهو علي بن أبي طالب ع في أقوال مشهورة من أمثال ( ما خاب من أستشار) و( من أستشار شارك الناس عقولهم) و (لا يستغني العاقل من الأستشارة) , وفوق كل ذلك ما جاء في كتاب الله حيث يقول الله في محكم كتابه (وشاورهم في الأمر) و (وأمرهم شورى بينهم). أن الغرور والكبرياء الذين تملكا حكام وسياسي العرب عامة والعراقيين خاصة هو السبب في كل ما مرت به شعوبهم من مأساة, ونحن في العراق اليوم نمر بأزمات خطيرة نكون بأمس الحاجة الى الأستشارة لكي نخرج من مستنقع الأنسداد السياسي الذي يعيشه البلد .ونحن هنا ندعوا السيد مقتدى الصدر وقادة الأطار التنسيقي بالأستماع لصوت العقل والحكمة وأن يجنبوا البلد ما يمكن أن يصيبه من مأساة كارثية , وليعلموا أن الأستماع الى النصيحة فضيلة وشجاعة , فالتاريخ سوف لا يرحم من جلب لشعبه الويلات , ففي العراق الكثير من أهل الخبرة والدراية , والذين لا يبخلون بتقديم النصيحة لكم كُثر, وما يحتاج الأمر الا أن تكون آذانكم صاغية وقلوبكم مفتوحة لأهل العقل والحكمة , فليس من العيب أن يتراجع الأنسان عن خطأ اقترفه, وأن من الشجاعة الأعتراف به , فأن كنتم لا تعلمون , فتعلموا من بهلوان أوكرانيا كيفية الأستماع لمستشاريه , فهي من سوف قد تغفر له زلة الأنزلاق الى حرب غير مستعد لها.
#أياد_الزهيري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟