|
حمية أبو اللبن التي صانت شرف وطن
أياد الزهيري
الحوار المتمدن-العدد: 6989 - 2021 / 8 / 15 - 19:13
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
لا شك عندما تبدو على الوطن علامات الضعف والهوان ، يُثير ذلك عند الآخر المتربص شهية أفتراسه ونهب ثرواته ، ويكون ذلك عبر أحتلاله بالقوة الخشنة ، قوة الجيش أو بالقوة الناعمة ، قوة الأعلام والحرب النفسية . حدث ذلك عندما أصبحت تركيا واهنة القوى بسبب كثرة حروبها وتنازع حكامها على السلطة، بحيث كان السلطان يقتل أخيه وأبنه لكي لا ينازعه على كرسي الحكم ،وتاريخ الدوله العثمانية مليء بقصص القتل داخل البيت السلطاني ، وهذا هو نفس المبدأ الذي نطق به هارون الرشيد عندما قال لأبنه المأمون يا ولدي لو نازعتني على هذا ويشير على الكُرسي لأخذت الذي فيه عينيك. على كل حال ضعفت الدولة العثمانية وكان للفساد الأداري دور كبير في ضعفها ومن ثم سقوطها، وأنا أذكر أسباب سقوط الدولة العثمانية نظراً للتشابه في الأحداث والمسببات التي يمكن لا سامح الله أن تطيح بالدولة العراقية ، وهي تشترك معها في أهم ثلاث أسباب الا وهما الصراع على السلطه والفساد المالي والإداري والتذمر الشعبي ، أن أنهيار الدول عادتاً ما يصحبها دخول محتل ينهب ويسلب ويعتدي على كرامات الناس ، وهذا محل شاهدنا في هذا المقال ، وهو عند سقوط الدوله العثمانية دخل الجيش الفرنسي الذي كان يحتل سوريا الى جنوب تركيا وأحتل فيها مدينة تُسمى (قهرمان مرعش) ،وبينما كان الجنرال الفرنسي يتجول بالمدينة رأى نساء المدينة ترتدي الخمار ، فمد يده على أحداهن بمحاولة لخلع خمارها ، قائلاً لها ،لقد سقطت دولتكم وأنتم الآن تحت حكمنا ، فعليك بخلع خِمارك ، وهذه الكلمة واضحة المعنى والقصد ،أي أنزعي شرفك لأن الأحتلال هو الغلبه والأذلال ، و يقصد هذا الجنرال أن الشعوب المحتله منزوعة الشرف والهيبة ومسلوبة الأرادة في كل شيء ، ولكن نسى هذا الجنرال المتهور والغبي أن الحكومات أذا سقطت أن هناك شعب لم تضعف أرادته وتسقط حميته ،وكان بقرب هذه المرأه رجل يبيع اللبن ، ما هان عليه منظر المرأه المعتدى عليها ،فما كان منه إلا أن هجم على الجنرال وأنتزع منه مسدسه وأطلق النار عليه وأرداه قتيلاً ، منتصراً لشرف المرأه التركية ، بنت بلده . هذا العمل خلد هذا الرجل البسيط في مهنته والكبير في غيرته وحميته ، وأُقيم له نصب تذكاري في قهرمان مرعش وسُميت جامعه بأسمه وأصبح بطل قومي تُقرأ قصته للأجيال كمثل أعلى يُدعى للأحتذاء به بأعتباره رمزاً للغيره والشرف الوطني . هذه القصة ذكرتني بما يجري بالعراق ،وما تعرض له من أحتلال من قِبل المحتل الأمريكي وما تعرض له الشعب العراقي من الأذلال والنهب لثرواته من قِبل المحتل ،وقد برز لهذا المحتل وأذنابه الدواعش الذين أعتدوا على الدم والشرف العراقي جيوش من أصحاب الغيرة والحمية ، أنهم الحشد الشعبي المقدس ، وهنا تجدر الأشارة ، أن كان هناك تركياً واحداً تحرك دمه وثارت غيرته على هتك عرض بنت بلده ، ففي العراق هب مئات الألوف ملبين دعوة المرجع الديني الأمام السيستاني حفظه الله ورعاه وأدام ظله الوارف ،وأن ضحى بائع اللبن بنفسه وحده فقد ضحى الحشد بآلاف الشهداء قرباناً للوطن وشرف العراقيات ، ولكن للأسف بالوقت الذي يحتفي الأتراك ببطلهم بائع اللبن ويقيموا له النصب التذكارية ويجعلوا منه بطلاً وطنياً ، يذهب للأسف بعض العراقيين الى مهاجمة الحشد الشعبي الذي أعاد لتربة الوطن وحدتها والشرف العراقي هيبته ، فبدلاً من الأعتزاز به والأفتخار به ،أخذ بعض الموتورين من الطائفين والبعثيين النيل منه ،وأتهامه بأبشع التهم ووصفه بأقذع الأوصاف ، ولكن الأمر يهون عندما يكون من يتهم ويسب هو ظافر العاني وناجح الميزان ، وعلي السلمان وأمثالهم، وكما قال الشاعر ( أذا أتتك مذمةٍ من ناقصٍ فهي الشهادةُ بأنك كاملُ) ولكن ما يدمي القلب ويحز بالنفس ويوجعها عندما ينبري من أبناءك ممن يتبنى وجهة نظر الحاقدين فيكون من المارقين الذين يقفون في صف أعداءك ويعادون من صان العرض والشرف والكرامة ، وأن ما سببه هؤلاء من الأذى والألم والحسرة أضعاف ما سببه الأعداء والخونه ، ولا يمكنني ألا أن أصف هذه الفئه المارقه كما وصفها الشاعر ( وظلم ذوي القربى أشد مضاضةً على الفتى من وقع الحُسام المهندي). اللهم أرزق من باعوا غيرتهم غيرة كغيرة بائع اللبن وأعد اليهم رشدهم وأرجع اليهم الحمية والشهامة التي باعوها بأرخص الأثمان وأعد أليهم وعيهم ونبههم من غفلتهم وأعد أليهم رشدهم، أنك غفور رحيم وأحسن المُحسنين.
#أياد_الزهيري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وعي التاريخ
-
الاله في الديانة اليابانية القديمة 12 (الشنتو)
-
الاله في الأديان القديمة في شرق آسيا 11 ج3 ( البوذية, التاوي
...
-
الاله في الأديان القديمة في الشرق الأدني 11-ج2 ( البوذية, ال
...
-
الاله في الأديان القديمة في الشرق الأدنى 11 ج1 ( البوذية, ال
...
-
الاله في الديانة الهندوسية 10 ج3
-
الاله في الديانة الهندوسية 9 ج2
-
الاله في الديانه الهندوسية (الحلقة 8) الجزء-1
-
الاله في الديانة الأيرانية القديمة 7
-
الاله في الديانه اليونانية القديمة 5
-
الاله في الجزيرة العربية قبل الأسلام -7
-
الاله في الحضارة المصرية القديمة-6
-
الاله في الحضاره السورية القديمه 4
-
الاله في الحضارة السومرية والبابلية
-
الأله في الأديان والأقوام البدائيه-2
-
الأله في الأديان والأقوام البدائيه
-
بهلوانيو لعبة الأدوار
-
الكاتب بين الموقف واللاموقف
-
من ثقافة الوعي الى ثقافة التسليه
-
لماذا شوارعنا متوتره
المزيد.....
-
الولايات المتحدة تبلغ إسرائيل معارضتها قصف بيروت
-
بايدن يعلن تعديل الموقف العسكري الأميركي بالشرق الأوسط
-
الجيش الإسرائيلي يرصد إطلاق 50 صاروخا الليلة من لبنان وإصابة
...
-
سيناريوهات الرد الإسرائيلي على إيران.. وبنك الأهداف
-
واشنطن تقنن تصدير رقائق الذكاء الاصطناعي
-
روسيا تشن هجوما ليليا على العاصمة الأوكرانية
-
في مواجهة -ثاد- كيف تخطط إيران لاختراق الدفاعات الجوية الإسر
...
-
الانتخابات الرئاسية.. هاريس تستخدم -أسلوب ترامب- ضده في أجوا
...
-
غروندبرغ يتهم الحوثيين بتقويض جهود السلام في اليمن
-
حزب الله يطلق 50 قذيفة على إسرائيل فجر الأربعاء
المزيد.....
-
افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار
...
/ حاتم الجوهرى
-
الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن
/ مرزوق الحلالي
-
أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال
...
/ ياسر سعد السلوم
-
التّعاون وضبط النفس من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة
...
/ حامد فضل الله
-
إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية
/ حامد فضل الله
-
دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل
...
/ بشار سلوت
-
أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث
/ الاء ناصر باكير
-
اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم
/ علاء هادي الحطاب
-
اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد
...
/ علاء هادي الحطاب
المزيد.....
|