أياد الزهيري
الحوار المتمدن-العدد: 6884 - 2021 / 4 / 30 - 20:38
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
عندما نقول التاريخ المصري القديم , فنقصد به التاريخ الذي سبق قليلاً عصر السلالات الذي بدأ من 3100 ق.م , وهو التاريخ الذي بدأت به تأسيس أول دولة مركزية يرأسها فرعون أمتداداً الى نهاية تاريخ الفراعنة على يد الأسكندر الأكبر عندما غزى مصر وطرد الفرس منها 332 ق.م . فقبل 3100 ق.م كان هناك شعب يعيش في قرى متناثرة , ولكل قرية أو تجمع زراعي رئيس قبيلة واله خاص بهم , ولكن بالأضافة لهذه الآلهة المتعدده هناك اله رئيسي هو الاله سيت. يذكر التاريخ أن هناك هجرات حدثت ماقبل 3100ق.م وبالتحديد في الألف الرابع قبل الميلاد لأقوام جاءت من الشرق , وبالتحديد من منطقة سوريا القديمة , والتي هي منطقة الدول التي تشكل الآن (سوريا, لبنان, فلسطين, الأردن) . هذه الأقوام جاءت وهي تحمل موروثها الثقافي والديني , وسكنت في منطقة الدلتا , وهي منطقة زراعية خصبة تكثر فيها المياه, حيث النيل له فروع عديدة , هذه الأقوام تحمل معتقدات دينيه , ولكن لها أله رئيسي يدعى (حوروس) , كما توسعت هذه الأقوام بأتجاه الجنوب المصري بمحاذات نهر النيل . هؤلاء الأقوام أسسوا لمملكتين , واحدة في الجنوب وأخرى بالشمال , ولكن أنتهى أمر هذين المملكتين الى أن تتوحد في مملكة واحدة مركزية في مطلع الآلف الثالث ق.م , ولكن يبدو أن هذه الأقوام تمتعت بعقلية توافقية ساهمت في بناء دولة موحدة قوية , فخلقت حالة من الأنسجام بين رعاياها , عن طريق توحيد هذين الالهين (حورس-سيت) كالهين رسمين لكلا المجموعتين من الأقوام الأصلية والمهاجرة , وهي خطوة جنبت الصدام بين المجموعتين , وساهمت ببناء نسيج أجتماعي موحد , عجل ببناء الدولة المصرية القديمة الموحدة . طبعاً هذه الثنائية لعبت دور أساسي في خلق ظاهرة دينية جديده لم تعرفها الديانة العراقية القديمة ولا الديانة السورية القديمة , هذه الظاهرة الالهية الثنائية القطبية , ساهمت ببروز فكرة الخير والشر في اللاهوت المصري القديم , تمثلت بتقسيم الظواهر الكونية الى أيجابية وأخرى سلبية . الأيجابية يمثلها الاله حورس , والجانب الذي يمثل الطبيعة السلبية والشريرة , يمثلها الاله سيت, كما يجب التنوية الى أن البعض ممن يكتب عن التاريخ القديم ومعتقدات أنسانه يكتب بلسان الجزم والأطلاق, وهذا خطأ وقع فيه الكثير والسبب أن النصوص الأسطورية لم تكن كاملة في معظم الأحيان ,لأن مصادرها شفهية بالأصل , وخاصة ممن يكون تاريخها ما قبل الكتابة , وأما التي اُنشأت ما بعد الكتابة , فقد فُقد منها الكثير والبعض مهشم , وناقصة الأجزاء , وقسم كُتبت بأقلام أناس من أقوام أخرى , كما حصل لأسطورة أوزوريس التي كتبها المؤرخ اليوناني (بلوتارخ) بعد مرور 25 قرن من وجودها, ولا يمكننا التأكد من صدق وحرفية نقلها بشكل أمين وبدون أضافة أو طرح .
نرجع الى الآلهة التي أصبحت تمثل الديانة الرئيسية للمجتمع المصري القديم أبتداءاً من تاريخ الدولة المصرية القديمة والتي بدأت من مطلع الألف الثالث قبل الميلاد , عندما توحدت المملكتين الشمالية والجنوبية في دولة مركزية واحدة والتي وحدت حتى العبادة في الثنائي (حوروس-سيت) . هذه الثنائية التي جاءت نتيجة لملاحظة المصريون القدامى للثنائية الكونية , والظواهر المتعاكسة فيه , ومن أمثلة ذلك النور والظلام , الخير والشر , الصحة والمرض , الموت والحياة وهكذا , فتفتق ذهنهم أن هناك قوتين , واحدة تمثل النور والطبيعة الأيجابية والمطر والخصوبة والولادة وهو الاله حوروس, وقوة أخرى تمثل الظلام والسلبية والعواصف والبراكين والرعد وأسمها الاله سيت , كما أنهم أعتقدوا أن هذا التناقض ضروري ويكامل بعضه بعضاً , أي أنه أمر حتمي , ولا غنى عنه , ولا يمكن للحياة أن تستقيم بدونهما , وكأن المصرين القدامى تناغموا مع مفهوم الديالكتيك الهيغلي والماركسي بأن صراع الأضداد يؤدي الى صيرورة تنتهي بنشوء حالة جديدة , وهكذا دواليك . فعندما يدخل هذين الالهين في حالة صراع , يتدخل اله ثالث أسمه ثوث يحيل دون أنتصار أحدهما على الآخر , لكي يحافظ الكون على توازنه , وأن لا تترجح كفة أحدهما على الآخر, وترجع حالة الأستقرار والتوازن الى العالم , في حين نرى في الأديان السماوية التوحيدية الأمر مختلف , فهناك اله واحد هو الله , وهي الحالة التي تضمن أنسجام وأستقرار العالم , وهذا ما أشار الية منطوق الآية القرآنية (لو كان فيهما آلهه الا الله لفسدتا , فسبحان الله رب العرش عما يصفون), فالمصريون صحيح أقتربوا من التوحيد لكن لم يحققوه بشكله التام , فهم وحدوا هذين الألهين في جسد واحد ولكن كان برأسين منفصلين , فكان يُرمز لحوروس برأس صقر , ولسيت يُرمز برأس حمار. وهنا نرى المصريون لم يغادروا صيغة تعدد الآلهه كسابقيهم من البابليين والكنعانين والفينيقين في الحضارتين الرافدينية والسورية. وأن كان أحياناً هذين الألهين يقومان بعمل مشترك كما حصل في وضع التاج على رأس الفرعون عند تنصيبه كملك , ولكن يبقوا بصيغة ألهين وليس اله واحد , ومن هناك تأسست في الحضارة المصرية بأن هذا المنصب الملكي هو منصب تقرره السماء وأن الملك هو أمتداد طبيعي للآله , حتى أن الفرعون يُنسب كأبن للاله حوروس وأحياناً أبن للاله رع .
يوصف الاله الذي يعبده المصريون بالقوة القاهرة , لذلك يُرمز له بالحيوانات الشرسة من مثل القطط البريه والنمور وغيرها, وهو عين ما نظر له الآشوريون عندما رمزوا لالههم أشور برمز الثور المجنح , كرمز للقوة , وكذلك حصل ذلك بالديانة السومرية والبابلية والسورية القديمة , كما أن المصريين بالرغم من وجود الهه أخرى كغيرهم كميزه للتعدد , الا أنهم كذلك عندهم الهه تمثل الآلهه الرئيسية , من مثل الاله حورس , والذي حل محله في وقت آخر كرئيس للبانثيون المصري الاله رع ,والذي يُسمى بالاله العظيم , وسيد السماء , وأب للآلهه جميعاً, كما أنهم يعتقدون أن حورس وسيت يمثلان قوة ماورائية , وفاعلة وراء هذا الكون .
فلو رجعنا الى اسطورة الخلق المصرية لرأينا أن الاله رع وقد ظهر من لجة المياه الأزلية بقواه الذاتية , خالقاً نفسه بنفسه , وبعد ذلك بدأ بأنجاب الآله (شو) اله الهواء, و(تفنوت) اله الرطوبة , ومن هذين الألهين ولد اله السماء (نوت) واله الأرض جيب , ومنهم ولدت الالهه أوزوريس وأيزيس ونفتيس. والمصريون لا يبتعدون عمن سبقهم أو من عاش في نفس الحقبة الزمنية التي عاشوا فيها , فهم لا زالوا ملتصقين في عالم المحسوسات , ولم يتمكنوا للوصول الى حالة التجريد الصافية بالرغم مما تحلوا به من علم وتكنلوجيا تمثلت بعلم الكيمياء والبناء المعماري للأهرامات , لذلك فقد جسدوا آلههم رع على هيئة قرص الشمس , وأعتقدوا بأن اله الشمس يكون في قبة السماء نهاراً , ويذهب الى العالم السفلي ليلاً.
أن الاله المصري القديم الذي يُدعى أوزوريس يُوصف أنه اله الفضائل , وأنه يجازي على فاعلها ويعاقب لمن خالفها وأتبع الرذائل , حيث أشار الباحثون الى أن أول محاولة لربط الدين بالأخلاق بدأت من خلال هذا الاله ومن ذلك الزمن , وأنا بالحقيقة أخالف هذا الرأي لسبب بسيط , هو أن هناك أنبياء ورُسل يتبعون أديان توحيدية سماوية من أمثال النبي أبراهيم والذي سبق ظهور هذه الالهه , والأديان التوحيديه دعت الى مكارم الأخلاق والفضائل والأعمال الصالحة , وأن الأخلاق الحلقة الرئيسيه التي ترتبط بالدين التوحيدي , وهو العمل الأساس للأنبياء وقد قال محمد (ص) (أنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق) , وهذا ما أرجحه من خلال ما جاءت به الأقوام التي أستوطنت منطقة الدلتا من سوريا , وسوريا كما تعلمون هي من المناطق التي أستوطن بها فترة من الزمن النبي أبراهيم (ع) , مع العلم أن هناك من يؤرخ لفترة النبي أبراهيم تقع بين (2324-1850) ق.م , وأن هذه الأقوام وأن كانت وثنية ولكن لا بد أن تسرب اليها شيء من الدعوة الأبراهيمية , خاصة وهناك من يؤرخ بأستكمال أسطورة أوزوريس هو في زمن الدولة المصرية القديمة الوسطى , في القرن الرابع والعشرين قبل الميلاد . وهذه الفترة قد عاش بها النبي أبراهيم ‘ , كما كان هناك أنبياء قبله عاشوا في هذه المنطقة , فهؤلاء الأقوام التي جاءت من الشرق الى مصر يُحتمل أنها نقلت معها شيء من تراث البيئة الأصلية , ومنها لاشك تسربات من تعليمات , الأنبياء الذين كانوا بين ظهرانيهم وهكذا حدث ذلك في كثير من الحضارات التي حدثت فيها هجرة سكانية , وقد لمسنا تشابه في الوهية الحضارة الرافدينية والسورية والأغريقيه , حيث كلهم يعبدون آلهه لها نفس الوظائف وأن أختلفوا بالأسماء , فكلهم عندهم الهه للشمس وللسماء وللقمر وللخصوبه والجنس فمثلاً عشتار في سومر وبابل, نرى عند الكنعانيين عشتارت وتسمى أيضاً عناة وعند الأغريق تسمى أفروديت, فكلها تمثل الهة للحب والخصوبة وأن كانت تنتمي الى حضارات وأديان مختلفة , ولكن التلاقح الثقافي عن طريق التنقل والهجرات , حصل هذا التماثل بينهم في الأعتقاد , كما أن هناك تشابه بين ميثلوجيا هذه الأديان في الحضارات الرافدينيه والسورية والأغريقية كما في ميثلوجيا بدأ الخلق . أن أكثر هذه الأديان والحضارات يرتكزون في تصوراتهم في بدء الكون على نقطة المياه البدئيه , كبداية لخلق الالهه والعالم , بنفس الطريقة يمكن أن تكون الأخلاق وعلاقتها بالدين لم تكن وليدة الميثلوجيا المصريه (أوزوريس) فقط وأنما أعتقد لها أمتداد من دين سماوي سبقها زمانيا, كما أن هناك ملك سومري قد أقام قواعد العدل وأنتصر للخير وأسمه أوركاجينا , حيث سعى الى التخلص من المفاسد , وضبط الموازين وحماية الأرملة واليتيم والمسكين من سوء المعاملة , وأقامة العدل , وهم يزعمون أن الآلهة هي من خططت على هذا النحو , وأقامة هذه الضوابط والتعليمات الأخلاقية, ولم يكن الأنسان الا متبعاً للأوامر الألهية (فراس السواح , موسوعة تاريخ الأديان)ص269 .
يبدو أن هناك نقلة نوعية في عقلية الأنسان المصري , وأعزو ذلك الى التلاقح الثقافي مع الأقوام المهاجرة من الشرق الى مصر , هذه العقلية تكون عندها تصور أن النظام الكوني لم يصدر الا من اله , وبما أن هذا الاله قادر على الخلق , ومَشَغله , فهو الأولى بتنظيم المجتمع وحكمه لتكون هناك حالة أنتظام واحدة . هنا برزت عندهم أسطورة الأوزورية , التي تصور الاله أوزوريس كأله عادل وناشر للأمن والأمان , وهو من قاد البشرية من حالة الفوضى الى عصر الحضارة والنظام. هذه الميثلوجيا هي تعبير عن أماني ورغبة تخالج الأنسان المصري القديم أو كردة فعل لحالة الأستبداد والظلم الذي لمسه من قبل رؤساءه المتعاقبين على حكمه , أو هو أيمان بالوهية الفرعون كنقطة لقاء البشري مع الالهي , وأنه أبن الاله أوزوريس في الأرض , كما لم تقف أسطورة أوزوريس كحاكم فعلي للمصرين في الحياة , بل سيكون هو حاكم أيضاً في الحياة الآخرة , وهذا الأمر ليس الأول من نوعه في الديانه المصرية القديمة , فمسألة العالم الأسفل موجود في ميثلوجيا الحضارات الأخرى التي سبقت الديانة المصرية القديمة, فالسومريون قد أقتنعوا أن الأنسان قد خلقه الأرباب وأن الأنسان لم يكن الا متبعاً لأوامرهم, , وأن الأرباب السومريون يفضلون الأخلاقي على غير الأخلاقي , وأنهم عشاق للخير والعدل وأن الأشراف على النظام الأخلاقي من أهم وظائفهم , ومثال ذلك الاله أتو اله الشمس , ومن المعروف هناك لائحة يدعو السومريون أنها من أختراع الأرباب , مهمتها توضيح القواعد والنظم الأخلاقية التي تجعل الكون يسير بسلاسة وفعالية كما في قائمة عملوها تبين هذه القواعد وتسمى قائمة (مي) , وقد نقلت ذلك بتصرف من مقالة (الديانة السومرية , اللاهوت والطقس والأسطورة) تأليف س.ن.كرامر , ترجمة محمود منقذ الهاشمي. لكن المصريون القدامى قد فَصَلوا في ذلك كثيراً وأهتموا في طريقة بناء المقابر بطريقة فيها الكثير من الأهتمام بأعتبارها تمثل مكان أو التمهيد للحياة الثانية . كما أن هناك أشارة ألفت نظر القاريء الى أن ما أُعطيت من صفات للاله أوزورس في أسطورته الى درجة أشبه بالتطابق مع صفات الاله في الأديان السماوية التوحيدية , فمثلاً توصف الأسطورة الأوزوريه الاله أوزوريس بأنه المحاسب يوم الحساب , وهو العادل بين الناس , وهو من يُثيب ويعاقب , وهو من بيده الأقدار , وهو رب القضاء والقدر, وبيده مصائر البشر , والمطلع على السرائر , وهناك الهين أثنين يعاونانه على أحصاء الأعمال الصالحه والطالحة للبشر , وهذا عين ما يذكره القرآن في الآية (ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد), وبما أن هذا المبدأ موجود بالأسلام فمعنى ذلك هو موجود بالأديان السماويه السابقه بأعتبار أن الأديان التوحيديه أمتداد لبعضها . هذه المقاربات هي من ترجح أن هناك تلاقح وتسرب للأفكار والمعتقدات بين شعوب هذه المنطقة , ولابد أن مجمع كهان الدين المصري القديم , وحتى الأديان الرافدينية القديمة قد عمل كهانها على أعداد لواح وتصورات قد أستمدوا بعضها من الأديان السماوية ممزوجه بأفكار ميثلوجية من بنات أفكارهم وتصوراتهم الخاصة . هناك ملاحظه مهمة قد أستوقفتني بالحقيقة فيما يخص بعض المفسرين من المسلمين الذين أسردوا في مسألة الجنة والنار وفصلوا فيها كثيراً بما لم يأتي به الله من سلطان , وقد نسجوا على نفس المنوال الذي نسج علية المصريون القدامى وما نسج عليه رجال الدين والكتاب المسيحيون في القرون الوسطى ,حيث شرحوا كيفية العذاب وما موجود في النار من الكائنات المخيفة , وما يحدث من عذاب في القبر , وكيف يكون عذاب القبر , وهو كلام لم يأتي به القرآن ولم يصرح به الرسول (ص) وأنما هناك أشارات من القرآن والرسول الى الجنه والنار , وأشارات الى العذاب للمسيء وتلميحات للمؤمنين لا غير, لأنها أمور جعلها الله في صفحات الغيب , ولكن هؤلاء المفسرون أجتهدوا من عندياتهم وأطلقوا العنان لمخيلاتهم في وصف مشاهد الجحيم والنعيم , وهو عمل مشابه لما قام به كهان الأديان القديمة من ميثلوجيا تفسر به ما يجري في العالم السفلي , عندما يغادر الأنسان الحياة الدنيا, وهو عين ما فعله الكاتب الأيطالي دانتي في روايته ( الكوميديا الألهيه) , حيث وصف جهنم وطبقاتها وطرق التعذيب بها , وهي توصيفات من نتاج خياله لأن السيد المسيح لم يتطرق أطلاقاً بوصف الجنه والنار ولكن دانتي لعله أستمد ذلك من رهبان الكنائس الذين كتبوا ما شاء لهم الكتابة في اللاهوت المسيحي , وهنا كان عمل بعض الكتاب المسلمين ودانتي يشبه عمل أصحاب ميثلوجيا الأديان السومريه والبابليه والأغريقية والمصرية القديمه ,كما ينطبق على الكثير من ميثولوجيات أخرى لشعوب كثيرة بالعالم .
من الغريب هناك من يدعي بأن الديانه المصريه هي الأصل في ظهور الدين الأخلاقي, وكذلك الأدعاء بأسبقيته بالدعوة بوجود حياة أخرى بعد الموت , في حين يقول الباحث ج. فياؤد في كتابة (الآلهه والأساطير) ترجمة فراس السواح ما يلي ( فعلى الرغم من معرفتنا بكل أسماء الهة مصر والهاتها وبالمعابد المكرسة لها, الا أننا لا نعرف سوى القليل عن طبيعتها, ونادراً ما نعرف الأساطير المتصلة بها) .
أن الديانه المصرية القديمه مثلها مثل غيرها من سومريه وبابليه وآشورية وكنعانييه وفينيقية قد صوروا الاله يتجلى بحيوان, وأحياناً بنصف حيوان وأنسان وأحياناً بأنسان , وكغيرهم تصوروا أن مجتمع الالهه كمجتمع الأنسان الا أن لهم قدرات فائقة وقوى عظيمة , ولكن هم يتزوجون ولهم أولاد وعوائل ويأكلون ويشربون , وهذا يبرهن على أن الأنسان المصري لا زال ملتصق بالمحسوس ولا يقوى على مغادرته الى المجرد بشكله التام , وأنهم عددوا الآلهه كغيرهم , فعندهم اله للقمر وآخر للشمس وثالث للنيل وهكذا , وأن هناك رئيس أكبر لهذه الالهه فقد سموه حورس وأنتقل بعد فترة الى رع , وهكذا رئيس المجمع الالهي يتغير عندهم عبر الزمن. نلتمس من كل ذلك أن الأنسان المصري القديم يعزوا الخلق للآلهه وكذلك النظام الكوني والأخلاقي , بأعتبار أن الأخلاق مصدرها الاله أزوروس , ولا تتم وتتحقق العدالة في الأرض الا بتطبيق اللوائح الأخلاقية التي نادى بها الاله أوزوروس , وهذا الأمر يسري أيضاً على الحاكمية , فالألهه أو أبن الاله فرعون هو من له فقط حق الحاكمية على الناس بأعتباره أمتداد للآلهه , وهناك من الفراعنة من أدعى الألوهية , لتكون له الشرعية والقدسية التامه كمبرر للحكم والبقاء فيها , وقد وضحت ذلك الآية القرآنيه على لسان فرعون قائلاً (فقال أنا ربكم الأعلى) , أيضاً الآية ( ما علمتلكم من اله غيري).
الخلاصة:
1- أن الديانة المصرية القديمة, هي ديانة متعددة الالهه.
2- الديانات الرافدينيه والسورية القديمة كسابقتها ,لها مجمع الهه , يترأسه الاله الأكبر , وقد شغل هذا الموقع أكثر من اله بالتعاقب , في البدء كان الثنائي القطبي (حوروس-سيت) وبعدهم الاله رع , وبعده أوزوريس.
3- برز النسق الأخلاقي في الديانة المصرية القديمة بشكل قوي , وقد أرتبط هذا البعد في الاله أوزوريس , وهو من جذر البعد الأخلاقي في الفرد والمجتمع وربطة بالحساب الأخروي , فهناك ثواب وعقاب, ولكن لم تكن هي المحاولة الأولى فقد سبقه الملك أوركاجينا في الحضارة الرفدينيه , حيث كان ملك يعتني بالقيم الأخلاقية ( عدل, حرية, رحمة بالضعفاء, كافح الفساد).
4- تميزت الديانة المصرية بالأهتمام بحياة ما بعد الموت, وهذا أحد أسباب بناء الأهرامات.
5- الأيمان بالحساب الأخروي, وأن هناك ثواب وعقاب.
6- أن الديانة المصرية القديمة هي حصيلة تلاقح ديانة وثقافة من حضارة جاءت من الشرق (رافدينية, سورية قديمة) مع ديانة وثقافة مصرية أصيلة.
7- خطت الديانة المصرية القديمة خطوة للتوحيد وأن كانت ناقصة , حيث وحدوا الآلهين (حوروس-سيت) في جسد واحد , ولكن في رأسين منفصلين , زاعمين على أيمانهم بأن للخير اله وللشر اله.
#أياد_الزهيري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟