أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فلورنس غزلان - طرطارة - تحسين - أي موتوسيكل تحسين














المزيد.....

طرطارة - تحسين - أي موتوسيكل تحسين


فلورنس غزلان

الحوار المتمدن-العدد: 7203 - 2022 / 3 / 27 - 23:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تحسين رمز من رموز المخابرات أو بالأحرى " الأمن السياسي " في عهد الوحدة المصرية ــ السورية، وكانت تدعى آنذاك " المكتب الثاني " . كان له صولة وجولة يمضي جل نهاره متنقلا بين مكتبه خلف السرايا الحكومي بدرعا طبعاً، وبين " الجمارك على الحدود السورية ــ الأردنية .
كلما سُمع صوت " طرطارته " يجري كل أبناء الحي مسرعين بالاختفاء أو الاختباء خوفاً منه !!! ، مروره يثير الرعب في نفوس الصبية فما بالك الكبار .
عادت عائلتنا من هجرة قصيرة إلى الأردن بعد أن قضى المرحوم والدي حوالي السنة في السجن وأغلقوا باب رزقه " أي المقهى والمطعم الذي يملكه في منطقة الجمارك الحدودية، وبعد أن وقع بشكل مبدئي المرحوم " شكري القوتلي " على التنازل لعبد الناصر عن الرئاسة لتصبح سورية فيما بعد " القطر الشمالي لدولة الوحدة "، والسبب أن المرحوم والدي كان ينتمي للحزب القومي السوري آنذاك.
مما اضطره لمغادرة البلاد تحت جنح الظلام والتسلل نحو الأردن طالباً اللجوء السياسي، لم يعد لنا معيل ، ويبدو أن والدي استطاع تدبير طريقة ما يمكن من خلالها لشقيقتي الكبرى " عفاف" ــ كانت آنذاك في الصف الخامس الابتدائي بحيث أنها في أول خميس من كل شهر ترافقها والدتي وكأنهما تبحثان عن " خبيزة أو عكوب أو أي نوع من الحشائش ،تحمل سلة صغيرة تضع بها الحشائش ...ثم ماتلبث أن تجد إلتفافة خلف تلة من التلال بحيث لاتعد الجمارك على مرآى منها,تشير من هناك بينما ترقبها والدتي إلى سيارة من سيارات الأجرة التابعة لسكان الرمثا " أعتقد أن ضابطا من ضباط الحدود الأردنية قد أعطاهم مواصفات شقيقتي وأوصاهم بها خيرا وبأن يحملوها لمكتبه حين تركب معهم ...ويكون والدي بانتظارها في مكتب الضابط الذي لازلت أذكر زياراته لنا فيما بعد و نناديه " عمو سيفو ".
بعد عودتنا قبل انتهاء الوحدة مع مصرمن خلال عفو خاص تقدم به المرحوم جدي لعبد الناصر عند زيارته لدرعا، بالطبع رغم ذلك ، بمجرد دخولنا الجمارك السورية نزلنا جميعنا نحو بيتنا القريب جداً، والتقينا بأقاربنا ، لكن والدي توجه فورا لمكتب الأمن ونقلوه من فورهم إلى سجن" المزة "بدمشق وبقي لمدة شهرين " للتحقيق"!
ثم عاد حراً طليقاً، بعد وصولنا المنزل بيوم واحد حضر إلى بيتنا " المدعو تحسين " للتحقيق معنا كأسرة ، حتى أنا وكنت الأصغر بين أخواتي أصر على حضوري ماعدا فوزي تركه يلعب في الخارج، وراح يسأل الجميع وأولهم أمي وعفاف ، كان مبتسما ، دمثاً ، هاديء الطبع كهدوء ثعلب يتربص باقتناص غنيمة دسمة، هدأ من روع عفاف قائلا : " أتعتقدين أني لم أكن على علم بزياراتك المكوكية لوالدك في الأردن في أول خميس من كل شهر ؟ وانت يا أم فوزي ألم تكوني مرافقة لها حتى تتأكدي من ركوبها سيارة من سيارات الرمثا؟ ....أسقِطِ بيد الاثنتين كلا منهما تنظر للأخرى وترتجف.... حتى أنا علمت لحظتها بزيارات عفاف ــ لكنه قال : لا لاعليكِ لو أردت إيذاءكم لفعلت في حينها....لكني كنت أغض النظر عنكما فالأسرة يجب أن تأكل...أنا أريدكم أن تعطوني رأيكم بكيفية تعامل الأردن وأهله معكم وكيفية استقبالهم لكم ...سألني عن مدرستي ومعلماتي هناك ، وبالطبع كنت أحبهن جميعاً وحزنت لفراق مدرستي ومعلماتي ، خاصة أني كنت مدللة عندهن بحكم كوني الأولى في صفي ...والله هذه حقيقة ـــ لكن فرحتي بالعودة لبلدي كانت أقوى...ركز على والدتي بحكم كونها من أصول أردنية وكل اخوالي وخالاتي كن هناك طبعا وجميعهم وقف إلى جانب اللاجئين " القدامى " أمثالنا ...
شرب تحسين قهوته وكل صبيان الحي يتلصصون على بيتنا تملأهم الخشية من بطش تحسين بنا، وما أن دارت الطرطارة حتى اختفت العيون المتلصصة خلف الجدران....غادرنا مودعاً بحرارة وابتسامة...ومن بعد كرت سبحة الأسئلة علينا: هل فعل لكم شيئاً؟ هل كان قاسياً هذا الملعون ؟ مالذي يرده منكن ؟....الخ
ولم يصدقوا أننا كنا بخير وأن الرجل كان في منتهى اللطف والدماثة معنا !
بعد شهر فقط ...اختفى تحسين أبو الطرطارة.....وبدأت الأخبار تأتي من الأردن فقد كان هذا التحسين " عميلاً أردنياً مزروعاً في المكتب الثاني لحكم الوحدة المصرية ــ السورية يوصل كل المعلومات بشكل يومي لمعلميه هناك وهذا سر تنقله اليومي بين الجمارك والمكتب ...وهذا هو سر لطفه ودماثته وغض نظره عن تسلل أختي للقاء والدي في الأردن.
نفلح كثيرا في التجسس على بعضنا ونفشل أمام العدو ...فمن قبل تحسين وصل" كوهين " للوزارة في دولة البعث .
من دفاتر مذكراتي ـــ فلورنس غزلان



#فلورنس_غزلان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحقاً أن للمرأة عيد؟
- يسمونه - الوطن-!
- غداً يصادف اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة
- عدالة القوة ! :
- جسور
- لماذا كل هذه السذاجة، أو بعض الغباء؟
- معيب ومشين أن يتمركز الاشراف على مواقع التواصل الاجتماعي في ...
- إلى ميشيل كيلو
- عشر سنوات، فأين نحن اليوم من الحلم وكيف نقرأ الفشل-
- في الجحيم تقفين يابنة سورية، ومع هذا كل عام وأنت بخير:
- معركتنا مع الإرهاب فكرية أيديولوجية
- أرواح الأبواب :
- حكومات خارج التغطية - لايطالها قانون ومازالت فوق أكتافنا-
- كيف تكون مواطناً عربياً سورياً ــ حسب المفهوم الأسدي؟!
- ذاكرة جيل سابق :ــ
- إله محايد ومجتمع مسلوب
- متى تتوقف الخزعبلات؟
- قراءة في مقتل سليماني
- انسحاب وتسليم من اليد الأميريكية إلى اليد الروسية :
- حراس بيت الله :


المزيد.....




- نقل الغنائم العسكرية الغربية إلى موسكو لإظهارها أثناء المعرض ...
- أمنستي: إسرائيل تنتهك القانون الدولي
- الضفة الغربية.. مزيد من القتل والاقتحام
- غالانت يتحدث عن نجاحات -مثيرة- للجيش الإسرائيلي في مواجهة حز ...
- -حزب الله- يعلن تنفيذ 5 عمليات نوعية ضد الجيش الإسرائيلي
- قطاع غزة.. مئات الجثث تحت الأنقاض
- ألاسكا.. طيار يبلغ عن حريق على متن طائرة كانت تحمل وقودا قب ...
- حزب الله: قصفنا مواقع بالمنطقة الحدودية
- إعلام كرواتي: يجب على أوكرانيا أن تستعد للأسوأ
- سوريا.. مرسوم بإحداث وزارة إعلام جديدة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فلورنس غزلان - طرطارة - تحسين - أي موتوسيكل تحسين