أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد محضار - اللحظات الميتة














المزيد.....

اللحظات الميتة


محمد محضار
كاتب وأديب

(Mhammed Mahdar)


الحوار المتمدن-العدد: 7200 - 2022 / 3 / 24 - 19:06
المحور: الادب والفن
    


الألوان تتماوج أمام عيني في حركات تلاحقيه. الأحمر البنفسجي، الكاكي، القمحي وألوان اخرى. لساني يتجول على ضفتي شفتي دون توقف. درجة حرارتي ترتفع، أصوات غريبة تنطلق في أعماقي. أحس بمغص في بطني وألم في رأسي. نظراتي زائغة تلاحق أجساد الحسناوات المارات أمام المقهى. ارتباكي أُفرغه في مداعبة منفضة السجائر بأناملي. حنين وشوق كبيرين إلى أشياء قديمة ،يرسمان معالمهما على سحنتي..
مَريرةٌ هي اللحظات وثقيلة تَمرّ، وأنا أزدردُ كومة حزن واِكتئاب، شحاذة عجوز تَقوّس ظهرها وضَمُر جسمها (سمعتُ أحد رواد المقهى يهمس في شأنها لصديقه: لقد كانت "شيخة كبيرة."1. انظر ماذا حل بها)، تمدّ لي يدها المُغضّنة ولسانها يسترحم. أشْمئزّ من منظرها لكنني أنقُدها بضع سنتيمات، صمت أيام رهيبة ينزل بكل ثقله على رأسي .
قبل لحظة من الآن غازلت فتاة علقت نظراتها بحذائي المحمّل بِغبار البادية التي أُدرس بها. فقالت لي، بصوت ساخر "سير دّيها غير فيصباطك الموسّخ"، ثم ركبت سيارة كانت تلاحقها من الخلف. يَظهر ماسح أحذية صغير السن على حين غرة؛ أسَلّمه حذائي كيْ يلمعه. يشتغل الصبي بكل عناية وجدّ. بعد برهة أنظر الى حذائي بكل إعجاب.
أترك مكاني في المقهى. أشق طريقي بين شوارع المدينة، بخطو تائه لا يرسو على اتجاه. المدينة تعيش مهرجان الغروب. الشمس ثملة تعب كؤوس الشفق، معانقة الأفق باستسلام، وخيوط الظلام أخذت تتسرب، بخشوع إلى السماء.
ساهيا أمشي؛ تصطدم قدماي المتخاذلتان بصندوق قمامة، تنط منه قطة سوداء، تسرع هاربة ومواؤها يكسر السّكون. رعشة اشمئزاز تعتري جسدي النحيف. القطط السوداء فأل شؤم.. هذاما رددته أمّي على مسامعي باستمرار إبان طفولتي. أقرأ المعوذتين وأتابع سيري
البرد يلفع وجهي، يلسع أرنبةَ أنفي. خُطاي تصبح حثيثة. أصل اإلى البيت الذي أتقاسمه مع صديقي عْزّوز، المشتغل بإحدى ثانويات المدينة. أدلف الى الداخل.. مصباح غرفة عزّوز مضاء. أَلجُها. عزوز صحبة صديقته ارْحيمُو، التي تُدرّس بمعيّته. كانا يحتسيان "علب بيرة" ألقي إليهما بالتحية، ثم أنثني خارجا. جاءني صوت ارْحيمو يطرق أذنيّ:
-ألا تشرب معنا كأسا؟.. ولو لمَرة واحدة
-تعلمين أنني لا أشرب ولا أدخن
يعلق عزّوز ساخرا :
-بوركت أيها المتصوف المخذول
أبتسم دون أن أرد؛ ثم أخرج. تَحتويني غرفتي. أستلقي على السرير. تضطرب الخواطر في صدري. تقبل الكلمات والعبارات على زورق الماضي وتتزاحم عند بوابة ذهني. تنتابني الرغبة المعتادة في الارتماء بين أحضان الأوراق. أهرع إلى مكتبي. أصب حِبرَ قلمي على القرطاس. أكتشف أنني أتحول إلى ألفاظ ناطقة تضجّ بالكآبة. كم أمقت الكآبة لكنها تفرض نفسها ضيفة ثقيلة على كل ما أكتب..



#محمد_محضار (هاشتاغ)       Mhammed_Mahdar#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوجه الأخر
- سيدة القلب
- أوراق بلون القمر
- خريبكة مدينة خارج السياق 3
- حديث عينيك
- خريبكة مدينة خارج السياق (2)
- خريبكة ١مدينة خارج السياق
- حديث الأمس: مقتطف من رواية -هلوسة-
- الفرصة الأخيرة
- للزمن حكايات أخرى
- العذراء والدم
- أناديك يا زمن الفرح!
- وجود الشيء واحتراقه!
- العجوز و الموت
- لقاء
- تذكرة سفر نحو المجهول
- زمن البرشمان
- العامريات
- أنفة المنكسرين
- سيدة الفجر المغتال


المزيد.....




- بعد سقوطه على المسرح.. خالد المظفر يطمئن جمهوره: -لن تنكسر ع ...
- حماس: تصريحات ويتكوف مضللة وزيارته إلى غزة مسرحية لتلميع صور ...
- الأنشطة الثقافية في ليبيا .. ترفٌ أم إنقاذٌ للشباب من آثار ا ...
- -كاش كوش-.. حين تعيد العظام المطمورة كتابة تاريخ المغرب القد ...
- صدر حديثا : الفكاهة ودلالتها الاجتماعية في الثقافة العرب ...
- صدر حديثا ؛ ديوان رنين الوطن يشدني اليه للشاعر جاسر الياس دا ...
- بعد زيارة ويتكوف.. هل تدير واشنطن أزمة الجوع أم الرواية في غ ...
- صدور العدد (26) من مجلة شرمولا الأدبية
- الفيلم السعودي -الزرفة-.. الكوميديا التي غادرت جوهرها
- لحظة الانفجار ومقتل شخص خلال حفل محمد رمضان والفنان المصري ي ...


المزيد.....

- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد محضار - اللحظات الميتة