أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد محضار - الفرصة الأخيرة














المزيد.....

الفرصة الأخيرة


محمد محضار
كاتب وأديب

(Mhammed Mahdar)


الحوار المتمدن-العدد: 7195 - 2022 / 3 / 19 - 17:28
المحور: الادب والفن
    


الشارع شبه فارغ.. تقف عند ناصيته صامتا. تلتفتُ حولَ نفسكَ ..تنفثُ دخان سيجارتك العاشرة، تمر شاحنة متهالكة فتطلق دخان عَادمها في وجهك ،تَلعنُ الشّاحنة وسَائقها ،تَبصُق على الإسفلت في غضب .
تمد لك مُتسولة يدها المَعُرُوقَة وتفتح فمها الأدْردَ طالبة حَسنة، تشيح عنها بوجْهكَ وترد بجفاء :"الله يجيب ألّاألّا1".تُحس أنك أَضعتَ الكَثير من تلك القِيّم التي عِشتَ تَعُبُّ من مَعِينها ، لم تَعٌد عندك تلك النّزعَة الانسانية التي طالما نَظَّرْتَ وتحمّسْتَ لها في حواراتك وسِجَالِك مع زُملائك المُثقفين والمُهتمين بالفِكر الانساني ،لا شيء يُجبرك الآن على الندم..
أَشعلَ سيجارة جديدة، نظرَ الى ساعته ،مضت ساعة على وقوفه، لم تَحضر نَازك ،كانت لديه قناعة مسبقة أن حضورها مشكوك فيه ،ولكنه رغم ذلك حضر وانتظر حدوث المعجزة.
أنتَ تتذكر أن نازك كانت جزءا من ماض مثير للجدل ،عَرفتَها في ظروف صعبة , منحتك جسدها ومَالهَا ..كُنت يومها طالبا مفعما بالحياة يطمح إلى الغد و يُمنّي النفس بتحقيق ذاته، أما هي فكانت اِمرأة ناضجة تجاوزت الثلاثين، رغم فارق السن اِنجذبتما إلى بعضكما، وتحاببتما.
بعد شهر من التعارف انتقلت للإقامة معها في شقتها الفاخرة ،عِشتما أشبه بزوجين، ثم فجأة حدثت القطيعة بلا مقدمات وبلا تفاصيل ذهب كل الى حال سبيله، ربما كان الملل سببا للفراق، وربما كان نزق الشباب دافعا لذلك ،لا علينا الانفصال حدث، ومضى كلّ إلى غايته يستحث الخطى نحو المجهول .

بعد عشرين سنة ،اِلتقاها صُدفة بأَحد الأَسواق الممتازة ، في البِداية لم يصدّق نفسه، لكن تقاسيم وجهها البهي وسحر عينيها الزَّرقاوين وتلك النَّظرة الحالمة التي تونق منهما ،جعلته يدرك أنها هي ،وأن عامل الزمن لم يغير شيئا فيها بل ربما زادها نضجا وجمالا اقترب منها وناداها باسمها، فتجاهلته لكنه ألَحّ في مناداته وقال بصوت أقرب للرجاء والاستعطاف: "نازك" أرجو ان تمنحيني فرصةَ الحديث إليك ولو للحظة لا تنسي أننا أكلنا خبزا وملحا معا.
قبلت الاستماع إليه بعد لأْيٍ ،فَحدّثها عن ضِياعه واِغترابه ..أَسرّت إليْه بِترمّلها منذ شهر فقط بعد زواج لم ترزق منه أطفالا أحس أن الحياة تبتسم له ، طلب وِدّها من جديد , لكنها صدته بلطف ،وطلبت منه احترام الظروف التي تمر منها ألحَّ في طلب موعد منها ،وافقت دون حماس.

بدأَ الملل يتسرب إليكَ ..قُلتَ لنفسك ..قَد تجمعنا الأَيّام غدا أو بعد غد، ثم هممتَ بمغادرة المكان
فجأة! توقفت سيارة أُجرة ،ترجّلت منها سَيّدة بلباس أسود ونظارات معتمة التفتت إلى اليمين ثم إلى اليسار واندفعت نحوكَ .كانت نازك ..لقد جاءت إلى الموعد. إنها فرصتك الاخيرة .


-1 لَالَّا: تعني سيدة باللغة الدارجة المغربية


خريبكة 16 ماي 2007



#محمد_محضار (هاشتاغ)       Mhammed_Mahdar#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- للزمن حكايات أخرى
- العذراء والدم
- أناديك يا زمن الفرح!
- وجود الشيء واحتراقه!
- العجوز و الموت
- لقاء
- تذكرة سفر نحو المجهول
- زمن البرشمان
- العامريات
- أنفة المنكسرين
- سيدة الفجر المغتال
- ليل حزين
- زمن الدم
- قصة قصيرة : عبير الماضي
- نص شعري:تمرد
- قصة قصيرة :رحلة الصمت


المزيد.....




- لقاءان للشعر العربي والمغربي في تطوان ومراكش
- فن المقامة في الثّقافة العربيّة.. مقامات الهمذاني أنموذجا
- استدعاء فنانين ومشاهير أتراك على خلفية تحقيقات مرتبطة بالمخد ...
- -ترحب بالفوضى-.. تايلور سويفت غير منزعجة من ردود الفعل المتب ...
- هيفاء وهبي بإطلالة جريئة على الطراز الكوري في ألبومها الجديد ...
- هل ألغت هامبورغ الألمانية دروس الموسيقى بالمدارس بسبب المسلم ...
- -معجم الدوحة التاريخي- يعيد رسم الأنساق اللغوية برؤية ثقافية ...
- عامان على حرب الإبادة في غزة: 67 ألف شهيد.. وانهيار منظومتي ...
- حكم نهائي بسجن المؤرخ محمد الأمين بلغيث بعد تصريحاته عن الثق ...
- مخرج «جريرة» لـ(المدى): الجائزة اعتراف بتجربة عراقية شابة.. ...


المزيد.....

- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت
- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد محضار - الفرصة الأخيرة