أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد محضار - أنفة المنكسرين














المزيد.....

أنفة المنكسرين


محمد محضار
كاتب وأديب

(Mhammed Mahdar)


الحوار المتمدن-العدد: 7187 - 2022 / 3 / 11 - 03:43
المحور: الادب والفن
    


قلتُ لها :
-على رِسْلكِ ، الحياة مبْتَسمةٌ لنا غداً،رغم أنفِ ما نحن فيه من ضنك وضيق حال
ردّت بصوت ساخرٍ:
-وهل يحق لمن تقطّعتْ به السُّبل، وسرقت الأيام من عمره الكثير، أن يحلم بابتسامة تجود بها الحياة.
ربما كان في كلامها الكثير من الصحة لكنك بطبعك الصعب تعشق التحدي ، وتؤمن بأَنَّ الحياة تُعاشُ حتّى أخر نفس ،وأن مُقتضى الحال يتطلب منك التحلّي بمزيد من الصبر،والتكيف مع سلوكيات غير سوية تَصدرُ عن كائنات المفروض أنها بشرية،كُل ذلك يدفعك إلى تقديم تنازلات تقودك إلى خانة المتسولين في زمن شحّت فيه المشاعر! ،وطغت لغة الوضاعة، أنت تعلم أن الكثيرين سيدوسون على ناصية كرامتكَ، وينزلون على ظَهرِكَ بسياط نقمتهم ،ورغم ذلك تراوغ وتُماري ،وتكذب على نفسك ،وتتعايش مع الوضع بأنفة المنكسرين،وتنتظر بعد أن وَهَن منك العظم واشتعل الرأس شيبا ،أن تبتسم لك الحياة ،ويَسْكُن وجع السنين.
كنا نجلس في باحة مقصف ،بمواجهة الشاطئ ،نتناول وجبة خفيفة،وعند أقدامنا كانت تتكور قطة عجوز، تشي سحنة وجهها الذابل ،وعينيها الغائرتين ،بوطء الأيام ،وكأنها أحست بالغريزة والفطرة،أننا نتقاسم معها ثقل الأعوام الجاثمة فوق كهولنا، فآنست لنا.
قلت لها :
-مَرّ عَام على أخر جلسة لنا بهذا المكان، عامً مُرٌّ مثقلٌ بالوجع والمعاناة...لعل القادم يكون أحلى.
حركت رأسها مؤيدة كلامي ،ثم استدركت قائلة:
-معك حق، مرّ عام بمرارته وَوَجعه، ولكنك كعادتك تفرط في تفاؤلك، وتنتظر غدا أحلى، رغم علمك بأنّ الوضع لا يبشّر بخير.
هي تعلمُ ،أن الزمن كشّر عن أنيابه ، في وجهيكما،وحطم جزءاً كبيرا من صرح أحلامٍ ظللتما تنسجان تفاصيلها على امتداد سنوات طويلة من عمريكما وتعلم أيضا ،أنك كُنت قويّا وصبورا،في وقت انهارت فيه هِي ولم تقوَ على تحمل لسعات الغدر والخيانة،فبدأت رحلة حزن موسومة بكآبة رهيبة ،تَسكن ملامح محياها وشح في الابتسام يلازمهُ .
وبين تشاؤمها وتفاؤلك الحَذرِ، تكبر الحيرة، ويضيق هامش المناورة، وتصبح غواية البحث عن مخرج، أمراً غير محبّذِ.
طلبتُ منها أن تلتقطَ لي صورة بهاتفي النقال،سخرت مني متسائلة :
-أتعني ما تقول ؟ وهل مثلنا جدير بأخذ الصوّر ؟
قاطعتها غاضبا:
-أخدُ صورة أمر عادي، كيفما كان الحال، نحن في حاجة إلى اقتناص لحظة استمتاع.سأطلب من النادل التقاط صورة لنا معا.
لم تعلق على كلامي، واكتفت بتحريك رأسها، أشرت للنادل، فتقدم مني مبتسما، أسررتُ برغبتي، قَبل دون تردد.ثم التقط لنا عدة صورِ، وانصرف إلى حاله.
ماءت القطة ،تطلب أكلاً،ألقيت إليها بقطعة لحم صغيرة،أسرعت تلتهمها،قلت بصوت متأثر:
-دعمُ كائن ضعيفٍ ،قَلّبتْ له الأيام ظهر المجن واجبٌ .
ردّت وهي تحاول الابتسام :
-لا اعتراض لي على كلامك،فكُلّ المخلوقات لها الحق في العيش الكريم .
ثم تابعت مستدركة :
-"ما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها يعلم مستقرّها ومستودعهَا كلّ في كتابٍ مبينٍ" صدق الله العظيم
اكتفيت بالنظر إليها ،وقلت في سري :" ونعم بالله"



#محمد_محضار (هاشتاغ)       Mhammed_Mahdar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيدة الفجر المغتال
- ليل حزين
- زمن الدم
- قصة قصيرة : عبير الماضي
- نص شعري:تمرد
- قصة قصيرة :رحلة الصمت


المزيد.....




- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد محضار - أنفة المنكسرين