انا والشيوخ طال عمرهم

عماد ابو حطب

الحوار المتمدن-العدد: 7169 - 2022 / 2 / 21 - 17:01
المحور: الادب والفن
    

١/
طالت الجائحة،وصرت أسير المحبسين:الفاقة وجدران غرفتي،لا عمل يلوح في الأفق، ولا ونيس يطرق بابي.بات عالمي كله يدور من خلال الهاتف الذكي ،احاول عبره جني بعض اليورهات علها تتكفل بسد آجار غرفتي اللعينة،واحتياجاتي التي باتت محصورة بعلبة السجائر واشتراك باقة الهاتف و سندويشة " دونر "من لحم لا يعرف مصدره إلا الله والمطعم التركي. أشهر عديدة بعثت خلالها مئات من طلبات العمل عبر الانترنت وكان الجواب دوما:"نحن نسرح من عندنا،فخسائرنا تتواصل،ولا بارقة أمل في الخلاص من الإجراءات المتشددة.اما محاولاتي لإيجاد عمل جديد يعتمد على عالم الإنترنت فقد عرضتني للاستغلال والنصب المتواصل.اليوم وانا "ابحبش" في عالم النت تعثرت بتطبيق جديد إطار صوابي ،ولعله يكون منقذي من الوضع المزري الذي اعيش فيه.التطبيق سيتيح لي النصب على العباد بطريقة احترافية،اسمه "deep fake".وهو" يحبك" انتحال شخصية وصوت اي مشهور أو شخصية سياسية ،واستغلال ذلك دون ان يتبادر للاخرين أن ما يشاهدونه عملية نصب،فهي متقنة ومجربة.ولكن علي ان اكون حذرا حتى لا تطالني يد القانون ،ولا أترك أي أثر يوصل لي،وبدلا من جني الأرباح اعشعش في السجن إلى الأبد.
اول خطوة قمت بها هي الاتصال بصديقي صابر وهو مختص في إنشاء المواقع الانترنتية والتصوير والمونتاج لأخذ رايه في العملية.شجعني صابر على البدء مقدما النصيحة بانشاء شركة "اونلاين"،لتقديم النصائح حول الفيز والعمل والسفر والاقامات،على أن يكون مقر الشركة النظري جزر الكاريبي،مبديا رغبته في أن يكون شريكا في المشروع،هو بخبرته وانا على تولي الجانب الرسمي من إنجاز معاملات إنشاء الشركة والضرائب ،ثم اتفقنا على السفر إلى سويسرا وفتح حساب بنكي فيها باسمي للتمويه مع فتح حسابpay pal ، أودعنا فيهما مائة يورو،مستغلين ان الحدود بيننا غير مغلقة للسفر البري ،وحينما عدنا،توجهت إلى غرفتي وعلى مدى ايام عدة بدأت في دراسة أي وهم سأبيع للحمقى والمساكين ولمن ضاق بهم السبيل، من جور الأنظمة والجوع معا. كان من المهم أن لا أبيع أي وهم ممنوع في اوروبا،وأن يكون واحة الفقراء هناك في الخليج العربي حيث يحلم الآلاف بالسفر والثراء السريع،دون أي مجهود فعلي مصدقين ان جنة الله على الأرض في القرن الواحد وعشرين هناك.كان علينا اذا أن نفكر عبر هذا التطبيق بتنويع الشخصيات وتنويع أشكال النصب المنوي ترويجها.عدت للتشاور مع صابر لنعرف الخطوة اللاحقة.اقترح صابر العمل على اتجاهين الأول عمل فيديوهات تنشر على جميع مواقع التواصل الإجتماعي تطلب عمالا للعمل ، وتحديدا عمالا غير مهرة ،للقيام بأعمال تتطلب جهدا بدنيا كالبناء والتنظيف والتحميل..و اتفقنا ان من سيطلب العمال للعمل في شركاته هو الأمير الوليد بن طلال شخصيا ،ويتم إنجاز فيديوهات عبر تقنية deep Fake يقوم هو بلحمه ودمه بذلك وبصوته،موضحا أن الفرصة متاحة لخمسة الاف شخص فقط ،وكل ما هو مطلوب من الراغب في العمل والحصول علي الفيزا ارسال مبلغ رمزي قدره مئة دولار عبر نظام pay Pal ،مع تحديد موعد نهائي لقبول التحويلات المالية خلال أسبوعين، ويتم الاتصال مباشرة عبر البريد الإلكتروني لإرسال تفاصيل عناوين التحويل واستلام أوراق المعاملة عبر ملفات PDF تتضمن السيرة الذاتية من الاسم الكامل والجنسية والعمر والمؤهلات وصورة شخصية وشهادة لا حكم عليه، لاستخراج الفيزا ولاحقا بعد ذلك لإنجاز عقد العمل وتوقيعه.
وفي الاتجاه ذاته يتم إنجاز فيديو آخر باسم الشيخة جواهر آل ثاني تطلب فتيات وشباب للعمل في المشاريع السياحية من فنادق ومطاعم وموظفي استعلامات..وكذلك موظفي امن وهي المشاريع التي ستفتتح في قطر في دورة كأس العالم 2022.وتحديد العدد المطلوب بخمسة الآلاف شخص لا غير على أن ترسل كافة المعلومات بملف عبر البريد الالكتروني للشركة ولا يتم النظر بأي ملف إلا بعد تحويل رسم المئة دولار وهو رسم اولي للتسجيل.كما انجز فيديو ثالث اعلن فيه رئيس هيئة الترفيه السعودية عن أضخم يانصيب بتاريخ العرب سيدخل موسوعة غينيس حيث جائزته مليون ريال سعودي من نصيب الفائز الأول وكل ما هو مطلوب من الراغبين بالاشتراك تحويل مبلغ مئة دولار إلى حساب الايبال مع التواصل مع الشركة لمعرفة كل التفاصيل.
انجز صابر الفيديوهات وما أن شاهدتهم حتى صرخت:ليتني أملك مئة دولار لإرسال سيرتي الذاتية للسفر الى قطر والعمل هناك.او لأشارك في اليانصيب.
خلال أربع وعشرين ساعة كانت الفيديوهات تملا الفيسبوك والانستغرام والتيك اوك وyou tube. وجميع وسائل التواصل الاجتماعي. ما أن حل المساء إلا وكان بريد الشركة الإلكتروني قد امتلأ بمئات الرسائل المستفسرة عن الفيديوهات الثلاثة.

#عماد_ابو_حطب (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل