أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عبدالله عطية شناوة - جواد الجواد *














المزيد.....

جواد الجواد *


عبدالله عطية شناوة
كاتب صحفي وإذاعي


الحوار المتمدن-العدد: 7161 - 2022 / 2 / 13 - 22:15
المحور: سيرة ذاتية
    


لولا شقيقي جواد ربما كنت آنا شخصا آخر، بأفكار أخرى وسيرة أخرى. لكن جواد بما أجتمع فيه من خصال الذكاء الحاد والأستقامة والشجاعة، حول كوخنا الطيني الى منتدى لمناقشة أفكار جديدة، غريبة تماما عن ما كان سائدا في أسرتنا، ومحيطنا الأجتماعي الغارق في التخلف، وساعده في ذلك عاملان:
الأول هو الأنقلاب العام في الحياة السياسية وأجواء الحريات الفكرية التي أعقبت الأشهر الأولى من الأنقلاب الذي أطاح بالملكية. والثاني مرونة والدي وحبه الشديد لابنه البكر وثقته به، وتوافق جوهر الأفكار التي يروج لها جواد، مع مقته الفطري للظلم ونزوعه الى العدل وصيانه كرامة الأنسان، وهو الذي كان يختم صلاته بدعاء يقول: (( أللهم أجعلني من المظلومين وليس من الظالمين)).

كان عبدالله ذو الخمس سنوات شغوفا بالنقاشات التي تدور مع الضيوف، من أقارب العائلة وأصدقائها، مبهورا بشقيقه الذي يطرح أفكارا صادمة لمحاوريه. ولولا أحترامهم لأبي وتأكدهم من أيمانه الديني العميق لوجهوا له ولولده تهمة الكفر والخروج عن الدين. فكيف يريد المساواة بين الناس رجالا ونساء بغض النظر عن أصلهم وعرقهم ودينهم، والنصوص القرءآنية تؤكد أن التفاوت في الرزق والمنزلة أمر يقدره الخالق لحكمة يعلمها. ويستعينون في ذلك بالآيات التي تقول:{ نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا } و { الله فضل بعضكم على بعض في الرزق }؟؟؟ وكان أبي يرد أن الله لا يرضى بالظلم ولا يحب الظالمين والمساواة عدل والله عادل، ولابد أن يقف مع من يدعو الى العدل.

كان عبدالله الصغير يقلب ما يطرح من تساؤلات وأجابات وأعتراضات في عقله، ينحاز إلى شقيقه، ينبهر باجاباته، وفي أحيان نادرة لا يتفق معها.

جو الأنفتاح الفكري الذي أشاعه جواد في الأسرة سمح لشقيقتي الكبرى جوادة أن ترتبط بمنظمة نسوية تدعى رابطة الدفاع عن حقوق المرأة، وتنشط فيها، ودخلت حياة عبدالله الصغير متع جديدة لم تكن معروفة من قبل، هي المهرجانات الأحتفالية التي صار يصطحب إليها من قبل شقيقته أو شقيقه أو أبن عمه الأكبر.

لكن تلك المهرجانات الممتعة للصغير كان لها وجه آخر، هو النضال من أجل حقوق العمال، والذي سرعان ما تسبب بفصل شقيقي من عمله. وصارت الأجواء تتوتر بشكل عام. وصرنا نسمع منه عن صدامات بين قوى كانت متحالفة الى ما قبل عام. وعن قمع تمارسه السلطة لمن رحبوا بها وبإصلاحاتها.

وفجأة غاب جواد أياما، وأعلمنا أصدقائه بانه معتقل في مديرية الأمن العامة.

أول تعرف الى التعذيب

في صباح باكر وعلى رصيف بارد مقابل دار علي غالب عزيز نائب الحاكم العسكري العام، جلسنا أنا وعمتي وأمرأة أخرى لها أبن معتقل، ننتظر خروجه لنقدم له مذكرة بشأن إعتقال جواد. حاولت عمتي ورفيقتها أن تعرفا من الحرس ما إذا كان المسؤول العسكري ما زال في الدار لنواصل أنتظاره أم خرج الى عمله، لكنهما لم تحصلا على أجابة. ولم نرى المسؤول العسكري، الذي كان يعتقد انه أقل تصلبا في معاداة الناشطين من اجل حقوق العمال, ولم تحتفظ ذاكرتي بصورة عن كيفية نهاية الحدث ألذي كان أول تعامل لي مع السلطات.

بعد أيام أصطحبني أبي الى مستشفى الحميات، وفيها صدمتني صورة شقيقي وهو مسجى على أحد أسرة المستشفى، فاقدا وعيه، تغطي وجهه المتورم كدمات التعذيب. أحدى يداه مقيدة الى مسند السرير، يحرسه شرطي، وما أن بدأت عمتي النحيب أمام منظر جواد حتى أسكتها أبي. مسد رأس جواد وقال بصوت ثابت: (( عفيه يا أبني .. رفعت راسي .. ما خنت أصحابك )).

* مقتبسات من مشروع مذكراتي المتعثر.



#عبدالله_عطية_شناوة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 59 عاما والحقيقة مغيبة
- نحو قراءة منصفة لتأريخنا الحديث
- محمد عبد الوهاب ... شباب دائم
- أوكرانيا ومخاطر الغزو الروسي المزعوم
- 25 يناير 2011 باختصار
- الملوك على دين شعوبهم
- المشترك بين التجربتين الناصرية والقاسمية
- بين التيار والإطار
- أمريكا ومستقبل الديمقراطية في العالم
- من سرخس الى سرخس
- دور العامل الطبقي في تشوه الفكر القومي العربي
- لماذا يتعين علينا أن نكره لغتنا؟
- هل من جدوى لدعوات تجديد الخطاب الديني؟
- كاسترو ..حقائق غائبة!
- القرآنيون والإصلاح الديني
- العراق .. نتائج مدمرة لحياة سياسية مشوهة
- عوذة .. عوذة .. عوذة (*)
- أحزاب المليشيات: نحكمكم أو نحكمكم!!!
- حول الحق في مناقشة العقائد والمقدسات
- هل سيطيح نزق البداوة بجورج قرداحي؟


المزيد.....




- السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية تسوق للحج التجاري با ...
- اسبانيا تعلن إرسال صواريخ باتريوت إلى كييف ومركبات مدرعة ودب ...
- السعودية.. إغلاق مطعم شهير في الرياض بعد تسمم 15 شخصا (فيديو ...
- حادث جديد يضرب طائرة من طراز -بوينغ- أثناء تحليقها في السماء ...
- كندا تخصص أكثر من مليوني دولار لصناعة المسيرات الأوكرانية
- مجلس جامعة كولومبيا الأمريكية يدعو للتحقيق مع الإدارة بعد اس ...
- عاجل | خليل الحية: تسلمنا في حركة حماس رد الاحتلال على موقف ...
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة نفط بريطانية وإسقاط مسيّرة أمي ...
- بعد الإعلان التركي عن تأجيلها.. البيت الأبيض يعلق على -زيارة ...
- ما الذي يحمله الوفد المصري إلى إسرائيل؟


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عبدالله عطية شناوة - جواد الجواد *