أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عبدالله عطية شناوة - عوذة .. عوذة .. عوذة (*)














المزيد.....

عوذة .. عوذة .. عوذة (*)


عبدالله عطية شناوة
كاتب صحفي وإذاعي


الحوار المتمدن-العدد: 7073 - 2021 / 11 / 10 - 19:24
المحور: سيرة ذاتية
    


من جلولاء في شمال العراق، تحرك الفوج الرابع الآلي الذي كنت منسبا فيه الى فصيل المخابرة - أي فصيل الإشارة كما يسمى في الجيش المصري ـ تحرك في وقت ما من عام 1976، مع سائر تشكيلات اللواء السادس عشر المدرع باتجاه سوريا، ليكون ضمن الفيلق العراقي الذي أتفق حزبا البعث في البلدين على مرابطته في الجبهة مع إسرائيل.

لأمر ما خشي الرئيس السوري حافظ الأسد من نوايا غير طيبة قد يضمرها أشقاؤه الألداء في الشطر العراقي من حزب البعث الذي يحكم في بغداد، وأبلغهم بتراجعه عن الإتفاق، وإغلاق الحدود السورية بوجه الفيلق العراقي,
كان فوجنا قد وصل الى ناحية الرطبة الحدودية - هي الأن قضاء - حين وصلنا أمر وقف تحركنا باتجاه سورية والمرابطة في منطقة ((H3)) الصحراوية على المثلث الحدودي العراقي ـ السوري ـ الأردني، تمهيدا لإجراء مناورات هي الأوسع في تأريخ الجيش العراقي حتى ذلك الحين.

هناك تآلفنا مع العقارب والأفاعي من مختلف الأنواع والأحجام، وتعرفنا الى حيوانات لم نعرفها من قبل. وصنع بعضنا من جلود الأفاعي الجميلة أغلفة لأحزمتهم المدنية ليتباهوا بها أمام الصحب وربما الحبيبات عند العودة الى مدنهم وقراهم. لكن أحدا لم يستفد من جلود حيوان الدعلح وهو من القوارض كبيرة الحجم، فجلده معطى بأشواك أو نبال حادة يستخدمها في حالات الدفاع عن النفس، إذ يطلقها على الحيوان أو الأنسان الذي يطاردة. وكانت نباله الطبيعية قوية الى درجة أنها أخترقت جزمة ((بسطال)) أحد رفاقنا الجنود خلال مطاردته لدعلج أنتابه الفضول لمعرفة هذا العدد الهائل من الغرباء الذين أقتحموا مملكته الصحراوية.

أقرب مدينة لموقعنا هي الرطبة التي كانت تحوز أسم مدينة مجازا فهي عبارة عن تجمع بشري في قلب الصحراء تنعدم فيه مقومات الحضارة، لأفتقارها الى مصدر الحضارة الأساسي الماء. ربما كان فيها بعض الآبار، لكنها لا تلبي كل حاجات السكان لهذا كانت مياه الشرب النقية تنقل إليها بسيارات حوضية عبر مئات الكيلومترات، كما تنقل لوحداتنا.

((المدينة)) كانت تتوفر على حمام عمومي واحد، وجد ليلبي حاجة عدد سكانها المحدود، وواجه صعوبة في استيعانا وواجهنا معه صعوبة الأستحمام، لندرة المياه، وكنا نهيئ أنفسنا عند زيارة الحمام لكارثة أنقطاع الماء وجسم الواحد منا ووجه مغطيان بفقاعات صابون الغار الذي كان في أغلبه سوري الصناعة، ويطلق عليه العراقيون أسم ((صابون رقي)) لأنه كان يصلهم في الغالب من مدينة الرقة السورية.

في الرطبة أيضا ناد للموظفين، يسهر فيه الموظفون المدنيون من غير سكان الـ ((مدينة)) وتناهى الى علمنا أنه يوفر لرواده مشروبات روحية، أنقطعنا عنها مجبرين لأشهر في سكننا الصحراوي، فغامرنا بالتوجه أليه، لكن زينا العسكري وقف حائلا بيننا وبين دخول النادي، فلم يكن للعسكري حق في أرتياد نواد تقدم المشروبات الروحية، ووقفنا على مقربة من بوابته ننتظر من يمكن أن يساعدنا في شراء ما نحتاج اليه. ننظر الى المارة، يسألنا بعضهم:

ـ ها ((أبو خليل)) ـ كنية كل جندي عراقي مجهول الأسم ـ محتاجين شيء؟

نجيب بالنفي شاكرين فلم تكن هيئاتهم توحي بانهم يمكن أن يتعاملوا مع المشروبات الروحية, طال أنتطارنا ولكن جاء الفرج أخيرا .. شاب في مثل أعمارنا يمتطي دراجة هوائية، حييناه فرد بود، شجعنا أن نعرض عليه طلبنا:

ـ أنت شاب مثلنا ولابد أن تقدر، ليس بمقدورنا دخول النادي لأننا عسكريون، ونتمنى أن تساعدنا بشراء حاجتنا من المشروبات الكحولية المتوفرة.
أنتفض الشاب كمن لدغته أفعى:
ـ عوذة .. عوذة .. عوذة يا فسقة تطلبون مني أن أجلب لكم المنكر؟

أراد بعضنا الانقضاض عليه، لكن بعضنا الآخر نبه إلى أن مفارز ((الإنضباط العسكري)) تجوب المنطقة، وقد تعتقلنا، وأضافة ألى العقوبة سنحرم من الإجازة. فتركناه خائبين تطاردنا لعناته.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(*) عوذة بمعنى أعوذ بالله منكم يا أبالسة



#عبدالله_عطية_شناوة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحزاب المليشيات: نحكمكم أو نحكمكم!!!
- حول الحق في مناقشة العقائد والمقدسات
- هل سيطيح نزق البداوة بجورج قرداحي؟
- قداسة زائفة
- نحنا وذياب الغابات ربينا
- حين يصنف كل انتقاد لإسرائيل كمعاداة للسامية
- نحن والإيديولوجيا
- ماذا بعد الأنتخابات؟
- هل أساء ماكرون للإسلام حقا؟
- بغداد .. نظرة تأريخية
- مقاطعة الأنتخابات نشاط سياسي متقدم
- في المسألة القومية
- تقدميون يعيقون حركة التقدم
- عن أحفاد نبوخذ نصر ومينا وهانيبعل
- البكاء على ((الهوية))
- (( أزهى )) عصور الخلافة الإسلامية
- ((ربيعنا العربي)) .. هل سرق حقا؟
- بعد الانتخابات المقبلة .. السويد إلى أين؟
- ((معالجة)) الهوان بتزوير النسب
- معضلة القراءة


المزيد.....




- تحليل لـCNN: إيران وإسرائيل اختارتا تجنب حربا شاملة.. في الو ...
- ماذا دار في أول اتصال بين وزيري دفاع أمريكا وإسرائيل بعد الض ...
- المقاتلة الأميركية الرائدة غير فعالة في السياسة الخارجية
- هل يوجد كوكب غير مكتشف في حافة نظامنا الشمسي؟
- ماذا يعني ظهور علامات بيضاء على الأظافر؟
- 5 أطعمة غنية بالكولاجين قد تجعلك تبدو أصغر سنا!
- واشنطن تدعو إسرائيل لمنع هجمات المستوطنين بالضفة
- الولايات المتحدة توافق على سحب قواتها من النيجر
- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عبدالله عطية شناوة - عوذة .. عوذة .. عوذة (*)