أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عبدالله عطية شناوة - نحنا وذياب الغابات ربينا














المزيد.....

نحنا وذياب الغابات ربينا


عبدالله عطية شناوة
كاتب صحفي وإذاعي


الحوار المتمدن-العدد: 7056 - 2021 / 10 / 24 - 00:09
المحور: سيرة ذاتية
    


بالليل الداجي العتمات مشينا
للغاب ليالينا
وللريح غنانينا
هيك هيك .. نحنا هيك ربينا ...

هذه الكلمات التي لحنها الرحبانيان عاصي ومنصور، وغنتها فيروز ووديع الصافي ينسبها البعض الى الشهيد اللبناني فرج الله الحلو، رغم أن الرحبانيين وضعها أسمهما عليها، ولست هنا في وارد البحث عن مؤلفها الحقيقي لكنني كنت وما أزال أشعر أنها كتبت على لساني، توصيفا لمسار حياتي.

قريبا سأتم التاسعة والستين من عمري، لم يورثني أبي ملكا، ولا أمتلك حتى الأن منزلا أو قطعة أرض ولا ذرة تراب، لا في وطني الأم العراق ولا في وطني الثاني السويد. أ
مضيت حياتي في مساكن مستأجرة أو في المعتقلات، أو في الغابات الجبلية .

لم يكن لي في المصارف يوما ما، رصيدا ماليا غير راتبي الشهري الذي يحوله رب عملي الى البنك بعد أن يخصم منه الضرائب المستحقة، وأرباب العمل يخصمون في العادة أكثر مما هو مطلوب، لذلك تعيد لي دائرة الضرائب في كل عام مبلغا بسيطا من المال كنت في كل صيف ((اتبحبح)) به أنا وأسرتي المكونة من زوجتي وأبني الوحيد.

وفي مثل هذا الوضع من الطبيعي أني لم أمتلك يوما أسهما في شركات أو أسواق مال، أو صناديق أستثمار. كما لم تكن لي سيارة خاصة وظلت وسائل النقل العمومية هي وسيلتي الوحيدة في التنقل المحلي والوطني والخارجي. كما أستخدمت البغال في التنقل خلال المرحلة الجبلية من حياتي. لكن إعتمادي كان دائما على قدميّ، فبهما تسلقت جبال كردستان ـ العراق، وجبت سهولها، وبهما قطعت المثلت الحدودي العراقي ـ السعودي ـ الكويتي، في رحلة فاشلة, وبهما أيضا، وفي رحلتين ناجحتين، قطعت المثلث الحدودي العراقي ـ التركي ـ الأيراني، والمثلث الحدودي الأيراني ـ الأفغاني ـ التركمانستاني.

حفلات التعذيب والإهانات في المعتقلات العراقية لم تترك لدي أثرا نفسيا سيئا، بل بالعكس خلقت لدي شعورا أيجابيا وأعتزازا بقدرتي على تحمل الصعاب، وحين أستقبلتني السويد لاجئا، لم أطلب دعما نفسيا، كما يفعل كثيرون ممن مروا بظروف مشابهة لظروفي أو حتى لم يمروا، لكنهم فضلوا أن يدعوا مرورهم بها.

عشت هذه الحياة الطويلة بحلوها ومرها، بانتصاراتها الصغيرة وهزائمها الجسيمة، ولم أشعر يوما بالندم لما دفعته من أثمان لخياراتي وأفكاري، التي لم تكن بالتأكيد، في أي مرحلة من المراحل، كاملة الصحة وخالية من الثغرات والأخطاء، لكنها لم تكن أبدا أخطاء متعمدة، ولم أكن في أي يوم رافضا مراجعة أفكاري ومواقفي، أو مترددا في الأعتراف بالأخطاء والتراجع عنها.

68 عاما عشتها بلا ملكية خاصة، وبحد أدنى من الملكية الشخصية، التي قد لا تتجاوز الملابس والأحذية البسيطة، والأواني المنزلية، والكتب والراديو والتلفزيون وفي وقت متأخر جهاز الكومبيوتر والهاتف نصف الذكي الذي وفره لي عملي.

ليس هدفي أستمالة أحد إلى إختيار نمط الحياة الذي عشته، ولا فهم الحياة كما أفهمها. وليس كل ما ذكرته كان، حين أقدمت عليه، هو خياري المفضل، وربما كان الكثير منه بفعل الأضطرار. لكنه لم يكن أضطرارا ناجما عن أنتفاء خيارات أخرى، أنما هو أضطرار كان يتصل دائما بتعارض الخيارات المتاحة حينها مع ما أحمل من مبادئ وقيم. لذلك لم أشعر في أي وقت من الأوقات بأي ندم ولا بأي نقص في حياتي.

لهذا لا أفهم كيف يعتقد البعض أنه لا يمكن للحياة أن تعاش دون ملكية خاصة، ولماذا يكرّس البعض حياتهم للصراع من أجل الحصول عليها، ويضعونها موضع التقديس؟؟؟



#عبدالله_عطية_شناوة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين يصنف كل انتقاد لإسرائيل كمعاداة للسامية
- نحن والإيديولوجيا
- ماذا بعد الأنتخابات؟
- هل أساء ماكرون للإسلام حقا؟
- بغداد .. نظرة تأريخية
- مقاطعة الأنتخابات نشاط سياسي متقدم
- في المسألة القومية
- تقدميون يعيقون حركة التقدم
- عن أحفاد نبوخذ نصر ومينا وهانيبعل
- البكاء على ((الهوية))
- (( أزهى )) عصور الخلافة الإسلامية
- ((ربيعنا العربي)) .. هل سرق حقا؟
- بعد الانتخابات المقبلة .. السويد إلى أين؟
- ((معالجة)) الهوان بتزوير النسب
- معضلة القراءة
- علمانيون يدعمون قوى الظلام والإرهاب
- المقولة الذرائعية: (( لهم ما لهم وعليهم ما عليهم )) !!!
- الچراوية أكثر أصالة من العقال
- نحن وعقائدنا
- محاولة لإنصاف صدام حسين


المزيد.....




- كيف تمكنّت -الجدة جوي- ذات الـ 94 عامًا من السفر حول العالم ...
- طالب ينقذ حافلة مدرسية من حادث مروري بعد تعرض السائقة لوعكة ...
- مصر.. اللواء عباس كامل في إسرائيل ومسؤول يوضح لـCNN السبب
- الرئيس الصيني يدعو الولايات المتحدة للشراكة لا الخصومة
- ألمانيا: -الكشف عن حالات التجسس الأخيرة بفضل تعزيز الحماية ا ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تدعم استقلال تايوان
- انفجار هائل يكشف عن نوع نادر من النجوم لم يسبق له مثيل خارج ...
- مجموعة قوات -شمال- الروسية ستحرّر خاركوف. ما الخطة؟
- غضب الشباب المناهض لإسرائيل يعصف بجامعات أميركا
- ما مصير الجولة الثانية من اللعبة البريطانية الكبيرة؟


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عبدالله عطية شناوة - نحنا وذياب الغابات ربينا