أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله عطية شناوة - لماذا يتعين علينا أن نكره لغتنا؟














المزيد.....

لماذا يتعين علينا أن نكره لغتنا؟


عبدالله عطية شناوة
كاتب صحفي وإذاعي


الحوار المتمدن-العدد: 7110 - 2021 / 12 / 18 - 23:44
المحور: الادب والفن
    


في كل المجتمعات ثمة فئات لا يحسن أفرادها الكتابة والتعبير، وربما النطق، باللغة السائدة. وهم يقبلون بهذا عجزا، أو تكاسلا، والمجتمع بدوره، يقبل هذا منهم، ويوفر لهم امكانية تحسين ملكاتهم اللغوية إن هم رغبوا بذلك، إلا في مجتمعاتنا، حيث يحمل أفراد هذه الفئة أسباب تعثرهم للغة نفسها، ويجهدون في البحث عن مبررات لتعثرهم، ويكيلون لها الإتهامات بالتخشب والتقعر.

ويحظى هؤلاء بدعم نظري من جانب نخب ثقافيه تتبنى حكما مسبقا على اللغة العربية بالتحجر والعجز عن أستيعاب تطور العلوم والتكنولوجيا، وتتفتق أذهانهم عن مقترحات من قبيل أستبدال الأبجدية، أو إلغاء الحروف التي يجد البعض صعوبة في نطقها، أو حتى التخلي الكامل عن اللغة العربية، وأستبدالها بإحدى اللغات العالمية، ويمضي بعضهم أبعد من ذلك فيروج لوهم إحياء لغات منقرضة لحضارات الشعوب القديمة التي سكنت المنطقة.

ويرفض أصحاب هذا الطرح، المنطق العلمي الذي ينطلق من ان اللغة ـ أية لغة ـ هي طرف في علاقة جدلية طرفها الآخر هو الإنسان، يتأثر بها ويؤثر فيها، ومع كل نقلة الى أمام يحرزها المجتمع، ونخبه الفكرية والثقافية، تحقق لغته قفزات متناسبة، ففي العصر العباسي عندما انتعش المجتمع العربي، قفزت اللغة العربية قفزات هائلة، واستوعبت منجزات الشعوب التي سبقت العرب حضاريا: السريان والفرس واليونان والرومان، وجرت ترجمة المنجز الفلسفي اليوناني، ومنجزات، الشعوب التي ذكرناها في مجالات الطب والموسيقى وإدارة المجتمع.وساهم في هذه القفزات، قامات ثقافية وعلمية من ورثة تلك الحضارات. واعتبرت بغداد وقرطبة حاضرتا الثقافة والعلوم في تلك الحقبة.

وبعد سبات القرون الذي أعقب سقوط بغداد عام 1258 وما رافقه من جمود الفكر والقيم، بدأت في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، حركة تنوير جنينية ومحاولات نهوض متعثرة، انعكست في أكتساب اللغة والأدب العربيين لغة مجددة، أقل عزلة عن العصر ومنجزاته، الثقافية والعلمية، وأقل إنعزالا قيميا ومفاهيميا. ولا يمكن إلا من باب المناكدة الطفولية إنكار شوط التطور الكبير الذي قطعته اللغة العربية في سبعينات القرن الماضي، مقارنة بما كانت علية في سبعينات القرن التاسع عشر، وبلغ التطور، حسب زعمي، حد اعتبار اننا نتعامل مع لغتين مختلفتين.

هل معنى هذا أن لغتنا قد تمكنت من مجاراة التطورات الهائلة التي تحققت خلال القرن العشرين في العالم؟

كلا، أبدا. لم تتمكن من ذلك. وهذا مرتبط بالقطب الآخر في العلاقة الجدلية بينها وبين مستخدمها، إذ ظل المستخدم عاجزا عن تطويرها، وبدلا من ان يقر بمسؤوليته عن العجز، صار يرميها به، ولهذا علاقة لا يمكن التستر عليها بطروحات ترمي إلى خلق إغتراب بين الأنسان ولغته، طروحات تؤكد ان اللغة العربية هي لغة ((الغازي العربي الهمجي الذي حطم حضاراتنا السابقة، ويدمر حاضرنا ومستقبلنا))، وانها أداة لأسلمة للمجتمعات.

وحقيقة الأمر أن اللغة العربية ليست لغة دين ولا لغة قومية. هي، وبسبب ظروف تأريخية ترتبط بتوسع الدولة العربية التي أستخدمت الدين في فتوحاتها أو غزواتها، صارت لغة سائدة في مجتمعات عديدة، مثل ما صار الحال لاحقاً مع الاسبانية والإنغليزية والبرتغالية والفرنسية، التي أنتشرت في بقاع مختلفة من العالم، وأيضا تحت راية الدين المسيحي الذي أستخدم للتغطية على الطبيعة الأستعمارية للغزو الأوربي.

والعربية، مثل أي لغة أخرى تحمل الشيء ونقيضة وهي تستجيب للمتأسلم وتتخشب معه، وتستجيب للا ديني، وتكون طوع بنانه في تفنيد طروحات التأسلم.
خطورة الطروحات المناهضة للغة العربية في انها تعتم على الواقع، تنشر مشاعر الإحباط والدونية، وتجعل من الإنسان عدو نفسه، دون ان يشعر بذلك، وتحيي نزعات التعصب الإثني، بما يؤسس لإنقسام نفسي وثقافي خطير بين مكونات مجتمعاتنا، ويشكل تهديدا للسلم المجتمعي يصعب التكهن بمدياته وعواقبه الكارثية. ولو تعاملت شعوب أمريكا الجنوبية مع الإسبانية والبرتغالية على هذا النحو، لكانت في وضع كاريكاتيري يثير السخرية.



#عبدالله_عطية_شناوة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل من جدوى لدعوات تجديد الخطاب الديني؟
- كاسترو ..حقائق غائبة!
- القرآنيون والإصلاح الديني
- العراق .. نتائج مدمرة لحياة سياسية مشوهة
- عوذة .. عوذة .. عوذة (*)
- أحزاب المليشيات: نحكمكم أو نحكمكم!!!
- حول الحق في مناقشة العقائد والمقدسات
- هل سيطيح نزق البداوة بجورج قرداحي؟
- قداسة زائفة
- نحنا وذياب الغابات ربينا
- حين يصنف كل انتقاد لإسرائيل كمعاداة للسامية
- نحن والإيديولوجيا
- ماذا بعد الأنتخابات؟
- هل أساء ماكرون للإسلام حقا؟
- بغداد .. نظرة تأريخية
- مقاطعة الأنتخابات نشاط سياسي متقدم
- في المسألة القومية
- تقدميون يعيقون حركة التقدم
- عن أحفاد نبوخذ نصر ومينا وهانيبعل
- البكاء على ((الهوية))


المزيد.....




- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله عطية شناوة - لماذا يتعين علينا أن نكره لغتنا؟