أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - البراءة والمجتمع في رواية -جمعة لقفاري- مؤنس الرزاز















المزيد.....

البراءة والمجتمع في رواية -جمعة لقفاري- مؤنس الرزاز


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 7158 - 2022 / 2 / 10 - 13:48
المحور: الادب والفن
    


البراءة والمجتمع في رواية
"جمعة لقفاري"
مؤنس الرزاز
هذه الرواية الثالثة التي اقرأها للمؤنس الرزاز، وكلها تناولت الواقع وما فيه من بؤس، بمعنى أن الروائي يحمل هموم، همومه الشخصية كأديب، وهموم كإنسان يعيش في مجتمع، لكنه في كل عمل استخدم شكل أدبي مغاير عما قدم، وعمل على إيجاد مخففات تسهم في الحد من القسوة/الألم الكامن فيما يطرح، في رواية "جمعة لقفاري" يستخدم السارد البساطة/الطيبة التي تتناقض مع وحشية المجتمع، وهذا التباين بين "شخصية "جمعة" والمجتمع، يعطي القارئ صورة قاسية عن الواقع/عن المجتمع، الذي يستخدم الخداع/الغش/الكذب حتى في مسألة الزواج، للحصول على المال.

عندما يكون المجتمع/النظام/الواقع غارق في الشر/الظلم/التخلف لا بد من مواجهة، والأديب/الكاتب يواجه بالقصيدة/بالقصة/بالرواية/بالمسرحية/ بنص نثري، أما الأشكال الادبية لهذه المواجهة فتعمد على الحالة النفسية التي يمر بها الأديب/الكاتب، وأيضا على قدرته على إيجاد طرق/اساليب/أشكال أدبية يستطيع بها أن يحمل/يمرر ما يريد طرحه.
سرد الرواية
عندما يكون الواقع بائس، لا بد من تناوله، ولكي يقنع الراوي المتلقي بما يقدمه من أحدث/شخصيات/أفكار لا بد من إيجاد رواة يتحدثون عن هذا الواقع، من هنا يتناوب مجموعة من في سرد أحداث الرواية، فهي تبدأ بأنا السارد، من خلال "جمعة القفاري" الذي يسرد الكثير من فصول الرواية، وهناك السارد الخارجي/العليم، الذي يأخذ حصة جيدة من السرد، ثم يفتح المجال أمام "كثير الغلبة" ليسرد سبع صفحات، طبعا تخلل هذا السرد حديث لبعض الشخصيات مثل "عائشة" شقيقة "جمعة"، فتعدد الرواة يؤكد الفكرة/المضمون الذي يطرح في الرواية، وأيضا يقدم الفكرة بأكثر من زاوية/من وجهة نظر، وهذا يرسخها أكثر في ذهن المتلقي.
جمعة القفاري والنساء
الاسم يأخذنا إلى أبو ذر الغفاري، وإلى شخصية نبيلة/مبدئية، توجه الواقع، وتتصدى للظلم، لكن و"جمعة القفاري، لا يصدم/يواجه بل يبقى محافظا على نهجه وطريقته في الحياة، فالبساطة والطيبة هما الصفة الملازمة له، يخسر ثروته في سبيل عدم إيذاء الآخرين، حتى لو لم يكون يستحقون هذه المعاملة الطيبة.
"جمعة" يقدم معنى اسمه بطريقة أخرى: "اسمي جمعة القفاري، ومع أن اسمي الأول يوحي بزمان، واسم عائلتي يوحي بمكان،" ص12، "ف"جمعة" يأخذنا إلى يوم الجمعة وما يحمله من دلالة دينية، ما فيه من (قدسية)، بينما "القفاري" يحملنا إلى مكان القفار/الخلاء/الوحشة، بمعنى وجود "جمعة" الطيب/البسيط في مكان موحش/قاسي،
"|جمعة" يفشل في الزواج مرتين، في الأولى كان الخلاف بينه وبين زوجته على مسائل بسيطة، "فتح النافذ، اطفاء السيجارة" ويتركها وهي عذراء في اليوم الأول لزواجه، والزوجة الثانية غش بها، فقد كانت تعاني من امراض نفسية، وقد أخفى والدها هذا الأمر عن "جمعة"، ليكتشف لاحقا أنها لا يمكن أن تعالج، يقول "كثير الغلبة" لجمعة عن هذا الأمر: "ـ خدعك أبوها يا هبيلة، أنت تزوجتها قبل ثلاثة أيام، وهي مصابة بهذا المرض منذ طفولتها، أبوها باعك بضاعة فاسدة" ص54، وبما أن مؤخرها عشرة آلاف دينار، فقد وجد نفسه يقع في شرك يصعب التخلص منه، وهنا يأخذ "جمعة" بالتفكير بحل لمشكلته، ويفكر بمنطقه الطيب/البسيط: "إذا طلقتها أكون أذعنت إلى مكيدة والدها، إذن لن أطلقها أبدا، وإذا لم أطلقها أبد، أكون قد حولت حياتي إلى جحيم، لإذن سوف أطلقها، ولكن أليس ثمة حل وسط؟ أضربها كل يوم بعد الغداء وقبله مرتين، فتطلب الطلاق، ولكنها ضحية، مجرد ضحية، إذن ينبغي أن لا أتركها سلعة في يد أبيها، فسوف يزوجها من فوره، بعد الطلاق، إلى أحمق مثلي، بناء على هذا التسلسل المنطقي صار إلزاما علي أن أبحث لها عن مصح أوروبي من الدرجة الاولى، لعلها تتعافى على يد الاخصائيين الاجانب فأنقذها كفارس شهم من بين يدي والدها الشرير" ص55، يأخذها إلى الأطباء ويدفع تكاليف العلاج الباهظة، لكن دون نتيجة، فقد كانت مريضة من طفولتها ولا يمكن شفاؤها، وهنا يكون "جمعة" قد خسر قطع أرض باعها لعلاج زوجته.
إذن "جمعة" يتعامل مع النساء بطريق استثنائية، أو أنه (عاجز جنسيا)، لهذا ترك الزوجة الأولى دون أن يمسها، والثانية كانت مريضة فطلقها، تأتيه "وداد" لكنه يتعامل معها بطريقته هو، رغم أنها (تقربت) منه: "قالت ودود أن كثير الغلبة قد يظن بها الظنون، لأنها جاءت إلى هذه الشقة دون أن تعرف أي مفاجأة تنتظرها.. قالت على استحياء:
ـ سوف يظن أنن امرأة خفيفة يسيرة المنال" ص97، لكن "جمعة" الملتزم اخلاقيا، والذي يمتلك صفات الفارس، يأبى إلا أن يفكر بالطريقة الأخلاقية: "ـ البنت التي كانت هنا، هل تركتها تذهب بهذه السهولة؟
ـ هذه سيدة، سيدة في محنة، إنها بحاجة إلى فارس يخلصها من كآبتها" ص68، وهذا يؤكد أن "جمعة" لا يفكر بالمرأة كجسد، كمتعة، بل ككائن إنساني، لهذا هو يبتعد عن التفكير بها كمتعة.
هذا الاستنتاج أقرت به "وداد" حينما قالت: "أن جمعة يخاف الحب وممارسته لأنه زاهد" ص70، وهذا الزهد يتجاوز النساء، لأنه متعلق بنظرته العامة للحياة.
كثير الغلبة والصحافة
في المقابل نجد شخصية "كثير الغلبة" تتناقض تماما مع شخصية "جمعة" والتناقض متعلق بطريقة تفكيره، وسلوكه الذي يلخصه ببعض الاقوال: "ـ انصرف عن الأدب والحكي الفاضي، وتعال إلى الإعلام، وكشفت له عن سر خطير حين قلت له أن سر نجاحي ومفتاحه هو النفاق على الخفيف، واسماع المسؤول ما يحب أن يسمع" ص179، هذا بداية الانزلاق نحو الهاوية، فالمسؤول من المفترض أن يفكر بخدمة المواطن والوطن، وأن يستمع إلى مشاكل ومعاناة الناس، لكن "كثير الغلبة" يتماشى مع طريقة تفكير وسلوك المسؤول، ليحصل على مبتغاه الشخصي.
ويحدثنا أكثر عن نهجه كصحفي بقوله: "أتحدث ساعة بلا معنى، وأكتب مقالات مطولة لا تقول شيئا" ص180، هذا حال المتملق/الذي يعمل جاهدا لإرضاء المتنفذين، فهم لا يهتمون بأخلاقيات المهمة، ولا بما يعانيه الناس، فقط جل همهم الوصول إلى المراكز والحصول على المال.
وإذا اخذنا طريقة محاورته مع "جمعة" حول "وداد" نتأكد أنه رجل يتعامل (بواقعية مادية)، ليس للأخلاق أو المبادئ وجود في حياته.
شكل تقديم الرواية
الأدب الساخر
السارد استخدم أكثر من مدرسة أدبية في تقديمه للأحداث/للشخصيات، أحيانا نجدها قريبة من أدب الساخر، ففي هذا المشهد نجد الأدب الساخر: " قالت عائشة وهي تنقر بأصابعها الرشيقة على الآلة الكاتبة وتترجم أن وداد تنتمي إلى عشيرة ذات شوكة وبأس ومنعة، وحذرته من اكتشاف اخوانها للعلاقة بينهما، قالت دون أن ترفع رأسها عن الآلة الكاتبة:
ـ سيفتحون شوارع في وجهك.
هز جمعة منكبه وتساءل عما إذا كان أخوة وداد وابناء عمومتها يعملون في أمانة العاصمة، توقفت عائشة عن عملها، ورفعت أصابعها عن الآلة الكاتبة، ثم رفعت عينها دون رأسها نحو جمعة وسألته برصانة
ـ لماذا تسأل؟
ـ دس جمعة يديه في جيبي سرواله وقال أنه يسأل لأنها قالت أنهم مغرمون بفتح الشوارع في وجوه الناس" ص128و129، المشهد السابق يبين بساطة وطيبة "جمعة" التي وصلت إلى حد (السذاجة)، لكن موقفه السابق من "وداد"، وعلى أنها تعاني وبحاجة إلى المساعدة، يجعل تساؤله مشروع، فهو إنسان يلجأ إلى أفكار ملتزمة/أخلاقية في تعامله من الآخرين، بصرف النظر أن كانوا ذكورا أم اناثا.
وهناك مشهد ساخر آخر، جاء عندما دخل "جمعة" مستشفى الولادة واعتبره فندق خمس نجوم: "...وقلت لنفسي مستخفا بعض خواطري الهوجاء أن مستشفى للتوليد لا يستقبل حالات الولادة فقط، ثم لعلي أنجب روائية في مستشفى الولادة!
وهكذا فعلت.
قلت لنفسي:
ـ يا جمعة المستشفى أشبه ما يكون بفندق ذي خمسة نجوم"ص133، بهذا الشكل أراد السارد إيصال (بساطة) تفكير "جمعة"، وكيف أنه يعامل مع لأحداث/الأشياء كطفل يتسم بالبراءة.
الفانتازيا
أيضا هناك أكثر من مشاهد قدم بصورة الفانتازيا، فجمعة (يخلق) بطل روائي" نعمان العموني" يقوم بالفعل/بالعمل نيابة عنه، فهو يعترف بعجزه وعدم قدرته على الفعل، فأوجد هذه الشخصية لتكون بديلة عنه: "...وأن عجزي على التصالح مع نفسي وعقد معاهدة سلمية مع الحياة دفعني إلى تحويل نعمان العموني من مشروع شخصية روائية في الذهن إلى شخصية واقعية أبصرها وأتحدث معها مع أنها غير موجودة، ونصحني بزيارة طيب نفساني، ونترت زوجته زهرة رأسها محتجة مستنكرة وقالت أن العالم المتخلف هو الذي لا يتيح لي المجال كي أتصالح معه، وأن ظروف البلد والفساد والفوضى والمحسوبية وو.. هي التي تدفع أنسانا حساسا رهيفا حتى تخوم المرض... إلى الاغتراب والغربة والوحدة الضارية والوحشة الكئيبة" ص123، " ص123، فالحوار الذي تم بين "جمعة" وبين "نعمان وزهرة" هو حوار _داخلي) بين نعمان وبين شيء متخيل، أوجده هو ليكون بطلا روائيا، لكنه يخرجه من الورق ليكون شخصية موجودة على ارض الواقع.
وهذا ما جعل الرواية ممتعة وسهلة التناول، رغم أنها تناولت أحداث وشخصيات فاسدة.
الرواية من منشورات المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، لبنان، ودار الفارس للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، الطبعة الأولى 1990.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشكل والمضمون في رواية متاهة الأعراب في ناطحات السراب مؤنس ...
- الحلول في المكان/حوارة عند وجيه مسعود
- أمي مريم الفلسطينية رائد محمد السعدي
- ديوان هدنة لمراقصة الملكة سلطان القيسي
- الحلول والوحدة في رواية - الصامت- شفيق التلولي
- العزيمة تربي الأمل أماني خالد حشيم
- التاريخ القديم في رواية -أوراق معبد الكتبا- هاشم بديوي غرايب ...
- أنا والمحقق والزنزانة سعيد أبو غزة
- المرأة والمكان في قصيدة -أسميتها وطني- صلاح أبو لاوي
- القصة القصيرة جدا في -ظلال الوهم- حسين شاكر
- مجموعة محاولات للنجاة غسان نداف
- العهد التركي في رواية الوجع والجرأة إياد شماسنة
- وجيه مسعود وتقديم الفرح في ما اجمل ان ترسم قلبك مدينة مدينه-
- الديني والسياسي في رواية -الحانوتي- يوحنا مصلح
- مواجهة الواقع في قصيدة -سأظل أسأل- سامي البيتجالي
- سامر كحيل -أبد
- اليهودي في رواية ناغوغي الصغير حسن حميد
- استمرارية حضور المكان في رواية - القبو- فاطمة عبدالله سلامة
- شعر الأطفال في قصيدة -دمية- سمير التميمي
- القسوة عند ميسر عليوة وحسن محم حسن


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - البراءة والمجتمع في رواية -جمعة لقفاري- مؤنس الرزاز