أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - جميلة شحادة - لن أرسلَ إبني الى المدرسة















المزيد.....

لن أرسلَ إبني الى المدرسة


جميلة شحادة

الحوار المتمدن-العدد: 7155 - 2022 / 2 / 7 - 17:39
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


لقد وُجدت فكرة "المدرسة" منذ آلاف السنين، الا أنه في عام 1369ميلادي تحوّلت فكرة وجود المدرسة من مجرد فكرة، الى تطبيق عملي. حيث أنشئت في هذا العام أول مدرسة، وكان هدفها وضع الأولاد ذوي التصرفات السيئة فيها، كشكل من أشكال العقاب، وتعيين شخص راشد يقوم بمراقبتهم. أي أن الهدف من إنشائها لم يكن تعليم الأطفال أو الأفراد المهتمين بالعلم والمعرفة. غير أن وجود أفراد يثيرهم الفضول للمعرفة، ويعتبرون التعليم كالماء والهواء، لم يعبأوا بوجود أو عدم وجود مدرسة، بل دفعهم فضولهم لأن يسافروا من بلد إلى آخر، ليطلبوا العلم ويستزيدوا معرفة، بالرغم من مشقة السفر ومخاطره، والذي كان يستغرق في بعض الأحيان أشهرًا، وربما سنوات. أما عن المدرسة في الماضي البعيد فقد كانت عبارة عن مجالس أو حلقات دراسية تتكوّن من مجموعة من الطلاب يتجمّعون حول المعلم الذي كان يعمل على تدريسهم في منزله، أو في المسجد، أو في الكنيسة أو حتى تحت شجرة، ويقوم بتعليمهم القراءة والكتابة والحساب وحفظ القرآن بطريقة التلقين (الكتاتيب مثال على ذلك) والمحافظة على تراث المجتمع الثقافي وقيَمه، ونقله من جيلٍ إلى آخر.
أما اليوم، فقد أصبحت تُعتبر المدرسةُ مؤسسة تربوية، وتعليمية، واجتماعية، ويُفترض فيها أن تعمل (الى جانب الأسرة) على تنشئة الأبناء تنشئة صحيحة وذلك بتطوير وتنمية قدراتهم ومهاراتهم في شتى المجالات: الجسمية، والعقلية، والعاطفية، والاجتماعية. كذلك، عليها تنمية وتطوير قدرات الأبناء ومهاراتهم الإبداعية، ورعاية وتشجيع فضولهم للمعرفة، وزرع القيم الإنسانية في نفوسهم، وتوفير بيئة ومناخ يساهمان في دعم صحتهم النفسية بهدف بناء شخصيات متزنة ومتوازنة. إلا أنه في السنوات الأخيرة أصبحنا نسمع عن أولياء أمور لطلاب (ولو أنهم قلة وفي الغالب من المقتدرين ماديا)، يفضلون عدم إرسال أبنائهم الى المدرسة، ويطالبون بأن يُمنح لهم الخيار في ذلك (ودون مساءلة قانونية)، ليقوموا هم بتعليم أبنائهم، (ولعلهم بذلك يعودون الى زمن كان فيه الحكّام والسلاطين والأغنياء يُحضرون خيرة المعلمين والمربين لأبنائهم ليدرسوهم ويكسبوهم العلم والمعرفة والأدب).
هذه الفئة من أولياء الأمور تدّعي، بأنه ليس عبثا ما ينادون به ويطالبون، إذ يوجد لهم رأي وقناعات لذلك، منها:
1. هم يدّعون أن بإمكانهم الحصول على أي معلومة يرغبون بأن يتعلمها أبناؤهم، وتعلُّم أي موضوع أو حتى مهارة، عن طريق الشبكة العنكبوتية (الانترنيت). وعندما وُجهّت لهم الأسئلة؛ ماذا بشأن الحصول على الشهادة؟ وماذا عن بناء علاقات اجتماعية، والدخول الى الجامعات والحصول على مهنة؟ قالوا بأن لا حاجة للشهادة، وبخاصة أن هناك كليات في معظم أنحاء العالم، أصبحت اليوم تستقبل أفرادا بدون شهادات ليتعلموا فيها ما يريدون تعلمّه. أولمْ يكن مُتبعا في الماضي أن من أراد أن يتعلم مهنة الحلاقة مثلا، يرسله والده لأمهر حلاق في البلدة ليتعلم هذه المهنة؟! أولم يكن هذا الأمر كذلك بالنسبة لبقية المهن؟! أما عن بناء علاقات اجتماعية، فقالوا: بإمكان الأبناء أن يبنوا علاقات اجتماعية من خلال اشتراكهم في الدورات التي يرغبون بها، أو من خلال نوادٍ هم أعضاء فيها، وأيضا من خلال تعاملهم اليومي مع البقال، والجيران والإخوة والأقرباء والأصدقاء وغيرهم.
2. هم يدّعون بأن المدرسة في هذه الأيام لا تربي للقيَم، ولم يعد المربي قدوة لطلابه كما كان سابقا. فهناك تناقض بين ما يتلقاه الطلاب من قيم على يد مربيهم وما يشاهدونه من أفعال تظهر عكس ذلك. فمثلا، كيف توفّر المدرسة المناخ المناسب الذي يشجع الطالب على ممارسة حقه الديمقراطي، وهو يرى معلمه مقموعًا من قبل رؤسائه؟! وكيف تربي المدرسة طلابها على النزاهة وهم يعرفون أن معلميهم وإدارات مدارسهم غير نزيهين في تقييماتهم ومنح العلامات لطلابهم؟! هم يفعلون ذلك إرضاءً لرؤسائهم في العمل ولأولياء الأمور ذوي النفوذ. ثم كيف تربي المدرسة طلابها على الاعتزاز بالنفس وهم يروْن معلميهم مهانين من قبل أهاليهم ومن رؤسائهم؟!
3. هم يدّعون بأن المدرسة في هذه الأيام تقتل الإبداع عند أبنائهم، وتسيْ الى حالتهم النفسية نتيجة لكثرة التقييمات وخلق تنافسات غير نزيهة بين الطلاب وبين المعلمين أنفسهم. " لم أستطع ان أتمالك نفسي، بدأت إحدى الأمهات (وهي معلمة للصف السادس) حديثها معي وتابعت: "انهمرت دموعي تأثرًا وحزنًا على ابني، فقد عاد يحمل شهادة نهاية الفصل ولم يحصل على شهادة تفوق من المدرسة، فقد كانت الشهادة من نصيب زميله لتفوقه على ابني بفارق 3 أعشار العلامة. لقد تحدثتُ مع ابني وأخبرته بمدى إعجابي به ورضائي عن إنجازته ومحبتي له، الا انني لم أنجح بالتخفيف من ألمه النفسي عندما شاهد صور زملائه مع شهادات التقدير منشورة على صفحة الفيس بوك الخاصة بمدرسته. لماذا يجب أن تكون مثل هذه الشهادات؟ وتابعت الأم قائلة: أنا لا تهمني كل الإحصائيات التي تقوم بها المدرسة، انتِ تعلمين انه يقال عن علم الإحصاء بأنه "علم الكذب"؛ وعندما تهتم المدرسة بالإحصائيات وببرمجيات محوسبة للتوثيق، ويكون هذا محور عملها، فهذا يعني أنها تهتم بأن تكون كل أوراقها سليمة أمام المسؤولين وعلى حساب أمور أهم للطالب والمعلم. أصبحت المدارس مصنعا للعلامات وكلنا يعرف ذلك، وأول من يطالب بذلك هم المسؤولون في وزارة التربية بالرغم من أنهم جميعا يتشدقون بالتربية للقيم والتربية ذي معنى. في وضع كهذا وبيئة كهذه لا يمكن أن يكون المعلم مبدعًا ولا الطالب مبدعًا، إذ لا وقت لذلك، فالجميع مشغول بالتقييمات وحساب المعدلات بالأعشار ومنح شهادات التفوّق والتصوير ونشر الصور عبر الفيس بوك الخاص بالمدرسة". ثم ختمت الأم كلامها قائلة: إذا كان هذا هو الوضع في معظم مدارسنا، فالأفضل أن لا أرسل ابني الى المدرسة. لماذا أساهم في إيذاء أبني في الوقت الذي بإمكان الانترنيت وأنا، تعليمه.
ربما صدقت هذه الأم وغيرها ممن يرون أن المدرسة تقتل الإبداع، لكن الحل ليس بعدم إرسال الأبناء الى المدرسة، وإنما بإجراء الإصلاحات اللازمة في جهاز التربية والتعليم، وبإحداث التغيير على مناهج وأساليب التدريس، وأيضًا إحداث التغيير في متطلباتنا من أبنائنا.
********************
24.12.2017



#جميلة_شحادة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرغيف الأسود، والطفولة البائسة في وطنها
- -أدنى من سماء-، مختارات شعرية تفيض بالشجن
- وجوهٌ صفراء
- الكاتبة والقاصّة جميلة شحادة تلتقي طلاب مدرسة بئر الأمير في ...
- نحرس الحُلم، ونرعاه بالعلم والثقافة حتى يزهر
- في يومهم، تحية تقدير لهم
- الفرق بين الكتابة للأطفال والكتابة للكبار
- خواطر
- قبل المحطةِ الأخيرة
- مَن أنا؟
- يا خسارة يا بو خالد
- تُجّار الكلام
- في الخريفِ تبعثرتْ أوراقي
- حكماء تعساء
- غُربة
- سأنزل في هذه المحطة
- ارحمونا من التعقيد والتركيب
- هذا البحر لنا؛ فأنصفوه
- ورود أمير
- صوت ذاك الآخر


المزيد.....




- فريق كامالا هاريس يرد على انتقادات إسرائيلية لتصريحاتها عن غ ...
- العراق.. قصف على قاعدة عين الأسد
- كيربي حول صفقة تبادل بين إسرائيل وحماس: لا يزال هناك فجوات و ...
- الملك الأردني يبحث مع بايدن الوضع في غزة والتطورات في الضفة ...
- -نوفوستي-: أوكرانيا تنشر طيرانها على أراضي دول ثالثة
- كينيدي جونيور يتعهد بإنشاء احتياطي قدره 4 ملايين بيتكوين حال ...
- تركيا.. اشتباكات بين الشرطة ومحتجين بسبب مشروع قانون حول الك ...
- خبير يحذر من احتمالية تعرض مصر ودول في حوض النيل لسنوات عجاف ...
- كبار أعضاء فريق التفاوض الإسرائيلي: حياة العشرات من المخطوفي ...
- في اتصال مع بايدن.. الملك عبدالله يؤكد على ضرورة وقف حرب غزة ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - جميلة شحادة - لن أرسلَ إبني الى المدرسة