أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عباس علي العلي - اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح 22















المزيد.....

اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح 22


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 7152 - 2022 / 2 / 4 - 14:39
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


اللغة العراقية القديمة واللغة العربية
في عام 2400 ق.م تم اعتماد الخط المسماري لكتابة اللغة الأكدية بلهجتيها الآشورية الشمالية والبابلية الجنوبية، ورغم إحلال الأكادية بدل السومرية إلاّ أن العراقيين حافظوا على اللغة السومرية كلغة مقدسة خاصة برجال الدين، دام استعمال هذه الكتابة حوالي 3000 عام أي حتى قبل الميلاد ببضعة قرون إذ بدأت الكتابة الابجدية القادمة من الشام تنتشر مع انتشار اللغة الآرامية خصوصاً أثناء حكم السلالة الاخيرة (الكلدانية الجنوبية)، التجسيد المادي للحرف الصوتي يترجم على وسيلة الكتابة بحرف منقوش أو مكتوب أو مرموز بشكل ما ليحصر هذا الرمز بذاك الصوت ولا يمكن أن يكون هناك شكلين مختلفين لهما مقايل الأخر، وهذه القاعدة من بديهيات الكتابة منذ أن عرفت لأول مرة في العراق القديم، من هذه الحقيقية نبدأ بحثنا عن الأصوات والحروف المكتوبة وكيفية النطق بها من خلال الكتابة بالإضافة لما تحدثنا به سابقا من إشكالية نقل الصوت عبر لغة ثالثة أو عبر تنقلات الترجمة والنقل بين اللغات واللهجات.
تقول الباحثة العمانية د. نوال بنت سيف البلوشية في بحثها المعنون الفرق بين الصوت والحرف وهي تشير حقيقة إلى مسألة في غاية الأهمية حين نريد أن نترجم أو ننقل أو حتى نفهم الحرف الكتابي على أنه منتج نهائي قابل للإنتقال خارج الزمان والمكان دون أن نضيع الدلالة منه، الفكرة التي تطرحا الكاتبة ليست جديدة على علم اللغة وعلم الصوات لكن لا يتم التركيز عليها كثيرا إلا عن الباحث المختص (فالفرق بين الصّوت والحرف؛ هو فرق ما بين العمل والنّظر أو بين أحد المفردات والقِسم الّذي يقع فيه؛ فالصّوت عمليّة نطقيّة تدخل في تجارب الحواس وعلى وجه الخصوص السّمع والبصر، يؤديه الجهاز النّطقيّ حركة، وتسمعه الأذن، وترى العين بعض حركات الجهاز النّطقيّ حين أدائه، أمّا الحرف فهو عنوان مجموعة من الأصوات يجمعها نسب معين، فهو فكرة عقليّة لا عمليّة عضليّة. وإذا كان الصّوت مما يوجده المتكلّم، فإن الحرف مما يوجده الباحث)، بمعنى أن الصوت فعل الناطق الذي يحدث الصوت ويريد به شيئا محددا قد تنجح الكتابة في نقله للمتلقي إذا تم التألف والأتفاق على المعنى المحدد، لكن القارئ ربما يقع في الخطأ في فهم الكتابة أو دلالة الصوت إن لم تكن هناك وحدة معنوية ودلالية بين الناطق والقارئ.
من هذا المنطلق فالترجمة التي لا تنقل معنى الدلالي للصوت وفقا لإرادة الناطق تضيع الحرف الصوتي وتغير في الدلالة العامة والخاصة، وهذا ما نجده كثيرا في موضوعنا نقل الغة العراقية القديمة بروحها ودلالاتها للغة التي نتكلم بها الآن، تواصل الباحثة البلوشي إلى نتيجة حين تربط الحضارة بالحرف لتعكس روحية هذه الحضارة ومزاجها النفسي فتقول (يتبين لنا مما سبق أنّ التّراث اللّغويّ العربيّ دليل حضارة شيّدت بنيانها وفق نظام، كان العقل المعماري فيه هو الأساس لكلّ تصور نظريّ وعمليّ، وإنّ تراثًا كهذا، لا يعقل أن يكون قد خلا من معالجات دلالية بمفهوم العلم كما ندركه الآن، خاصّة وأن التّراث اللّغوي يعدّ سمةً فارقةً لحضارة قومٍ، يمكن أن نطلق عليها "حضارة النّص"، هذا الربط بين الحرف والحضارة هو ربط بين الوجود العام ونتائجه في الواقع ويكشف لنا ما تسميه الباحثة "العقل المعماري اللغوي لأي شعب وحضارة.
الكتابة إذا مرحلة مهارية بأمتياز لا يمكن الوصول لها وفهمها إلا بعد أن يتخطى القارئ والكاتب مهارات أساسية ثلاثة تشكل في مجموعها القاعدة الأهم والأساسية لمهارة الكتابة عن الإنسان، هذه المهارات وحسب أسبقيتها تبدأ من مهارة الأتصال الشفوي أولا أو النطق الشفوي الذي تقابله من الجهة الأخرى مهارة الأستماع والفهم، وهاتين المهارتين أساسهما التطور الطبيعي لدى الإنسان مبنيتان على التراكم التوافقي بين المتكلم والمستمع، ثم تأتي مهارة الإجابة أو الأستجابة الفعلية الصحيحة بنفس المهارتين ولكن من الطرف الأخر، إذا المهارات الثلاث الأولى مهارات عقلية وحسية تتعلق أولا وقبل كل شيء بالفكر والتعبير عنه حتى لو كانت طبيعة التفكير والتعبير عنه بسيطة لكن تبقى ضرورية وإلا عد الكلام الشفوي والتواصل به دون فكر مجرد ثرثرة بلا معنى وشكل من أشمال العبث أو اللا جدوى منه.
تنقسم الكتابة من حيث علاقتها بالكاتب إلى صنفين رئيسيين حسب ما يتعلق بمضمون الكتابة والهدف منها وهي:
• الكتابة الوظيفية أو الكتابة الغرضية التي تعبر عن موضوع عام أو محدد بأتجاه ترجمة فكرة لذاتها أو توضيح لفكرة تتعلق بذات موضوعها دون أن تتداخل فيها شخصية الكاتب أو عواطفه وإنفعالاته، منها مثلا الكتابات الرسمية أو الكتابات التجارية المراسلات الكتابة العلمية والمعرفية وحتى الكتابات الدينية التي تنتقل بين الأفراد بقوالبها ودلالاتها الحصرية، ومنها أيضا الكتابات القانونية والنصوص القضائية.
• الكتابة الإبداعية أو ما يسمى بالكتابات الأدبية والفنية التي تعكس بشكل مركز شخصية الكاتب بكل ما تحمل من أحاسيس أو مشاعر أو ردات فعل للكاتب، وهي بالعكس من الأولى تمتاز بالجمالية والخروج عن الأطر التقليدية للتعبير غير مقيدة بالأصول الرمزية المنضبطة التي تضع هدف إيصال الفكرة بكل تجريد ممكن وإيجار يبلغ المعنى كاملا.
من خلال هذا التقسيم النسبي التقريبي يمكننا إذا أن نفهم الكتابة إنها بشكل عام تعكس هوية الكاتب الحضارية ومقدار رقيه بمقدار ما تملك من التمييز بين صنفيها، إذا تعدّ مرحلةُ ظهور الكتابة وتطورها وشكلها مظهرٌ من مظاهر الحضارة الإنسانيّة، أيّ لا يمكن تصوّر نشأتها وصيرورتها إلا في ظلّ حضارة إنسانيّة فكرية وأجتماعية تنظيمه تبلغ من القوة والقدرة التعبيرية الناضجة والمستقرة على أن تعكس روحها وأسسها الأولية لها ولمراحلها وتطوّراتها العملية، فالكتابة في المجتمعات أيضا مهارة لاحقة للمراحل المهارية الثلاث التي يجب أن يمر بها الفرد للوصول إليها في المجتمع، بالتأكيد أنها تتمثل أهمّيّة الكتابة على أنّها خزان ذاكرة الشّعوب والأفراد، وأنّها تحتفظ بخلاصة فكر المجتمع الحضاري وتراثه ورؤية للواقع والوجود في إطار وحدة معرفية وعقلية وحسية مميزة وتصونه من الضّياع وتؤسس لتطور مستمر لا يتوقف إلا إذا توقفت الحضارة فيه عند نقطة حرجة أما موت الحضارة أو أنطلاقة أخرى من جديد، كما أنّها وسيلة فاعلة من وسائل حفظ الحقوق بين الأفراد وبين الأفراد والغير.
نعود لموضوع البحث وعلاقته بالصوت والكتابة في اللغة العراقية القديمة لنثبت النقاط التالية لتكون مرجع لكل من يريد فهم اللغة كما هي لا كما نتصور نحن الآن في ظل نظام لغوي قد يختلف بتفاصيله عن نظامها الأول:.
1. أولا اللغة العراقية القديمة كتبت بموجب نظام صوتي خاص بمجتمعها بكل أحاسيسه وإنفعالاته وبيئته، مما يعني أن قراءة هذه اللغة وكتابتها تستوجب وجود إحساس فعلي بالبيئة والمزاج العراقي القديم، هذا الأمر لا يمكن لأي شخص من خارج هذه البيئة وهذا الإحساس من التعبير عنه أو نطقه أو كتابته لمجرد الرغبة البحثية أو الريادة فيه، فكما يقول " دو سوسيّر" أنّ علم اللّغة جزء من علم العلامات (السّيميائيّة) وأنّها تعني بالتّعبير عن الأفكار المختلفة، بذلك تكون العلامة عند دو سُوسّير مكونه من الدّال والمدلول وتقوم علي أساسين :
الأوّل الطّبيعة الاعتباطية بين الدّال والمدلول أي أنّ العلامة اللّغوية عنده اعتباطيّة.
الثّاني الطّبيعة الطّوليّة للدّال أو الطّبيّعة الخطّيّة للدّال ، باعتبار أنّ الدّال يمثل امتدادًا زمنيًّا وهذا الامتداد محدد ببعدٍ واحدٍ هو الخطّ الزّمنيّ أي أنّ سُوسّير يقدّم الأنموذج التّزامنيّ الّذي يري اللّغة في علاقاتها بالثّقافة ونشاطاتها في لحظة زمنية واحدة بديلاً للأنموذج التّعاقبيّ الّذي فضّله دراسو اللّغة من بعده، نستنتج مما سبق أنّ السّميائيّة من المنظور السّوسيّري علم يدرس العلامات في إطار الحياة الاجتماعيّة، سواء أكانت هذه العلامات لسانيّة، أم غير لسانيّة، وانطلاقًا من هذا التّصوّر يعدّ اللّسان ظاهرة سميائيّة من حيث كونها ظاهرة اجتماعيّة.
2. أضافة للعلاقة الزمنية بين اللغة والحضارة كظاهرة أجتماعية فالبيئة المكانية لها حضور قعلي في بناء اللغة (صوت وصورة) تعكس أثر هذه البيئة وتنوعها وتفردها الخاص، وهذا يظهر جلي في موضوع اللغة العراقية القديمة ولهجاتها المتعددة، ففي الجزء الجنوبي من العراق ببيئة المائية الواسعة بكل ما تحمل من مميزات ظهرت السومرية لتعكس هذه البيئة ومزاجها الأجتماعي في الصوت والحرف، بينما ظهرت الأكادية البابلية في الوسط العراقي المتمثل ببيئة زراعية سيحية تعتمد الري المباشر والأستقرار الجماعي للمجتمع ومظاهر العمران التي عكست مزاجا يختلف عن البيئة المسطحة المائية، في حين ولدت الأكادية الأشورية في بيئة متعرجة صلبة تعتمد على الأمطار وبرودة الطقس وقوة الأرض وصلابتها التي تختلف تماما عن بيئة الوسط العراقي وإنعكست بالمفردات وطريقة النطق بها التي جعلت الصوت الأشوري أكثر رقة ومتنوع في النغم الموسيقي الذي يميز المجتمعات شبه الجبلية التي تتميز بالجمال الطبيعي للبيئة ودوام الخضرة.
3. تعدّ اللّغة في أيّة أُمَّةً من الأمم العروة الوُثْقَى الّتي لا تنفصم عُراها بالهويّة الإنسانيّة والحضارية في تلك الأمّة، ولما كانت اللّغة بمحمولها الثقافي والسيسيولوجيي والنفسي هي خارطة المعرفة الإنسانيّة في أيّة أُمَّة من الأمم، أصبحت الرّكيزة الأولى الّتي تبوأت مكانتها الشّامخة في ترجمة ثقافتها وفهم الإنسان المكون لهذه الحضارة، فأي قراءة للغة بغير روحها الخاصة لا يمكن أن تعطينا صورة حقيقية لذلك الإنسان الذي صنعها وأسس لمنطلقات وجوده الحي فيها، ولا يمكن أن يحدد بشكل دقيقي ميزة وخصائص هُويّتها الّتي تميّزها عن غيرها من الأمم، لذا أصبحت اللغة العراقية القديمة وبالذات السومرية وسيلة محاربة وتشويه لتاريخ الشعب العراقي القديم بزعم أفتراضي موهوم أنه شعب مهاجر للعراق وليس شعبا نبت منه وفيه.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح 21
- الغباء السياسي في عراق عصر بريمر...
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح 20
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح 19
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح 18
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح 17
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح 16
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح 15
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح 14
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح 13
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح 12
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح 10
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح 11
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح9
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح8
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح7
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح6
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح5
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح4
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح3


المزيد.....




- مفاجأة غير متوقعة.. شاهد ما فعله ضباط شرطة أمام منزل رجل في ...
- بعد فشل العلاقة.. شاهد كيف انتقم رجل من صديقته السابقة بعد ت ...
- هيئة المعابر بغزة ومصدر مصري ينفيان صحة إغلاق معبر رفح: يعمل ...
- لماذا يتسارع الوقت مع التقدم في السن؟
- بلجيكا تبدأ مناقشة فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات ضد إسرائيل
- رداً على -تهديدات استفزازية- لمسؤولين غربيين .. روسيا تعلن إ ...
- تغطية مستمرة| الجيش الإسرائيلي يستعد لاجتياح رفح ويدعو السكا ...
- غارات إسرائيلية ليلية تتسبب بمقل 22 فلسطينيا نصفهم نساء وأطف ...
- أول جولة أوروبية له منذ خمس سنوات.. بعد فرنسا، سيتوجه الرئيس ...
- قاض بولندي يستقيل من منصبه ويطلب اللجوء إلى بيلاروس


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عباس علي العلي - اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح 22