أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عباس علي العلي - اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح 13















المزيد.....

اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح 13


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 7144 - 2022 / 1 / 24 - 22:31
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


إن تعدد الأقوام والمجتمعات في العراق القديم مرده لجملة من الأسباب والقضايا التي ما زالت حاضرة لليوم في تصنيف أشكال وثقافات ونظم المجتمعات كما بينا سابقا، منها العامل البيئي الذي يلعب دورا محوريا في تنظيم البنيان الأجتماعي وطرق العيش في أي مجتمع، فلأجواء الباردة والممطرة تحتاج إلى نظم بنائية تصمد أمام العوامل الطقسية والمناخية التي تتناسب مع طبيعة الأرض مثلا، أما في مجتمع الرعي والتنقل فتكون البنية الأساسية للعائلة والمجتمع قادرة على سرعة التفكك والأنتقال وأن توفر الحد الأدنى اللازم دون الحاجة إلى ما يعيق حركاتها وتنقلاتها المستمرة، لا أحد ينكر اليوم في المجتمع الحديث وبالرغم التطور والأنفتاح والتواصل أن المجتمع البدوي المهاصر هو ذاته قبل مئة عام لا من حيث الثقافة والمفردات وطرق العيش ووسائلها، هذا ينطبق على كل المجتمعات حتى داخل العصر الواحد، فما زال المجتمع القروي يتمتع بخصائصه التقليدية عن مجتمع المدينة المعاصرة، وحتى في مجتمع المدينة المعاصرة يظهر التفاوت الثقافي والأجتماعي فيه بناء على التفاوت الطبقي وتوزيع الثروة والتعليم وغيرها من العناصر الأجتماعية.
المجتمع العراقي القديم إذا ليس خارجا عن تلك العوامل الأجتماعية والأقتصادية والحضارية الحاكمة، وتنوعت فيه الخلافات والأختلافات الطبيعية لنفس الأسباب، فالسومريون كان واقعهم الأجتماعي محكوم بالبيئة والعوامل التي جعلتهم يتواجدون في هذه المنطقة أو الإقليم الذي يعد ثريا من حيث الوفرة الغذائية والأقتصادية مقارنة مثلا في مناطق أخرى التي أعتمدت على الزراعة أو الرعي، مما أهلها أن تكون ذات مصدر أقتصادي مستقر طوال العام تستطيع من خلاله توفير بيئة أمنة ومستقرة لا تتأثر كثيرا في تقلبات المناخ أو الفيضانات التي كانت تدمر أنظمة الري والسدود أو تجرف المزروعات وتخرب الزراعة، كما أنها أكثر أمنا من المجتمعات الرعوية التي تجوب البادية والصحراء بحثا عن الكلأ والمرعى والماء، أضافة إلى مخاطر الغزو والنهب والقتل.
هل من الممكن في هذه الحالة التي أشرت لها يمكن تقسيم المجتمع هنا على أنه مجتمعات متباينة لأن فيها الراعي والمزارع والتاجر والموظف والعسكري والطبيب والعالم والجاهل، على أنها مجتمعات لا ترتبط ولا تترابط بينها على مشتركات كبرى، هذه النظرة التقسيمية هي التي جعلت المؤرخين والآثاريين يقسمون المجتمع العراقي القديم شعوب وقبائل وأعراق وثقافات ولغات مختلفة، إنهم أصحاب مشروع له دوافعه وأسسه التي تنطلق في معظمها من إرث ديني عنصري لإثبات قضية فرعية لا يمكن إثباتها بالطريق العلمي الصحيح، يقول الدكتور علي ثويني من ضمن مقولاته الأساسية فيما يتعلق باللغة والأعراق رؤية بالغة الخطورة والأهمية، حين يشير إلى اللغط التوراتي التضليلي في خلط الحقائق وتصويبها نحو فكرة منحرفة عنصرية طغت على المشهد المعرفي فصارت وكأنها حقائق لا تقبل الجدل والحوار حولها (والأمر برمته يعود الى مغالطة لأسطورة توراتية فسرت خطأ وصنفت على هواها فعادت علينا وبالا. ومن المضحك في تلك الأحاجي التوراتية ،وكما ورد في سفر التكوين مثلا بأن كنعان ليس من أولاد سام لكن تبين أن الكنعانية من اللغات "السامية" العتيدة، وذكر تلك الأسفار بأن عيلام من أبناء سام، وتبين بعد البحث بأن اللغة العيلامية الأتية من تخوم العراق الشرقي لا تمت الصلة لما دعي اللغات "السامية"، وأنها لغة شاذة ولا تشبه حتى الفارسية، وربما تكون قريبة من السومرية الأولى. ومن المغالطالت كذلك حينما صنف الأحباش حاميين بسبب سحنهم الأفريقية، لكن تبين اليوم أن لغتهم سامية محضة، وهكذا حدث الخلط الذي دحض من الأساس صلة اللغة بالرس أو العرق التي إبتلينا بها ومازال من يتشدق ويتشبث بأهدابها).
من هنا نعود لتجديد المفاهيم التي شوهها التاريخ لأهداف خاصة لا تمت للواقع بصلة من أن الأقوام العراقية القديمة كانت في الأساس هم سكانها الأزليين منذ فجر الخليقة، وإن ما تعرضوا له من غزوات وحروب وكوارث بيئية لم تفنيهم ولن تقلع جذورهم من الأرض، بقدر ما ساهمت تلك الأحداث بزيادة التأقلم والأرتباط بالأرض ومسايرة التطور الطبيعي لها، وكان من ضمن تلك الأساليب في المسايرة والتأقلم هي التجارة والتزاوج والحروب ومحاولة التوسع كلما كانت الظروف مهيأ لها، لكنها تبقى في المجمل ظواهر إنسانية أجتماعية طبيعية تمر بها كل المجتمعات على مر التاريخ ولليوم، لكن وأبدا لم تتغير التركيبة الديموغرافية ولا الثقافية الحضارية بشكل جذري وطارئ ومن الخارج في كل مرة، ليتبدل الشعب والسكان بشعب أخر وتتغير الثقافة تبعا لذلك إلا بشكل محدود غالبا ما يكون فوقي لا يمس الروح الأصلية للمجتمع، يقول د. طه باقر في كِتابهِ المذكور (مِن تُراثنا اللغوي القديم) [ لقد تفرد العراق من بين الأقطار العربية بضخامة تُراثه اللغوي القديم من اللغات القديمة التي ازدهرت في حضارته التأريخية بمُختلف أدوارها المتعاقبة وخلفت رواسب لغوية كثيرة ومتراكمة لا تزال آثارها باقية في اللهجة العراقية العربية الدارجة وفي اللهجات العربية الأخرى في أرجاء الوطن العربي ولكن بدرجات أقل].
فلم تندثر السومرية وروحها من المجتمع العراقي بالرغم من مرور سبعة ألاف سنه على التأريخ المؤكد التقريبي لوجودها، هذا يدل على أصالة الروح العراقية المتمثلة بجوهر الشعب العراقي على مر التأريخ أولا، وبأصالة اللغة السومرية وما تفرع عنها ومنها من لهجات عرف لاحقا بأسماء لم تحملها هي بل وضعها من هم خارج منها للتدليل الزماني أو المكاني عليها كما فعلوا مع السريان أو السريانية التي أطلقها اليونان القدماء على الأرامين تحريفا من كلمة سوريون أو من كلمة أشوريون، فالسريان والأرامين فروع عراقية جنسية ولغوبة لا يمكن عزلهم على أنهم أقوام وأجناس مختلفون عن سكان العراق بسواده الكبير، وهناك أمرٌ مثير حقاً حين نجد أنه حتى اللغة السومرية التي ربما يعتقد البعض أنها أقدم لغة عراقية، قد إقتَبسَت ووَرَثت وتأثرت بلغات عراقية أقدم منها لانعرف عنها الكثير، لأنها لم تكن لغات مكتوبة كالسومرية، وتلك هي اللغات التي سماها علماء اللغة ب (لغة الفراتيين الأوائل) أو (اللغة السوبارية) لغة الناجين وأقوامهم القديمة قبل الطوفان.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح 12
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح 10
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح 11
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح9
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح8
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح7
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح6
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح5
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح4
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح3
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح2
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح1
- فجر الحرف الأول
- حفلة شواء في ميلاد الريس
- قبل أن تغلق الحلول أبوابها ح1
- زغاريد في جنازة وطن
- المدرسة السياسية العراقية بعد 2003 ح2
- المدرسة السياسية العراقية بعد 2003 ح1
- رسالة إلى أمي
- عشق النون وما تكلم المتكلمون


المزيد.....




- لقاء وحوار بين ترامب ورئيس بولندا حول حلف الناتو.. ماذا دار ...
- ملخص سريع لآخر تطورات الشرق الأوسط صباح الخميس
- الهند تشهد أكبر انتخابات في تاريخها بمشاركة مليار ناخب
- هل يستطيع الذكاء الاصطناعي أن يخرج التدريس من -العصر الفيكتو ...
- دراسة تكشف تجاوز حصيلة قتلى الروس في معارك -مفرمة اللحم- في ...
- تدمير عدد من الصواريخ والقذائف الصاروخية والمسيرات والمناطيد ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /18.04.2024/ ...
- -كنت أفكر بالمفاتيح-.. مؤلف -آيات شيطانية- يروي ما رآه لحظة ...
- تعرف على الخريطة الانتخابية للهند ذات المكونات المتشعبة
- ?-إم إس آي- تطلق شاشة جديدة لعشاق الألعاب


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عباس علي العلي - اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح 13