أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عباس علي العلي - اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح 17















المزيد.....

اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح 17


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 7148 - 2022 / 1 / 28 - 13:06
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


اللغة الدين العرق...
من الكثير المتداول في كتابات المؤرخين والآثاريين والمهتمين بالدراسات السومرية والبابلية والأشورية العراقية القديمة الكلام المرسل الذي يعتبره البعض من البديهيات التي لا تناقش، منها الفكرة الراسخة من أن السومريين ليسوا من سكان العراق وأنهم أقوام أنحدروا أما من مناطق وسط أسيا أرمينيا تحديدا، أو أنهم نزحوا من أفريقيا ليبدأ هذا الشعب بحياة وحضارة لم ينجحوا في بنائها في موطنهم القديم، الفكرة الثانية أن اللغة السومرية لغة لا تشبه أي لغة في العالم ومن المحتمل أنها ليست نتاج أهل الأرض إنما نزلت عن طريق كائنات سماوية أجهلت الشعب السومري في لحظات سريعة عملية غسل عقول وبدلت لغتهم ورحلوا تاركين بيدهم مفاتيح بناء الحضارة، المهم في الأمر أن عراقية السومرية لا تصح وأن حضارتهم لا تنبع من واقع حقيقي صنعه إنسان الرافدين بسعيه ومعرفته وقدرته الذاتية.
لا أحد من هؤلاء طرح فكرة أن الصينيين أو اليابانيين ليسوا من سكان الصين واليابان بل ليس أصلا من بني البشر الذين نعرفهم نظرا لأشكالهم التي تختلف عن الشكل السوبر الذي يحمله الكاتب أو المؤرخ والذي يعد في نظره النموذج المثالي، بل لم يسأل أحد أن سكان أفريقيا أو سكان الأسكيمو ليسوا من بني آدم ولا يعرف من أي جاءت هذه الصور المختلفة عنه، الأغرب أن البعض لا يناقش مثلا لماذا لا تعتبر اللغة السنسكريتية القديمة ليست لغة السكان القدماء ولا اللغة الهيروغوفلية المصرية القديمة لغة شعب مصر كونها لا تشبه لغة أخرى وقد حملها قوم هاجروا إلى مصر لغرض إقامة الحضارة المصرية العظيمة، في هذا الصدد نجد واحدا من كبار علماء الأثار العراقيين يقول د. طه باقر في كِتابه المذكور سابقا "لا يزال أصل السومريين والمكان التأريخي الذي نزحوا منه يعتبر لغزاً لحد اليوم، وتعتبر لغتهم مجهولة الأصل ولا يُمكن إرجاعها إلى العائلات اللغوية العالمية المعروفة"، إذا لا نستغرب أنهم يجهلون مكان النزوح ويجعلون أساس اللغة وكل ما يتكلمون به هو ترديد ببغاوي لما قاله معلميهم ومرشديهم الذين زرعوا في عقولهم هذه الفكرة الغبية، إذا من يردد هذه الترهات يكون غبيا وليس خبيرا ولا عالما طالما يتغابى في أن يمتحن كلامه قبل أن يطلقه على عواهنه بدون رأي منطقي على الأقل.
لقد احتفظوا للغات القديمة والتي عاصرت أو قاربت في تأريخيتها اللغة العراقية القديمة زمنيا، ولم يشكك أحد بها، الهندو آرية الفارسية الصينية المصرية القديمة وحتى اليونانية والرومانية لأن اللغة ليست حالة يمكن تبديلها أو تغيرها بقرار أو برأي، اللغة نتاج مشترك بين الإنسان والبيئة الذاتية والبيئة الطبيعية، نعم هناك تطور وهناك تغيرات جزئية ناتجة عن التطور ذاته ومن خلال عوامل كثيرة منها ما هو معرفي ومنها ما هو بتأثيرات التمازج والتجدد وتغير الظروف والحاجات، لكن تأريخيا حتى مع تغيير لغة أقوام نتيجة تغير ديموغرافي أو ثقافي محوري كما حدث في مصر بعد الفتح الإسلامي لكن بقيت الروح المصرية في التعامل مع اللغة ولم تتغير حتى طريقة التعامل مع المستجد الوافد، المصري اليوم هو حفيد حقيقي لشعب مصر القديم بسلوكياته وتصرفاته وحتى في البناء الأجتماعي لقيم مجتمع حي، هذا لا يعني أن التعريب الذي حصل في مصر غير من قيم المجتمع وجعلها قيم بدوية جزيرية كتلك السائدة في جزيرة العرب أيام الفتح، فلماذا يتغير المجتمع العراقي بهذه السهولة حسب زعم المؤرخين لأن عدة ألاف من المهاجرين المنكوبين الذين يبحثون عن حياة جديدة دخلوا العراق وغيروا كل شيء فيه، أين شعب العراق إذا؟ هل كان هؤلاء سوبرمانات طاغية بحث جعلوا من العراقيين القدماء نسخه منهم فورا دون أن يفعلوا شيئا لهم؟.
في علم الأجناس وهو علم محايد يقول أن الشكل الجنسي والجسماني لأي مجموعة بشرية يرتبط بشكل وثيق مع البيئة، فلم يكتشف هذا العلم سلالات أو مجموعات أفريقية أصلية عاشت في أفريقيا من ذوي البشرة البيضاء والشعر السرح الملون، كما لم يكشف لنا التأريخ أن سلالات من الزنوج عاشت في القطب الشمالي أو الجنوبي للأرض بنفس الخصائص الأفريقية، السؤال هنا لماذا؟ الجواب في علم الأجناس واضح وصريح ومحدد بمنطق عامي ليس عنصريا ولا يحسب لغير الحقائق على الأرض من حساب، الشعب العراقي القديم عامة يتميز بخصيصتين جنسيتين الأولى أنهم من ذوي البشرة الحنطية المائلة بين البياض والسمرة الشبيه بسمرة الأرض مع ملامح خاصة في الوجه وتقاسيمه والصوت العالي نتيجة أرتفاع نسبة اليود في الماء وإنعكاس الطبيعة الحادة في التناقض بين حر الصيف وبرودة الشتاء، النقطة الأخرى غالبية السعب العراقي من ذوب الرؤوس السوداء، أي من أصحاب الشعر الأسود، لذا هذا الوصف ليس أبتكارا حديثا لهم بل هي فكرة سومرية حقيقية ، ولا يستبعد بعض الباحثين أن لفظ السومرين جاء من لفظ السمره فهم السمر أو السمران*.
نرجع للسؤال الأول لو كان السومريين مهاجرين ألم يتركوا خلفهم ولو أفراد قليلون من أخوانهم في دارهم الأولى تحمل ملامحهم ولغتهم ولو لزمن معين؟ النقطة الأخرى هل فعلا كان هناك شعب أنحدر منهم السومريين يحملون نفس الرقم الجيني G1 _ G2 في العالم لنعرف مصدر هجرتهم ونعيد الباقين من السومرين إلى أرض أجدادهم ليبنوا حضارة أخرة بنفس العقلية والروحية التي حملها المهاجرين للعراق سابقا، لا أحد يجيب ولا أحد يمكنه أن يقول أن كل ذلك مجرد أفكار متداولة، السؤال لماذا إذا كل هذا التشكيك بشعب العراق وأصالته التأريخية؟ فبعد تأسيس مدن سومر الأولى التي منها أنطلقت مراجل الحضارة الإنسانية لتعلوا المعرفة بدل الجهل والتنظيم بدل العشوائية وحياة الجماعات الفرادى، يتكشف تاريخها منذ 5000 ق.م تقريبًا حتى 1750 ق.م حين اختفى السومريون بوصفهم شعبًا، بعد أن غزا العيلاميون والأموريون أرضهم، فانتهت سيطرة السومريين السياسية سنة 2004 ق.م. وتلا الدور العبيدي (نحو 5000-4100 ق.م) عصر أوروك (4100-2900 ق.م)، الذي شهد ظهور المدن الكبرى عبر البلاد المتخمة بالعمارة والتنظيم وكثرة المعابد وسيطرة المدنية الحضارية على سلوك أهلها، وفيها برزت مدينة أوروك العظيمة مركز العالم القديم حضاريا ودينيا ومعرفيا ورغم أن العصر نُسب إلى (المدينة الأولى) أوروك، نظر السومريون أنفسهم إلى أريدو بوصفها المدينة الاولى.
سواء كانت الأفكار والأدوات والابتكارات التقنية تسبق حقبة أور الثالثة أو تليها من عصر النهضة السومرية **، فإن تلك الحقبة هي سر علو شأن السومريين تاريخيًا بأعتبارهم شعب متحضر متطور ومتفاعل مع وجوده الجغرافي والبيئي المتمثل بالماء والطين المتجدد مع كل سنه في موسم الفيضان ويعقبه موسم الصيهود الصيفي، بوصفهم من مؤسسي الحضارة كما نعرفها. في كتابه (التاريخ يبدأ من سومر)، يذكر صامويل كريمر 39 من الأوائل في التاريخ، تشمل أول مدرسة، وأول أمثال ضُربت وأقوال قيلت، وأول مسيح، وأول نوح وقصة طوفان، وأول أغنية حب، وأول حوض سمك، وأول سابقة قانونية في قضايا المحاكم، وأول قصة موت إله وبعثه، وأول قصائد جنائزية، وأول متوازيات توراتية، وأول أفكار أخلاقية. أيضًا ابتكر السومريون فعليًا (الوقت)، حين وضعوا نظام العد القائم على الرقم 60، أي أن الدقيقة تتكون من 60 ثانية، والساعة تتكون من 60 دقيقة، كما قسم السومريون أيضًا الليل والنهار إلى فترات من 12 ساعة، وحددوا متى تبدأ ساعات العمل ومتى تنتهي، ووضعوا مفهوم العطلة للأعياد. يذكر المؤرخ بيرتمان: «ما زلنا نعتمد نظام بلاد الرافدين في تحديد ساعات العمل، بل مدة البرامج التي نشاهدها في وقت فراغنا». لاحظ بيرتمان أن العادة الحالية في تفقد المرء برجه الفلكي ترجع إلى الحضارة السومرية القديمة، فقد كانوا قراء مهرة ومحترفين لحركة الأفلاك والكواكب وعلاقتها بالإنسان والحياة بشكل عام وما سبقهم إليها من أحد لها، وأن أول من لاحظ علامات الأبراج التي يولد فيها المرء كان العراقيون القدماء وإليهم ترجع تسميتها ورسموا خرائط الفلك كما يتصورنها من الملاحظة والتدقيق.
هل كل هذه الإبداعات غابت عن الشعب السومري عندما كانوا في بلادهم الأصلية ولم يكتشفوها إلا بعد أن وصلوا أرض العراق كما يزعم المتقولون، أي هراء نسمعه منهم دون دليل واحد ولو كان ضعيفا يثبت بشكل جزئي عدم عراقية السومريين، الحقيقة التي لا يريدها هؤلاء تبدأ من فجر الحضارة في العراق بحدود سنة 5000 قبل الميلاد وانتهى بالحقبة الزمنية التي ابتدع فيها الإنسان العراقي الكتابة لأول مرة في تاريخ الإنسانية في الربع الأخير من الألف الرابع قبل الميلاد، وإن نشوء هذه الحضارة الناضجة في بلاد الرافدين قد سار بخطوات ثابتة وعلى مراحل وبأطوار متتالية ومتعاقبة، عرفت تلك الأطوار لاحقا في العراق للمختصين المحدثين بأسماء المدن والقرى والمواقع التي ظهرت فيها لأول مرة، ومدن الطور الأقدم هي: (حسونة) ثم (سامراء) و (حلف) و (العبيد) و (الوركاء) و أخيرا (جمدة نصر) لتشكل الفسيفساء المبدع في تنويع معطيات متعددة كل منها تحمل خصائص الزمان والمكان، ولكنها جميعا تشترك في أس واحد هو عنصر الشعب والبيئة الإحساس بقيمة الزمن في تلبية حاجات الإنسان وسد مشاغله وحل إشكالياته الوجودية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*أما السومريون فقد أطلقوا على أنفسهم لقب (ذوي الرؤوس السوداء)، وأطلقوا على أرضهم -في نصوصهم المسمارية- تسمية (الأرض): كلام (Kalam) باللغة السومرية، أو (أرض ذوي الرؤوس السود)،
**تُعرف آخر حقبة من التاريخ السومري باسم حقبة أور الثالثة (2112-2004 ق.م)، نسبةً إلى سلالة مدينة أور الثالثة، كما تُعرف باسم (النهضة السومرية)، بسبب ما شهدته من ارتقاء ثقافي ملحوظ، ارتقاء شمل كل جوانب حياة الإنسان المتحضر. وضع ملكا أور (أورنمو) (2112-2095 ق.م) وشولكي (2094-2047 ق.م) نصب أعينهما تطوير الثقافة، واتخذاه هدفًا تسعى إدارتاهما لتحقيقه، كما حافظا على السلم، ما سمح بازدهار الفنون والتكنولوجيا.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح 16
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح 15
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح 14
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح 13
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح 12
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح 10
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح 11
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح9
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح8
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح7
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح6
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح5
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح4
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح3
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح2
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح1
- فجر الحرف الأول
- حفلة شواء في ميلاد الريس
- قبل أن تغلق الحلول أبوابها ح1
- زغاريد في جنازة وطن


المزيد.....




- تمساح ضخم يقتحم قاعدة قوات جوية وينام تحت طائرة.. شاهد ما حد ...
- وزير خارجية إيران -قلق- من تعامل الشرطة الأمريكية مع المحتجي ...
- -رخصة ذهبية وميناء ومنطقة حرة-.. قرارات حكومية لتسهيل مشروع ...
- هل تحمي الملاجئ في إسرائيل من إصابات الصواريخ؟
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- البرلمان اللبناني يؤجل الانتخابات البلدية على وقع التصعيد جن ...
- بوتين: الناتج الإجمالي الروسي يسجّل معدلات جيدة
- صحة غزة تحذر من توقف مولدات الكهرباء بالمستشفيات
- عبد اللهيان يوجه رسالة إلى البيت الأبيض ويرفقها بفيديو للشرط ...
- 8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عباس علي العلي - اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح 17