أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس علي العلي - الغباء السياسي في عراق عصر بريمر...














المزيد.....

الغباء السياسي في عراق عصر بريمر...


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 7149 - 2022 / 1 / 30 - 18:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


جاء بريمر كحاكم إداري لقوات الأحتلال الأمريكي الدولي ضمن رؤية أمريكية كانت تستهدف بالأساس والمعلن تصفية حقبة الديكتاتورية، وبناء نظام سياسي بديل على أسس من الديمقراطية وحقوق الإنسان ووفقا لما تراكم لديها من تصورات وأفكار ساهم بها العراقيون المتعاونون معها بكافة أطيافهم السياسية والدينية والمذهبية والعرقية، فبدأت عملية إعادة التنظيم من قبل السيد بريمر الذي كان يضع رؤية بعيدة المدى للعراق يرسم من خلالها صورة دولة مسالمة ترعى مصالح الغرب وتساهم في تهدئة التوترات الإقليمية المشتعلة منذ منتصف القرن الماضي، كانت الخطوط الأولى لهذه الرؤية هي تجريدة من عنصرين أساسيين لتنجح الرؤية، أولهما أن يعيد بناء نظام أقتصادي حر مرتبط بشبكة من المصالح الدولية التي لا تقبل الأستقلال أو النأي عن التأثيرات المشتركة، بمعنى أنه لا يمكنه الانفراد الأقتصادي بأختيار مذهب أخر كما كان القائم في ظل الأنظمة الشمولية، أما العنصر الثاني أن يتم من خلال رفع المستوى المعيشي للمواطن الفرد كي يضمن ولائه للنظام الجديد.
ما حصل بعد ذلك أن الأنفتاح الأقتصادي الحر الخالي من الرقابة والتوجيه أنتج منظومة طفيلية من البرجوازية الرثة وممن لا يمتلك أبسط المقومات الإدارية والأقتصادية لإدارة مشروع ناجح، فكان البديل المتوفر مع غياب قوة القانون والمحاسبة القضائية إن سخرت أجهزة الدولة وعلى كل المستويات وإفسادها عبر الرشى والمشاركة في كسب الأموال بأي طريقة، فتحولت أجهزة الدولة من واجب بناء المجتمع الجديد إلى منظومة متكاسلة طفيلية فاسدة تسعى وراء الفاسدين للأستئثار بالمال العام والخاص، أما فيما يخص العنصر الثاني ولغياب الثقافة الأقتصادية الصحيحة ولتعود المجتمع العراقي في ظل ديكتاتوريات موجهة لرغباته فقد خرج من دائرة الحرمان والتقنين المستمر إلى الفوضى في تلبية أهم المتطلبات الحياتية، فلم يتصرف العراقي وفق مبدأ جزء من الدخل العام ليكون أستهلاكيا وجزء ثاني مهم كأستثمار مستقبلي لضمان أستقرار أقتصادي له، وشاع مفهوم وممارسات الأستهلاك الفوضوي المتأثر بالتقليد والتباهي وحتى الإنفاق على الأشياء التي لا تشكل أهمية في الحياة مثل التعليم وتطوير الذات والتنمية الأسرية وبناء أقتصاد حر حقيقي.
كل هذا جرى ملقيا بأثره السلبي على العملية السياسية الجارية في تحولاتها الدراماتيكية بكامل خطوطها والتي لم تكن مهيأ أساسا لهذا التغيير العنيف والأنقلاب بكل المفاهيم الأجتماعية والسياسية والأقتصادية، فتحولت الطبقة السياسية من دورها الموجه والقيادي إلى المشاركة في أكبر عملية فساد وإفساد، وتحولت الأحزاب والقوى السياسية إلى دكاكين تتاجر بكل شيء دون رقابة ولا محاسبة، وصار هم أستلاب المال العام أولى فقرات برنامجها العملي، وإزداد الغوص عميقا في وحل الفساد للدرجة التي جعلتها أن تستبدل مصيرها بمصير العراق وتربط بينهما وجودا وعدما، لذا لا نستغرب مثلا أستماتتها للمشاركة في كل شيء سواء في الحكومة أو أجهزة الدولة حتى وصلت لمرافق لا يمكن الربط بينها وبين السياسة لأنها لا تريد أن تكون خارج دائرة الأهتمام حتى في أقل التفاصيل وأصغرها.
هذا الحال لم يكن من أصول العمل السياسي السليم ولن يكون، فالتدخل بكل شيء يعني المزيد من المسئوليات والمزيد من الأخطاء التي سترد عكسا على وضعها السياسي المتصف دوما بالبساطة الفكرية والسذاجة في التخطيط والتصور وبناء أستراتيجيات وطنية تضمن لها حضورا كبيرا وفعالا في خدمة الشعب، بالمختصر إنه الغباء العظيم الذي جعلهم يتخبطون من فشل لفشل حتى أصبح مصيرهم محتم نحو الزوال النهائي، وتحميلهم كل أخطاء المرحلة من بدايات خطط بريمر وصولا لكل الجرائم التي أرتكبت منهم ومن غيرهم، لأنهم لم يتصرفوا كرجال سياسة ولا كرجال أعمال سياسيين لهم رؤية ومخطط وآليات ومناهج مدروسة تثبت وجودهم كلاعبين أساسين بأستحقاق ولبس عبر الفساد وألياته ووسائله العنف والفوضى والتمرد على القانون.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح 20
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح 19
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح 18
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح 17
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح 16
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح 15
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح 14
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح 13
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح 12
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح 10
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح 11
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح9
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح8
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح7
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح6
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح5
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح4
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح3
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح2
- اللغة العراقية ومفهوم الدلالات ح1


المزيد.....




- صورة سيلفي لوزير مغربي مع أردوغان تثير انتقادات وردود فعل في ...
- سيارة همر -مسروقة- في دمشق تظهر ضمن سيارات الأمن السوري... ك ...
- -فضيحة الصندل-.. برادا تعترف باستلهام تصميمها من الصندل الهن ...
- مقتل 18 فتاة في -حادث المنوفية- يهز مصر وسط مطالب بإقالة وزي ...
- مئات الملايين والمليارات: حفلات زفاف باهظة الثمن في القرن ال ...
- ترامب: أنا -لا أعرض شيئا على إيران ولا أتحدث معهم-
- مشروع مغربي طموح يربط دول الساحل الإفريقي بالمحيط الأطلسي
- توتر الوضع الأمني في الشرق الأوسط : كيف يؤثر على خطة لبنان ل ...
- بعد شهر من الغياب.. العثور على جثة الطفلة مروة يشعل الغضب في ...
- حل مئات الأحزاب الأفريقية.. خطوة نحو التنظيم أم عودة لحقبة ا ...


المزيد.....

- الوعي والإرادة والثورة الثقافية عند غرامشي وماو / زهير الخويلدي
- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس علي العلي - الغباء السياسي في عراق عصر بريمر...