هل يوجد إعجاز علمي في القرآن ؟

زياد ملكوش
كاتب
(Ziyad Malkosh)

الحوار المتمدن-العدد: 7152 - 2022 / 2 / 2 - 20:39
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

منذ انتشار الفضائيات وظهور وسائل التواصل الاجتماعي على الانترنت زاد عدد ما يسموا انفسهم او من يدعونهم بالشيوخ والدعاة والفتاة وحتى رجال الدين وعلماء الامة ، بعضهم مقتنع ومخلص لما ينادي به / بغض النظر عن صحته / وبعضهم يعمل لجهات لها مصالح والبعض الآخر / وهم الاكثرية/ يعملون لاجل المال بعد ان اصبح الترويج ومدح الاسلام تجارة رابحة .

من بين ما يتحدث به بعض من هؤلاء مايسمونه الإعجاز العلمي في القرآن . لقد استمعت لبعضهم في عدة احيان ، لا بل وقمت اكثر من مرة بالتدقيق بما يقولون وخاصة ما يروج له احدهم عن بعض الظواهر الفلكية التي اكتشفتها ناسا مؤخرا وهي مذكورة في القرآن كما قال ، وبالطبع فالمصحف الذي نزل قبل اكثر من 1400 عام وبلغة عربية مُطعمة احيانا ببعض الكلمات الاجنبية التي بعضها كان مألوفا ومنها السريانية والعبرية والفارسية ، هذا المصحف حمّال أوجه كما قال علي ابن ابي طالب / إن صحت الرواية/ كما ان اللغة العربية غنية بالكلمات ولها كثير من المميزات كالمجال والتشبيه والكناية والاشتقاق وغيرها ، ولهذا يمكن بشيء من الدراية والتحايل والخيال تلبيس جملة ما معاني كثيرة ، على ان الحقائق تبقى حقائق وعندما بحثت على موقع ناسا وفي عدد من المواقع والمجلات المختصة وجدت ان هذا الرجل يكذب فلا وجود لهذه الاكتشافات التي إدعاها كما انه يورد /كتعزيز لما جاء في المصحف حسب قوله/ احاديث للرسول غير موجودة في اي مرجع ( بغض النظر عن صحة او عدم صحة الاحاديث الموجودة في التراث) ، علما بان العديد من الحضور في محاضرات له في المغرب والاردن قبل عدة سنوات احرجوه باسئلة وتعليقات لم يستطع الرد عليها .

هناك ايضا قصة الطبيب الفرنسي “موريس بوكاي “ الذي تعلم الهيروغليفية والعربية وكان صديقا لجيهان زو جة الرئيس السادات ، و كان ايضا ضمن الفريق الطبي للملك فيصل آل سعود . يقولون ان هذا الطبيب عندما فحص مومياء الملك رمسيس الثاني وجد فيها ملحا واستنتج انه مات غرقا ولكن جسده لا يزال موجودا ، وهذا ما جاء في الآية من سورة يس “ فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً ۚ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ} “ . وبعد ان علم بوكاي بذلك دخل في الدين الاسلامي . هذا طبعا يخالف التفاسير الكلاسيكية التي يقول معظمها ان الله القى بجثة الفرعون من مكان عال ليراها بنو اسرائيل الذين شككوا بغرقه . الصحيح ان هذا التفسير غير مقنع كما ان تفسير بوكاي ايضا غير صحيح .

اولا يجب ذكر ان بوكاي لم يعلن اسلامه كما يدعون وثانيا ان المصريين القدماء كانوا يستخدمون الملح في عمليات التحنيط و بوكاي ذكر في كتابه “ اليهود التوارة والانجيل والقرآن والعلم “ ان فرعون المذكور في التوراة والانجيل ليس رمسيس الثاني وانما ابنه مرنبتاح والذي قال انه من الممكن انه مات غرقا او نتيجة جروح أُصيب بها او الاثنين معا ، وثالثا ان التوراة والمصحف ذكرا ان الذي طارد موسى حتى وصول البحر هو فرعون ، وبينما تقول التوراة انه في البلد (مصر) لا يذكر المصحف اين كان هذا الفرعون . وكلمة مصر الواردة في المصحف عدة مرات لا تعني في اي مرة ان ذلك هو اقليم مصر وانما تعني البلد او المدينة المتحضرة والاهم انه لا يوجد اي ملك مصري قديم اسمه او لقبه فرعون . وبهذه المناسبة فان كتاب بوكاي المذكور جدير بالقراءة بغض النظر عن قصة المومياء وبغض النظر عن النقد الواسع له ولغيرة من كتبه من قبل الباحثين الغربيين وخاصة عن المراجع التي استند اليها في حديثه عن توسع الكون والاكوان المتوازية وغيرها .

الطريف ان الغاية من خطاب هؤلاء الدعاة هو إثبات ان المصحف كتاب موحى من الله وليس من تاليف النبي محمد وهم يتوجهون بهذا الى جمهور مسلم هو اصلا مؤمن بهذه الحقيقة .

المصحف بكتبه/ اقسامه/ ليس كتابا علميا ولا يبحث في الفلك والفيزياء وغيرها من العلوم . انه كتاب يتكلم عن الايمان والاخلاق والسلوك القويم وبعض القصص التي من الممكن انها حدثت او انها مجرد حكايات للموعظة كقصة سليمان والنمل التي لاتستقيم مع اي منطق وعلم . ولا ننسى ان الله نفسه قد قال في بداية سورة يوسف “ نحن نقص عليك افضل القصص بما اوحينا اليك “ . من ناحية اخرى فلا يوجد في المصحف اي نص يناقض الحقائق العلمية المعروفة .

#زياد_ملكوش (هاشتاغ)       Ziyad_Malkosh#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل