ليلة في ميامي

زياد ملكوش
كاتب
(Ziyad Malkosh)

الحوار المتمدن-العدد: 6802 - 2021 / 1 / 30 - 03:05
المحور: الادب والفن
    

في 25 شباط 1964 في مدينة ميامي/فلوريدا فاز كاسيوس كلاي على منافسه سوني لستون واصبح بطل العالم للملاكمة في الوزن الثقيل . كان من بين الحضور 3 من اصدقائه : مالكولم X احد الزعماء الاقوياء السود والمتحدث باسم “ امة الاسلام “ وملك السول سام كوك والذي كان مشهورا وفي قمة عطاءه الفني و جيم بروان الذي يعتبر من بين افضل لاعبي الفوتبول في تاريخ اللعبة ، وفي المساء اخبر كلاي الصحفيين بحضور مالكولم X انه اصبح مسلما وان اسمه سيصبح كاسيوس X ، وكان ذلك مألوفا لبعض اعضاء امة الاسلام فقد كان اسم مالكولم هو مالكولم ليتل لكنه استبدله بمالكولم X لان ليتل /كما ذكر/ هو اسم اعطاه مالكي العبيد لابيه وان اسماء اسلافه مجهولة له لانها فُقدت عندما أُختطفوا من قبل البيض وتم جلبهم الى امريكا .

قامت ريجينا كنج باخراج فيلم One Night in Miami عن لقاء مُتخيل بين الاربعة المذكورين بعد المباراة في غرفة مالكولم X في موتيل هامبتون في ميامي/فلوريدا وهو الفندق الوحيد الذي كان يستقبل سودا ( وكانوا يُسموا زنوجا Negros ) في الستينات .
ريجينا كنج ممثلة سينما وتلفزيون شهيرة ، حائزة على الاوسكار وغولدن غلوب وايمي كما اخرجت بعض حلقات مسلسلات تلفزيونية شهيرة ، لها ادوار مميزة خاصة في مسلسل 7 ثوان و الحراس . فيلم ليلة في ميامي هو اول تجربة اخراج سينمائية لها وهو مُعد من سيناريو كيم بورز عن مسرحية له بنفس الاسم . قام بادوار الاصدقاء الاربعة ممثلين ليسوا على قدر كبير من الشهرة ولكنهم محترفون وقاموا بادوار عديدة في السينما والتلفزيون . مع ان الفيلم يبدأ بتقديم الاربعة قبل المباراة لكن التركيز كان حول ماجرى بينهم من نقاش وجدال ثقافي في غرفة الفندق خاصة على كيفية الكفاح في سبيل حقوق السود في امريكا مع انهم اجتمعوا للاحتفال بفوز كلاي .

كان مالكولم X يريد منهم ان ينخرطوا اكثر في كفاح السود وكان جيم بروان يرى ان الاستقلال الاقتصادي هو الطريق بينما سام كوك كان يرى نفسه ملتزما بتقديم وانتاج موسيقى لعدد من السود ، غير ان مالكولم الذي كان يريد من السود ان يقاوموا التفرقة العنصرية باي وسيلة كانت ( بعكس مارتن لوثركنج الذي كان ينادي بالسلمية ) لم يكن مقتنعا ان ما يقومون به كان كافيا . ويضع مالكولم X اسطوانة لبوب ديلين يغني فيها “ في مهب الريح “Blowin` in The Wind ويقول لسام كوك انه يجب ان يكتب اغاني مثلها . في تلك الليلة يقول مالكولم X انه سيترك امة الاسلام وهي منظمة امريكية تضم في غالبيتها السود المسلمين ويريد من كلاي ان يتبعه . اما جيم بروان فيقول انه سيتفرغ للتمثيل السينمائي .

ماذا حصل فعليا بعد تلك الليلة ان كلاي في نفس العام اعلن رسميا اعتناقه الاسلام وانضمامه لامة الاسلام وتغيير اسمه الى محمد علي ثم بعد 10 سنين تحول للمذهب السني . جيم براون تقاعد من اللعب وتابع مسيرة التمثيل السينمائي وحقق نجاحا لابأس به وإن لم يكن بمستوى اداءه الرياضي . سام كوك تابع الغناء وقام باداء اغنية في مهب الريح على طريقته ويقال بانه قال عندما سمع الاغنية من ديلين انه هو من كان يجب ان يكتب هذه الاغنية ، بعدها غنى رائعته “التغيير قادم A Change Is Gonna Come محققا رغبة مالكولم X وقبل نهاية العام نفسه قتلته مديرة فندق في لوس انجلس وتم تبرئتها بحجة الدفاع عن النفس ، لم يصدق اصدقائه وعائلته ذلك ، لكن القضية انتهت بسرعة غريبة . كان عمره 33 عاما فقط . اما مالكولم X فقد ذهب للحج في مكة وقابل العديد من القادة العرب والافريقيين منهم جمال عبد الناصر وبن بيلا وعنما عاد ترك امة الاسلام وتحول للمذهب السني واسسس منظمته الخاصة . وقبل نهاية نفس العام 1964 تم اغتياله . تم القبض على 3 من افراد امة الاسلام حيث ادينوا وحكم عليهم بالسجن ، احدهم اعترف بانه احد القتلة واعرب عن ندمه لكنه ذكر ان الاتثنين الآخرين ليسا من القتلة وانما 3 غيرهم نفذ الجريمة ، ظل الاثنان حتى مماتهما ينكران ضلوعهما في القتل . طبعا الشبهات كانت ان من اوعز بالقتل هو زعيم امة الاسلام وقتها ايلاج محمد الذي كان ينكر ذلك وإن اعترف ان مالكولم X نال جزاءه . ومعروف ان مالكولم X كان قد انتقد كثيرا ايلاج كما انه كان اقوى شخصية واذكى منه وكان يلهب الجماهير بخطاباته النارية المرتجلة وكانت وسائل الاعلام تلاحقه كما ال FBI وربما غيرهم ايضا ، وكانت جماعة امة الاسلام قبل ذلك قد أحرقوا بيته لكنه وعائلته نجوا من الحريق . كان عمره 39 عاما عندما قتل .

الفيلم بسيط وقوي ، ليس انتاجا ضخما مع نجوم شهيرين وبمؤثرات صورية وصوتية مثيرة ، وميزانيته 16.9 مليون دولار فقط وهي ميزانية متواضعة جدا بمقاييس هوليود . الحاضر في الفيلم هو احدى اكبر مشاكل امريكا وهي التفرقة العنصرية وهي وإن كانت ليست كما كانت في الستينات او قبل ذلك ولكنها منغرسة بقوة في المجتمع الامريكي سواء من قبل كثير من الغالبية البيضاء المسيطرة او من قبل المؤسسات او (وخاصة ) من قبل البوليس . التفرقة ليست من قبل البيض الاعم فقط وبل من السود وغيرهم من الاعراق .
جيم براون لا زال حيا وزار مؤخرا فندق هامبتون في فلوريدا .

#زياد_ملكوش (هاشتاغ)       Ziyad_Malkosh#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات