أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد حمدي سبح - الأحكام الشرعية وسائل وليست غايات














المزيد.....

الأحكام الشرعية وسائل وليست غايات


أحمد حمدي سبح
كاتب ومستشار في العلاقات الدولية واستراتيجيات التنمية المجتمعية .

(Ahmad Hamdy Sabbah)


الحوار المتمدن-العدد: 7152 - 2022 / 2 / 2 - 02:39
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الشرع ليس هدفآ في حد ذاته وانما هو وسيلة لفلاح الانسان في الدنيا والآخرة ، والوسيلة تدور مع هدفها تطورآ ووجودآ كما الحكم الشرعي يدور مع علته وجودآ وعدمآ ، فالشرع وسيلة لتحقيقي غايات ثلاث الحرية للتطور والنمو ، والعدالة منعآ للظلم والافتراء ، والسلام بمفهوميه الاجتماعي والمجتمعي الدولي تحقيقآ للاستقرار والأمان ، فكيفما كان السبيل بعقل واعي وضمير حي لهذه الأهداف كان شرع الله .

فمفاهيم الحرية والعدالة والسلام وان كانت على مدار الأزمنة ثابتة المعنى الا أن مفاهيمها تظل في حالة تجريدية نسبية تتناسب مع قواعد وأطروحات كل زمن وظروفه وأحواله ،

ففي زمن الرق والقبيلة والإقطاع وندرة الموارد وانتشار واسع للفقر وحضور استيعابي هامشي لقيم المساواة والندية ، وعلو لركام الجهل والخرافة في مقابل هزال التراكم المعرفي والخبراتي والحضاري الإنساني ، واختزال دور المرأة في الخيمة وحلب الشاه ، والكسب القائم على المجهود العضلي بشكل أساسي ، فإن مفاهيم الحرية والعدالة والسلام تختلف في هذا الزمن او تلك الأزمنة عن زماننا هذا الذي يتسم بسمات تختلف كلية عما سبق شاء من شاء وأبى من أبى ، مما يعني أن الوسائل لتحقيق امعاني الثابتة لهذه المفاهيم بغية تحقيق غاياتها الحقيقية لابد أن تتغير ، وذلك ليظل الدين في النهاية صالحآ لكل زمان ومكان من خلال اقامة المعنى لا الحرف .

فعلى سبيل المثال لا الحصر ان الله حينما شرع للمرأة نصف نصيب الرجل من الميراث ، فقد كان ذلك لبنة أولى في اقامة بناء العدالة الذي نحن مأمورون باستكماله .

فالمرأة حين شرع لها النصف من الميراث كانت لاترث أساسآ ، هذا بعد أن تنجو من الوأد أساسآ ، حتى أن كثيرآ من الصحابة الكبار استعجب الأمر الإلهي بإرث النساء ، ولكن في زمن كان ينظر للمرأة نظرة دونية واذا بشر أحدهم بمولودة له أنثى فاذا هو كظيم ، وفي زمن انتشار الجهل والخرافة بين الرجال ناهيك بشكل أشد بين النساء ، وفي زمن الكسب وتشغيل المال يعتمد على المجهود العضلي والسفر شهورآ في رحلتي الشتاء والصيف وهو ما يضطلع به الرجال عادة ، وفي زمن اختزال دور المرأة في البيت والخيمة والولادة والتربية حصرآ ومازاد عن ذلك كان استثناء نادرآ ، وفي زمن كان الرجل هو من يتولى كافة مصاريف الزواج وتجهيز المنزل والانفاق عليه ، وفي زمن الأخ والعم والخال يتولون الانفاق على أخته أو ابنتهم المطلقة أو الأرملة وأولادها في حال عجز طليقها أو وفاته .

وليس كما في زماننا هذا حيث العيب في كثيرين منا أو في الغلاء الذي جعل معظم البيوت تتمنى أن تكفي نفسها أساسياتها أو ابتعاد المسافات لتوسع العمران ، والمرأة العاملة والمعيلة التي أصبحت (وفقآ للدراسات الرسمية وشبه الرسمية الإحصائية المنشورة ) قرابة نصف البيوت تعتمد على دخلها ، وفي زمن أصبحت الفتاة وأهلها يجهزونها ويساهمون في تأثيث منزل الزوجية بالنصف ، وفي زمن الكسب فيه يعتمد على العلم والمجهود الذهني والعمل المكتبي ، وفي زمن أصبحت ادارة الاموال واستثمارها والحفاظ عليها في البنوك وشركات التأمين أيسر وأضمن من الخيم والبيوت وقوافل الجمال ، وفي زمن أصبحت المرأة متعلمة كالرجال ونسبة النساء المتعلمات أصبحت مساوية للرجال ، فان للمرأة الآن أن ترث مثلها مثل الرجل تحقيقآ للعدالة والسلام الاجتماعي والأسري وبالتالي تحقيقآ لشرع الله .

وسيجادل الكثيرون أن الله لو كان يريد ذلك لأشار إليه في قرآنه الكريم ، والحقيقة أن الله في القرآن لم يشر الى أو يأمر أمرآ نهائيآ بإلغاء الرق ، الا أننا نتقبل اليوم بصدر رحب قرارات الغاء العبودية التي نشجبها أشد الشجب ونستنكرها أعتى استنكار .فهل نحن أحن على البشر من خالقهم ؟!.

الحقيقة أن ذلك دليل على ما سبق أن قلناه ألا وهو التجريد النسبي للمفهوم فمفاهيم الشرع الاساسية المتمثلة في الحرية والعدالة والسلام كانت تفهم وفقآ لسياق مجتمعي معين ليس محليآ فقط آنذاك بل عالميآ أيضآ فيما يتعلق بقضية العبودية والإسترقاق وهي مفاهيم ظلت على حالها حتى بدأت عملية تحرير الرقيق منذ عام ١٨٣٩م في بريطانيا واستمرت تدريجيآ حتى بعيد منتصف القرن العشرين حيث لم تلغي السعودية الرق الا عام ١٩٦٢م وموريتانيا في عام ١٩٨١م .

وبالتالي فان الشرع تعامل بتجريدية نسبية مع أحد المظاهر المجتمعية لعلمه وادراكه جل في علاه أن القصور المعرفي والمحدودية الإدراكية البشرية لا يمكن أن تقبل بحرية ومساواة واخاء بمفاهيمنا الحالية في تلك الأزمنة وأن مآل الأمر الى حروب ونزاعات ستدفع بقضايا التوحيد والإيمان الى الهامش في ظل نزاعات دنيوية وهو بالفعل ما حدث حتى بعد مرور أكثر من ألف ومائتي عام حينما اندلعت الحرب الاهلية الامريكية بسبب الرغبة في تحرير العبيد واستمرت الحرب ما بين ١٨٦١م الى ١٨٦٥م ، وهو ما يثبت أن العقلية البشرية تظل بحاجة الى التعاطي التدريجي معها خاصة في قضايا اجتماعية ظلت حبيسة ممارسة دهرية عتيقة ومنها قضية ميراث المرأة مثلآ .

وبالتالي فإن الأحكام الشرعية تظل وسائل لغايات أسمى ، قدرها الله لنا لسعادتنا في دنيانا وآخرتنا ، وليست أهدافآ في حد ذاتها لأن الإنسان هو المقصود ، وإنسان اليوم ليس هو إنسان الأمس ولا الغد ، فمع تطور الفكر الإنساني وواقعه المعاش وتحدياته يجب أن تكون الوسائل متناسقة وملبية لطموحات المجتمع الفاضل وملبية للمراد الإلهي فيه لأن الدين لكل زمان ومكان .



#أحمد_حمدي_سبح (هاشتاغ)       Ahmad_Hamdy_Sabbah#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معاناة مصرية في عالم الإستثمارات
- ثمة غزو روسي لأوكرانيا
- ارتفاع الفائدة في مصر .. إنقاذ للأسرة والوطن .
- نحو تغيير المنظومة الجمركية المصرية
- عقليات متناوئة من بيئة واحدة
- التحول الرقمي ومزاياه
- لكم دينكم ولي دين .
- استراتيجية التحول الرقمي
- اقتلاع غابات الظلام
- مأزق التعليم في مصر
- ومن الناس من يشتري لهو الحديث
- القيم الدينية والإنسانية
- نحو تطوير التعليم الفني في مصر
- في زمن.. واضربوهن
- لمناصري تعويم الجنيه
- السينما النظيفة
- التبني وما عليه
- معركة كنوز المتوسط
- واضربوهن
- عن يد وهم صاغرون


المزيد.....




- لوباريزيان: سجن 3 طلاب أرادوا إنشاء دولة إسلامية بفرنسا
- “هالصيصان شو حلوين”.. اضبط تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 ...
- “شاور شاور”.. استقبل تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ال ...
- قصة الاختراق الكبير.. 30 جاسوسا معظمهم يهود لخدمة إيران
- بالفيديو: خطاب قائد الثورة الإسلامية وضع النقاط على الحروف
- السفير الديلمي: كل بلدان العالم الاسلامي مستهدفة
- مقتل وزير اللاجئين في حركة طالبان الأفغانية بانفجار في كابول ...
- المرشد الأعلى الإيراني: الولايات المتحدة والنظام الإسرائيلي ...
- المرشد الأعلى في إيران يعلق على ما حدث في سوريا
- بابا الفاتيكان يوجه رسالة للقيادة الجديدة في سوريا


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد حمدي سبح - الأحكام الشرعية وسائل وليست غايات