أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عزيز الخزرجي - أسباب حرق الكتب في تأريخ الإسلام:















المزيد.....

أسباب حرق الكتب في تأريخ الإسلام:


عزيز الخزرجي

الحوار المتمدن-العدد: 7121 - 2021 / 12 / 29 - 04:42
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


الأخوة الاعزاء : لوجود بعض الأخطاء المطبعية و الأملائية ,, فقد تم التصحيح .. فيرجى نشر النسخة التالية بدل السابقة مع التقدير و الامتنان و أستميحكم العذر على ذلك ..

أسباب حرق ألكُتب في تأريخ آلإسلام؟
لم يمنع حرق الكتب و إتلافها علناً أو سرّاً .. عامّة الناس و العلماء من قراءتها و دراستها و التنور بعلومها للبناء الحضاري و المدني فقط؛ بل إن إحراق الكتب أعطى مضامينها أهمية كبيرة، إستقطبت تحليلاً واهتماماً من معاصريها و من جاء بعدهم.

كمّا أن إحراق الكتب، على مرّ عصور الإسلام، كان في كلّ مناسبة .. ينبع من أسباب مختلفة، و في كلّ مرّة كانت تتشابك فيه مصالح سياسيّة مع مواقف العلماء و شهرة الكُتُب و سمعة مؤلفيها بين الناس و حسد و غباء و جهل الساسيين و الحاكم وتعصبه الجاهلي و تلك الاساب تبدو واضحة في الأندلس، التي شهدت ستة مناسبات لحرق الكتب على الأخص, و قد تجسدت هذه الظاهرة على مدار تاريخها: أيّام الحكم الأموي و الأميري و حكم بني عبّاد و الحكم المرابطي و الموحدي.

في مقالتها "سياسة إحراق الكتب في الأندلس"، تدرس (جنينا سافران) حرق الكتب في الأندلس، و تجد أنّ الحرق بحدّ ذاته أصبح بمثابة تقليد استخدمه الحكّام لتقديم صورة معينة لحكمهم.

كان أول هذه المناسبات إحراق كتب ابن مسرّة (تـ.931م)، بمباركة الخليفة الأموي الأول، عبد الرحمن الناصر، وتمّ ذلك في ساحة جامع قرطبة عام 961م.

لم تكن أسباب حرق الكتب تعسفية، إذ أن ابن مسرّة كان عالماً مرموق السمعة، خاصة بعد عودته من رحلته إلى المشرق الإسلامي، حيث درس كتابات المعتزلة والمتصوفة. ولكن شهرته اسمترت عقوداً بعد وفاته، وباتت تنافس حلقة علماء قرطبة الذين اتبع أكثرهم المذهب المالكي، وبات تأثيرها يخلّ بموازين السلطة.

وجد الخليفة الأموي فرصة في استثمار قلق علماء عاصمته من تعاليم ابن مسرّة، ليقدّم نفسه بصفة المدافع عن أهل السنّة، و كان في ذلك خطوة براغماتية، دعمها تنافسه مع الخليفة الفاطمي، الذي كان ينارعة النفوذ في شمال إفريقية.
وهذا مثال عن ترابط الظروف السياسية مع الاعتبارات الفكرية في إحراق الكتب، التي أعطت رمزيّة إتلافها، كحدث اجتماعي؛ فرصة لتأكيد التزامات و تحالفات سياسية معينة.

ومثل ذلك ما تلى من إحراق للكتب، حيث أصحبت العملية نفسها تقليداً له رمزيته التي عبّر من خلالها الحكّام عن سلطتهم وصورة شرعيتهم.
عندما وصل أبو عامر المنصور، المعروف بالحاجب المنصور، إلى سدة الحكم، لم يتمّ ذلك بمباركة من حوله، بل اعتبرت سلطته استغلالاً لصغر سنّ الخليفة هشام المؤيد بالله الذي كان ابن الثانية عشر.

حاول المنصور دعم مكانته المتزعزعة، وأراد تقديم نفسه كراعٍ للدين وممثل للتقوى، ليكسب رضى العلماء الذين يملكون القدرة على مباركته في عيون العامة. ولذلك لجأ إلى تكرار ما قام به الخليفة الأموي عبد الرحمن، وقام بإحراق كتب مكتبة الحكم الثاني، التي ذاع صيت مقتنياتها في مشرق العالم الإسلامي قبل مغربه, و في مثال مختلف قليلاً، جاء قرار الحاكم المعتضد بن عبّاد (حكم بين عامي 1042م و1069م)، حاكم إشبيلية من بني عبّاد، بإحراق كتب ابن حزم, مع أنّ البعض يعتبر التزام ابن حزم بالمذهب الظاهري سبباً لذلك، إلا أنّ الدراسات الأخيرة، بيّنت أنّ ابن حزم، بولائه للخلافة الأمويّة في قرطبة، حتى بعد زوالها، شكّل تهديداً لسلطة بني عبّاد الذي قرّر حاكمها حرق كتبه.
وردّ ابن حزم على تلك الحادثة بحق علمه و كتبه، بأبيات شعرية:

فإن تحرقوا القرطاس لا تحرقوا الذي
تضمنه القرطاس بل هو في صدري
يسير معي حيث استقلت ركائبي
وينزل أن أنزل ويدفن في قبري
دعوني من إحراق رقٍ و كاغدٍ
وقولوا بعلم كي يرى الناس بدري
وإلا فعودوا في المكاتب بدأة
فكم دون ما تبغون للَه من ستر
وقولوا بعلم كي يرى الناس بدري.

و يذكر (محمد بن أسعد اليافي) في كتابه "مرآة الجنان وعبرة اليقظان"، و هو يُسرّد أحداث سنة 537هـقوله: [و فيها توفي صاحب المغرب (علي بن يوسف بن تاشفين) .. وهو الذي أمر بإحراق كتب الإمام حجة الإسلام أبو حامد الغزالي].

و على درب علي بن يوسف ابن تاشفين سار ابنه، تاشفين بن علي الأمير المرابطي، الذي قال في رسالة إلى قاضي بلنسية وفقهائها ووزرائها وعامة سكانها بعد أن أصبح أميراً:
[واعلموا رحمكم الله أن مدار الفتيا ومجرى الأحكام والشورى في الحضر والبدا على ما اتفق عليه السلف الصالح – رحمهم الله – من الاقتصار على مذهب إمام دار الهجرة أبي عبد الله مالك بن أنس].

وأضاف: [فمتى عثرتم على كتاب بدعة أو صاحب بدعة فإياكم وإياه وخاصة – وفقكم الله – كتب أبي حامد الغزالي، فليتتبع أثرها وليقطع بالحرق المتتابع ضرها، ويبحث عنها وتغلظ الأيمان من يتهم بكتمانها].

وجاء الحث على إتلاف كتب الضلال والبدع – من وجهة نظر علماء الإسلام - في مصادر عدة، فمثلا يقول ابن القيم في الطرق الحكمية: " لا ضمان في تحريق الكتب المضلة وإحراقها، قال المروزي قلت لأحمد (أي أحمد بن حنبل) استعرت كتابا فيه أشياء رديئة ترى أن أخرقه أو أحرقه؟ قال نعم". لابدّ من التنويه إلى أن هناك أسباب عملية وعلمية في نفس الوقت لإتلاف الكتب، خاصة من مرحلة الجمع والتدوين والإملاء.

حيث كان الشيخ يملي على تلاميذه المادة وغالباً ما كانت مواد دينية، وكان التلاميذ يحضرون ويكتبون عنه وتضبط أسماء المجلس في محضر يحمل تاريخ السماع. خشية الأخطاء، كان العلماء يتلفون هذه الأصول في حياتهم أو يوصون بإتلافها بعد وفاتهم، وهذا ما فعله كثير من علماء الحديث النبوي.

كما أنّ هناك أخباراً عن إتلاف كتبٍ بسبب مخالفة روايتها ومنهجها المتفق عليه من الشروط العلمية للكتابة والرواية، وذلك على نحو ما حلل الخزيمي في كتابه حرق الكتب في التراث العربي.

لكن أكبر و أسوء محنة لحرق الكتب كان زمن الخليفة الثاني عمر بن الخطاب, عندما إستفتى قائد الجيش الأسلامي سعد بن أبي وقاص الفاتح لبلاد فارس الخليفة عمر, برسالة سألهُ فيها عن أمر المكتبة الملكية بعد سقوط الأمبراطورية الشاهنشاهية بقيادة رستم, حيث أمر الخليفة عمر بن الخطاب في جوابه بآلنّص: [تلك الكُتب إمّا أن تكون موافقة لرأي الإسلام أو مخالفة له؛ فإن كانت موافقة فلدينا كتاب الله يكفينا, وإن كانت مخالفة فما لنا به, و في الحالتين يجب حرقها و السلام].

و المحنة الكبيرة الثانية التي أثرت بآلعمق على حضارة الإسلام و المسلمين سلباً , هي حرق مكتبة القاهرة على يد القائد صلاح الدين ألأيوبي عندما إحتل مصر و أسقط الخلافة الفاطميّة التي كانت قائمة فيها أنذاك, ففي البداية نزعوا جلود تلك الكتب لصناعة وترميم الأحذية و آلأحزمة و أغلفة السيوف و الخناجر, ثم قاموا بإحراقها(الكتب) وسط المدينة!

إن حوادث (حرق المكتبات التي كانت تمثل مصدر المدنية و الحضارة) كانت من الحوادث المؤلمة و المؤسفة لانها تسببت في تخلف المسلمين قروناً عن ركب الحضارة و المدنية, حيث كانت تلك الكتب من أهم عوامل النهضة في وقتها لأن الكتاب الواحد كان له وزن كبير في نشر الوعي و العلم و الثقافة و تطور البلاد و العباد.

و مهما حاول المتعصبون تبرير حرق الكتب و المكتبات النفيسة التي كل كتاب فيها بمثابة آلكنز الذي يحوي علوماً ونظريات عظيمة في مختلف المجالات؛ وإن أي عاقل حتى لو كان من غير المسلمين يعتبر فاعلها مصاب بآلاميّة الفكريّة و بالجهل و التعصب والتخلف وفقدان الوعي والعلم و البصيرة التي أكد عليها القرآن الكريم , ولا حول و لا قوة إلا بآلله العلي العظيم.
ألعارف ألحكيم : عزيز حميد مجيد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر: كتاب " حرق الكتب في التراث العربي" ؛ كتاب جانينا سافران، "سياسية إحراق الكتب في الأندلس"؛ الوثائق السياسية و الإدارية في الأندلس و شمالي أفريقية (64ـ897هـ/683ـ1492م): دراسة و نصوص، محمد ماهر حمادة؛ و كذلك كتاب "حرق الكتب في التراث العربي، ناصر الخزيمي.



#عزيز_الخزرجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المراتب العقلية في المعرفة الكونية
- ألبيان الكونيّ لسنة Cosmic statement of the year 2022
- البيان الكونيّ لسنة 2022م : Cosmic statement of the year 202 ...
- بيانُ آلفلاسفة لسنة 2022م :
- رأي الفلاسفة بآلأسلام ؟
- بيان الفلاسفة لسنة 2022م
- سؤآل كونيّ :
- قيمة ألنّصّ للفيلسوف :
- خبرٌ أعجب من آلعجيب!
- ألسّعودية تطرق أبواب الفلسفة لأوّل مرّة !
- خطاب للناس على منشور لإمرأة مريضة!
- السمة المنهجية في الفلسفة الكونيّة:
- الأطار التنسيقي يتلفّظ أنفاسه الأخيرة:
- ألحوار التنسيقي يتلفظ أنفاسه الأخيرة:
- عناوين آلمشاريع الستراتيجية القادمة:
- مكانة و قدر العراق و العراقي في العالم:
- الصدريون أمام إمتحان صعب:
- ألعتاوي الكبار ترفض حكومة الأغلبيّة الوطنية:
- لماذا فشل الشّيعة في حُكم العراق؟
- لهذا المحاصصة دمّرت آلشعب :


المزيد.....




- بيان من -حماس-عن -سبب- عدم التوصل لاتفاق بشأن وقف إطلاق النا ...
- واشنطن تصدر تقريرا حول انتهاك إسرائيل استخدام أسلحة أمريكية ...
- مصر تحذر: الجرائم في غزة ستخلق جيلا عربيا غاضبا وإسرائيل تري ...
- الخارجية الروسية: القوات الأوكرانية تستخدم الأسلحة البريطاني ...
- حديث إسرائيلي عن استمرار عملية رفح لشهرين وفرنسا تطالب بوقفه ...
- ردود الفعل على قرار بايدن وقف تسليح
- بعد اكتشاف مقابر جماعية.. مجلس الأمن يطالب بتحقيق -مستقل- و- ...
- الإمارات ترد على تصريح نتنياهو عن المشاركة في إدارة مدنية لغ ...
- حركة -لبيك باكستان- تقود مظاهرات حاشدة في كراتشي دعماً لغزة ...
- أنقرة: قيودنا على إسرائيل سارية


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عزيز الخزرجي - أسباب حرق الكتب في تأريخ الإسلام: