أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - ميري كريسماس بالمصري... أيها العالم!














المزيد.....

ميري كريسماس بالمصري... أيها العالم!


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 7114 - 2021 / 12 / 22 - 11:32
المحور: حقوق الانسان
    


قبل بداية كل عامٍ، تصرخُ بعضُ الأصوات المتوتّرة المُوتِّرة وتنادي بتحريم قول "ميري كريسماس" لأشقائنا المسيحيين! قَلَّ الصراخُ هذا العام والحمد لله بسبب الخطواتِ الجسور التي رسّخَها الرئيسُ عبد الفتاح السيسي على درب التنوير ومكافحة الفكر المتطرّف، لكن فحيحَها مازال يؤلمُ الآذانَ ويوجعُ القلوب. والحكايةُ أبعدُ من الإغاظات الطائفية التي ترمي ظلالَ السُّخفِ على الأشياء، وأعمقُ من المجاملات الانسانية التي تجعل الحياةَ ألطفَ وأيسر. إنها حكايةُ وطن يريدُ أن ينهضَ. ولا تنهضُ أوطانٌ منقسمةٌ مشتتة بالعنصريات والتشرذم. لا ينهضُ شعبٌ غير متَّحدٍ على هدف؛ هو: النهوض والتحضّر. ولأن الرئيس السيسي يكتبُ رسائله "بالأفعال لا بالأقوال"، فقد بدأ رسالتَه التنويرية بتدشين أكبر كاتدرائية في مصر والشرق الأوسط، في مثل هذه الأيام قبل أعوام، ومنحها اسم "ميلاد المسيح". وهذا الصرحُ ليس وحسب بنايةً هائلة من خرسانةٍ وأحجار وزجاج وأخشابٍ يتيهُ به المعماريون خُيلاءً، وتفخرُ بتصميمه "الهيئةُ الهندسية بالقوات المسلحة المصرية"، كما يفخرُ بوجودها على أرض مصرَ كلُّ مصريٌّ شريف؛ بل هو رسالةٌ حضاريّةٌ تحضُّريّة، أخلاقيةٌ وإنسانية، من مصر إلى العالم تقول بلسانٍ مصري حاسم: "إن مصرَ بلدٌ تعدديٌّ لا يقبلُ القسمةَ ولا الإقصاء، ولا محلَّ بأرضها لمتطرفٍ ولا إرهابي ولا حاقد.” هذا الصرحُ صفعةٌ على وجه الإرهاب والتطرف، تسحقُ أعداءَ مصرَ من عصابة الشرّ، داخلها وخارجها. كلُّ سنتيمتر من العشرة آلاف متر مربع في كاتدرائية "ميلاد المسيح" بالعاصمة الجديدة، يحملُ فكرةً، ويحملُ عهدًا ناصعَ الوضوح عظيمَ البيان. هذا الصرحُ العظيم ليس ترضيةً لأقباط مصر الرائعين الذين دفعوا الفاتورةَ الأكبر من أجل استقرار مصر ونجاح ثورة 30 يونيو 2013. هذا الصرحُ ليس مواساةً لأقباط مصر الوطنيين الذين جادوا بدماء شهدائهم على مذابح الإرهاب الأشِر، برضا وصبر مُدهشٍ، فأثبتوا، كما شأنهم دائمًا، عمقَ وطنيتهم وحبَّهم لمصر. هذا الصرحُ العظيم ليس هديةً لأقباط مصر الحزانى على دماء الشهداء التي سالت في أعيادهم وهم صائمون يُصلّون. بل هديةٌ لكل مصريّ مسلم شريف، حتى يُحاججَ به أعداءَ الحياة خصوم الفرح؛ وكأنني وكلُّ مصريٍّ نقول: “أنا مصريٌّ متحضر، أُشيّد بيدي كنيسةً على أرض مصرَ لأبناءِ مصرَ كما أشيّدُ مسجدي؛ ليرفعوا فيها معنا اسمَ الله العليّ. وكلّما فجّرتم كنيسةً، سأشيّدُ بيدي أخرى أكبرَ وأجمل. اذهبوا بعيدًا عن أرضنا، فنحن أبناءُ أرضٍ لا تعرفُ الإقصاءَ ولا البغضاء. أرضُنا أرصُ السلام، لا ترحبُ بأعداء السلام.”
ومصرُ، من بين كلِّ أرض الله، حريٌّ بها أن تبادرَ كلَّ شعوب العالم بتلك التهنئة الطيبة. فكلمة "كريسماس"، كلمةٌ نصفُ فرعونية. "ماس" mas تعني: "ميلاد"، باللغة المصرية القديمة. وكلمة "كريست" Christ بالإنجليزية تعني السيد المسيح. فيقول العالمُ Christ-mas "ميلاد المسيح"، بلغتنا المصرية الأمّ. إنها أرضُ مصر الطيبة التي استقبلت هذا الطفل الجليل، وأمَّه البتول، والشيخ يوسف النجار، حين فرّوا من الملك "هيرودس"، قاتل الأطفال في فلسطين. هو الطفل المقدّس الذي سوف يكبر ليغدو رسولَ السلام للإنسانية كافة، "يجولُ يصنعُ خيرًا"، بعدما طوّبه اللُه بالسلام عليه في القرآن الكريم: "يومَ وُلِد ويومَ يموتُ ويومَ يُبعثُ حيّا- وجيهًا في الدنيا والآخرة ومن المقرّبين". فكانت أرضُنا الطيبةُ لتلك العائلة المقدسة "ربوةً ذات قرارٍ ومَعين"، جالت فيها سيدةُ الفضيلة، فتنفجرت تحت قدميها عيونُ الماء، وشقشقت في كلّ بقعة وطئتها زهورُ البيلسان، فامتلأت أرضُ مصرَ بالبركة والنور والخصب الذي لا يبور، وإن بارت الأرضُ كافّة. طافتِ العذراءُ مريمُ وابنُها عليهما السلامُ من شرقِ مصرَ إلى غربها إلى جنوبها. وطوالَ تلك الرحلة كانت أرضُنا تذوبُ حبًّا ورحمةً لتلك الفتاة التي اصطفاها الله من بين العالمين لتحملَ في أحشائها من دون رجل هذا الرسولَ المطّوبَ، ليكون وأمّه آيةً للعالمين. تتفجرُ عيون الماء في الصحراء القاحلة بمجرد أن تمسَّ قدمُها رمالَ القحط. وتنبتُ الزهورُ من بين طيّات الصخور. ويتساقطُ الرَّطبُ من النخيل فوق كتفيها ريّانًا شهيًّا. لهذا باركَ الكتابُ المقدس أرضَنا الكريمة وشعبنا الطيبَ الذي أحسن استقبال الطيبين، فقال: “مباركٌ شعبي مصر".
هل يجوزُ بعد كل هذا التاريخ الذي سطرته مصرُ أن يكون لبلد آخر عُروةٌ وثقى ورباطٌ أزليٌّ أبديٌّ يربطُ الأقباطَ بأرضهم مصر، التي سمّاها أجدادُنا الفراعنة "ها كا بتاح"، أي: "منزل الروح"، ومنها اشتُقت كلمةُ "قَبَط"، التي تحوّرت إلى "إيجبت" Egypt، وبهذا فإن (أقباط) تعني(المصريين)؟!
واليومَ، تقولُ مصرُ لأقباطها، مسيحيين ومسلمين: وللعالم بأسره: “ميري كريسماس"، وإنّ شعبي في رباطٍ إلى يوم الدين. “الدينُ لله، والوطنُ لأبناء الوطن".
***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شحاذون
- “إحنا- … ضدّ التحرّش!
- كيف تنمو الموهبة؟
- -النظارةُ البيضاء- … تفضحُ دنيا النفاق
- هل أنت عُكازٌ … أم مِرآة؟
- ڤان ليو … قنّاصُ الجميلات
- مجدي يعقوب… له خفقةٌ في كلِّ قلب
- ماذا قالت -مايا آنجلو- في السبعين؟
- لعنَ اللهُ من أيقظها!
- الرجلُ الشريرُ الذي أفسدَ الكوكب
- مكافحةُ الغلاء … بالاستغناءِ وعدم الهدر
- مبادرة لمكافحة الإدمان والبلطجة
- المبادرة الرئاسية لمكافحة الإدمان والبلطجة
- أبصرتْ العمياءُ فجأةً … ولم تجد كتابًا!
- توم الخزين … يا توم
- ريش ... دميانة نصار
- لماذا تكرهون هذا الرجل؟
- حتى لا يظلَّ التنويريون بين أنياب الظلاميين!
- المحتسبون … ولعبةُ الخروجِ من الكوكب
- هنا البحرين… على شرف الشِّعر واللؤلؤ


المزيد.....




- اعتقال نائب وزير الدفاع الروسي للاشتباه في تقاضيه رشوة
- مفوض الأونروا يتحدث للجزيرة عن تقرير لجنة التحقيق وأسباب است ...
- الأردن يحذر من تراجع الدعم الدولي للاجئين السوريين على أراضي ...
- إعدام مُعلمة وابنها الطبيب.. تفاصيل حكاية كتبت برصاص إسرائيل ...
- الأونروا: ما الذي سيتغير بعد تقرير الأمم المتحدة؟
- اعتقال نائب وزير الدفاع الروسي بشبهة -رشوة-
- قناة -12-: الجنائية ما كانت لتصدر أوامر اعتقال ضد مسؤولين إس ...
- الأمم المتحدة تطالب بتحقيق دولي في المقابر الجماعية بمستشفيا ...
- مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان: أعداد الشهداء بين الأبرياء ...
- لازاريني: 160 من مقار الأونروا في غزة دمرت بشكل كامل


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - ميري كريسماس بالمصري... أيها العالم!