أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - أبصرتْ العمياءُ فجأةً … ولم تجد كتابًا!














المزيد.....

أبصرتْ العمياءُ فجأةً … ولم تجد كتابًا!


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 7066 - 2021 / 11 / 3 - 11:40
المحور: الادب والفن
    


"حضرة صاحب المعالي/ وزير المعارف العمومية، أتشرفُ بإخبار معاليكم أنني أسفِت لنقل الدكتور طه حسين عميد كلية الآداب إلى وزارة المعارف؛ لأن هذا الأستاذ لا يُستطاع- فيما أعلم- أن يُعوّض الآن على الأقل، لا من جهة الدروس التي يلقيها على الطلبة في الأدب العربي ومحاضراته العامة للجمهور، ولا من جهة البيئة التي خلقها حوله وبث فيها روح البحث الأدبي وهدى إلى طرائقه. ثم أسِفت لأن الدكتور طه حسين أستاذٌ في كلية الآداب تنفيذًا لعقد تم بين الجامعة القديمة ووزير المعارف، وعلى الأخص لأن نقله على هذه الصورة بدون رضا الجامعة ولا استشارتها- كما جرت عليه التقاليد المطردة منذ نشأة الجامعة فيما أعرف- كل ذلك يذهب بالسكينة والاطمئنان الضروريين لإجراء الأبحاث العلمية، وهذا بلا شك يفوت على أجل غرض قصدتُ إليه من خدمة الجامعة. من أجل ذلك قصدت يوم الجمعة الماضي إلى حضرة صاحب الدولة رئيس مجلس الوزراء، واستعنته على هذا الحادث الجامعي الخطير، واقترحتُ على دولته- تلافيًا للضرر من ناحية، واحترامًا لقرار الوزير من ناحية أخرى- أن يرجع الدكتور طه حسين إلى الجامعة أستاذًا لا عميدًا، خصوصًا أنه هو نفسه ألحَّ عليَّ في أن يتخلى عن العِمادة منذ شهر فلم أقبل، فتقبّل دولة الرئيس هذا الاقتراح بَقبول حسن، وأكد لي أنه سيشتغل بهذه المسألة منذ الغد، فاشتغل بها، إلى أن علمت الآن أن اقتراحي غير مقبول، وأن قرار النقل نافذ بجملته وعلى إطلاقه. ومن حيث إنني لا أستطيع أن أقرَّ الوزارة على هذا التصرف الذي أخشى أن يكون سُنّة تذهب بكل الفروق بين التعاليم الجامعية وأغيارها، أتشرفُ بأن أقدّم بهذا إلى معاليكم استقالتي من وظيفتي، أرجو قبولها، كما أرجو أن تتقبلوا شكري على ما أبديتم من حسن المجاملة الشخصية مدة اشتراكنا في العمل، وأن تتقبلوا فائق احترامي. أحمد لطفي السيد/ هليوبوليس 9مارس1932
الكلماتُ السابقة هي نصُّ استقالة "أحمد لطفي باشا السيد" من منصبه كمدير لجامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة الآن)؛ احتجاجًا على قرار وزير المعارف "حلمي عيسى باشا" باستبعاد الدكتور "طه حسين" من عمادة كلية الآداب، وتعيينه موظفًا في ديوان وزارة المعارف، كمفتش للغة العربية! نشرت جريدة الأهرام نصَّ تلك الاستقالة، وتوالت مؤتمرات الطلاب بالجامعة واحتجاجاتهم على قرار النقل رفضًا لفقدان أستاذهم الاستثنائي العظيم، عميد الأدب العربي "طه حسين". ولم يكتفوا بفصله من منصب يتشرّف برجل مثله، بل خضع للمحاكمة بتهمة "ازدراء الإسلام" بعدما لاحقه بالقضايا محتسبون نصّبوا أنفسهم وكلاء لله على الأرض، حاشاه! (مثل الذين يلاحقوننا بالقضايا اليوم). أما التهمة فكانت دراسة نقدية حول الشعر الجاهلي، ظهرت بعد ذلك في كتاب "في الأدب الجاهلي". لكن القاضي المستنير "محمد نور" حكم ببراءته وحفظ القضية. قبل بضعة أيام، يوم 28 أكتوبر، كانت ذكرى رحيل الهرم الأدبي التنويري المصري العظيم "طه حسين".
سألوه يومًا: “ما العبادةُ وما العلم وما الإيمان؟" فقال: "كلُّ عملٍ صالح عبادة. والعلمُ يكلِّف طُلابَه أهوالاً ثِقالا. ومحبةُ المعرفة لا تفترقُ عن الايمان." سُئل: "وما السعادةُ؟" فقال: "السعادةُ هي ذلك الإحساسُ الذي يراودنا حين تشغلنا ظروفُ الحياة عن أن نكون أشقياء." سألوه: "وما الحبُّ؟" فقال: "الحبُّ لا يسأم ولا يملُّ ولا يعرف الفتور، عليك أن تُلحَّ في حبك حتى تظفرَ بمن تحبُّ أو تفنى دونه." سألوه: "ومتى يحينُ الرحيلُ؟" فأجاب: "تتنازل عن مُتعِك الواحدة تلوَ الأخرى حتى لا يبقى منها شيء. عندئذ تعلمُ أن وقتَ الرحيل قد حان." سألوه: "وهل ترحلُ وأنت راضٍ عن نفسك يا أستاذنا؟" فهمس: "إياكَ والرضى عن نفسك؛ فإنه يدفعُك إلى الخمول، وإياك والعجب، فإنه يورّطك في الحمق، وإياك والغرور فإنه يظهرُ للناس نقائصَك ولا يخفيها إلا عليك."
كم أُحبُّ هذا الرجلَ الوطني النبيل! منحته فرنسا وسامًا أدبيًّا، وحين اعتدت فرنسا على مصر في "العدوان الثلاثيّ"، ردّ الوسامَ رافضًا تكريمَ دولة تعتدي على وطنه. وفي ذكرى رحيله أهديه هذه الكلمات:
"العمياءُ/ التي أبصرتْ فجأةً/ بعد جراحةٍ مرتبكةٍ/ تشبه ارتكابَ الشِّعرِ/ في صورتِهِ المحرَّمةْ./ عهدٌ طويلٌ مع الشخوصِ إلى الأعلى/ بأحداقٍ فارغةٍ/ سمعتْ خلاله عشراتِ الكُتبِ. لكنَّها/ حين راقصتْ الأعمى عندَ سَفْحِ الهضبةِ/ علَّمها أن صعودَ الرُّوحِ/ مرهونٌ بانفصالِها الشَّبكيِّ/ لا سبيلَ للرجوعِ الآن/ المعرفةُ في اتِّجاهِها/ والجهلُ فردوسٌ غائب/ وتظلُّ الفكرةُ تُطِلُّ برأسِها/ كلما راودَها البصرُ/ القراءةُ لا تحتاجُ إلى عينين/ هذا ما تأكَّد لها/ حين أبصرتْ فجأةً/ ولم تجدْ كتابًا."

***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- توم الخزين … يا توم
- ريش ... دميانة نصار
- لماذا تكرهون هذا الرجل؟
- حتى لا يظلَّ التنويريون بين أنياب الظلاميين!
- المحتسبون … ولعبةُ الخروجِ من الكوكب
- هنا البحرين… على شرف الشِّعر واللؤلؤ
- أنا أتبرّعُ بأعضائي بعد الوفاة
- سيد حجاب … عِشْ ألفَ عام!
- النصبُ على الناس بالحُسنى
- اختطاف … متلازمة عشق الطريدة للقناص
- حتى لا نكون مرايا عمياء!
- قَسَمُ أبقراط … هديةُ عيد ميلادي!
- مرضٌ اسمُه التطرُّف!
- 200 جنيه … تتلصَّصُ على المجتمع!
- كيف تصيرُ مشهورًا وجماهيريًّا؟
- أمّي ... التي تموتُ كلَّ عام!
- سألتُ نجيب محفوظ: هل تعرفُ اسمَ طاعنك؟
- الرئيس السيسي … فارسُ التنوير الجسور
- أعلنها الرئيسُ: مسألة وعي!
- السيسي … قائدٌ يُنجِزُ … ثم يُعلن


المزيد.....




- الفيلم السعودي -الزرفة-.. الكوميديا التي غادرت جوهرها
- لحظة الانفجار ومقتل شخص خلال حفل محمد رمضان والفنان المصري ي ...
- بعد اتهامات نائب برلماني للفنان التونسي بالتطبيع.. فتحي بن ع ...
- صحف عالمية: إنزال المساعدات جوا مسرحية هزلية وماذا تبقّى من ...
- محللون إسرائيليون: فشلنا بمعركة الرواية وتسونامي قد يجرفنا
- فيديو يوثق اعتداء على فنان سوري.. قصوا شعره وكتبوا على وجهه ...
- فيديو.. تفاصيل -انفجار- حفلة الفنان محمد رمضان
- جواسيس ولغة.. كيف تعيد إسرائيل بناء -الثقافة المخابراتية-؟
- -كأنه فيلم خيال علمي-: ولادة طفل من جنين مجمد منذ 30 عاماً
- قمر عبد الرحمن لـ -منتدى البيادر للشعر والأدب-: حرب الوجود ا ...


المزيد.....

- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - أبصرتْ العمياءُ فجأةً … ولم تجد كتابًا!