أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - قَسَمُ أبقراط … هديةُ عيد ميلادي!














المزيد.....

قَسَمُ أبقراط … هديةُ عيد ميلادي!


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 7030 - 2021 / 9 / 26 - 13:39
المحور: حقوق الانسان
    


في بداية حملها المسؤولية، أصدرت وزيرةُ الصحة المصرية المقاتلة د. "هالة زايد" قرارًا وزاريًّا فريدًا ينصُّ على إذاعة السلام الوطني لجمهورية مصر، يعقبه قَسَمُ الأطباء، أو قَسَم أبقراط، عبر الإذاعة الداخلية لكل مستشفى، في نهار كلّ يوم. وقوبل القرارُ المثقف بالاستنكار والاستخفاف، من رواد سوشيال ميديا ووصفه بعضهم "بالبدعة" و"الشوو" وغير ذلك من كلمات لا تليق.
لكنني، على النقيض من ذلك، راق لي القرار المبتكر القادم من "خارج الصندوق”، وشعرتُ أن وراءها عمقًا تريدُ الوزيرةُ المثقفة تكريسَه في شباب الأطباء، وفي سائر الهيكل الطبي من طاقم التمريض إلى الإداريين وغيرهم. فجلالُ السلام الجمهوري، يعطي الشعور بأن المرضى (الضعفاء بمرضهم)، ذوو حصانة قومية رفيعة، وكأنما (مصرُ) بكامل جلالها تتوسّط لهم وتنتظر خروجهم سالمين معافين. النشيدُ الوطني وقسَمُ الأطباء يخاطبان وجدان الطبيب، بشكل يومي، لئلا ينسى أمرين: واجبه تجاه وطنه، وواجبه تجاه أبناء وطنه، وذلك بإتقان رسالته، التي هي واحدة من أشرف الرسالات على الأرض: تخفيف آلام إنسان.
أما "أبقراط Hippokrátēs” فهو الطبيب ُالإغريقي العظيم، ابن القرن الرابع قبل الميلاد والمعروف تاريخيًّا بـ "أبو الطب"، ولقّبه العربُ بـ"الفاضل"؛ اعترافًا ببنائه أول منظومة علمية وأخلاقية في المجال الطبي، وتأسيسه أول مدرسة طبية في التاريخ أحدثت ثورة في الطب اليوناني القديم الذي ارتبط فيما مضى بالخيمياء والفلسفة، بل كان يُعتقَد أن المرض عقابٌ من الآلهة الغضبى على الإنسان. وعلى يد "أبقراط" صار الطبُّ علمًا مستقلا بذاته. ويرى "أبقراط" أن محاربة الشهوات والرغبات أيسرُ من معالجة العلّة، والإقلال من الضارّ خيرٌ من الإكثار من النافع، وإن الطب قياسٌ وتجربة. وقال إن الناس في حال الصحة يأكلون كما تأكل السباعُ، فيمرضون، فيصفُ لهم الأطباءُ طعام الطير، حتى يصحّوا.
أطلق أبو الطب قَسَمًا شرفيًّا يتلوه الطبيبُ قبل ممارسة المهنة، ويُعدُّ أهم وثيقة أسَّست أخلاقيات مهنة الطب، حتى اليوم. يرى "أبقراط" أن الطب مهنةٌ نبيلة لا يتعلمها إلا الشرفاء من أهل الطهارة والعفاف والتُّقى، لأن عالمَ علم الطب يجب أن يكون رحيمًا عفيفًا محبًّا لجميع البشر. في "قَسَم أبقراط" الشهير، يقسمُ أبو الطب الإغريقي، ألا يقسو على أهل المريض، وأن يراعي حالتهم المالية، وأن يقدّم خدماته دون أجر، إذا كان المريضُ فقيرًا، أو غريبًا عن وطنه. وضع "أبقراط" صفاتٍ سبعًا يجب على الطبيب التحلّى بها قبل ممارسة المهنة. الأولى: أن يكونَ تامَّ الخَلق، صحيحَ الأعضاء، حسنَ الذكاء، جيِّد الرويَّة، عاقلًا، ذَكورًا، خيِّر الطبع. الثَّانية: أن يكونَ حسنَ الملبس، طيِّبَ الرائحة، نظيفَ الثوب والبدن. الثَّالثة: أن يكونَ كَتومًا لأسرار المرضى، لا يبوح بشيءٍ من خبيئاتهم. الرابعة: أن تكونَ رغبتُه في إبراء المرضى أكثرَ من رغبته فيما يلتمسه من الأجر، ورغبته في علاج الفقراء أكثرَ من رغبته في علاج الأغنياء. الخامسة: أن يكونَ حريصًا على التعلّم ويتمتع بالرغبة القصوى في نفع الناس وعلاج أوجاعهم. السادسة: أن يكون نظيفَ القلب، عفيفَ النظر، صادقَ اللَّهجة، لا يخطر بباله شيءٌ من أمور النساء والأموال التي قد يشاهدها في منازل الأغنياء، فضلًا عن أن يتعرَّضَ إلى شيء منها. السابعة: أن يكونَ مأمونًا موثوقًا به على الأرواح والأموال، لا يصفُ دواء قتَّالًا ولا يعلمه لتلاميذه، ولا دواء يُسقِط الأجنَّة من الأرحام، يُعالِج عَدوَّه بنيَّة صادقة كما يُعالِج صديقه.
قبل سنوات بعيدة، كنتُ في زيارة لجاليري صديقي اليوناني العزيز "توني كازامياس"، مستشار دير سانت كاترين، الذي يعشقُ مصرَ كأنها وطنُه الأم، ويتحدثُ الدارجة المصرية كما نتحدثُها. كنتُ أجولُ بين أروقة الجاليري، وتتفحّصُ عيناي فرائد التحف والتماثيل القديمة القيمة، حتى وقع بصري على جدارية أنيقة من حجر البازلت مكتوب عليها بحروف بارزة من اللغة اليونانية القديمة. أدركتُ على الفور أنها "قسم أبقراط" حينما وقع نظري على رأسه محفورًا في أعلى الجدارية. وثبتُ في الهواء وهتفتُ بأعلى صوتي كطفلةٍ وقعت على منجم حلوى: “قَسَم أبقراااااط!” مفتونةٌ أنا بالحضارة الإغريقية القديمة وكانت فلسفة سقراط وأرسطو وحوارات أفلاطون أولَ ما قرأتُ في صباي المبكّر. وقفتُ أتأملُ الجدارية الجميلة، ولم أجرؤ على السؤال عن ثمنها. ومرّت السنوات. بالأمس، في عيد ميلادي هذا العام 2021، فوجئتُ بالصديق "توني كازامياس" يأتي إلى بيتي حاملا هديته. لم أتمالك دموعي من الفرح حين قدّم لي تلك الجدارية العظيمة. قال صديقي إنه لم ينس نظرة الانبهار في عيني حين شاهدتُ الجدارية قبل سبع سنوات، فقرر أن يجعلها هديتي. شكرًا لله على نعمة الأصدقاء.

***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مرضٌ اسمُه التطرُّف!
- 200 جنيه … تتلصَّصُ على المجتمع!
- كيف تصيرُ مشهورًا وجماهيريًّا؟
- أمّي ... التي تموتُ كلَّ عام!
- سألتُ نجيب محفوظ: هل تعرفُ اسمَ طاعنك؟
- الرئيس السيسي … فارسُ التنوير الجسور
- أعلنها الرئيسُ: مسألة وعي!
- السيسي … قائدٌ يُنجِزُ … ثم يُعلن
- سمير الاسكندراني … وأبي!
- هاتزعل منّي يا ريس!
- فريال … فارسةُ مصرَ الذهبية
- العذراءُ المُطوّبة … وشمس الدين التبريزي
- العيّل بيجي … من رزقنا!
- صحوةُ الضمير الإنساني
- فنُّ التعليم … عبقريةُ مُعلّمة
- في الوحدةِ يصنعُ الإنسانُ كُرةً … أو يُطلقُ رصاصة
- درس علا غبور… في مناهج التعليم المصري
- نستحقُّ حياة كريمة… ولا يليقُ بنا أن نقلق!
- أنا سوّدت عيشة أهلي ... يا عمو حسين يعقوب!
- نفرتيتي تقولُ: -مِن مصرَ دعوتُ حابي-!


المزيد.....




- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - قَسَمُ أبقراط … هديةُ عيد ميلادي!