أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - لعنَ اللهُ من أيقظها!














المزيد.....

لعنَ اللهُ من أيقظها!


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 7080 - 2021 / 11 / 17 - 11:22
المحور: حقوق الانسان
    


بداية القول: "الفتنةُ" عدوُّ "النماء". كلُّ محاولات الإنماء التي تبذلها الدولةُ الآن للنهوض بمصر لإخراجها من نفق العالم الثالث إلى مصافّ العالم الأول وبناء "الجمهورية الجديدة" التي نحلم بها، تعرقلُها عواملُ عديدة، أخطرُها "الفتنة" التي يحاولُ البعضُ الآن إشعالها بين أبناء مصر المسلمين والمسيحيين. ابحثْ عن المستفيد من عرقلة بناء مصر في هذه المرحلة التاريخية المهمة التي نشهدُ فيها، ويشهدُ العالمُ معنا، عُرسَ إشراق مصر الوشيك؛ لتدركَ أن هناك مَن يستميت لوأد مسيرة التنمية ببذر بذور الفتن. إذا أردت هدم مجتمع في غمضة عين، لا تلجأ إلى القنبلة الهيدروجينية، بل انثرْ بذورَ الفتن والشقاق، فيأكل المجتمعُ نفسَه، مثلما يأكلُ السرطانُ جسدَ المريض.
المؤمن الحقُّ مشغولٌ بإيمانه عن إيمان البشر. قلِقٌ مهمومٌ بتهذيب نفسه وتنقية سلوكه وتقويم اعوجاج روحه حتى يتطهَّر ويصفو؛ فيصحُّ إيمانُه. أما ضعيفُ الإيمان فمشغولٌ عن نفسه بالآخرين. يُكمِل نقصَ إيمانه بالانتقاص من إيمان الآخر، ظنًّا منه أن إهانة العقائد الأخرى تُعلي من درجة إيمانه بعقيدته! ولكنه في الحقيقة لا يفعل إلا غرسَ فسائل الضغينة والشتات في المجتمع، فلا زاد إيمانُه ولا أصلح نفسَه، بل خرّبها، لأن الشاتمَ لا يضرُّ المشتومَ في شيء، بل يحطُّ من نفسه.
المسيحيُّ المؤمن، لا يسبُّ رمزَ الإسلام المتجسد في رسوله محمد عليه الصلاةُ والسلام. مثلما المسلمُ المؤمن، لا يسبُّ رمز المسيحية، المتجسّد في السيد المسيح عليه السلام. لهذا نختصم، نحن التنويريين المسلمين، أيَّ شيخ متطرف يعتلي المنبر ويحثّ المسلمين على عدم اتخاذ المسيحيّ صديقًا، وعدم تهنئته في أعياده، واقتصار التعامل معه على الضرورة والمصلحة!! وهو ما لم يفعله الرسولُ نفسُه الذي رفض جرح مشاعر مسيحيي مكّة، حينما دخل الكعبةَ لتطهيرها من الأصنام، ووجد صورتين للمسيح، والسيدة العذراء، وحاول المسلمون إسقاط الصورتين، فوضع الرسولُ يدًا على كلّ صورة قائلا: "إلا هذه وإلا تلك". وبقيت الصورتان في الكعبة حتى جاء عهد عمر بن الخطاب الذي نحّى الصورتين. كذلك نحزن من المسيحي إن سبَّ رسولنَا الكريم ورمى الإسلام بكلام مهين، خالطًا بين الإسلام كعقيدة مُنزّهة، وبعض كتب التراث التي بها دسائسُ دخيلة، نرفضُها نحن المسلمين ونواجهها.
أمامنا خياران لمواجهة الأزمة الراهنة التي لن يسمحَ اللهُ برحمته أن تتحوّل إلى فتنة لا تليق بمصر الجديدة المتحضرة. الأول: فتح باب حرية التعبير والنقد دون تطاول (لأن الشتيمة أصلا عيب)، مع عدم السماح بملاحقة الناس قضائيًّا بتهمة "ازدراء الأديان". وهذا ما يحدث في بلاد الغرب المتحضر. فلم نرَ موتورًا حاول قتل أو رفع قضية ضد "دان براون" مؤلف رواية "شفرة دافنشي" التي تُسيء للسيد المسيح عليه السلام. بل باعت الرواية 100 مليون نسخة، وتحولت إلى فيلم سينمائي حقق إيرادات فلكية. كيف استقبل الغرب المسيحي تلك الرواية وذلك الفيلم؟ عادي جدًّا، استقبلوها كعمل أدبي فني خيالي قرأوه وابتسموا ولم يقل أحدٌ إن دينَه جُرح. الخيار الثاني: توعية المجتمع بأن يحترم كلٌّ عقيدة الآخر، ومنع التطاول من الطرفين، حتى لا يقول طرفٌ: "هذا الذي بدأ"، وتشتعلُ الفتنةُ النائمة، لعن اللهُ من أيقظها لهدم المجتمع. وهذا ما يصنعه الرئيسُ/ عبد الفتاح السيسي في عديد الكلمات العلنية التي حاول فيها النهوض بالوعي المجتمعي والفكري لجعل المواطن المصري مثقفًا مستنيرًا يدرك أن احترام عقيدة الآخر هو جزءٌ أصيل ومرآة عاكسة لاحترام عقيدته ذاته.
أختمُ مقالي بواقعة مبهجة كنتُ شاهدةً عليها تشيرُ إلى عكس ما يحدث الآن من شقاق وبوادر فتنة لن نسمح بها بإذن الله. في حفل إطلاق إحدى المجلات الأدبية في يوليو 2016، دعوتُ اثنين من أساتذتي من أحبّ فنانّي مصر إلى قلوبنا. أحدهما مطربٌ مسلم متصوف عظيم هو الفنان "سمير الإسكندراني" رحمه الله، والثاني موسيقارٌ مسيحي عظيم هو المايسترو "هاني شنودة". وكلاهما مثقف العقل رفيع الخلق. في ختام الحفل، أمسك "سمير الإسكندراني" بالميكروفون، وفاجأ الجمهور بترنيم: "أبانا الذي في السماوات، ليتقدسِ اسمُك، ليأتِ ملكوتُك، لتكنْ مشيئتُك كما في السماء كذلك على الأرض. خبزَنا كفافَنا أعطِنا اليوم. واغفرْ لنا ذنوبَنا، كما نغفرُ نحن أيضًا للمذنبين إلينا... آمين." هكذا قرأ المطرب المسلم كلمات "الصلاة الربّانية" التي قرأها السيد المسيح عليه السلام فوق الجبل. فاختطف الموسيقارُ "هاني شنودة" الميكروفون من يد صديقه، وقرأ فاتحة الكتاب: "الحمدُ لله ربِّ العالمين، الرحمَن الرحيم، مالكِ يوم الدين، إياكَ نعبدُ وإياك نستعين، اهدِنا الصراطَ المستقيم، .... آمين." فاشتعل الجمهورُ تصفيقًا وقد وصلت رسالةُ الصديقين الجميلين. اللهُ نورٌ. وكلُّ البشر يسعون إلى هذا النور عبر أنفاق عديدة، كلٌّ وفق معتقده. “الدينُ لله والوطن لمن يحمي سلامَ الوطن".
***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرجلُ الشريرُ الذي أفسدَ الكوكب
- مكافحةُ الغلاء … بالاستغناءِ وعدم الهدر
- مبادرة لمكافحة الإدمان والبلطجة
- المبادرة الرئاسية لمكافحة الإدمان والبلطجة
- أبصرتْ العمياءُ فجأةً … ولم تجد كتابًا!
- توم الخزين … يا توم
- ريش ... دميانة نصار
- لماذا تكرهون هذا الرجل؟
- حتى لا يظلَّ التنويريون بين أنياب الظلاميين!
- المحتسبون … ولعبةُ الخروجِ من الكوكب
- هنا البحرين… على شرف الشِّعر واللؤلؤ
- أنا أتبرّعُ بأعضائي بعد الوفاة
- سيد حجاب … عِشْ ألفَ عام!
- النصبُ على الناس بالحُسنى
- اختطاف … متلازمة عشق الطريدة للقناص
- حتى لا نكون مرايا عمياء!
- قَسَمُ أبقراط … هديةُ عيد ميلادي!
- مرضٌ اسمُه التطرُّف!
- 200 جنيه … تتلصَّصُ على المجتمع!
- كيف تصيرُ مشهورًا وجماهيريًّا؟


المزيد.....




- مسؤول في برنامج الأغذية: شمال غزة يتجه نحو المجاعة
- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - لعنَ اللهُ من أيقظها!