أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طارق الهوا - دور فاتيكاني سياسي مرفوض















المزيد.....

دور فاتيكاني سياسي مرفوض


طارق الهوا

الحوار المتمدن-العدد: 7099 - 2021 / 12 / 7 - 15:48
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


رفع كاهن ثمانيني يوناني صوته في أحد الأماكن التي زارها البابا فرنسيس وقال له عدة مرات: " أيها البابا المهرطق"، لكن الشرطة ألقت بالكاهن على الأرض ومنعته من الكلام، وطردته من الجوار الذي يزوره البابا.
يستحيل وضع ما قاله الكاهن تحت بند عداوة الأرثوذكس والكاثوليك التاريخية، بل يمكن تصنيف هذه الادانة اللاهوتية في سياق ما قاله البابا أثناء زيارته لليونان، ومعارضة ما سمّاه "المصلحة القومية والذاتية الضيقة" في الطريقة التي تتعامل بها أوروبا مع المهاجرين.
البابا فرنسيس يحاول البحث عن دور انساني في عالم مرهق من الغلاء والتضخم وكوابيس البيئة والهجرة والحروب والأفكار الهدّامة، لكن يبدو أن الرجل لديه أفكار سياسية ضد القوميات، ومن مناصري عولمة الكوكب حيث لا هويات أو ثقافات في نهاية المطاف، بل مستهلكين يعيشون على تسديد أقساط البطاقات الإئتمانية.
التقى البابا فرنسيس عشرات المهاجرين غير الشرعيين، في مشهد يذّكر بشفيعة المهاجرين ميركل التي ضمت مليون ونصف مليون مهاجر غير مُرحب بهم في ألمانيا بصفة مسديمة، وقال البابا في حديثه في جزيرة ليسبوس اليونانية: "إن هؤلاء يتم استغلالهم لأغراض الدعاية السياسية"، ودعا إلى التركيز على أسباب الهجرة، مثل "الحروب المنسية"، بدلاً من معاقبة أولئك الذين يشعرون بآثارها، كما انتقد بناء الجدران لإبقاء الناس خارجها.
كما قال البابا: "في أوروبا هناك أولئك الأشخاص الذين يصرون على التعامل مع المشكلة بوصفها مسألة لا تخصهم. هذا واقع مأساوي". وأضاف أن "التاريخ يعلمنا أن المصلحة الذاتية الضيقة والقومية تقودان إلى عواقب كارثية"، و"إن من السهل التأثير على الرأي العام من خلال زرع الخوف من الآخر".
واستشهد البابا بالحرب والاتفاقيات الاقتصادية "التي يدفع ثمنها الشعب"، وتدفق الأسلحة باعتبارها عوامل تدفع الفرد إلى البحث عن حياة أفضل في مكان آخر.
كلام البابا فرنسيس جميل جداً لعظة يوم أحد، لكن الدول لا تُبنى على عظات، وهي ليست جمعيات خيرية أو إبراشيات، مع ملاحظة أن البابا يتدخل في شؤون الدول السياسية بشكل مرفوض، لأن سياسات الهجرة ترسمها الدول بناء على حاجاتها، والكنيسة يجب أن تظل بعيدة عن السياسة، فلماذا يحث البابا أوروبا على جلد الذات، ويريد أن تكون القارة الحديقة الخلفية للشرق الأوسط وأفغانستان.
لماذا لم يذهب البابا فرنسيس إلى مربط الفرس وهي حرب العراق 2003 ويدين مسببيها، فهذه الحرب لم تكن على الإرهاب، ولا يوجد أي دليل أن صدّام حسين رعى أو مّول الإرهاب، كما انه لم يملك أسلحة دمار شامل كما كذبت إدارة بوش الأبن وروجت، بل يمكن القول أن سقوط نظام صدّام رغم كل مشاكله، أدى إلى تزايد الإرهاب في الشرق الأوسط، وموجات الهجرة اللاحقة من كل البلدان التي نُشرت فيها الديمقراطية.
الهجرة من الدول التي نُشرت فيها الديمقراطية الأميركية، لا يجب ان تتحمل عواقبها أوروبا وحدها كما يريد البابا، وما قاله"من السهل التأثير على الرأي العام من خلال زرع الخوف من الآخر"، يعتبر قفزة مريبة للغاية فوق عدم انتماء غالبية المهاجرين إلى أي بلد حلوّا فيه، لأن البابا لو تنكّر وتمّشى في شوارع روما بجوار سور الفاتيكان مباشرة، لسمع بأذنيه ما يقوله المهاجرون عن الإيطاليين وعنه شخصياً، وما يقوله الإيطاليون عن المهاجرين.
حديث أوروبا عن رفضهم للمهاجرين كتهديد لهوية القارة مسموع جداً خصوصاً في فرنسا التي قال رئيسها بوضوح تام أنه يشن حرباً على "من يريدون الإنفصال عن الجمهورية".
ورَفضْ المزيد من المهاجرين أوضح بكثير في شرق أوروبا، حيث لهم تاريخ دام طويل مع الإمبراطورية العثمانية، التي قال حفيدها طيب أردوغان بوقاحة مستهجنة أثناء أزمة رفض بناء مآذن في جوامع سويسرا "مآذننا هي رماحنا التي نغرسها أينما نصل"، وعندما رد عليه نائب سويسري "ليغرس رماحه في بلاده وليس عندنا"، إتُهم النائب بالعنصرية! ولم يقل أحد أي شيء لطيب أردوغان.
صحيح كما قال البابا فرنسيس، "أن الشعب والمواطن العادي يدفع دائما ثمن الحروب والاتفاقيات الاقتصادية"، لأنها دائماً تصب في مصالح الشركات عابرة القارات وليس الحكومات أو الشعوب، لكن استقبال مهاجرين في دول تعاني أساساً من مشاكل اقتصادية وديون لن يحل المشكلة، وسيزيد ضغينة المواطن، الذي بدأ يتذمر في ألمانيا من مهاجربن عاطلين عن العمل وينجبون المزيد من الأطفال ويحصلون على مساعدات تفوق معاشه!
ما معنى انتقاد البابا فرنسيس لبناء الجدران الحدودية في عظته؟ انتقاده مريب أيضاً ضد سياسة الدول التي يجب عليها حماية مواطنيها، فقد بدأ بعض نواب الكونغرس الأميركي يقولون أن المستفيد هو كارتل مهربي البشر، من وقف بناء الجدار الحدودي بين أميركا والمكسيك وفتح الحدود بدون أي شروط، بينما يرعى بايدن، مثل البابا تماماً، الهجرة غير الشرعية ويرفض الاجابة على أي سؤال عن مشاكلها أو ما يحدث على حدود المكسيك/أميركا.
لماذا لا يتبنى البابا في عظاته أو يوّظف أموال الفاتيكان في بناء مشاريع هائلة مع دول الغرب تسرّع في تنمية دول المهاجرين وتبقي كل شعب في بيئته وثقافته؟
أقول الغرب لأنه هو الذي حاول نشر ديمقراطيته في بلاد تنتظر عودة الخلافة، ولا انتخابات أو ديموقراطية في الخلافة، بل حكم الله والخليفة الذي يحكم حتى يموت أو يُغتال.
هل يمكن لمسلم التأقلم مع بيئة تأكل لحم الخنزير وتشرب الخمور ولا بنوك اسلامية فيها أو جوامع ترفع الآذان من خلال ميكروفونات صاخبة ولا ترتدي نساؤها التشادور أو الحجاب؟
كل دراسات معاهد الأبحاث تقول أن غالبية المسلمين يستحيل أن يتأقلموا في ثقافات أخرى، لأن التأقلم مرفوض في الاسلام " ليس منّا من تشبه بغيرنا، لا تشبهوا باليهود ولا بالنصارى، فإن تسليم اليهود الإشارة بالأصابع، وتسليم النصارى الإشارة بالأكف. حديث رواه الترمذي وحسنّه الألباني"، ثم أن التأقلم يمثل عائقاً ثانياً لدخول الجنة. وإذا قال البابا فرنسيس أن تأقلمهم ممكن، سيكون غير أمين مع المسلمين أو نفسه أو الله.
ما الذي يحاول فعلا البابا فرنسيس تسويقه؟ لماذا يعتبر الدفاع عن خصوصيات القوميات وثقافاتها مرفوض؟ لماذا يعتبر بناء الحدود أمرا يستحق الإدانة؟ لماذا يريد من أوروبا جلد نفسها؟
أسئلة واضحة من كاثوليكي لمن يقرأ ويخُبر البابا بما يحدث على الكوكب، ومن المعيب ألاّ يكون عالماً بها. الوقائع لا تمييز فيها أو عنصرية، ونكرانها يسبب مشاكل لروح الشعوب مثل نكران المرض للجسد.
إذا كان البابا يبحث عن دور فيسكون أعظم دور له تنبيه سكان أوروبا إلى خطأ جسيم وقعوا فيه وهو رفضهم لدور الكنيسة السياسي، بالتزامن مع ترهلهم الإيماني حتى لبناء أسرة، ما جعلهم مترهلين فاقدي المناعة.
دور الكنيسة السياسي مرفوض بسبب علمانية الدول، فما الداعي لتهميش دين انساني يدعو للمحبة والخير والسلام؟ دور البابا هنا.



#طارق_الهوا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القمّص يُبحر واثقاً في مضيق اللعنات
- الاستعمار الإلهي والاستعمار الانساني (2)
- فشل أميركا في قيادة العالم
- الاستعمار الإلهي والاستعمار الانساني
- صحوة الموت الاسلامية
- حقوق الإنسان الجديدة
- إرهابي؟ إذن قدِّم طلب هجرة للغرب
- بايدن رئيس ولايات متعددة الجنسيات
- ما الذي يشغل الإمام الأكبر؟
- انتخابات مرسي وانتخابات حسين/جو
- الديمقراطية بعين واحدة
- احترام معتقدات الآخرين
- شيزوفرانيا التمسك بالشرع والتمحك بالديمقراطية
- عصر الربوتات الإنسانية
- لو ربح أوباما ولاية ثالثة
- ما البديل إذا ذهبت الحضارة الغربية؟ (2)
- ما البديل إذا ذهبت الحضارة الغربية؟
- الغرب يحتضر على مشنقة الحرية
- أين لجنة حوار الاديان؟
- تجارة الكبتاغون حلال والخمور حرام


المزيد.....




- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...
- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...
- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر
- أغلق باب بعد تحويل القبلة.. هكذا تطورت أبواب المسجد النبوي م ...
- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...
- موعد وقيمة زكاة الفطر لعام 2024 وفقًا لتصريحات دار الإفتاء ا ...
- أسئلة عن الدين اليهودي ودعم إسرائيل في اختبار الجنسية الألما ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طارق الهوا - دور فاتيكاني سياسي مرفوض