أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عبدالله مطلق القحطاني - السَّعُودِيَّةُ وَالشَّرْمَطَةُ الأدَبِيَّةُ السَّاخِرَةُ وَأَفْنَانُ الْقَاسِمِ نَمُوذَجًا















المزيد.....



السَّعُودِيَّةُ وَالشَّرْمَطَةُ الأدَبِيَّةُ السَّاخِرَةُ وَأَفْنَانُ الْقَاسِمِ نَمُوذَجًا


عبدالله مطلق القحطاني
باحث ومؤرخ وكاتب

(Abduallh Mtlq Alqhtani)


الحوار المتمدن-العدد: 7088 - 2021 / 11 / 26 - 16:25
المحور: كتابات ساخرة
    


الْمِثْلِيَّةُ الْجِنْسِيَّةُ وَمُفْرَدَةُ الْقَحْبَةِ وَالْجِنْسُ الْحَرَامْ !
والْمُلَوَّنُونَ فِي الْأَدَبِ السِّياسِيّ السَّاخِرْ

أُسْطورَةٌ بِالْفِعْلْ
بَيْن وَاشُنْطُنَ وَالرِّيَاضِ وَالْعِرَاقْ

مَا الَّذِي يَوَدُّ قَوْلَه مَعَالِي الْأُسْتَاذُ الدُّكْتُورُ أَفْنَانُ الْقَاسِمِ فِي رِوَايَتِهِ هَذِه ؟

مَا أَنَا مُتَيَقَّنٌ مِنْه إنَّنِي لَمْ أَقْرَأْ بَعْدُ رِوَايَةً أدَبِيَّةً فِي قَالِبٍ سِيَاسِيّ سَاخِرٍ فِي رَوْعَة مَا سَطَّرْته أَنَامِلُ الرِّوَائِيُّ وَالشَّاعِرُ الْأَدِيبُ وَالْأُسْتَاذُ الجَامِعيّ وَاَلَّذِي تَمْتَدّ رِحْلَتُه مَع التَّدْرِيسِ الجَامِعيّ بِمَعِيَّة رِحْلَتِهِ مَعَ الْأَدَبِ تَمْتَدّ لِأَكْثَرَ مِنْ خَمْسِينَ عَامًا
أَفْنَانُ الْقَاسِمِ
عَشَرَاتُ الرِّوَايَاتِ الأدَبِيَّة
مِئاتُ الْمَقَالَات
الْمُهِمّ
لِمَاذَا لَا نَقْرَأ مَلْحَمَةَ مَعَالِيه الأدَبِيَّة السِّيَاسِيَّة الْجِنْسِيَّة !
وَنَسْتَمْتِعْ .

البيت الأبيض 46

أفنان القاسم

رواية النص الكامل

الفصل الأول

« ماما، أنا أحب ليز، أنا لم أصب ليز بأي أذى. »

« ليزا، أنت لا تحبها، يا جيمس، أنت لا تحبها. »

« بلى، أنا أحبها، ماما، أنا أحب ليزا، هي التي لا تحبني، قلت لها ماما لا تريد أن تفعلي ذلك، فزعلت مني، وقالت، وما دخل ماما في الموضوع؟ أنا أفعل ما أشاء. »

« ليزا لا تفعل شيئًا شائنًا لولاك، ليز ابنتي، وأنا أعرفها، ربيتها كما ربيتك، لكن يبدو لي أنني لا أعرفك، أنت سيء، يا جيمس، أنا أمك لم أصنعك، أنت صنعت نفسك بنفسك كالثعالب التي تجوب هارلم في الليل، أنت ثعلب، ولم أكن أعلم، لو كنت أعلم لربيتك كما ربيت أختك ليزا التي أصبتها بالأذى، تجدها تبكي الآن مثلما أبكي. »

« لا تبكي، ماما! »

« اتركني أبكي، يا ولدي الرديء! »

« لا، لا تبكي! »

« بلى، اتركني أبكي، اتركني أبكي! »

« لا، لا تبكي، ماما، إذا بكيتِ بكيتُ! »

« ابك، إذن، يا جيمس، لعلك تشعر بقليل من الذنب لما فعلته لأختك، أختك الصغيرة ليزا، حبيبة أمها، أختك التي تركتنا، أنا وأنت، لأنك أسأت إليها. »

« أنا لم اسئ إليها. »

« أنت ساعدتها. »

« أنا لم أساعدها، ماما، أنا لم أساعدها، بماذا أحلف لك؟ أنا لم أساعدها، أقسم لك باليسوع أني لم أساعدها. »

« لا تقسم باليسوع، يا جيمس، لا تقسم باليسوع، وإلا ضاعفت من غضبي عليك. »

« كما تشائين، ماما، أنا لن أقسم باليسوع لئلا أضاعف من غضبك عليّ، لكني أقسم باليسوع أنني لم أساعدها، أنا لم أعنها، ليزا هي التي قررت كل شيء، قلت لها، وماما ألا تفكرين فيها؟ اجابتني أفكر فيها، لكن الأمور ستجري هكذا. »

فتح جيمس جيمس عينيه فجأة، وكأن أمه تدفعه بيدها لينهض من النوم، ويذهب إلى عمله. اعتدل في سريره، وبحث عن أمه في الغرفة، فلم يجدها لما فجأة أتاه النعيق المعتاد للغراب المعتوه في كل صباح. ترك السرير إلى النافذة، فرآه على عمود الكهرباء، بشكله الغريب اليائس. أخذ الغراب ينعق، وهو يفنجر عينيه، ويحرك رأسه في كل الجهات بحثًا عن شريكة حياته التي كانت تتركه كل ليلة، وتطير في الظلام. عاد الغراب الهلع ينعق بأعلى صوته نعيقًا حادًا، فأحس جيمس جيمس بشفرته تجرحه. تمنى لو يفعل شيئًا للطائر المعذب دون أن يتحرك من مكانه لما على حين غرة أخذ الطائر يصفق بجناحيه، وهو ثابت في مكانه على رأس عمود الكهرباء. ومن بعيد، رأى الرجل ضبابًا أسود ينتشر في السماء ما لبث أن راح يخفق، وكأنه العالم، فلم ينتظر الغراب الزوج أكثر مما انتظر، طار إلى زوجته ناعقًا أكثر ما يقدر عليه حدة، وهذه المرة لفرح اللقاء.

ارتدى جيمس جيمس ثيابه، وهو يصفر صفير الجاز الذي يحبه أكثر من أية موسيقى أخرى، كان النغم لأرمسترونغ، وكان ذلك لينسى الحوار الذي دار بينه وبين أمه حول إليزابيث أخته. في كل مرة يتذكر أخته الصغيرة، كان يتألم، لكنه لا يقوم بفعل أدنى شيء يذكر، فكل شيء قد انتهى منذ كان شابًا يافعًا في السادسة عشرة من العمر. كل الحكاية قد انتهت. لم يكن يريد أن تنتهي. كانت حكاية عمره، كانت الحكاية عمره. عمره لم يكن إلاها، حكايته مع أخته. أخته الصغيرة التي كان يحبها أكثر من أي شيء في الوجود. ليز. ليزا. إليزابيث. أخته الصغيرة.

نزل الدرج الذي نحتته الأقدام، الدرج القديم للعمارة القديمة في الشارع القديم. كانت البناية التي يسكنها واحدة من آخر البنايات القديمة التي بقيت في هارلم. بناية سوداء رغم أنها بيضاء. عمارة كشجرة في غابة إفريقية. الشارع 125 كان في الماضي غابة من البنايات الأفريقية، واليوم لم يزل كشارع حديث من شوارع منهاتن الاستعارة الأبدية لهذا الماضي.

دفع جيمس جيمس بقدمه باب الحانة، واتجه مباشرة إلى المشرب حيث بدا أن صاحب الحانة كان بانتظاره.

« فطورك جاهز، يا مستر جيمس! »

« حسنًا! »
أخذ العملاق الأسود الضخم يصب القهوة بالحليب في الفنجان، وهو يحدق في البخار المتصاعد، ألقى بعض قطع السكر المغلفة، ودفع صحن الكرواسان، وهمهم:

« مرئت طعامًا، يا مستر جيمس! »

لم يبد هذا أي رد فعل، وكأن الأسود الضخم العملاق جني من الضوء، ثم، وهو يحرك السكر في قهوته:

« ماذا تنتظر لتخبرني؟ »

« أنتطر أن تتناول فطورك. »

« أخبرني. »

« أخذت لك موعدًا مع أسقف الكنيسة ما أن تنتهي من تناول فطورك. »

« هذا يعني أنه موافق. »

« تمامًا مثلما تقول. »

ووضع العملاق الأسود حزمة ضخمة من النقود في غلاف بهدوء فتحه جيمس جيمس بسبابته، ونظر إلى ما فيه، وهو يشفط قهوته بالحليب، ثم وضعه في جيب سترته.

« ليس هذا كل شيء، همهم جيمس جيمس. »

« انظر قليلاً من حولك، يا مستر جيمس، تفهم لماذا، الرواد تركوا الحانة. »

« سأتصل بصديق في الإف بي آي، هل هذا يسعدك؟ »

« جدًا، قال العملاق الأسود، وهو يضع غلافًا آخر تحت أصابع الرجل المهم. »

دفع جيمس جيمس الغلاف في جيب سترته دون أن يفتحه، ونهض، وهو يتناول واحدة من الكرواسان، ويقول:

« هذا لأن أسقف الكنيسة بانتظاري. »

« لا تتأخر عليه، إنه دقيق في حساباته. »

ضرب جيمس جيمس بيده على جيب سترته مرتين، وخرج.

« ابنتي حبيبتي ليزا كانت حُبلى، يا جيمس، كانت حُبلى حبيبتي ابنتي ليزا، كانت حُبلى، كنت تعرف أنها كانت حُبلى، كنت تعرف، يا جيمس، يا ولدي الرديء، كنت تعرف أن ليزا ابنتي حبيبتي كانت حُبلى. »

« لم تكن حبلى، ماما، أقسم باليسوع، لم تكن حبلى. »

« كانت حبلى ليز ليزا إليزابيث ابنتي حبيبتي، كانت حبلى. »

« لم تكن حبلى، أقول لك، لم تكن حبلى. »

« لماذا خبأت عني أنها كانت حبلى، عن أمك التي أنت تحبها كما تدعي، خبأت عني أنها كانت حبلى، لماذا يا جيمس، أسألك باسم اليسوع الحي لماذا؟ »

« اسمعي لي ماما، ليز لم تكن حبلى. »

« هل كنت سأغضب منها لأنها كانت حبلى؟ »

« لم تكن حبلى، لم تكن حبلى. »

« إذن لماذا تركَتْنِي إذا لم تكن حبلى؟ »

« قلت لها لا تتركي ماما، فلم تسمع لي. »

« لماذا إذن تركَتْنِي ليز ابنتي ليز حبيبتي ليزا؟ »

« عندما قلت لها فكري جيدًا يا ليزا قبل أن تقدمي على هذه الخطوة الخطيرة، فكري تمامًا، فكري في ماما، فكري فيّ، اكتفت برسم ابتسامتها الشاحبة على ثغرها، ابتسامة سيدتنا العذراء الشاحبة على ثغرها. »

فانفجرت الأم باكية.

وصل جيمس جيمس الى زقاق من أزقة هارلم، وكأنه زقاق من جهنم الآخرة بما فيه من غليان وفوران. كان الأطفال من كل الأجناس والأديان سودًا وبيضًا وحنطيين، يهودًا وبوذًا ومسيحيين، وكان الشباب منهم يرقصون الهيب هوب أو يلعبون كرة السلة أو يتعانقون، فكأن العناق أحد ألعابهم. ابتسم جيمس جيمس للفوضى، كان سعيدًا أن يجد نفسه وسطها. كانت الفوضى لديه أقل عتوًا من النظام، وهو لهذا كان سعيدًا.

« أنت تبحث عن بيلي، يا جيمس، إنه هناك يغسل سيارتك. »

« شكرًا. »

« فك يو، جيمس! »

« فك يو! »

« كَيْفَهُم في ماخورك الأبيض؟ هل يضاجعون جيدًا؟ »

« وماذا تريدهم أن يفعلوا غير ذلك؟ »

« انتبهوا على أنفسكم، قل لهايدن فك يو هايدن من طرفي، وانتبه على قفاك! »

« قفاي أم قفاه؟ »

« قفاه هو المترهل! »

هجم لاعبو كرة السلة وتدافعوا، دفعوه، وسبوه:

« فك يو، يا مستشار الغائط! » « لا بأس، يا جيمس؟ » « هل طردوك من واشنطن؟ » « فك يو، غائط » « فك يو، ابن المومس! » « هاي جيمس، فك يو ماخور! »

ابتسم جيمس جيمس لجميعهم، وعندما حاذى سيارته الدودج القديمة، رفع يده لبيلي، كان مشغولاً بتنظيفها قرب حنفية الماء الذي لا يتوقف عن التدفق.

« إنها للكب، أقول لك، قال بيلي، المرسيدس أحسن السيارات لواحد مثلك. »

« المرسيدس في هارلم؟ »

« نعم، المرسيدس في هارلم! » ثم بالهولندية « ماذا ينقصنا بعد كل هذا التحديث الذي اجتاح هارلم؟ »

« ماذا تقول؟ »

« هل نسيت لغة أجدادك؟ »

« نسيت. »

« أنا أمي علمتني إياها، أمي تحب لغتنا، ليس كأمك، أمك الموم… »

« بيلي، هل تلك أختك؟ تلك التي تقبِّل ذلك الصبي؟ »

« لا تبالِ بها، فهي قحبة منذ مولدها! »

« هيه أنتَ! صاح جيمس بالصبي، اترك هذه البنت! »

« لماذا؟ أنت أبو الغائط أبوها؟ »

« إنها أخت بيلي الصغيرة، فاتركها حالاً! »

« لن يتركني، صاحت أخت بيلي، وانقضت في فم الصبي، لكنه فصلهما عن بعضهما. ما هذه السلطة البيضاء؟ احتجت الشابة. أنا حرة أفعل ما أريد! أليس كذلك بيلي أخي؟ »

« قحبة منذ مولدك! همهم بيلي وهو ينهي تلميع سيارة مستشار الرئيس. »

« إنها أختك الصغيرة! »

« أخت قفاي! »

« أختك الصغيرة! »

« أختك الصغيرة، يا جيمس، قالت الأم، ليز، أختك الصغيرة، أختك الصغيرة التي رميتها بين أنياب الذئاب! »

« أقول لك ماما، ليزا تحب ذلك، تريد ذلك، لا تزعلي مني ماما، ليزا من نوع البنات اللاتي يحببن ذلك. »

« أنياب الذئاب! أنياب الذئاب! »

« إليزابيث هي التي خططت كل شيء، لم أكن أعرف، في اليوم الأخير قبل هربها، اعترفت لي بأنها تريد ذلك، كانت تعرف ماذا سيكون مصيرها ماما، وعندما قلت لها ماما ستموت لمّا تعلم بتركك إياها، أجابتني بإمارات الحاقد الكاره المصمم، بإمارات من يحمل الجحيم على وجهه، فلتمت ماما، أنا لم يعد يهمني شيء، فلتمت ماما! »

دخل جيمس جيمس بسيارته الدودج القديمة الفناء الكبير للكنيسة، وأوقفها إلى جانب ثلاث جرافات ضخمة. قال لمرافقه بيلي إنه سيذهب أولاً لرؤية أسقف الكنيسة، فنزل بيلي، وعاد إلى تلميع السيارة. على باب الكنيسة كان حارس أسود يمنع دخول بعضهم للصلاة، وكان هناك من يريد الدخول بالقوة، فاستعمل الحارس الأسود بدوره القوة مرددًا: « ابحثوا لكم عن بيت آخر للرب، يا كومة البراز! » عندما رأى جيمس جيمس محشورًا في زاوية لا يمكنه الدخول صاح: « تعال، يا سيد، تعال من هنا » وهو يدفع المؤمنين بعنف، حتى أدخله.

كانت قاعة الصلاة في حالة يرثى لها، المقاعد مقلوبة هنا وهناك والشموع عارية في قمصان الدخان. تحت تمثال المسيح الذي على وشك السقوط، صلى جيمس جيمس، واستغفر ربه، لينهض على يد الأسقف فوق كتفه.

« لولا موعدنا لما عرفتك! »

« عشرون عامًا مضت على آخر لقاء لنا. »

« أنت متأكد؟ عشرون عامًا؟ »

« أنا لا أنسى. »

« كلي أسف لما وقع لأختك! »

« لستُ هنا للحديث عن أختي. »

« لم أستطع أن أفعل شيئًا. »

« أنت دائمًا ما كنت قذرًا، يا صاحب القداسة!؟

« قذر أنا؟ لا! هم القذرون! لهذا لم أستطع أن أفعل شيئًا للمسكينة! »

« على أي حال أنتم الإنجيليون كلكم قذرون وأنا على الرغم مني أُقَدِّرُكُم، فلنقل إنها نقطة ضعفي. »

« سأستغل هذه النقطة عندك، فلنقل سأحاول. »

« لا، يا صاحب القداسة، لن تكون أسقفًا للبيت الأبيض، مع هايدن لا مجال هناك، حتى ولو كان هناك مجال، أنا سأعارض، دم أختي ليس ماء. »

« دم أختك ليس ماء، أوافقك. »

أخرج جيمس جيمس غلافي النقود من جيبه، وحمل كل واحد بيد يريد أن يرى أيهما أثقل ليعطيه أخفهما، فانتشلهما الأسقف بيد خفيفة، وخبأهما في صدره.

« ستكون لك قومسيون بالملايين، يا مستر جيمس، وأنا هذا كل ما آخذ. هذا لا يعني أنني غير سعيد لك، أنا سعيدٌ جِدُّ سعيد لك، فاعلم أنني بذلت عند هيئة القساوسة الإنجيليين كل جهودي لخدمتك، عمليًا دمرت على التقريب الكنيسة، وقطعت أقدام المؤمنين، وضعت كل بناء الكنيسة في صحن المزاد العلني. »

« ليس المزاد العلني. »

« لا، ليس المزاد العلني. »

« أنت فعلت ما تريده هيئة القساوسة الإنجيليين أن تفعل عن طريقي، أنا جيمس جيمس، وإلا فلن تتم صفقة هدم كنيسة هارلم، وبناء ناطحة سحاب مكانها. »

« على أي حال بناء ناطحة سحاب خير ألف مرة خير آلاف المرات من تحويل الكنيسة إلى معبد للمثليين، إلى مسجد للسود المسلمين أو إلى كنيس لليهود، لليهود القدس التي أعطيناها إياهم شرطًا لعودة سيدنا الميت الحي، وللمسلمين سودًا وغير سود كعبة الشيطان في آبار الذهب الأسود، وللمثليين نوادي المني الأسود. هل ترى تلك العلاقة الشيطانية بين أسودنا وأسودهم؟ »

« أرى. »

« ولماذا تأخرت كل هذه المدة بما أنك ترى؟ »

« للحرب في غزة، لم أتمكن من إيقافها بسهولة. »

أخذ الأسقف يهذر بالهولندية تارة وبالإيطالية تارة وبالأفريكانية تارة بلسان رب الإنجيليين، فانتهره جيمس جيمس:

« لا تلعبها عليّ يا صاحب القداسة! »

« هذا فقط لتخبر هايدن أنني سأكون في خدمته لو يحتاج إليّ. »

« هايدن على قفاه. »

« طيب، وخفض صوته، أرسل من تريد إرساله على الساعة الواحدة صباحًا، فيحرق الكنيسة، سيجد الباب مفتوحًا. »

« سآتي به ليفحص المكان، ها هو ينتظر في سيارتي. »

« افعل ما تشاء. »

أعطاه ظهره، واختفى في ظلام الدين.

لم يتحرك جيمس جيمس لثوان بدت بطول القصف الطويل، كان يبني آخر علاقة له مع الابتسامة الشاحبة للسيدة العذراء، خلع لوحتها، وخرج بها.

« تعال لأقبلك من فمك يا ولدي الرديء، أمك تريد أن تطبع شفتيها على شفتيك لتفي بوعد قطعته على نفسها مع ليزا مع ليز مع ابنتها العاق ليز ابنتها التي لفظتها ككلبة تلفظ غائطها، مع العاق إليزابيث ابنتي التي أحبها أكثر مني أكثر منك أكثر من كل البشر، تعال أيها الجبان، أيها الشرير، أيها الرعديد، أنت يا ولدي الطائع، فلآخذ شفتك بين أسناني الماضية، شفتك السفلى، فلآخذها بين أسناني القوية، وأعضها مثل كلبة هائجة للنكاح، أنت يا ولدي الطيب، تعال، تعال لترضي رغبتي، رغبة أم شريرة مثلك، صنعها الرب من ضلع الشيطان. »

اقتربت الأم بفمها من فم ابنها، ووضعت شفتيها على شفتيه، ثم فتحت فمها، والتقمت شفتيه، وذهبت معه في قبلة عميقة بدأت ضعيفة وصارت عنيفة، وجيمس جيمس يحاول أن يتخلص من فم أمه ويلقيه في الجحيم دون أن يفلح، أن يقطع جناحيه دون أن ينجح، أن يكسر منقاره بيد مهراس الرغبة دون أن يصل إلى تحقيق ذلك، وكانت المفاجأة لما فجأة انقضت الأم بأسنانها الحادة على شفته السفلى، وقضمتها، ودم ابنها الحار الأحمر الخردل يتفجر، ويرشق بالبكارة وجهها، بينما الابن يصرخ حتى تمكن من إبعادها بضربها في أمعائها بفولاذ قبضته المغضوب عليها. داوم جيمس جيمس على الصراخ والولولة والنباح والبلبلة تحت نظرات أمه الذاهلة ثم اللاعقة لدمه ثم المقهقهة قهقهة الممسوس في عقله. فجأة صمتت، ودموع الخذلان تتفجر على خدها.

« هذا من أجل قبلاتك لأختك، قالت، وهي تئن أنين الضائع المكلوم. »

« كانت… كانت… همهم جيمس جيمس، وهو يمسح بكمه الدم عن فمه، كانت تريدني أن أعمدها. »

« آه! لفظت الأم مختنقة. »

« كانت تحب اليسوع كزوجها، كانت تريدني أن أعمدها، كانت تريدني أن أصب الماء على عنقها، وبعد ذلك أن أغسلها، أن أغسل الحرير. كانت تريد أصابع اليسوع أن تلمسها من عنقها، وتنزل، من حلمتها، وتنزل، من سرتها، وتنزل، من فرجها، وتنزل، وتنزل، وتنزل، ومن ساقيها تشتعل، تشتعل، تشتعل، فاحترقت أصابعي بالحرير، احترق عمري بالدم، احترق العالم بالفحش. »

على الساعة الواحدة صباحًا دخل بيللي من باب الكنيسة المفتوح بصحبة اثنين من شبان هارلم، وضعوا تنكات البنزين، وأشعلوا الشموع، ليجدوا أنفسهم في عالم الخلود والخضوع. صلوا تحت تمثال السيد المسيح المحطم، ابتهلوا للرب، وبدافع الطفولة والإيمان أخذوا يلعبون، ويضحكون، وكأنهم ملائكة من ملائكة النعيم. لاحظ بيللي ما هو غير طبيعي في علبة الاعتراف، فطلب من صديقيه الهدوء والصمت، وتقدم بحذر لينظر لما فجأة ظهر الحارس الأسود بمسدسه، وأردى ثلاثتهم قتلى. صب البنزين في كل زوايا الكنيسة، وبلهب شمعة وثنية جعل النار تدق على أبواب جهنم.

« إذن أختك كانت حبلى منك أيها القذر! نبرت الأم بقوة، وهي لهذا لجأت إلى الأسقفية لتخفي العار، عاري أنا المجرمة أمها! »

« لم تكن حبلى، ماما، لم تكن حبلى مني ولا من غيري. »

« إذن لماذا قتلت نفسها؟ قل لي بصراحة يا ابني الطيب، لا تكذب عليّ. »

« ماذا أقول لك، ماما؟ لماذا تجبرينني؟ أنا أحبك، ماما، فلا تجبريني! »

« إذا كنت تحبني، فقل لي، قل لأمك، قل لي ترحني، ثم صرخت كالمعتوهة، قل لأمك أيها العاق، يا قواد أختك، قل لأمك وإلا قتلتك أمك! »

« إنه كبير القساوسة! »

« ماذا؟! ذلك العجوز! وهل قبلته أختك ذلك المترهل؟ »

« لم يكن لديها الخيار. »

« لم يكن لديها الخيار! ليز ابنتي المدللة لم يكن لديها الخيار! طيب، استني عليّ يا إليزابيث، أنا منذ الآن لن أبكيك، وانهارت باكية، أنا منذ الآن لن أصفع وجهي، وصفعت وجهها، أنا منذ هذه الساعة لن أمزق ثيابي، ومزقت ثيابها! »

« كفى ماما، كفى، ارحمي نفسك يرحمك الرب! »

« تقول الرب؟ الرب الذي فعل في ليزا ما فعل! تقول الرب؟ »

« أقول الرب ماما. »

« وأنت، هل تعرف الرب؟ »

« ماما… كفى! لكنهم أولئك القساوسة الإنجيليين ضد الإجهاض، فخلوها تقتل نفسها. »

« لماذا؟ ولكن لماذا، وجنينها ابن اليسوع؟ »

« ليس ابن اليسوع ماما، إنه ابن ذلك القذر رئيس هيئة الأساقفة الإنجيليين، إنه ابن الشيطان، لهذا عندما منعوا إليزابيث من الإجهاض، وأمام إصرارها على ذلك، اقترح عليها أسقف كنيسة هارلم أن تنتحر، الانتحار أهون الحلول برأيه، أن تقتل نفسها ليزا، أن تضع حدًا لشقاء ابن الرب، أن تحمل عنا عناء خطايانا، ليزا كانت يائسة تمامًا. »

لم يكن جيمس جيمس ينام، كان ينتظر رؤية أعمدة النار، كان ينتظر انتهاء المهمة التي ترك البيت الأبيض من أجلها، المهمة التي بدأت بانتهاء مهمة، والتي ستبدأ بانتهائها مهمة، إنها دورة الأشياء. فجأة، انطلق نعيق الغراب كمن أصابه مس من جنون، فتعجب الرجل، والنهار لم يزل ينام في حضن الليل في هذه الناحية من العالم التي لا تنام في الليل. نظر من النافذة، كان الغراب يدور حول نفسه فوق عمود الكهرباء، ويضرب نفسه، وينقر نفسه، ويمزق نفسه، ويقطِّع روحه. سمع الرجل نفير سيارات الإطفاء، ورأى أعمدة النار، رأى الدخان يغطي حي هارلم، وسمع صرخات بعض النساء وعويلهن. نعق الغراب أكثر ما يقدر عليه، وطار في الدخان والنار والدمار في وعي أمريكا قبل أن ينقض على عش قرب أجراس الكنيسة، ويتحول إلى لحن جاز أسود.

في المقبرة، تلا أسقف الكنيسة آيات الوداع الأخير على أرواح الشبان الثلاثة بحضور الأهالي وأولاد الحي المرتدين كلهم لثياب الحزن، الذارفين كلهم لدموع نيويورك، في الوقت الذي كانت فيه الجرافات تنقض على بقايا الكنيسة لتزيلها من الوجود.

كان لا بد من مرور جيمس جيمس على صاحب الحانة العملاق الأسود الضخم ليسلم عليه مودعًا قبل عودته إلى عمله الواشنطني، دفع حقيبته أمامه، وهو يدفع باب الحانة بقدمه، ووجد نفسه بين طاولات امتلأت بالزبائن المخدرين.

« تناولتُ فطوري، قال مستشار الرئيس الأمريكي لصاحب الحانة، جئت لأودعك. »

« الشركات العقارية تشكرك، يا مستر جيمس، وتمهل قبل أن يؤكد، مافيا الشركات العقارية. »

« لا شكر على ملايين. »

« ومتى ستعود إلى حينا هارلم الذي نحبه جميعنا أكبر حب؟ »

« كل شيء يتوقف على ظروف البيت الأبيض. »

« أنت تقصد كل شيء يتوقف على ظروف الشركات العقارية. »

« وهل من فرق؟ »

« سأطلب لك يوبر، يا مستر جيمس. »

« طيب. »

يطلب، ثم:

« سيكون هنا خلال ثلاث دقائق وثلاث ثوان. »

« إذن، مع السلامة. »

وقبل أن يعطيه جيمس جيمس ظهره:

« شكرًا جزيلاً لصديق الإف بي آي، قال العملاق الأسود، وهو يضع الغلاف المعهود في جيب سترة الرجل. »

الفصل الثاني

« قبلي جدتك الطيبة، يا ساندي، تعالي بين ذراعي جدتك الحنون، جدتك الحنون عليك أكثر مما هي حنون على باقي أحفادها جميعًا. قبلت ساندي جدتها، وجدتها تضمها بين ذراعيها، وقبلت الجدة حفيدتها قبلة طويلة من جبينها. أوه… أنتِ أعذب حفيدة! »

« وأنتِ أعذب جدة في الوجود يا جدتي الطيبة! »

« أنا ربيتك لتكوني مثلي طيبة حنونة عذبة. »

« هل تذكرين يا جدتي يوم كنا نلعب معًا ونضحك معًا ونغني معًا؟ كنا صغيرتين نحن الاثنتين، أحيانًا، وكنا كبيرتين نحن الاثنتين، أحيانًا. »

« أوه، يا صغيرتي التي لا تكبر، همهمت الجدة، وهي تبعدها عنها برقة، أوه يا ساندي الغالية! يا سانديّ! »

« وعلى الرغم من ذلك سانديُّكِ كبرت كثيرًا، يا جدتي، سانديُّكِ لها من العمر عمرك، سانديُّكِ عجوز مثلك، القمر الذي كانت شاخَ. »

« أوه، لا! لا تتكلمي هكذا يا مدللتي الصغيرة، لا تتكلمي هكذا، امنعك من التكلم هكذا! »

« نطت مدللتك الصغيرة عن الثلاثين كي أذكِّرك! »

« لا تتكلمي هكذا! »

« وكيف تريدينني أن أتكلم؟ صرخت ساندي فجأة. »

« لا تتكلمي هكذا، ليس هكذا! »

« بسببك أيتها العجوز الشمطاء! »

« ليس هكذا، ليس هكذا! »

« يا أم أربعة وأربعين! »

« ليس هكذا، ليس هكذا، ليس هكذا! »

« ساندي عانس يا جدتي الطيبة، همهمت الحفيدة بعد أن نعم صوتها. ساندي العانس لم تعد ساندي الحلوة، ساندي التي كان كل شباب واشنطن يتمنون الخروج معها، ساندي زمان ليست ساندي أيامنا، ساندي الشمطاء مثلك، أجمل البشعات ساندي أقول، كل النجوم في البيت الأبيض بشعة، وأنا أجملها. »

« لا، يا ساند، أنت أجمل بنات واشنطن، أمريكا، العالم، قالت الجدة، وهي تريد مسك يد ساندي بيدها، وساندي تبتعد بيدها عن يد جدتها، يدها التي ترتعش، وجسدها الذي يرتعد. لا، يا ساندي، يا صغيرتي، يا مدللتي، يا زهرتي! »

« أنا صغيرتك؟ أنا مدللتك؟ أنا زهرتك؟ زهرتك الذابلة أليس كذلك؟ فَكْ مِي يا جدة الغائط، صرخت الحفيدة، فك مي، فك مي، فك مي! وانهارت منتحبة بين ذراعي جدتها. »

في المكتب البيضاوي كان الرئيس الحالي جيمي هايدن والرئيس السابق بركة باماو يلعبان الشطرنج، وهما يتمددان على السجادة الفارسية الألف ليلية الفخمة، فدخل عليهما جيمس جيمس، وهو يدفع الباب بقدمه، ويحمل صينية الفطور.

« فطور الملكة يا سادتي! قال مستشار الرئيس بنبرة احتفالية. »

الواقع منذ الزيارة التي قامت بها الملكة إليزابيث الثانية أيام جون فيتزجيرالد كنيدي للبيت الأبيض وهذا هو فطور رئيس الولايات المتحدة حسب ذوق ملكة الإنجليز. أخذ جيمس جيمس ينقل محتويات الصينية التي يحملها على الأرض معددًا:

« البيض المقلي باللار، اللحم المفروم المقلي بالكافيار، الخبز الأبيض المحمص، مربى التين الأخضر، زبدة نجد المالحة، عصير البرتقال الكاليفورني مع قليل من عصير الحامض حامض سان فرنسيسكو يا شباب، الشاي الأسود بالحليب، وأخيرًا… »

« ما هذا الغائط الأخير؟ سأل باماو، لم يكن على أيامي. »

« إنه عسل أريحا، يا سيدي الرئيس. »

« إنه عجيبة من العجائب، قال هايدن، ذُقه أولاً، واحكم ثانيًا. وفجأة بعد أن حرك بعض حجارة الشطرنج بسرعة صاح، الشاه مات! »

« عندما كنت أنا الرئيس لم تكن تجرؤ جيمي! جمجم رئيس الولايات المتحدة السابق حردًا، وهو يتربع على الأرض. »

« اليوم إنه أنا الرئيس، قهقه هايدن! وهو يتربع على الأرض. »

ترامى جيمس جيمس على السجادة ذات السحر الشرقي الذي لا يضاهيه أي سحر آخر، وبدأ يأكل بنهم غير منتظر.

« لدي جوع ذئب هذا الصباح! تلعثم بسبب فمه الممتلئ. »

« ماذا بشأن المَذَرْفَكَرْ؟ سأل هايدن بعد أن جرع كأس عصيره. »

« المذرفكر؟ استفهم باماو، وهو يحمل صحن اللحم المفروم المقلي بالكافيار، ويبدأ التهامه بأصابعه التي يمسحها بظهر جيمس جيمس. »

« محمد بن سين، رد هذا الأخير. »

« ابن شرموطة! رمى الرئيس السابق للولايات المتحدة. »

« سيصل مطار واشنطن على الساعة السادسة عشرة. »

« أعرف هذا، قال الرئيس الحالي للولايات المتحدة. »

« جيمي، هل ستعاقبه هذا المذرفكر؟ لا تنس وعدك الانتخابي! حذر باماو. »

« ولماذا لم تعاقبه أنت؟ استهزأ هايدن. »

« لم يكن في أيامي على ما هو عليه في أيامك هذا القذر! أنا عاقبت غيره، وأنت تعرف من. »

« أنت لم تعاقب أحدًا يا بركة، أنا كنت ضد، وأنا أعرف تمامًا أنك لم تعاقبه، فاخرس، ودعني أكمل مع مستشاري. »

« سيتم كل شيء بشأنه كما اتفقنا سيدي الرئيس، أوضح جيمس جيمس. »

« إذن أنت لن تعاقبه، احتج باماو، لن تعاقب المذرفكر، أشم رائحة غريبة في المكتب البيضاوي لم أعتد عليها. »

« إنها رائحة البيض باللار، قال جيمس جيمس قبل أن ينفجر ضاحكًا. »

« جدك ليس السبب، يا ساندي، جدك يحبك، طيب القلب جدك، أول شيء قاله لي عندما أصبح رئيسًا للولايات المتحدة، قال لي أول شيء إنه سيزوجك، سيجد لك عريسًا، جدك يحبك كثيرًا، جدك يحبك، يحبك، جدك يحبك. »

« بعد كل الذي فعل! همهمت ساندي تعيسة. »

« جدك يحبك، جدك يحبك. »

« لن أفعل شيئًا بهذا الحب. »

« جدك يحبك، جدك يحبك، جدك يحبك. »

« جدي يكرهني كثيرًا. »

« جدك يحبك كثيرًا. »
. وصاحت، جدي، يا جدي، احمني، يا جدي! »

« أوه، يا عسلي! يا عسل جدتك! أوه يا ملحي! »

« آه! آه! لا! لا! ليس بالفأس، بالقوس والنشاب! وراحت تدافع عن نفسها من مطر من السهام اللامرئية. »

« من هذه الفيلا سأحرر مكة، يا سيادة الرئيس، قالت الأميرة نهود لجيمي بايدن. »

« كيف ستحررين مكة من هذه الفيلا مدام، يجب عليك الذهاب إلى مكة، فتحررينها من مكة، قال الرئيس الأمريكي مبتسمًا. زوجك أراد أن نحاكمك بدله، لهذا أرسلك محله، ليتخلص منك، أنت امرأته الأولى التي غدت مسئمة للطاغية الصغير. »

« أنا مسئمة بوجه القمر الذي لي؟ توجهت بالكلام إلى الطاقم المصاحب للرئيس، فحركوا رؤوسهم نفيًا، وهم يبتسمون. أنا مسئمة بالكريستيان ديور المعري لكتفيّ؟ فحركوا رؤوسهم نفيًا، وهم يبتسمون. أنا مسئمة بجزيرة العرب الاستيهام، استيهامكم يا سادة، مذ كان هناك شرق؟ »

« الحق يقال أنت قنبلة نووية كما يقال عندنا، قال الرئيس باماو، وجميعهم يقهقه. »

« إذن قولوا لي ماذا أفعل كي آتيكم بخبره، أمرت الأميرة نهود بسلطة. »

« نحن هنا لسنا في السعودية يا سيدتي، قال طوني بلاكي على استحياء. »

« سنبلغك بكل شيء في وقته، قال المارشال صموئيل قبل أن ينظر في عيني كل واحد من الحاضرين بمن فيهم الرئيس، ثم أضاف بعد ذلك بشيء من التحذير، دون أن يبطن لي أحد هذه المرة. »

« نعم، سنبلغك بكل شيء في وقته مدام، أنهى الرئيس واقفًا. »

« اعتبري نفسك في إجازة مفتوحة، يا سيدتي، أضاف بركة باماو، وهو يسلم عليها بحرارة، ويبتسم بقوة لكاميرات عهده البعيد. »

« أريد أن أشرب الفيروس أن ألتهمه أن أقضي عليه في عناقي الدامي معه، أقضي عليه وعلى نفسي! صاحت ساندي، وراحت تركض على رخام الحضارة والموت في الممر الفاصل بين جحيم البيت الأبيض ونعيمه. »

« تعالي، يا مجنونة! صاحت الجدة، وهي تأمر حارسًا للإمساك بها. »

« حمدًا للإله! حمدًا للإله! رددت السيدة الأمريكية الأولى، والحارس يعود بساندي. سآخذك إلى المعبد في الحال، تصلّين، وأصلي معك، لتهدأ روحك. »

« روحي من روح الشيطان يا جدتي، أنت تعلمين ذلك تمام العلم. »

« سنطرد الشيطان من البيت الأبيض بالتوسل والاستغفار. »

في الكنيسة الصغيرة الواقعة غير بعيد من أرض كرة المضرب، أخذت ساندي بالتلعثم والتكلم:

« أنت يا أيها الشيطان الملتحي كالملالي، أنا كتيبتك لفتح العالم، يا أيها الشيطان المسلم، أنا كباريهك لهز العالم، يا أيها الرب الرحيم في القدس الرحيمة، أنا مملكتك لزوال العالم. »

دفع جيمي هايدن الباب على جيمس جيمس، وألقى بنفسه على كرسي أمام مكتبه المكدسة عليه ملفات كثيرة. كان الرئيس يرتدي جينزه الممزق وقميصه المفتوح وجاكيته الجلدي، وبيده يحمل الكرة التي يلاعب بها كلبه.

« أردت التحدث معك قبل التنزه مع كلبي، ولما لم ير مستشاره، أزاح بعض الملفات، وابتسم لمأموره. نعم، بخصوص المذرفكر. »

« كل هذه ملفاته، قال جيمس جيمس. »

« أنا لا أريد قتله، أنا لا أريد عزله، أكد رئيس الولايات المتحدة، وبما أنني لم أستطع محاكمته عندنا ولن أستطيع محاكمته عند غيرنا، أنا لا أريد محاكمته. »

« أنت لن تجعل من أمير الإجرام والفساد ملكًا. »

« أنا لا أريد جعله ملكًا. »

« ماذا تريد إذن؟ الأوضاع في جزيرة العرب تتدهور، ومن واجبك أن تفعل شيئًا تاريخيًا بمقامك. »

« هم يفعلون ما أفعل، أنت تعرف من هم، وهم يريدون أن آخذ من فترة باماو أحسنها. »

« وهل هناك ما هو حسن في فترة الزنجي؟ »

« الزنجي! أعاد ثم قهقه، أول مرة تدعوه هكذا. »

« قرأت قصيدة لسنغور يفتخر فيها بكونه زنجيًا، شرح جيمس جيمس مبتسمًا، الزنجية هي القومية الكونية للسود في العالم. »

« أن آخذ أحسن ما في فترة الزن… بركة باماو، هذا يعني الإصلاح في أسوأ معاييره. »

« وهل أصبحت ضد الإصلاح اليوم؟ »

« قل لي بالله عليك ماذا ستصلح في بلد من المستحيل إصلاحه؟ »

« في كل بلدان الشرق الأوسط. »

« في العربية السعودية وفي كل بلدان الشرق الأوسط. »

« ولكننا نحن من أردنا. »

« نحن، نعم نحن، فكر في هذا جيمس، أنهى الرئيس ناهضًا. »

« والمذرفكر؟ »

« كذلك. »

وقبل أن يصفق الباب من ورائه، همهم:

« أمريكا تتوجع. »

« في ذلك المساء، كنت أشهى البنات يا جدتي، قالت ساندي شبه حالمة، اجتمعوا حولي يريدون أن أراقصهم، وكأني عدة نساء في امرأة كُنَّنِي، كل واحد منهم كان مملكة أو جمهورية، لم أكن أحب الرقص، أرادوا أن آخذهم كلهم بين ذراعيّ القصيرتين، فلم يكن لي من العمر سوى سبعة عشر عامًا. لم تكن تثملني موسيقى السلو، فجرعت كأسًا، وتناولت أخرى. كان لا بد من الاختيار، لم يكن اختيار الرغبة، كان اختيار العنف الذي انطبعت عليه أخلاقي منذ أول خطيئة ارتكبت، منذ الخطيئة الأولى. اخترت أبشعهم، فأغضبت الباقين على بعضهم البعض، وراحوا بأنفسهم قتلاً وبينهم ضربا. »

« لك هذه الجينة الشريرة يا عسلي، تقول لك جدتك التي تحبك كثيرًا. »

« وكلما كنت أراهم يتصارعون من أجلي كنت أشعر بهيمنة جمالي وسلطة بأسي، كنت كالوحش الأسطوري يا جدتي الطيبة، ذلك الذي اخترعناه أنا وأنت عندما كنت صغيرة، وحش الغابة ذو الأذرع اللامتناهية التي تمتد حتى المنتهى، حتى العرش الأعلى، حتى قبة الأقصى، وبأصابع الوحش ذات المخالب تشق البحار والأنهار للسفنِ المليئةِ بالغنائمِ وللشاحناتِ القارات والطرقات. كان الوحش الأسطوري سيد العالم، وأنا سيدته! »

« أنا لم أجد حلاً آخر غير تصفيته، قال الكولونيل أمازون، لكن هايدن لا يريد ذلك. »

« فلنعمل دون أن يعلم، قال المارشال جون صموئيل. »

« أنا أمنعك، قال جيمس جيمس. »

« الحل يا سادتي في جيبي، قال بركة باماو، أن تخصيه نهود زوجته، فتهدمه ككومة الغائط. »

ابتسموا جميعًا.

« كبرت قليلاً يا جدتي الطيبة، وكبر جبروتي معي، تجبري، تغوطي، خرائي الشيطاني، كنت أغطي البشر بخرائي، وأقول عن ذلك مِنَّتي، آه يا جدتي! كنت ألوث العالم بحيضي، وأقول عن ذلك نعمتي، كنت أضاجع النمل ببصاقي، وأقول عن ذلك حكمتي، حكمة حفيدتك الشرموطة مثلك… »

« أوه ساندي! ما هذا الكلام الرذيل؟ من ذا الذي علمك البذاءة هكذا! »

« ستجرحك صراحتي يا جدتي الطيبة، جعلتهم يغتصبونني واحدًا واحدًا، وهم لا يعلمون أنني أمتلكهم كالعبيد هم وتواريخهم ودياناتهم ومراحيضهم باغتصابهم لي، أمتلكهم هم وأكوانهم، وأجعل من الكون أكواني. »

« ساندي اعترفي، قولي لجدتك الصدق، ماذا عنك وهم في لحمك. »

« لذة اللذائد، يا جدتي الطيبة، لذة نساء العالم! »

« ستعودين إلى الرياض يا صاحبة السمو الملكي بمهمة تكلفك أمريكا بها، قال الكولونيل أمازون للأميرة نهود. »

« ليست إجازتي الواشنطنية طويلة كما أرى، تهكمت الجميلة السعودية. »

« اضرب الحديد وهو ساخن كما يقولون عندكم. »

« وما هي؟… المهمة! »

« أن تخصي محمد بن سين. »

انفجرت الأميرة نهود ضاحكة:

« أن أخصي زوجي! أن أخصيه؟ هل هذا هو خيال البيت الأبيض؟ أن أخصي الوغد! لماذا لم تقرروا مثلاً أن أناوله سمًا أو أن أطعنه خنجرًا أو أن ألقيه من مروحيته الهوائية أرضًا، هناك ألف طريقة وطريقة للتخلص منه. »

« هايدن لا يريد قتله. »

« رؤوف قلب هايدن على إنسان لا رأفة له! »

« هايدن يريد كسر أنفه لتسهل عليه محاكمته لو أمكن، وتخليص السعوديين من شروره. »

« أنتم أقوى قوة عظمى في العالم محمد بن سين أقوى منكم!!! وعادت المرأة القَدَرِيَّة تقهقه. »

وقف جيمي هايدن مع كلبه تحت شجرة سنديان من أشجار حدائق البيت الأبيض ريثما تمضي سحابة المطر، والمطر يصب بغزارة، لم تكن في الواقع سحابة، كانت طوفان السماء، ولمرة بعد مرة يخطئ الرئيس في حساباته. في الوقت نفسه، كانت ساندي تنظر إلى المطر العنيف من وراء زجاج النافذة، وهي عارية تمامًا، كتمثال العاج والصديد كانت عارية، وكانت خائفة، كانت خائرة، كانت خاشعة. وفي اللحظة التي أخذت فيها أسراب الغربان تنبثق من الأمطار تريد الانقضاض عليها انقضاض اللعنة السوداء في ممالك الأرباب، راحت تجري على رخام السراب والخراب، تحت أعين مكتري أشهر مكان لاعادي في العالم، وفي المكتب البيضاوي دخلت، في عالم القهر العادي. يا لها من أعظم عظيم قوى الكون هذه التي وجدت نفسها عارية في حضنها! كان مجرد أن تكون لها سلطة الآلهة لثوانٍ يجعلها تَفْرَطُ اشتهاء، تموت رغبة في العناق، في مضاجعة الله. ألقت بجسدها على كرسي الرئيس، ورفعت ساقيها فوق مكتبه، وراحت تمارس الاستمناء.

عاد جيمس جيمس بالرئيس وكلبه وثلاثتهم يركض تحت مشانق المطر، التقوا بساندي في اللحظة التي كانت تغادر فيها مملكة العالم، كانت تبدو شائخة، شاحبة، شاربة لكأس النار في ملكوت الفناء، فخلع الرئيس سترته، وغطاها بها إشفاقًا عليها، جذبها إلى صدره بحنان، وهمهم حزينا:

« أمريكا! »

وهو يبكي.

الفصل السادس

« أريد أن تكون للمذرفكر جنازة مهيبة توقف أجنحة الطير في سمت السماء، قال بركة باماو الرئيس المكلَّف للمارشال جون صموئيل وزير الدفاع، فننذر السعوديين بأننا لن نفرط بالنظام، وأننا مستعدون لفعل كل شيء كل شيء حتى إرسال المارينز إلى مكة على ألا نفرط بشبر واحد من منطقة نفوذنا. »

« الشعب السعودي لم تشف غله رصاصة في الرأس، قال وزير الدفاع، فادرس كافة الاحتمالات سيدي المكلَّف. »

« كافة الاحتمالات على قفاي، نبر باماو، عندما يشرف الحرس الملكي بأسلحته وبساطيره على تأطير الجنازة، أفراد الحرس الملكي لعلمك من البدو العتاة للدرعية مهد العائلة المالكة. »

« لم نحل مسألة خلفه هذا المذرفكر. »

« أي واحد قواد منهم. »

« كلهم واحد وليس غير واحد. »

« سآخذ رأي سمو الأميرة نهود. »

« ولماذا لا تكون الزوجة هي الوريثة؟ »

« أنت تعتبر الآن جزيرة محمد بن سين جزيرة ريتشارد قلب الأسد؟

« سمعت هذا الاقتراح من أحدهم. »

« المهم الآن أن ندفنه على طريقتنا. »

« أتوقع ما لا تتوقع. »

« سأكون الطاغية حتى وأنا في كفني، همهم محمد بن سين، فأقهر أعدائي في مماتي قهري في حياتي. سأكون الأمير المستبد كما أرسم لنفسي وأنا على أية حال رسمت لنفسي أم رسموا في عرقي يسيل دم الطغيان. سأكون الفوهرر على شعبي لعجزي عن أن أكون الفوهرر على شعب غيري فلست الآري لكني العربي، الهوية أنا لا أشك فيها على أبواب الجحيم، لأنها الجحيم، ولأنها الجحيم عليّ أن أكون على قدر حمل مسئولية الرعية بمحقها أو بمحقها لا اختيار لي، إنه في الواقع الازدواج، وقبله الازدواج في الدماغ، الشرخ بين فلقتيه، وما ينتج عن ذلك من انفصام عندي أنا المجنون، أنا الملعون، فهل يصدقني الموتى؟ قبل الموتى لم يصدقني الأحياء. »

« أنا لا أريدك، قال جيمس جيمس للفتاة السادسة أو السابعة التي طلبها بواسطة يوبير الجنس الناعم، أنت لا تشبهين أختي. »

« إذن كان عليّ أن أشبه أختك لنتضاجع؟ ابتسمت الفتاة. »

« أختي ماتت وأنا أبحث عنها. »

« منطقك منطق المنهزم. »

« أدري. »

« جربني فربما شممت في عطري رائحتها. »

« أريدها كلها وليس فقط عطرها. »

« قل لي كيف كانت ترضيك. »

« لا أظن أنك تقدرين. »

« أنت على أي حال دفعت مسبقًا باي. »

« ما أدفعه يعود إليّ. »
« أنا أرفض الحقنة، صاح محمد بن سين، أنا أرفض العلاج، أنا أريد جنوني، بدونه لا يمكنني تنفيذ ما لا يمكن تنفيذه، بدونه لا أقدر على ما لا أقدر عليه، بدونه لا أستطيع غزو ما لا يمكنني غزوه، وأنا لهذا ملأت المعتقلات بغير المجرمين، والمخادع بغير البالغين، وأجهزة الدولة بغير الكفؤين، هذا هو كوني المجنون، الكون المجنون، للإذلال، للإهانة، للإخضاع، للقهر، للقمع، للتجبر، للاتجار، للبيع، بهستيريا، باستهتار، بقوة الأوجاع، بسلطة الآهات، بنظام التعذيب، بنسق التأديب، الجماهير، أين الجماهير؟ في رأسي المجنون الجماهيرُ عصافيرٌ للذبح. »

« إذن مدام، قال الرئيس المكلَّف للأميرة نهود، أنت لن تقترحي وليًا للعهد. »

« اجعل واحدًا من المخصيين أصحابكم فلا تضطروا لخدماتي، تهكمت الأميرة نهود. »

« أخطأنا مرة ولن نخطئ مرتين، توقعنا كسر أنفه، فعلا بأنفه. »

« بقتلكم إياه… »

« نحن لم نقتله. »

« كما لو… أحزنتم الملالي عليه والحكام اليهود. »

« شيء طبيعي مدام. »

« وضاعفتم غضب الشعب، فموته ليس الموت الذي يريدون، الموت الأسود للغضب الأسود. »

« اللعبة القذرة، همس محمد بن سين، اللعبة القذرة لنا نحن القذرين حجارة شطرنج البيت الأبيض. سنلتقي في جهنم يا صديقي الإمام، وسنتحدث، أنت المدافع الأول عني، أنا لن أنسى، ويا صديقي رئيس الوزراء، سنضحك على غيرنا برفقة الشيطان ضحكنا على غيرنا برفقة الله. اللعبة القذرة أوسخ ما فيها أدوارنا، وأوسخ الاوسخ أدوار أسيادنا. »

« لا، لا تشلحي، أمر جيمس جيمس الفتاة، أنت لا تشبهين أختي. »

« في المرة القادمة اطلب صورتي، تهكمت الفتاة. »

« فكرة جيدة ليوبير الجنس الناعم. »

« ممنوع المزاح. »

« أنا لا أمزح، أعطني اسمك ورقم هاتفك، فيما لو تحققت الفكرة، اتصلت بك، فهي فكرتك، نحن في يوبير نعمل بشرفنا. »

زحفت الناس من جهات السعودية الأربع « لتشييع » الجنازة، كانت كلمة السر التي روج النشطاء لها وبها بين بني البشر وبني الطير هي « التشييع ». باسم المظلومين الأحياء والمظلومين الأموات باسم أشجار البلح وأشجار الملح على امتداد ثلاثة قرون من الحكم المطلق جفت فيها المحيطات والحكم المطلق لم يجف واندثرت فيها الحضارات والحكم المطلق لم يندثر، ثلاثة قرون وَلَدَ خلالها الطيرُ الأسرابَ والأسراب والبشرُ الأجيالَ والأجيال تحت الحكم المطلق، وفي الأخير الابن الأخير للحكم المطلق يطلق في رأسه رصاصة ليقفز برصاصة عما ارتكب بالناس من جرائم الحكم المطلق ومن عذابات البشر وعذابات الطير من الحكم المطلق. كل السعودية زحفت بالرمل والدمع، بالشمس والدم، بالغاز والنفط، بالأنين، بالحنين، القصيم جاءت، والدمام جاءت، وحايل جاءت، وعسير جاءت، وجاءت القوافل، وجاءت القبائل، وجاءت الأوتوسترادات حتى، والشوارع، والمدن، والقرى، والحمائل، وجاءت المساجد، وجاءت المآذن، وجاء الإسلام، وجاءت المذاهب، وجاءت الجنسيات، وجاءت الأمم، وحتى الافاعي جاءت، وحتى الثعالب، وحتى السحالي، وحتى الذئاب ذات الأنياب القاطعة وإنما القاطعة أقل من أنياب محمد بن سين. انقضت الضحايا الأحياء على الجلاد الميت رافعة إياه على عامود بحبل حول عنقه غير آبهة برصاص الحرس الملكي، غير مبالية بموتها مقابل الموت مرتين لجلادها مرة ليس مسيّرًا ومرة ليس مخيّرًا. في تلك اللحظات الخالدات، جاء غراب أبيض راح ينقر بمنقاره الجسد المتدلي بحثًا عن كبد محمد بن سين حتى وصله، وأخذ يقطع من الكبد ويأكل، وبعد أن شبع مما أكل، راح يرمي للمظلومين المكلومين، والمظلومون المكلومون يأكلون وكأنهم يأكلون مما جاء في القرآن من مَنٍّ وسلوى وهم يبتسمون لبعضهم البعض ومن فترة إلى فترة وهم يلقون نظرة من عين الرضاء على الجثة المعلقة.
« سيناتور جوردون، نادى باماو والسيناتور جوردون يتلهى مع بنت من بنات الكباريه، يا سيناتور جوردون، فالتفت السيناتور جوردون، ما رأيك فيما جرى بجثة المذرفكر؟ »

« تقصد سحله؟ تساءل السيناتور جوردون، أنا معه، ولم ينفق من وقته أكثر حول الموضوع، عاد يحتضن البنت، ويتلهى. »

« وأنت يا مستر كين، أمسكه الرئيس المكلَّف من ذراعه على البار، ما رأيك في سحل المذرفكر؟ »

« ليس جميلاً ما حصل، أجاب دون أن يسمعه باماو بسبب انطلاق الموسيقى ودخول الراقصات، فرفع صوته، بسببنا كل الذي حصل، هل تسمعني؟ قلت سحل المذرفكر بسببنا والحبل على الجرار، السعوديون انطلقوا تحرروا أبدعوا، ونحن من واجبنا أن نبدل سياستنا. »

« وأنت يا سيناتور ويليامز، توجه بركة بأمان بالسؤال مقعرًا صوته، هل لم تزل تريد تفجير قنبلتك النووية في الشرق الأوسط بعد سحل المذرفكر؟ »

« ماذا تظن أنت؟ أجاب السيناتور ويليامز عن السؤال بسؤال. »

« أنت لم تزل عند رأيك، فالفعل همجيّ. »

« الفعل مفاجئ، همجي صحيح، لكنه مفاجئ، وأنا مغرم بالمفاجآت، وتفجر مقهقهًا. »

« بصحتك سيناتور ويليامز! »

« بصحتك سيدي المكلَّف! »

« بصحتك سيناتور كين! »

« بصحتك سيدي الرئيس! »

« بصحتك سيناتور جوردون! »

« بصحتك بركة باماو! »

الذهب في الرمل، يمشي ثعلب الرمال على الذهب في الرمل، فيرفع من أسعار الذهب في نيويورك، وفي باريس، وفي لندن بثقله الخفيف الوزن، وتنعكس الأشعة عن شموس النساء، فتغوي الرجال بالعراء، وبالغرق في صحراء الرغبة.

الفضة في الفرو، يلون الثعلب الأحمر الفضة بقلم الحمرة، فيصبغ ثغور الفتيات في شوارع جدة بالفكرة، والفكرة في المفهوم الجنسي هي التوت الأخضر المجبول بالشبق الأزرق، لهذا السبب تمارس بنات الرب العناق مع الوهم من خلف أحجبتهن السوداء، وهن يهرقن العطر من قناني الملح في واشنطن لتقع الأعمدة في غرامهن.

السم في اللحم، يأكل ثعلب الفنك من اللحم المسموم ليفتك بنفسه وهو يعلم أنه الانتحار، فيراهن على المدة التي يملأ فيها معدته قبل الموت، وكسيناتورات الكونغرس يمارس الدعارة في السياسة كناية عن القتل فيما بعد لا القتل فيما قبل لا القتل في الحال القتل خلال وخلال ذلك كل شيء مسموح لنهب أمم الصحراء التي هي نحن الثعالب.

« كاثرين كريبتون، رفع جيمس جيمس من صوته بسبب الموسيقى الصاخبة، بكم شهر أنت حامل؟ »

« أوه! أخيرًا ها أنت تلاحظ، قالت وهي تعضعض أذنه، إنه شهري السادس. »

« إذن ليس مني. »

« ليس منك. »

« لهذا لم تقولي. »

« انتظرت أن تعرف وحدك. »

« وممن ثعلبك؟ »

« من رمل الصحراء. »

« نيفادا؟ »

« الربع الخالي. »

« سأعيش في وكر للثعالب يا أبي، قالت الأميرة لطيفة لأبيها محمد بن زين، لأني الرمل في الموج، والموج في الجسد، والجسد في الحكم. الوكر مملكة الملعونين الذين أنا منهم أنا التي من عضوك جبلتني لترميني، لتجعلني، لتدمرني، فماذا أفعل بعيدًا عن خلاني غير التهام السحالي لأعيش؟ امنعني يا أبي لأستجيب! »

« لا يا ابنتي، همهم الأمير الذميم، لا يا عشيقة أبيك! »

« أخذتني يا أبي، ثم تركتني لغيري، في الإمارة يأخذ الآباء بناتهم، ثم يتركونهن لغيرهن، هم غرباء عن عالم الثعالب، هم لا يعرفون غير الإخلاص لمتعهم، ككل الصائدين في السراب. »

« ماذا أفعل يا ابنة اللحم المسموم؟ يا سوار الذهب في الرمل؟ يا حلق الفضة في الفرو؟ أنا لن أغطي نفسي بحلمتك، أنا لن أدفن رأسي في شرخك، أنا لن أهرب من ظلي في شرجك. »

« هل أنا عارك يا أبي وأنت العار؟ هل أنا قهرك يا أبي وأنت القهر؟ هل أنا عمالتك يا أبي وأنت الغائط في مراحيض واشنطن؟ »

« اذهبي إلى طاولة لوبي الفراء كاثرين، اقترح جيمس جيمس، وأنا إلى طاولة لوبي الألماس، فالمستقبل يبدل اتجاهه بعد خروجنا من عصر سيارات البنزين ودخولنا في عصر السيارات الكهربائية. »

« المستقبل كان الألماس والفراء دائمًا، ابتسمت جميلة البيت الأبيض. »

« هناك صفقة فراء للإمارات وصفقة ألماس لإسرائيل العمولة بالملايين، نبه جيمس جيمس. »

« أحبك عندما تتكلم بلغتي، ضحكت كاثرين كريبتون. »

« كانت الشجاعة اسمها لطيفة، بكت الأميرة، كانت المروءة اسمها لطيفة، كانت الأمانة اسمها لطيفة. »

« قيمك الغائط يا ابنتي يا حبيبتي، همس الطاغية وهو يداعب ابنته من بين فخذيها، قيمك التي لا قيمة لها في بلدنا الذي لا قيمة له، الذي لا قوة له، الذي لا قوام له غير قوام وقوة وقيمة القمامة في دنيا رأس المال. »

« آه يا أبي، انحنت على فرج أبيها، ووضعته في فمها، لماذا كنت هذا الرجل القذر الذي جعلتني أحبه بين كل قذارات العالم؟ آه يا أبي، يا قدري! »

« واصلي، لهث وهو في فمها، أطول ما يكون، أكثر ما يكون، أنعم ما يكون، أخشن ما يكون، أوحش ما يكون، واصلي يا ابنتي، كوني القحبة التي جعلتها منك، قحبتي وابنتي وحياتي، واصلي، واصلي، اهلكي روحي، اهلكي عقلي، اهلكيني، اخنقيني، اسحقيني، أنا أستحق السحق! »

« ستكون لكِ صفقتك، قال رئيس لوبي الفراء لكاثرين كريبتون شرط أن يبيعنا قذر الإمارات مليار برميل نفط بسعرنا. »

« ستكون لكَ صفقتك، قال رئيس لوبي الألماس لجيمس جيمس شرط أن يضاعف قذرو السعودية معونتهم لأبناء عمهم، ليس كثيرًا، بضعة مليارات على طيزهم. »

« سأدعو الله أن يغرق هذا البلد في ماء البحر، شهقت الأميرة وهي تمسح مني أبيها عن وجهها بعصبية، سأدعو الله أن يزرع سكينًا في رحمي، سأدعو الله أن يرمل أمي، أمي المسكينة أمي. »

« الابنة الوفية لا تدعو على أبيها بالموت، يا ابنتي يا حبيبتي، قال أمير الإمارات بهدوء قبل أن يضغط بيده على فم ابنته بعنف المهستر يريد خنقها. »

« رحمتك يا أبي رحمتك، تمكنت المظلومة من القول. »

تلك الغربان ذات المناقير السوداء لا تشرب من نفس الماء الذي تشرب منه هذه الحمائم ذات المناقير البيضاء في سائر مدن الولايات المتحدة، هناك ماء المستنقعات وهناك الماء المعدنيّ.

تلك الغربان ذات الأجنحة السوداء لا تطير في نفس الفضاء الذي تطير فيه هذه الحمائم ذات الأجنحة البيضاء في سائر الولايات المتحدة، هناك فضاء القروض وهناك فضاء الديون المؤسساتيّ.

تلك الغربان ذات الأقدام الليلكية لا تجد الحرية في نفس القضاء الذي تحاكم فيه هذه الحمائم ذات الأقدام الزهرية في سائر الولايات المتحدة، هناك محاكم ومدارس ومناطق الفقراء وهناك محاكم ومدارس ومناطق الأغنياء في نظام فرق تسد السياديّ.

« أنا لا أستطيع التنفس، همهم جورج الأسود ورأسه تسحقه القدم البيضاء كآخر إجراء قبل البداية، أنا لا أستطيع التنفس، أنا لا أستطيع التنفس! في ماء المستنقعات يدفعون رأسي لأشرب كأس الموت، يحطمون جناحيّ لأبني قبر الحياة، ينتزعون مخالبي لأعيد إنتاج ظلام الليل. أنا هنا يا بناتي تحت الحذاء الأمريكيّ كيلا تبحثن عني، تنقرني الحمائم البيضاء، تمزقني، لحمي تحت مخالبها ليس غير تاريخي تحت مخالبها مذ بدأ تاريخ المخالب الذي هو تاريخ العبودية. تُقَبِّلني الحمائم البيضاء، فلا تُقَبِّليني، تضمني الحمائم البيضاء، فلا تضميني، تضاجعني الحمائم البيضاء، فلا تضاجعيني. اليوم أنا لا أرغب في شيء آخر غير دندنة لحن أسود كانته أمي، أنا هنا يا أمي في الحلم الأمريكيّ كيلا تبحثين عني، تتهمني الحمائم البيضاء، تدينني، قضيتي في أقفاصها ليست غير قضيتي في أقفاصها مذ انتهت قضية الأقفاص التي هي قضية الحرب الأهلية. تحاكمني الحمائم البيضاء، فلا تحاكميني، تظلمني الحمائم البيضاء، فلا تظلميني، تعلقني الحمائم البيضاء فلا تعلقيني. تعالي لتموتي معي يا زهرة الميسيسبي، أنا الزنجيّ، بأصابعي السوداء زرعتك قبل مائة عام، تعالي لنصعد معًا إلى واشنطن، قبل أن يقفل البيت الأبيض الباب في وجهينا. »

« هذه القرود لا تشبع من فعل الجنس معي، همهمت لودميلا موريس، وهي تعطي عجيزتها، بينما الرئيس المكلَّف بركة باماو يكشف لأول مرة عن سرطان الدم الذي يعاني منه الرئيس المعتزل جيمي هايدن. إنه في بدايته، أوضح الرجل القوي بعد الرجل الضعيف، سرطان دمه في بدايته، لكن ليس هناك من علاج أكيد، هناك الكيماوي الذي يرفضه هايدن، فيبقى إذن التزريق. »

« أنت يا نيكسون لا تشبع، وطردته نائبة الرئيس. أنا أقترح استقالة هايدن بعلاج أكيد أو غير أكيد، فآخذ مكانه لمصلحة البلد، ومني لك عهد أقطعه على نفسي، أن أجعل منك نائبي. »

« ليس في الحال. »

« لماذا؟ »

« لأنني غارق حتى قمة رأسي في غائط الشرق الأوسط. »

« أكثر من غائط القرود والكلاب والقطط في هذا المكتب الذي أنا فيه؟ »

« أكثر. »

« آلهتهم تخرأ إذن أكثر من كلابنا. »

« أكثر من كلابنا وقططنا وقرودنا. »

« اتركيني أتنفس على صدرك ثم أموت، همهم جورج شبه فاقد للوعي، أنا أحلم بك منذ كنت صغيرا، يا سوداء! ماذا عن موعدنا؟ كنا نسينا لون جلدنا. »

« الحل السعودي ألا يكون هناك حل طالما بقي الملك العجوز على قيد الحياة، قال طوني بلاكي سكرتير الدولة. »

« متفق معك وغير متفق معك، تدخل الكولونيل أمازون، متفق معك لأن هناك بالفعل ملكًا قادرًا رغم كبر سنه على إدارة شئون الدولة، وغير متفق معك لأن هناك خطر أن يموت فجأة. »

« إذا مات فجأة في ستين داهية، الموساد سيدير دفة الحكم بعد أن مكنا الموساد كما يجب بل أكثر مما يجب، نبر المارشال جون صموئيل. »

« يا سادتي! يا سادتي! ردد الرئيس المكلّف قاذفًا حجارة الشطرنج بقدمه، لا بد من ابن قحبة أم أنكم تفضلون الأحمر بوتين والأصفر أخاه يأخذان مكاننا؟ »

« الأحمر كان ابن القحبة، رمى المارشال. »

« اليوم الأسود هو كل شيء، تدخل بلاكي. »

« وابن القحبة الثاني؟ تدخل الكولونيل أمازون. »

« أمير الإمارات ما له؟ سأل باماو، دائمًا ابن قحبة هو. »

« لأنه دائمًا ابن قحبة هو، أوضح رجل المخابرات في البيت الأبيض. »

« سأرسل له نيكسون ليتعبه، نطق الرئيس المكلّف قبل أن يتفجر بالضحك وكل الموجودين. »

« يا إلهي لا تسحقني بنعلك أكثر مما فعلت، في زاوية بعيدة هناك من إنديانابولس امرأة من الثلج تذوب من نيران حبي، لهذا رفضت فصل الصيف إشفاقًا عليها، وليس لأني أكره أن يكون البرنز لون جلدي تحت الشمس وأنا أستلقي أنا الأسود على شاطئ البحر في ميامي. شفقتك ورحمتك يا إلهي! أنت الكنيسة وأنا الجرس، أنت البيت وأنا الباب، أنت الضاحية وأنا المدينة. الزمان يعيد إنتاج نفسه وأنا فيه أفريقيا، فلأرقص رقصتي الأخيرة، غدًا لن أذهب إلى موعدي، اليوم عرسي مع الموت. »

الفصل السابع

الشمس في المعتقل تقول للقمر كن من الخشب ولا تكن من الفضة، البشر في الإمارة أعمدة كهرباء.

القمر في المعتقل يقول للشمس كوني في الهند ولا تكوني عندنا، البشر في الإمارة توابل ملح.

النجوم للمعتقل تقول للشمس وللقمر كونا من الماء ولا تكونا من الضوء، البشر في الإمارة قناني عصير.

« انظر إلى ثديي وهو يقفز هاربًا من ثديي يا أبي، شهقت الأميرة لطيفة تحت التعذيب، انظر إلى بطني وهو يخبئ نفسه بظهري، انظر إلى فخذي وهي تبكي بكاء الثاكل على فخذي. انظر لتنتصب قبل أن يبدأ رجالك بالدخول وبالخروج، وفي رأسك اجعلني، أنا الجدار، اطرق القمر والشمس بالجدار، تسلق أعمدة النجوم، إياك أن تكون غير من تكون، جلادي وحبيبي، قوادي وعشيقي، سكاكيني وحلقاني. ها هم يأتونني برجولتنا التي من خشب حطبًا يلقونه في موقدي، ها هم يغتصبونني، وأنت تأكل بالملح البلح لتشبع، وتشرب بالمني العصير لترتوي. ظمأك لا ترويه البحار، ببولي أنا أرويه، جرمك لا تشبعه الدماء، بدمعي أنا أكفيه. »

« لا تبكي أكثر مما بكيت يا ابنتي يا حبيبتي، همهم الأب الذميم، يا قمري يا شمسي يا نجومي، كل ما في الأمر أنهم يأخذونك، فاعتبري ذلك أمرًا من أمورنا. »

« لماذا لم تنتصب يا والدي وهم فيّ؟ »

« لأن هموم الدولة تطغى على هموم أمير الدولة. »

« هاتفك يرن. »

« أسمعه ولا أجيب. »

« لماذا تتجاهل أمرًا من أمورهم؟ »

« لأنه الأمر! آلو، نعم، نعم، نعم! ردد أمير الششم ثم بصق على صورته وطلب، هل تأتين يا ابنتي يا حبيبتي معي إلى عاصمتي الثانية؟ »

« ليسحلوك حيًا أم ميتًا؟ »

« السعودية بلا حاكم. »

« أنت الحاكم الفعلي للسعودية كنت. »

« وسأكون. »

« أنتِ أنتِ أنتِ، ردد جيمس جيمس منذهلاً وهو يرى أخته من أمامه، وهو يفتح بابه لفتاة يوبير الجنس الناعم. »

« أنا ماذا؟ دخلت الفتاة وهي تبتسم. »

« ليزا أختي! همهم الرجل. »

« أختك؟ »

« ليز، أعاد. »

« إياك أن تلمسني. »

« إليزابيث، أنا جيمس أخوك، أنا أخوك يا أختي الصغيرة. »

« أنت لست أخي أنا لست أختك أنا أبحث عن أخي. »

« أنا. »

« أنا لا أجده. »

« بلى. »

« أنا لا أقع عليه. »

« بلى. »

« أنا لا أحاكيه إلا في الفراش وهو ظلٌّ ينام عليّ. »

« بلى. »

« أقول الظل فتقول بلى! »

« لأني ظلك وأنت هناك ولأنك ظلي وأنا هنا. »

« كلام مجانين مأفونين. »

« اشلحي. »

« بدلت رأيي. »

« دفعت. »

« خسارة. »

« انتظري. »

« مع السلامة باي. »

« ليزا. »

تظاهرت العانسات أمام قصر اليمامة، خلعن الحجاب، وصبغن شفاههن بلون الثورة، وتظاهر العاطلون عن العمل، حملوا شهاداتهم، وأحرقوها بنار الثورة، وتظاهر البائعون المتنقلون، حطموا بسطاتهم، ولوحوا مهددين بخشب الثورة، وتظاهر المؤمنون، قصوا لحاهم، وأقسموا بقرآن الثورة، وتظاهر الآباء مع أبنائهم وبناتهم، ضربوا بناتهم لأنهن يتظاهرن لأول مرة في حياتهن وهنَّ من تحت الحجاب يتظاهرن غير أنّ، وطردوا أبناءهم لأنهم يتظاهرون غير آبهين بأمن الدولة غير هيابين بأماني الثورة.

« لا تذهبي، أمسك جيمس جيمس الفتاة من ذراعها ساحبًا، وعاد يغلق الباب. أنا أريدك ليز أختي، أقضي ليلي بالتفكير فيك، آه يا كابوسي! »

« دعنا نتفق، هدأت الفتاة. »

« كل ما تشائين ليزا. »

« لست ليزا قلت لك. »

« أريدك أشتهيك، لهث وهو يحاول تقبيلها. »

« توقف، أمرته ضاربة إياه، توقف، فك يو، توقف. أنا أعرف من أنت، أنت المستشار السابق لرئيس الولايات المتحدة ورجل لوبيات الكونغرس ومؤسس يوبير جنس قفاي. »

« اخرجي من عندي على الفور، نبر الرجل وهو يفتح الباب ليخترقه رجل أسود يشهر مسدسًا. »

« مفاجأة يا مستر جيمس، والرجل الأسود يغلق الباب. »

« أنا طوع يديكما، همهم جيمس جيمس وهو ينتقل ببصره من الفتاة البيضاء إلى الرجل الأسود، كلي آذان صاغية. »

« كل ما في صندوقك، قال حامل المسدس. »

« وأول ما في صندوقك الماس الذي أعطوك إياه هدية على العمولة، أمرت الفتاة. »

فتح جيمس جيمس الصندوق الجداري، أخرج الرزم النقدية التي ألقفهما إياها، فالحجارة الثمينة التي رماهما بها، وبينما هما يتلقفانها، تناول المسدس في القعر الغامض، وقتلهما. في نفس الوقت، من الناحية الأخرى للعالم، فتح الحرس الملكي النيران على المتظاهرين، وكانت المجزرة التي لم تهز العالم بالقدر الذي هزه مصرع «المجرم الأسود».
حاول طفلٌ الصعود على السلم ليدخل الكوخ الخشبي، وينظر من نافذته الصغيرة إلى الناحية الثانية، فلم يستطع تحقيق ذلك. توماس تعال، نادته أمه، فكرر المحاولة، ولم ينجح في محاولته. على الأرجوحة طفلٌ كالطائر، وعلى الشجرة طائرٌ كالطفل. في الصيف الطيور والأطفال يقلدون الكبار عندما كان الكبار صغارًا، وبفضل تكرار المحاولة، ينشر الياسمين عطره، وتتحرك الأغصان. سامي، صاح الأب، اترك الأرجوحة لغيرك. كان الأخضر لون عيني ذلك الطفل الخلاسي، كان يضرب بقدمه الكرة، وكان لا ينظر إلى أين يضربها. إيميه اشرب قليلاً، قالت أمه الشقراء. لست ظامئًا. الشمس قوية، فاشرب. لست ظامئًا قلت لك. كما تريد، ولكن اشرب جرعة واحدة من أجلي. جرعة واحدة فقط.

« حقوق الإنسان على قفاي، هدد الرئيس الأمريكي المكلّف، على قفاي، هل سمعتموني؟ على قفاي قلت، لولا ما نفعله لكانت نهايتنا. إذن ليس لنا الخيار، ليس لنا الاختيار. »

« أخذنا أموالهم لأننا يجب علينا أن نأخذها، همهم طوني بلاكي، طُرُقُنا كنا مرغمين عليها، غطينا بأموالهم سنداتنا، أجبرناهم على أن يكونوا دائنين ومدينين، لم يحصل هذا مرة واحدة في الوجود، أفقرناهم وهم الدول الأغنى في العالم. على السعودية المليارات لصندوق النقد الدولي، وعليها المليارات لإسرائيل لإيران لتركيا، ولتوابع ثلاثتها عليها أن تدفع مليارات المليارات، لليمن للعراق لسوريا، أن تدفع لكل الحركات الإجرامية التي أسسناها، طالبان القاعدة داعش والحبل على الجرار، أن تدفع لكل الأجهزة المشتبه بها التي أقمناها، أن تدفع، أن تدفع، أن تدفع إلى ما لا نهاية، السعودية هي صندوق خزينتنا، فلنعترف يا سادة، بدونها لن تكون هناك الولايات المتحدة، السعودية هي الولايات المتحدة. »

« السعودية هي الولايات المتحدة ولكن ليس إلى أمد طويل، تدخل الكولونيل أمازون مدير مكتب السي آي إيه في البيت الأبيض، التقارير التي تصلني هذه الأيام تحذر من الانفجار العام، الناس في السعودية وفي غير السعودية يتحركون بعد أن كانوا يتململون، فتوقعوا يا سادة الزلازل التي ستدك ناطحات سحابنا من مكة والقدس والقاهرة. »

« في الواقع، في الواقع، تردد المارشال جون صموئيل وزير الدفاع قبل أن يقول، يجب علينا مراجعة كل شيء في استراتيجية العصا الغليظة، نعم، أنا المتكبر المتعجرف المتخرين من يقول هذا الكلام، فك مي! نحن أفقرنا السعوديين ولم يبق لديهم أي شيء يحول دون فقرنا إلا إذا أخذنا على عاتقنا إغناء السعوديين، هل سمعتموني جيدًا يا سادة، قلت إغناء السعوديين، وهذا ليس غير ممكن، هذا ممكن وممكن جدًا، لو فكرنا قليلاً بشكل آخر ودافعنا براغماتيتنا الدائمة ولكن ذات الفوائد المتعددة الجوانب لا الفوائد ذات الجانب الواحد، ودائمًا بالاتجاه الواحد اتجاه عاصمة مواخير العالم التي هي واشنطن. »

وقع الطفل توماس عن السلم، وأخذ يبكي، فأطل من عش على شجرة كستناء قريبة فرخ غراب راح ينطنط على منظره ويزقزق، فكأنه شحرورٌ، وكأنه واحد من خلانه. كان يزقزق وينطنط دون أن يدري أن هذه هي حريته تمامًا مثلما لم يكن يدري الصغير توماس أن سقوطه هو حريته، فلكل منا الحرية وجهان شرط ألا نبالغ في استغلالها على حساب الآخر. لهذا بدافع الفطرة توقف سامي عن التأرجح تاركًا مكانه لطفل غيره بينما شرب إيميه من يد أمه الماء.

« لا يمكنني ممارسة حريتي بمنطق حرية الآخر وهذه هي الظروف التي أوجدتها بمنطق حريتي، قال بركة باماو دفعة واحدة، فحيرهم، وراحوا ينظرون إلى بعضهم متململين. »

« فلنصنع ظروفًا غير الظروف أخرى، رمى المارشال. »

« كيف والظروف لم تزل ها هنا بشروطها؟ تساءل الرئيس المكلّف. »

« ما رأيكم بالعمليات القيصرية يا سادة؟ اقترح وزير الخارجية. »

« في حالة السعودية مثلاً الثعالب تموت في بطون أُمَّاتها، علق الكولونيل. »

« نحن مضطرون لمتابعة ما بدأناه منذ الحرب العالمية الثانية، قال بركة باماو وهو يفلت نفسًا خائرًا. »
« يا سادتي أنتم بذلك تعطون الكلمة الأخيرة للشعب السعودي ولباقي شعوب المنطقة، نبر جون صموئيل، على الرغم من اختراقاتكم الأمنية وعملائكم المحليين. »

« في الحالة السعودية، لن يمنعنا ذلك من التماس معونة المذرفكر الإماراتي مثلما فعلنا، قال الرئيس المكلَّف. »

« ليس من غير بعض التوقعات، قال طوني بلاكي. »

« التقارير تتكلم عن ربيعات متتالية لن يمكننا احتواءها، همهم الكولونيل أمازون. »

سماء الطفولة كانت ألوانها من ألوان الحرية، أزرق وأبيض وأحمر ألوانها، هل تراها يا أخي الثعلب في الصحراء؟ أنا أحب الرمل ولا أكره الذهب، لون الرمل كلون الذهب أزرق وأبيض وأحمر وزنجاري، الرمل حريتي، والذهب حريتي، وأنا في مرامي الصحراء، وأنا في مراعي واشنطن. لماذا ننتظر أكثر مما انتظرنا؟ ضياعنا لن يدوم إلى الأبد.

حطت طائرة نائبة رئيس الولايات المتحدة في الرياض برفقة قططها وكلابها وقرودها، تسلق نيكسون ذراعي محمد بن زين الذي كان في استقبالها، ولم يركب الباص مع أخوته، صعد في السيارة الرولس رويس الرسمية.

« أنا هنا أنت تعرف لماذا يا ابن القحبة؟ انتهرت لودميلا موريس الأمير الذليل. »

« لتعترف السعودية بإسرائيل، تلعثم بن زين. »

« لا يا ابن القحبة! »

« لتنسحب الإمارات والسعودية من اليمن. »

« لا يا ابن القحبة. »

« لتغطي السعودية والإمارات تريليونات الميزانية الأمريكية. »

« لا يا ابن القحبة! »

« إذا كان هذا القرد يعرف أنا أعرف. »

« هذا القرد يعرف. »

« أنا إذن من فصيلة أدنى من فصيلة القرود. »

« الجحوش. »

« أعرف. »

« أنا هنا لأمنع غضب الشارع السعودي وذلك بتلبية كافة طلباته وسد كافة احتياجاته رفع الرواتب رفع المعونات رفع المخصصات مخصصات التقاعد أولى المخصصات رفع شلحات النساء ماذا يسمونها الحجاب رفع الهيمنة من كل نوع الإعلام الأمراء التجار الكبار أئمة النظام رفع الأمن غير الوطني الجيش غير الوطني الجهاز غير الوطني كسر أقفال المعتقلات وإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين وحتى المجرمين فلا جرائم هناك أفظع من جرائم آل سعود باختصار رفع القبضة الحديدية. »

« إذن لماذا بعثتم من ورائي؟ تلعثم الأمير الذليل، كنت أظن العكس هو الصحيح. »

« للتمويل، بعثنا من ورائك لتنفق أموالك بما يتناسب مع ما قلته لك، أوضحت نائبة الرئيس الأمريكي. »

« ولماذا لا تمول السعودية نفسها بنفسها؟ »

« السعودية لا تمول سوى مشاريعنا وبرامجنا وما قلته لك ليس من مشاريعنا وبرامجنا. أوه! يا إلهي. دهست الرولس رويس بعض الكلاب الضائعة، فصرخت لودميلا موريس من الألم، أوقفت السيارة، ونزلت لتأخذها بدمائها بين ذراعيها، وهي تبكي. »

« تعالي يا بتول يا ابنتي، نادى الملك سين على شابة في عمر الورود، أنت ابنتي يا بتول، زنيت بأمك نهود لعنها الله قبل أبيك في ليلة عرسه، منعته عنها حتى حبلت مني لشد ما كنت أشتهيها، أنت من منيي يا ابنتي. »

« لماذا تكذب عليّ يا جلالة جدي؟ أنا أرضيك من غير أن تكذب عليّ يا جلالة مليكي، أنت لست مضطرًا للكذب، سأبقى أنا البتول إياها من غير أن تكذب عليّ. »

« اسمعيني يا بتول، اسمعيني يا بتول يا ابنتي، أنا لا أكذب عليك، في الماضي كنت أكذب عليك، كنت أقول لك إني جدك، واليوم أنا لا أكذب عليك، اليوم أنا أقول الصدق، قسمًا برب الكعبة أنا أقول الصدق، أنت ابنتي من منيي. »

« وما الذي سيختلف يا جلالة جدي؟… »

« يا جلالة والدي. »

« يا جلالة والدي. ما الذي سيختلف يا جلالة والدي وكل شيء لم يتبدل في فراشك؟ »

« أريد أن أموت هني البال يا بتول يا ابنتي يا حبيبة قلبي. »

« الكلاب حيوانات نجسة في ديننا يا سعادة نائبة الرئيس، قال الأمير بن زين، وهو يحمل نيكسون، ونيكسون يلعقه من ذقنه ومن خده ومن فمه، ونيكسون يحاول أن يفتح فمه ليلعق لسانه بلسانه. »

« أنتم برابرة، همهمت لودميلا موريس ودمعة تسيل على خدها عند الطبيب البيطري، والكلاب الجرحى في حضنها. آن الأوان لتتحضروا! أنا هنا لتتحضروا! »

« آنسة كريبتون! نادى السيناتور جوردون. يا آنسة كريبتون! تركت الآنسة كريبتون السيناتور كين والسيناتور ويليامز اللذين يسيران على بعد مترين أمام السيناتور جوردون وأتته. دعوناك معنا في شيكاغو لنسعد قلبك. انظري إلى الطرف الآخر من البحيرة هناك، فماذا ترين؟ »

« بعض السود الذين يلعبون. »

« تلك حيتان لا غير. كين! قل لكاثرين كريبتون الأشياء السوداء التي هناك تلك حيتان لا غير، قل لها ويليامز! »

« تلك حيتان لا غير، قهقه السيناتوران. »

« والبرهان على ذلك نحن سنصطادها لك، قال السيناتور جوردون، وهو يضربها ببندقيته بينما جميلة البيت الأبيض تصرخ ضاربة إياه على صدره، وحين فعل الآخران ما فعله، ضاربة إياهما أينما وصلت يداها، وهي ترشق وجهها بالرمل وتبكي. »

« خذيني يا بتول وكأنها المرة الأخيرة، همهم الملك الشيخ، لم أعد أنفع في الفراش مثلما لم أعد أنفع في الحكم، افعلي بي خيرًا، خذيني للمرة الأخيرة، فلتكن المرة الأخيرة، لقد كرهت العيش. »

« لا تقل هذا يا جلالة جدي، بكت بتول. »

« يا جلالة أبي! »

« يا جلالة أبي! »

« كم هي جميلة هذه الكلمات من فمك! يا جلالة أبي! »

« يا جلالة والدي! »

« لو كنتِ صبيًا لجعلت منك ولية عهدي بعد رحيل القذر أبيك الذي قُتل مرتين مرة بيده ومرة بيد شعبه، فأحسن الشعب صنعًا. لا تبكي يا بتول، أنا إذا مت بقيت حيًا فيك. »

اجتمع السيناتورات الثلاثة جوردون وكين وويليامز على السكرتيرة العامة للبيت الأبيض جردوها من ثيابها بينما هي تصرخ وتعول وتقاوم دون جدوى، ضاجعوها على الرمل، ولبربريتهم أسقطت الأم وليدها.


الفصل الثامن

« أنا لست غير ديوث رأس المال إذن بعد ديوث عرضي، همهم محمد بن زين، وهو يجلس في زاوية من زوايا المسجد الحرام في مكة. مالي أبعثره على السعودية والسعوديين، أرفعهم، درجات أرفعهم، وأنا أسقط من أعلى الدرج الصاعد في الفراغ إلى هاوية جهنم. إصلاحكم هو الفراغ على حسابي، أنا الثور الذهبي، الحاكم بأمر إبليس مولاي وسيدي. تعالي يا لطيفة يا ابنتي لنبيع معًا شرف أمك للأنبياء، أرض الحجاز ظمأى للمني! احضري معك أخواتك ليكنَّ القروض في بنوك الدم. الثوب السعودي ثقب كبير لن ترتقه أموالي، ستضيع أموالي سدى يا لطيفة يا ابنتي، أموالي التي جنيتها بِعَرَقِ فرجك، أنا الديوث أبوك، ستضيع بأمر الزانين فيك نساءً ورجالاً وقططًا وكلابًا وقرودًا، الراكبين على ظهري القصير، فهم يفكرون بشرجي حين لا يسعفهم التفكير بشروجهم، وأنا من أنا لأقترح لأرسم لأقول لأقرر بعد أن تركت العقل لمجانين العقل في الماخور الأبيض. السعودية تنهض يا ابنتي بالمال الذي تنهض معه لا المال الذي ترتق به الثقب في الثوب. »

« أنا أطلب العفو منك يا ملائكة البيت الحرام، ارتعش محمد بن زين بعد أن صلى ركعتين، لا تنزلي عليّ بصور بناتي، انزلي عليّ بصور الشياطين، فتخدعي إبليس الذي على صورتي. أنا إبليس الكريم، الأخ الصغير لأمريكا، العبد الحقير لبنوكها، المحتقَر لا المتواضع، الرسن القصير لحميرها. خذي يدي بيدك يا ملائكة البيت الحرام، وقوديني بعصا الشيطان، أتوسل إليك أن تقوديني أنا الأعمى المفتوح العينين، وبعصا الشيطان أن تضربيني، عبادتي الشيطان وآياتي العصا، بعصا الشيطان أن تجعليني أشق طريقي، أنا أستحلفك يا ملائكة البيت الحرام! أنا كلبك الوفيّ، أنا نيكسونك الشقيّ، أنا غرابك البيضاويّ، لم يمت ضميري، مات الضمير، لم تفسد أخلاقي، فسدت الأخلاق، لم ينحط نظامي، انحط النظام. على شواطئ أبي ظبي نخلة تبكي على البلح، الأسمنت أنا، والملح أنا، بربك ارفقي بي يا ملائكة البيت الحرام!

« لا، لا، ابتعدوا عني، ارتعد محمد بن زين دافعًا ظلال ضحاياه بيديه، لا تقتربوا مني، لا تلمسوني، كل الموت كل النهب كل النصب لم يكن خطأي، خطأ الأمريكان كان، حسابكم لهم، حسابكم معهم، حسابكم عندهم. أنا ما أنا سوى سمكة من أسماك القرش أضاعت الموج على سواحل أبي ظبي، سمكة على شكل ثقب، ثقب صغير في الثقب الكبير، أنا ما أنا سوى أفعى من أفاعي الصحراء قاءت الرمل تحت نخيل أبي ظبي، أفعى على شكل حبل، حبل صغير في الحبل الكبير، أنا ما أنا سوى غراب من غربان واشنطن نقر الثلج من أكف أبي ظبي، غراب على شكل حذاء، حذاء صغير في الحذاء الكبير. »

زحف شيخ هرم من شيوخ الإسلام في الزاوية المقدسة شبه المعتمة حتى التصق بالأمير الذليل، كان الله ينظر وينتظر ويبتسم، وكان من حوله جمع من الملائكة والمجانين والرسل، كانوا كالله ينظرون وينتظرون ويبتسمون إلى أن زحف الشيخ الهرم بأصابعه حتى القوام المتهدم كالأفاعي وربطه بالحبال قبل أن تلعقه الأسماك ثم حشى ظهره بالانتصاب في اللحظة التي قهقه فيها الله ومعه الرسل والمجانين والملائكة. دوت القهقهات الميتافيزيقية مختلطة بالتأوهات الجنسية في أرجاء مكة، فزلزلت الأرض تحت أقدام أهل مكة. لم تنجح نائبة رئيس الولايات المتحدة في مسعاها الذي جاءت من أجله، كان الفشل هو الحصاد. « آلو! قالت لودميلا موريس، سيد الرئيس المكلّف؟ » « نعم أنا أنا، ردد بركة باماو بعصبية، لِدي! » « الأحوال في السعودية أرض الله والخراء تتدهور… » « أعرف أعرف وماذا بعد؟ شُخِّي! » « كل ما هم في حاجة إليه عود ثقاب. » « ماذا تعنين؟ » « أقل ذريعة ليحرقوا الصحراء المحرقة. »

كان لا بد من الحكم أن يقع في وقته الحتمي، لغضب المؤمنين لما رؤوا ولما عرفوا وفهموا ولما أدركوا، حملوا الأمير الذميم، وداروا به من حول الكعبة، ومن حناجرهم يفجرون اللعنات. عامت أسماك القرش من الأقاصي، وزحفت الأفاعي من الأعماق، وطارت الغربان من القمم، المحكمة غدت البيت الحرام، والحكام غدوا البشر، حشوا محمد بن زين بخازوق دقوه للداخلين غلاً وللخارجين غليلاً.

وجود لودميلا موريس في السعودية والأحوال هي الأحوال كان لها فرصة لا تتكرر مرتين لقضاء يومين راحة واستجمام في مستعمرتها البحرين مع لوما أختها. نزلت في قصر القضيبية، ولتعطي كلها لكلها، نزل قرودها وكلابها وقططها في سجن جو، ليدعم البيت الأبيض كله لكله، حمد بن عين ملك البحرين، بالعمل على نشر فيروس العصر عن طريق هذه الحيوانات اللطيفة بين المعتقلين الذين تزدحم بهم الزنازين كمسامير من اللحم. ذهب حمد بن عين بنفسه لاستقبال أخت القوية الثانية في العالم، وهو يلوث فمه بقلم الحمرة، مما فاجأ لوما.

« هل أنت مَثَلي يا صاحب الجلالة؟ لم تمنع لوما نفسها عن طرح السؤال. »

« أنا جندري يا مس لوما، أجاب الملك. »

« أنا لم أفهم، لم تجد ما تقول غير ما قالت لتعبر مس لوما عن حيرتها . »
« فلنقل أنا امرأة في جسد رجل يا مس لوما، ابتسم حمد بن عين. »

« لم أكن أعلم. »

« الحق يقال هذه الظاهرة غير قليلة عندنا. »

« لهذا أنت ملك على البحرين. »

« أنا ملك على البحرين لأني في كلسون أمريكا قضيبها. »

« ولهذا السبب القصر الذي سننزل فيه نحن الثلاثة يدعى القضيبية أليس كذلك يا صاحب الجلالة. »

« هو كذلك يا مس لوما. »

« قبليني من صميمي يا أختي، همهمت نائبة الرئيس الأمريكي، فأنسى أن لي زوجًا وولدين، ولا أنسى أن لي أختًا وعقابين. أخيرًا الهند في فراشي كأيام زمان، بوذا، الغانج، كأيام المحارق، غاندي، الكورونا. فيروس عشقنا كانه الكورونا نحن ضحايا الفجور الأصفر، عالم « الكوري » عالمنا، عالم الكرى. آهٍ يا ليلي الطويل في المنامة، بومباي معي وأنتِ معي وشرائح الخبز المحمص بدهن القنبلة النووية في مطعم هندي صغير عند زاوية من زوايا شارع المشهورين. »

« التحق بنا يا صاحب الجلالة، طلبت لوما من حمد بن عين بينا هو يتردد بالمجيء في ثياب النساء. »

« الحقيقة أنني… همهم ملك البحرين. »

« انس أنني القوية الثانية في العالم يا صاحب الجلالة، رفعت لودميلا موريس صوتها. »

« الحقيقة أنني جندري لكنني لست سحاقي، تلعثم الملك الذليل. »

« قصر القضيب إذن هو بالفعل لهذا، أعني القضيبية، رمت لوما. »

« أنا القوة الثانية في العالم ولا قضيب لي، ضحكت لودميلا موريس. »

« لك في قصر القضيبية ما لغيرك سيدتي نائبة رئيس الولايات المتحدة أطال الله عمرك، أكد الملك الجندري. »

« إذن تعال لأرضيك يا جلالة الملك، قهقهت لودميلا موريس. »

« قضيبك رقمي يا لودميلا فافهمي، أنبت الأخت الصغيرة الأخت الكبيرة، وهي، أريد القول وهو، لا بد أن هناك صديقًا له. »

« هل تسمعين يا لوما يا أختي الصغيرة العويل في هذه الشبه الجزيرة الملعونة؟ تأوهت نائبة الرئيس الأمريكي، الذكور الجندريون ينشجون حزنًا على عشاقهم بعد أن اتخذ البيت الأبيض قرارًا بترحيل سكان البحرين قبل تفجيرها، فلا حاجة لنا بهذا البلد العبء على ميزانيتنا، ولم يبق من آبار البترول فيه سوى بئرٍ أو بئرين. لا أحد يبكي غير تلكم الذكور الغرباء عن الغرباء وقد رحل الغرباء. »

دخل حمد بن عين بحصان فاجأ حضوره الأختين العشيقتين، صهل على مرآهما عاريتين، فقعد على ذيله رافعًا على نصبه السماء.

« كلتاهما سحاقية يا عبد العزيز، أوضح للحصان الملك الذميم، ولا تنس أنك المخلص لي لا لأحد لا نيكسون المخلص لغير أحد، أبناؤك الملوك كلهم من سفاح، وأنا لهذا السبب عاشرتك ليكون أبنائي من بعدي ملوكًا. كشف حمد بن عين عن بطنه الضخم ليس لبدانته كما خيل للأمريكيتين، لانتفاخه. »

« أنت أعظم حامل من هذا الحصان يا صاحب الجلالة! تهتهت القوية الثانية في العالم. »

« أنت أعظم ظاهرة مع هذا الحصان يا صاحب الجلالة! قهقهت أخت القوية الثانية في العالم. »

« كما تريان أنا الأعظم، أكد الجلاد البحريني متمايلاً متغانجًا مما دفع التغنج والتمايل الحصان إلى الانقضاض الربانيّ عليه، وتنفيذ الاختراق الجهنميّ. »

انتشرت الخيول في شوارع المنامة لتطرد مَنْ لم يغادر شبه الجزيرة، فتصدى الرجال غير الجندريين لها. دارت المعارك بين الطرفين كما لم تدر في « الستار وور »، فرجحت كفة الآدميين على الحصانيين بالرغم من يد العون التي قدمها نيكسون ورفاقه إلى هؤلاء الأخيرين. ألقوا القبض على الملك الجندري، وفي الساحة العامة فسخوه من فخذيه بربطه بين شاحنتين، ثم فلقوه من بطنه بشقه شق الجزار بساطوره للبقر، ومن بطنه انبثق مهر وقف على سيقانه الأربع بصعوبة. وعلى عكس كل توقعات التكنولوجيا، فاحت في شبه الجزيرة رائحة عطنة أشد على البشر شرًا من جائحة الفيروس كوفيد قتلت منهم الآلاف المؤلفة، وبدون تفجير البحرين عملاً بالخطة الأمريكية سيكون زوال البشرية.

احتفل الشر الأبيض في الكويت، فغطاها بالثلج لأول مرة في التاريخ. تساقطت الفراشات الميتة من هاوية في السماء، وتراكمت في الشوارع، وعلى سطح البحر تماوجت بحزن أسماك القرش على شمس الصحراء. كان أهالي المدينة يعيشون في مأتم الوقت، وهم قليلون هنا وهناك، ينظرون إلى بعضهم، ولا يعرفون بعضهم. ارتدى بعضهم المعاطف وبعضهم لم يخلع الدشداشات البيضاء. كانوا يرتعشون من شديد البرد، ويسعلون، أصابتهم ما دعوها بأنفلونزا 21، شيء من جهنم لم يعتادوا عليه، منذ قرون لم يعتادوا عليه، فمات منهم الكثير، وللعاصفة عجزوا عن دفن موتاهم، تركوا الجثث أكوامًا على الأرصفة. في النهار كانت الجثث ترقد رقاد الدببة القطبية، وفي الليل كانت تقوم لتلعب بأرواحهم لعب الكائنات الشيطانية. يا كويت، ناحت نساء المآتم، أنت جليد العالم! يا كويت، أنت مقبرة الكون!

« أنت تعلم لماذا أنا هنا في قصر السيف، سألت نائبة رئيس الولايات المتحدة أمير الكويت من تحت القناع بنبرة أمومية. »

« أنا لا أعلم سيدتي وقضائي وقدري، سعل نواف الأحمق الجائر الصياح، وهو يمخط، ويبصق، كالحوت يمخط، ويبصق. »

« تقسيم العراق يبدأ في الكويت وينتهي في طهران. »

« الكارثة البيضاء هل ستسمح؟ »

« أتمنى أن تسمح، الرئيس المكلف يسمح، قليل من الثلج لن يمنعه من ألا يسمح. »

« أنا أشخ من أنفي وأخرأ من فمي كما ترين يا سيدتي وقضائي وقدري. »

« تقسيم العراق محاولتنا الأخيرة التي سنفشل فيها. »

« إذن لماذا هذا التقسيم؟ »

« لأننا هيبتنا. »

« هيبتكم إسرائيل. »

« هيبتنا أمريكا. »

« هذا الثلج. »

« هيبتنا برودواي ولاس فيجاس وهوليود. »

« مريني أفعل. »

« ستفعل مثل كل مرة تفعل أيها الحذاءان، الحذاء القديم والحذاء الجديد، الحذاء القديم الذي هو إعلان وقوفك ضد التقسيم بدافع عروبتك والحذاء الجديد هو إنفاق أموالك على الدويلات العراقية. »

« أنا بصدد الموت يا ملاك جسدي، سعل نواف الأحمق الجائر الصياح وهو يضع رأسه على صدر عشيقه العاري، سأترك كل شيء لك من بعدي يا ملاك جسدي، سأكتب باسمك المحارات التي في قاع الخليج يا ملاك جسدي، سآمر لك بسرايا الغلمان الذين منذ قرنين وأمراء الكويت يدللونهم يا ملاك جسدي، سأجعل من مجلس الأمة مضجع الإسلام حتى ولو أنه مضجع الإسلاميين من أجل عضوك يا ملاك جسدي، كل هذا لتعلم فقط كم أنا أحبك، أرفض كل نساء العالم لقبلة من شرجك، أطرد كل شيوخ العالم للمسة من ثديك، أصرف كل نقود العالم لهمسة من سرتك. »

« أوه نيكسون، تأوهت لودميلا موريس، هل هذا وقته؟ طيب، انته بسرعة عندي أشغال كثيرة أنهيها يتوقف عليها مستقبل هذه المنطقة الغائط النفطي الغازي الدولاري الأمريكي الحيوي. آلو نعم، أنا معك سيد الرئيس المكلّف، سأقوم برحلتي السرية لدى الملالي بعد بعض الترتيبات هنا، لكنه نيكسون، أنت تعرفه، يعيقني بعض الشيء، خير طريقة أن أطلقه وأخوته في شوارع الكويت ليلعبوا قليلاً في الثلج مع الجثث. »

« ابق وفيًا لذكراي يا ملاك جسدي، عاد الأمير الذليل إلى السعال، وإذا ما أخذك غيري بعد وفاتي خنه مثلما كنت تخونني، لا تخلص لأحد، الله غفور رحيم، لا تأتمر لأحد، لا تخضع لأحد، حتى وهم يخنقونك، لا تستسلم لأحد، لا تنادي أحدًا من وراء الكثبان، كل الكثبان التي تحيط بنا هي العراق، الرمال هي العراق، والمستنقعات هي العراق، واليوم العواصف هي العراق، لا تحلم بأحد لما تنام، كل الأحلام التي تريعنا هي العراق، الأوهام هي العراق، الأشجان هي العراق، واليوم الأشباح هي العراق، لا تمارس لما تتوحد والزمان بأحد، كل الاستيهامات هي العراق، كل الاستفهامات هي العراق، واليوم كل النوستالجيا هي العراق. »

« آه يا سيدتي العظيمة، سقط علي خاء على يد المرأة الأقوى في العالم وراح يلعقها لعق نيكسون لها، أنا طوع أمرك يا سيدتي الجليلة، أنا رهن إشارتك يا سيدتي الربة! »
« أنت تدغدغني أيها الحذاء الكبير، قهقهت لودميلا موريس، توقف، توقف، أنت تلذني، أنت على وشك أن تأتي بمائي! »

« ها هي عمامتي، خلعها الإمام الإيراني مقدمها. »

« لماذا؟ سألت نائبة رئيس الولايات المتحدة مستغربة. »

« لتمسحي بها ماءك، همهم الفقيه وهو يتحاشى النظر في عينيها. »

« التزم الأدب أيها الحذاء الأكبر! دفعته منتهرة إياه. »

« تحت أمرك سيدتي ال… »

« فلتخرس! »

« تحت أم… »

« قلت فلتخرس! »

« خرست……… »

« أنتم هنا منذ عشرات السنين وكلكم معادلات طائعة ومفاعلات منفذة لأوامرنا ككلابنا، أنا أهنئك على حكمك سيد الإمام. »

« هنئيني بالأحرى على حكمتي يا سيدتي العظيمة. »

« أهنئك على حكمتك كذلك سيد الإمام. »

« لدينا نحن الشيعة درس لا ننساه التاريخ علمنا إياه غداة مصرع سيدنا الحسين طيب الله ثراه « كن الحكيم حين تحكم والحاكم حين تتحكم ».

« غائطك هذا أتركه لكم وفي مراحيضكم لا في مراحيضنا، قمعته. »

« معذرة يا سيدتي الجبارة، سقط علي خاء على يدها، ألف معذرة ألف ألف معذرة ألف ألف ألف معذرة مليون معذرة مليار معذرة. »

« كفى! صفعته بأطراف أصابعها عدة صفعات متتالية، لندخل في الموضوع مباشرة، أنا لا أحتمل البقاء في هذا الحجاب الذي اسمه إيران خراي! »

« كلي سمعًا وطاعة يا أمريكا، تمتم الفقيه مذعنًا. »

« تقسيم العراق يبدأ في الكويت، وهذا تم، وينتهي في طهران، وهذا سيتم، السنة في الشمال، الشيعة في الجنوب، أكراد الغائط في الشرق، بغداد في الوسط، التقسيم هنا باحتلالنا، ولا يتبقى سوى ترسيم الحدود هناك باحتلالكم. »

« أمريكا بهذا التقسيم تحرمني من حقوقي التاريخية حقوق جمهوريتي الثورية على كل العراق. »

« حقوق جمهوريتك الثورية حقوقك التاريخية منذ هذه اللحظات السرية حقوقك هذه هي حقوق مراحيضي. »

في سماء فارس الزرقاء أجنحة ذهبية، في أشجار فارس الخضراء ثمار فضية، في كتاب فارس ذي الصفحات البيضاء كلمات سحرية.

الفصل التاسع

« هذا الرأس الهندوسي عندما يتكردح بقوة كأس العالم سيصيب الهياكل الخشبية كلها، قالت بَنانة والدة تميم بن حاء قبل أن تقذفه، وبالفعل أصاب كافة الهياكل الخشبية. »

« هذا الرأس البنغالي عندما يتكردح بقوة كأس العالم سيصيب كل الهياكل الخشبية ما عدا واحد منها، قالت لودميلا موريس نائبة الرئيس الأمريكي، وبالفعل أصاب كافة الهياكل الخشبية غير واحد منها. »

« هذا الرأس الباكستاني عندما يتكردح بقوة كأس العالم سيصيب كافة الهياكل الخشبية إلا ثلاثة منها، قالت عين البوسعيدي زوجة سلطان عُمان، وبالفعل لم يصب ثلاثة من كل الهياكل الخشبية. »

« لقد كسبتِ لعبة البولينغ يا عزيزيتي بَنانة بفضل الهند بلد أجدادي، هنأت القوية الأمريكية. »

« وبفضل النفي، ابتسمت زوجة السلطان. »

« ماذا تعنين؟ ابتسمت أم الأمير القطري. »

« أنا يهودية وأنت مسلمة ولودميلا مسيحية، ثلاثتنا تلعب لعبة نفي الأخرى لتكسب، فسرت عين البوسعيدي النفي حسبها. »

« لتوجد، صوبت أقوى امرأة في العالم. »

« ماذا تعنين؟ عبست بَنانة. »

« في الأرض الملعونة اليهود والعرب الإسرائيليون والفلسطينيون لن يصلوا إلى حل ما بينهم لأن كل طرف يستمد وجوده من عدائه للطرف الآخر، إنهم يلعبون لعبة البولينج، إلى الأبد يلعبون لعبة البولينج. لهذا، أقول لهذا وأنا أزن كلماتي، لهذا يجب أن يكون هناك حل مفروض عليهم فرضًا وبالقوة لو يلزم. »

« بدحرجة الرؤوس، علقت والدة تميم بن حاء لتقهقه النساء القويات الثلاث. »

« لو كانوا في الأرض الملعونة مثلنا نحن اليهودية والمسيحية والمسلمة لفهموا بدون الحل المفروض ولعاشوا سوية، فكرت بصوت مسموع السلطانة. »

« لن يكون هناك أي فهم لدى الملعونين إلا عندما يفهم الملعون نفسه ليغدو غير ملعون مثلنا نحن المسيحية واليهودية والمسلمة، حللت نائبة الرئيس الأمريكي. »

« عندما كنت طفلة صغيرة، حلقت أم الأمير القطري، كان أبي يمنعني من الخروج من حجرتي ليعاقبني على عنادي، ولم يكن ذلك ليدوم طويلاً معي أنا مدللته، بعد ذلك عندما صرت فتاة كبيرة، فهمت ليصبح ابني على ما هو عليه اليوم ابني عليّ أن أستثمر هذا العناد بطريقة منتجة، فكان نجاحي الأميري. »
« عندما كنا أنا وأختي طفلتين صغيرتين، حلقت لودميلا موريس، كانت أمنا تقفل علينا كهف النبيذ لتعاقبنا على منافستنا لبعضنا، وعلى العكس من أبيك معك يا سيدتي، كان ذلك يدوم طويلاً، فيعترينا الخوف أنا وأختي أنا وأختي الصغيرة أختي الصغيرة أختي لنأخذ بعضنا في حضن بعضنا، وبعد ذلك قبل أن نصير فتيات كبيرات، ونحن في سن المراهقة، مارسنا العشق ممارسة الشيطان للعشق مع الله، ونحن نفهم خطيئتنا حق الفهم غير أننا حملنا خطيئتنا على مسئوليتنا. »

« عندما كنت صغيرة أنا وحيدة أمي وأبي، حلقت عين البوسعيدي، كان أبواي يريدان أن يجعلا مني امرأة مثالية، لم يرفعا عليّ يدهما مرة واحدة ولا مرة واحدة رفعا عليّ يدهما، لم يجبراني على الذهاب إلى الكنيس تاركين ذلك لرغبتي، لم يتدخلا في شؤوني شؤون الأنثى شؤون الأنثى مع الأنثى وشؤون الأنثى مع الذكر لم يتدخلا في شؤوني على الرغم من وجودنا في مجتمع تقليدي، ففهمت أولاً أنني أنا وثانيًا أنني يهودية. »

اهتزت العاصمة القطرية في الليل اهتزاز الأجنحة الهيولية، فنعقت الغربان من سطوح أبراجها، وفي المضاجع تماثيل الرصاص تغفو ملء جفنيها. انتشر أزرق غازها في أسود عارها، وجعلا من الدوحة أجمل مدينة في الدنيا. كانت الرائحة خبيثة غير أنها أقل خبثًا من رائحة إعلامها إسلامها دولارها، لكن ماذا يهم التماثيل الثقيلة الوزن في عالم من الوهم الطافية على سطحه؟ كانت تماثيل الرصاص تنفي نفسها بنفسها، وعندما لا تجد نفسها، كانت تأتي بمن يجد نفسها، من السعودية من مصر من الإمارات من الخمارات من الكرخانات أيةً كانت العلة أيةُ علة أسهلُ علة أيةً كانت النجمة تحت ادعاء إرادة هذه على نفسها، وليس هناك من إرادة أخرى غير الإرادة البيضاء.

« سأكون أول امرأة تحكم العالم، كشفت نائبة رئيس الولايات المتحدة، وبفضل عنادك المنتج يا سيدتي القطرية ستكونين أول امرأة تحكم هذا الخراء الثري، ستصعدين على ظهري، هذا إنجيلي، ستحبلين بالصحاري، وستلدين جيلاً غير جيل الملعونين. وبفضل مثاليتك يا سيدتي العُمانية ستكونين أول أمرأة تحكم المخرأة، سأرفعك بيدي، هذا كتابي، ستأتين بالقبائل، وستجعلين من الحاسوبات وطنًا للملعونين. »

انقضت الآلهة على الدوحة، واقتلعتها اقتلاع الجذوع اليابسة من جذورها، لم تكن جهنم التي نعرفها، كانت جهنم الأخرى التي أحدٌ لم يعرفها، فسُمِعَت أصوات البشر المنكوبين من أركان الأرض الأربعة، ابتهالاتهم، توسلاتهم، احتجاجاتهم، ابتهالات وتوسلات واحتجاجات المؤمنين الذين كفروا والكافرين الذي آمنوا، نفي الأنا بالانا، وفي جهنم إثبات الذات في القهر. وفي المقر الأميري كانت تدور رحى الصراع على السلطة بين الأم وابنها، لن يأكلا من الشجر الكرز، ولن يجرعا من النبع ماء الحياة.
« أمي! ابتسم تميم بن حاء وهو تحت الركام في اللحظة التي رأى فيها أمه وهي تنبثق من بين أعمدة الأقدار مادًا إليها يده اليمنى، فشجت رأسه بحجر، وقتلته. »

في الطرف الآخر من جزيرة النساء، شلحت عين البوسعيدي حرائرها، وأطلقت من سطح القصر صرخة الحرية، وهي تلامس بذراعيها المدى. يا ابنةً جاءت من الشمال، كوني غيرك في أرض الملعونين، اسقي من عناقيد الكروم ذئابك وذئابي لتهدأ بعدَ فهمٍ لن يطول نفيه أكثر مما طال، بطول الزمن الدائر بين جرعتين سيكون نفيه. وبعد ذلك، ستحطمين كأسك تحطيم من قالت لك لكأسها. عندما جاء السلطان بعُمان ليضاجعها، دفعته من فوق قبة العالم.

« الماء في دجلة يحترق »! لم تكن انعكاسات أشعة الفجر في الماء، كان الماء في دجلة هو الذي يحترق، كانت النار تتصاعد من سطح النهر، والماء على سطح النهر يغلي، كان الماء يغلي بالتاريخِ وبالدم. نظرنا إلى النار التي تدق في الماء، أنا ولودميلا موريس، وأعطينا لدجلة ظهرنا. لم نكن في المكان المناسب، كان المكان المناسب فينا، وبشيء من اللامبالاة مشينا.

« يقتلني السأم في هذا البلد، قالت نائبة رئيس الولايات المتحدة. »

« أنا مثلك، قلتُ لأقوى امرأة في العالم، لو لم أكن جبانًا لألقيت بنفسي من فوق القنطرة. »

« اقطف لي عرقًا من تلك الأقاقيا التي تنبت في مستنقع الدم. »

« خذي. »

« لم أكن أعلم أن رائحة الدم زكية إلى هذه الدرجة! »

« رائحة الأقاقيا. »

« رائحة الدم. »

« هل تأخذين معي كوب شاي في تلك المقهى؟ »

« يقتلني السأم في هذا البلد. »

« تأخذين أم لا تأخذين؟ »

« آخذ. »

« تلك الطاولة التي في الزاوية. »

« تختار طاولتك؟ »

« أختار. »

« لماذا تلك الطاولة؟ »

« لأنها في الزاوية. »

« أنا أكره الزوايا. »

« اختاري إذن. »

« سأختار تلك الطاولة التي في الزاوية. »

« أسأت الاختيار. »

« يقتلني السأم في هذا البلد. »

« وأنا كذلك. »

« القرف. »

« وأنا كذلك. »

« اليأس. »

« وأنا كذلك. »

« لم أكن أعلم أن رائحة الدم زكية إلى هذه الدرجة. »

« رائحة الأقاقيا. »

« رائحة الدم. »

« رائحة الخر… »

« هل تعتقد أنهم سينجحون في إطفاء النار في ماء دجلة؟ »

« أنا لا أعتقد. »

« وأنا كذلك. »

« أنا أشك في ذلك. »

« وأنا كذلك. »

« أنا أجد أنه من العبث أن يطفئوا الماء بالماء. »

« وأنا كذلك. »

« بالنار ربما. »

« أنا لا أعتقد. »

« وأنا كذلك. »

« بالنار نحن لا نطفئ النار كما أرى. »

« وأنا كذلك. »

« بالنار لا نفعل سوى إحراق أيدينا كما أدرك. »

« وأنا كذلك. »

« هل أعجبك الشاي؟ »

« لا. »

« لماذا؟ »

« لم يعجبني الشاي. »

« لم يعجبني مثلك. »

« لماذا؟ »

« لم يعجبني مثلك. »

« طعم الدم. »

« طعم الأقاقيا. »

« أنا لم يعجبني الشاي. »

« أنا لم يعجبني مثلك. »

« لنذهب. »

« إلى أين؟ »

« أنا لا أعلم. »

« لنذهب. »

« نعم. »

« لنذهب. »

« سنتسكع. »

« سنتسكع. »

« سنبتعد عن سأمنا. »

« سنقترب من سأمنا. »

« الأمر سواء. »

« نعم. »

« سنبتعد. »

« سنقترب. »

« السأم فينا معنا أمامنا وراءنا حولنا. »

« السأم بغداد. »

« الله. »

« الشيطان. »

« الحسين. »

« محمد. »

« عيسى. »

« موسى. »

« بوذا. »

« يهوذا. »

« السأم. »

« القرف. »

« اليأس. »

« طعم الأقاقيا. »

« طعم الدم. »

« طعم القيء. »

« طعم الحيض. »

« متى آخر مرة جاءك فيها الحيض؟ »

« أنا لا أتذكر. »

« لماذا؟ »

« لا لشيء. »

« أخي عندما يأتيه الحيض لا يطاق. »

« أخوك. »

« يغدو بشعًا بشاعة شارع أبي نواس. »

« بشاعة… أبي نواس. »

« ما رأيك في قنينة بيرة؟ »

« فكرة. »

« في تلك الحانة. »

« في تلك الزاوية. »

« في الملل. »

« في السأم. »

« في الملل. »

« في القرف. »

« في الملل. »

« في اليأس. »

« في الملل. »

« في حانة الموت. »

« نعم. »

« الموت. »

« نعم. »

« البيرة. »

« نعم. »

« الموت الموت. »

« نعم. »

« الموت الموت الموت. »

« نعم. »

« الأقاقيا. »

« نعم. »

« الدم. »

« نعم. »

« الدم. »

« الدم. »

« الدم. »

اخترق المتظاهرون شارع أبي نواس وهم يهتفون ضد التقسيم، ضد بريمر، ضد الحكومة، ضد النظام، ضد النواب، ضد الأحزاب، ضد الفساد، ضد الأثرياء، ضد الشعراء، ضد الملالي، ضد الميليشيات، ضد الأمريكان، ضد الماء، ضد النار، ضد الأسماك، ضد صدام، ضد هولاكو، ضد السفاح، ضد الكورونا، ضد الأنا، ضد العراق، ضد الاغتراب، أحرقوا الأعلام، ورفعوا غيرها، بدون « الله أكبر » عليها.

عجزت الشرطة العراقية عن تفريق المتظاهرين بالغاز المسيل للدموع، فجاءت الميليشيات الإيرانية، وفرقتهم بإطلاق النار عليهم، أطلقت النار عليهم، وعلى طيورهم الغريبة، وعلى ظلالهم القريبة، وعلى أشجارهم ذات الأثمار المرة. قتلتهم كما لو كانوا أشياء للرمي، واعتقلتهم كما لو كانوا مجرمين للتسلي. اختاروا ثلاثة منهم الكردي شادن والشيعي زين العابدين وسعد السني، لتلقين غيرهم درسًا لن ينساه اختاروا ثلاثتهم، وأخذوا بتعذيبهم في سراديب الموت على طريقة تكنولوجيا الملالي. بدأوا بالأظافر، بأظافر أصابع اليدين بدأوا، وراحوا يقشطونها ظفرًا ظفرًا، كحراشف السمك راحوا يقشطونها، راحوا يقحطونها، راحوا يكحتونها، والدماء تنبع بين الصخور، والصرخات تسمع بين النجوم. بأظافر أصابع القدمين لم ينتهوا، أخذوا بنتف أهداب العيون، ولأنهم كانوا على عجلة من أمرهم أحرقوها. وبعد ذلك عرجوا على أجساد الضحايا الثلاث، عرجوا على جلودها، وهم ينتزعون جلودها من مساماتها، انتزعوا جلود الضحايا الثلاث مسامة مسامة، وعندما انتهوا، بعد ساعات طويلة انتهوا، لم يشربوا قهوتهم، لم يأكلوا خبزهم، لم يحرروا بولهم، لم يدخنوا، لم يدندنوا، لم يرتاحوا، جاؤوا بمفكاتهم ليفتحوا خزائن الذهب والألماس من سُرّات ضحاياهم، ولتاريخهم انتقموا من القادسية، ولمذهبهم انتقموا من كربلاء، وللذتهم كرروا حلبجة.
حملوا الجثث الثلاث، وألقوها على عتبات الديار التي كانت فيها النساء تولول ولولة العراق على العراق، فأخرستهن ميليشيات الملالي باغتصاب العراق، وعندما نهض الرجال ليدافعوا عن الشرف الذي تلوث بمني الإمام، أردتهم ميليشيات الملالي قتلى، فساوت بينهم في المذاهب، ووحدت بينهم في الموت. لم يكن ذلك سوى إجراء من بين إجراءات الحرية لعراق دومًا ما كان في جوهره حرًا على الرغم من كل إجراءات العبودية التي جرى تنفيذها فيه. وقبل أن تعود الميليشيات إلى الميليشيات، أحرقت ديار الثلاث الضحايا بنيران الزنابق السوداء، وبالدخان كتبت بالفارسية « هذا هو انتصارنا في القادسية »!

« ماذا فعلنا؟ آه يا إلهي! شهقت نائبة رئيس الولايات المتحدة. »

« هذا لا شيء، قلت لأقوى امرأة في العالم. »

« ماذا لو وقع ذلك في كاليفورنيا؟ »

« لكن العراق ليس كاليفورنيا. »

« ماذا لو كان ذلك في تكساس؟ »

« لكن العراق ليس تكساس. »

« ماذا لو حدث بعض ذلك في فلوريدا؟ »

« لكن العراق ليس فلوريدا. »

« اتركني أبكي. »

« هذا لا شيء. »

« تقول هذا لا شيء! »

« هذا لا شيء. »

« اتركني أذبح روحي. »

« هذا لا شيء. »

« هذا… هذا لا شيء. »

« هكذا. »

« نعم. »

« هكذا. »

« نعم هكذا. »

« هذا لا شيء. »

« نعم نعم. »

« نعم نعم. »

« نعم نعم نعم. »

« هناك مطعم. »

« أرى. »

« هل نتعشى؟ »

« ليست لدي رغبة في الأكل. »

« قلنا هذا لا شيء. »

« أكثر من هذا الشيء لا شيء! »

« هذا لا شيء. »

« (هزت رأسها) »

« لنتعشَّ. »

« تعشَّ أنت. »

« سأطلب لكِ بعضَ التُّمَّن وقليلاً من المرق. »

« لن أتعشى. »

« خفيف ما سأطلبه لك وحتى لي. »

« ماذا لو وقع ذلك في واشنطن؟ »

« لن يقع ذلك في واشنطن، أنت تعرفين جيدًا أن ذلك لن يقع في واشنطن، واشنطن ليست إربيل ليست البصرة ليست الموصل، واشنطن هي واشنطن وإربيل هي إربيل كالبصرة هي البصرة والموصل هي الموصل. »

« واشنطن هي واشنطن وإربيل هي إربيل كالبصرة هي البصرة والموصل هي الموصل. »
« وبغداد هي بغداد. »

« وبغداد هي بغداد. »

« أنا متأكد من ذلك. »

« أنا لست متأكدة من ذلك. »

« كيف أنت لست متأكدة من ذلك؟ »

« أنا لست متأكدة من ذلك. »

« كلي. »

« ليست لدي رغبة في الأكل. »

« الرز بالمرق لذيذ. »

« حقًا إنه لذيذ. »

« كيف أنت لست متأكدة من ذلك؟ »

« كل هذا بسبب تلك القذارة. »

« ما هي؟ »

« النفط. »

« النفط هو واشنطن. »

« أرأيت؟ »

« النفط إسرائيل إيران… النفط. »

« النفوذ. »

« السوق. »

« الباقي طرقنا. »

« دعيني ألقمك قطعة اللحم هذه. »

« لذيذة. »

« طرقكم. »

« طرقنا. »

« طرقكم لا تمنع طرقًا غيرها طرقكم تنضاف إلى طرق أخرى. »

« نعم، أعترف. »

« العراق يوحده الترهيب ويوحده الترغيب. »

« نعم، أعترف. »

« أمريكا يوحدها الترغيب. »

« نعم أعترف. »

« كالزهور في الأشواك. »

« نعم أعترف. »

احترقت المستشفيات في مدن العراق بأمر الكورونا عليها، كان ينقصها كل شيء من قناني الأكسجين إلى قناني الماء، كل شيء كان ينقصها، وكان ينقصها الهواء، وكان ينقصها أبناء الملائكة الطيبين، وكان ينقصها الفستق الحلبي، وكان ينقصها الكافيار الإيراني، وكان ينقصها الرمان الأصفهاني، وكان ينقصها الحُلم الشهرزادي، وكان ينقصها البعد الرابع، ليس البعد الافتراضي، البعد الواقعي، كان ينقصها البعد الإنساني.

الفصل العاشر

« أنا حزينة يا أبي، فهل الحزن عار يا أبي؟ همهمت ابنتي. أنا تعيسة يا أبي، فهل التعاسة مشنقة يا أبي؟ أنا يائسة يا أبي، فهل اليأس نهاية الحياة يا أبي؟ تركته يذهب، قلت له غادر، أمرته أن يعود من حيث جاء. عليّ أن أصدِّق أنه ذهب، وأنه لن يرجع إليّ. أنا وحيدة وحدي اليوم، أبكيه لأنه تركني أتركه يذهب، لم يكن يحبني يا أبي. »

« أنا أحبك، همهمتُ لابنتي، ماما تحبك أخواتك تحبك الصغيرة سيرينا تحبك. »

« تركني أتركه يذهب! عادت ابنتي تهمهم، تركني وأنا نائمة، تركني وأنا أفكر فيه، تركني وأنا أقف في منتصف العمر! أربع سنين يا أبي قضيناها معًا وأنا أحلم، تركني وأنا في منتصف الحلم، تركني وأنا في منتصف العمر، لأنه لم يعد يحب حبي، لم يكن ذنبي أن يحب حبي، كان علينا أن نبقى معًا، ولم يكن ذنبه، كان يقرأ الكتب كثيرًا، ويحبها أكثر مني. »

« كانت الكتب لا تحبه، همهمتُ لابنتي. »

« كانت الكتب لا تحبه ويحبها أكثر مني، همهمت ابنتي، لأنها كانت لا تحبه، لأنها كانت لا تبحث عن الحب مثلي، لأنها كانت الحب لمؤلفيها، فأثارت الغيرة في قلبه. آه يا أبي، لماذا لم أكن كتابًا يقرأه العشاق؟ »

« أنت معشوقة للجمال يا ابنتي، همهمتُ لابنتي. »

« معشوقة للجمال أنا وأنا في منتصف العمر؟ همهمت ابنتي. »

« أنت معشوقة للأخلاق يا ابنتي، همهمتُ لابنتي. »

« معشوقة للأخلاق أنا وأنا في منتصف العمر؟ همهمت ابنتي. »

« أنت معشوقة للعقل يا ابنتي، همهمتُ لابنتي. »

« معشوقة للعقل أنا وأنا في منتصف العمر؟ همهمت ابنتي. »

« وماذا يعني أن تكوني في منتصف العمر؟ همهمتُ لابنتي، قولي لي بالله عليك ماذا يعني؟ العمر هو الجمال الأخلاق العقل، الجمال والأخلاق والعقل طفولتنا الأبدية. »

« يا ليتني كنت بلا جمال يا بابا، شهقت ابنتي، يا ليتني كنت بلا أخلاق، يا ليتني كنت بلا عقل، ولا أكون في منتصف العمر! »

« ماذا يا نيكسون، سألت نائبة رئيس الولايات المتحدة قردها الحزين الذي يدفن جسده في حضنها؟ ما بك أنت وإخوتك؟ ما لكم عاقلين على غير عادتكم؟ هذه الحفرة الجماعية التي نحن فيها شيء عادي، هذه الجثث المشوهة المدمرة المحرمة التي تمارس التخزين وتشرب الكوكا كولا حولنا شيء عادي، هؤلاء الأطفال القتلى الذين يلقونهم فوقنا بعد قصف المدرسة القريبة من هنا قصف البرق والرعد الإلهيين شيء عادي، فلا تحزن يا نيكسون، لا تكن تعيسًا إلى هذه الدرجة، لا تيأس أنت وإخوتك، كل شيء يهون في صنعاء، كل شيء لا قيمة له في اليمن حتى الأشياء الثمينة الأكبر قيمة في الكون، كل شيء يموت في وعينا، هذه الجثث المتفسخة هي كل ما هو موجود في وعينا، كل شيء لا يعني شيئًا، كل شيء لا يعني أي شيء، أي شيء، كل شيء لا يعني شيئًا، نحن في صنعاء، نحن في عاصمة ميد إن يو إس إيه، نحن في العدم. »

« كان عليّ أن أجعلني أحبل منه يا أبي، همهمت ابنتي، نوع من تعزية الذات، وهو بعيد عني، لم يكن ذلك أبدًا لأني أحبه، وأريد أن أجد معي منه شيئًا يسلوني، نوع من تعرية الذات، لم يكن ذلك أبدًا لأني أريد احتمال الوقت وأنا وحيدة وحدي، نوع من تربية الذات، لم يكن ذلك أبدًا لأني أحاول استعادة نصف العمر الذي خسرته في قمار الحب، كنت الرهان، وعلى طريقتي أردت أن أكسب الرهان. »

« أنت حبلى منه يا ابنتي، همهمتُ لابنتي؟ »

« أنا حبلى منه في الشهر الثالث، همهمت ابنتي. »

« ثلاثة أشهر؟ صحتُ بابنتي، اسقطيه. »

« كيف أسقطه وأنا أردته؟ صاحت ابنتي. »

« أنت مجنونة! صحتُ بابنتي، أنت مجنونة! »

« نعم، أنا مجنونة، صاحت ابنتي، أنا مجنونة على طريقتي، أنا مجنونة بالحب الضائع، بالقدر الذي جعلته يفلت من يدي، بالغرابة في دنيا الغرابة، أنا مجنونة، أنا مغتربة، أنا غريبة. وعلى أية حال أنا أبقى ابنتك، بابا، يا بابا، يا حبيبي يا بابا، وأجهشت ابنتي باكية. »

« هذه المرأة المبقورة الوجه جميلة يا نيكسون، همست لودميلا موريس في أذن قردها، ليست من ذوقك، فأنا أعرف ذوقك أنت الذي لا ذوق له، أنت كل الكائنات ذوقك، البشاعة ذوقك والجمال ذوقك، أهم ما عندك أن ترضي نفسك يا نيكسون، ولعجزك عن فرحك خَزِّن قليلاً من القات، استفز ذاتك بالغرابة، أنا لا أحبك غريبًا عن ذاتك، لا أنت ولا إخوتك، أنا أحبكم لا كسائر اليمنيين الغرباء عن ذواتهم، الغرباء عن جثاتهم، الغرباء عن الأشياء في عالم الأشياء الشقيّ. أنت تبكي؟ لا تبك، ذلك الصبي المقتلع الساقين حتى بطنه والذي يسير على قفصه الصدري ويمص القات الراقد في شدقه ليس أخاك، ليس أخاك يا نيكسون، ليس أخاك، ليس أخاك، ليس أخاك. »

« أنا لن أسقطه يا أبي، همهمت ابنتي، فأنا أردته، هو لم يرده، أنا أردته، كان يريد أن يرضيني، كان يدرك خطورة الأمر بالنسبة لي، فأراد أن يقوم بخطوة من أجلي ليرضيني. آه بابا يا بابا ما أردتُ كم هو عمل شيطانيّ، لم أكن أعلم أنني من صلب الشيطان، من صلبك، من صلبك أنت يا أيها الشيطان يا بابا! »

« سنذهب، قالـت نائبة الرئيس الأمريكي لحيواناتها، سنغادر الحفرة الجماعية حفرة الموتى يغادركم الحزن، سنمشي من تحت الأنقاض المعلقة في الفضاء بقوة عفاريت الملك سليمان، عمارات مدمرة ومعلقة، عمارات بعمر سد مأرب، عمارات من طين التاريخ، حذار يا نيكسون، حذار يا أولاد، لا تفشخوا رؤوسكم، صنعاء عن بكرة أبيها معلقة في الفضاء، محمولة على أكف الجن. »

« أنا لن أسقطه يا أبي، صرخت ابنتي ضاربة بطنها بكأسٍ هشمتها على بطنها، أنا لن أسقطه، أنا لن أسقطه! انظر إلى دمه يسيل من أطراف أصابعي، ها هو دمه ينطق قائلاً أنا لا أريد السقوط، أريد البقاء في بطن أمي، فلا أغادره بعد تسعة شهور من تكويني، ولا أغادره بعد تسعة وتسعين عامًا، أريد أن أبقى في البطن الصغير حتى نهاية التكوين في البطن الكبير الذي هو الكون. »

« سيموت اختناقًا طفلك يا ابنتي، صرختُ بابنتي. »

« أنا أموت اختناقًا يا بابا، صرخت ابنتي، ألا تراني أختنق في عالم عزلتي؟ بالتدريج أنا أختنق، بضغط أكف العزلة على فمي، بسحقي تحت صخورها، بدقي بمساميرها على الصليب، كالمسيح المعاصر على الصليب، مسيح لا يفتدي الآخرين بدمه، يفتديهم بدم من يحمله في أحشائه. »

« سيموت قتلاً طفلك يا ابنتي، صرختُ بابنتي، فاقتليه! »

« كم أنت قاسٍ بابا يا أبي الصغير على صغيرتك يا بابا، همهمت ابنتي، صغيرتك أنا، مدللتك التي كنتَ أكثر من يكونُ حنانًا عليها. بابا أنا جائعة، كنت أردد وأنا صغيرة عندما أجوع، فتطعمني. بابا أنا تعبة، كنت أُبدي وأنا صغيرة عندما أرفض، فتحملني. بابا أنا مريضة، كنت أدعي وأنا صغيرة عندما لا أطيع، فتعالجني. »

« كنتِ تلعبين بروحي على هواك يا ابنتي، همهمتُ لابنتي. »

« ابني يلعب بروحي على هواه قبل أن يخرج من بطني، همهمت ابنتي، وهي تنوح على ابنها. »

« تقبلي هذه الهدية المتواضعة مني سيدة نائبة رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، تشاطر بنيامين نون، وهو يقدم علبة الكرتون الكبيرة الملفوفة بالورق المذهب المزينة بالرباط الحريري. »

« أوه شكرًا سيد رئيس الوزراء، ردت لودميلا موريس وهي تنقلها من يدي بنيامين نون إلى يديها، ستظل رئيسًا للوزراء حتى وأنت لست رئيسًا للوزراء. »

« هذا لطف منك سيدتي صديقة إسرائيل الرسمية وإسرائيل الرسمية غير الرسمية، ضحك الإسرائيلي من نكتته. »

« في الواقع نحن ألقينا بك في الخراء اليهودي بينما نظام الخراء الذي بنيته خرية خرية وذلك منذ زمن بعيد بعيد جدًا بعيد جدًا جدًا بعيد جدًا جدًا جدًا أشبه في بعده بزمن سيدنا أبراهام هو باق من بعدك برائحته الكريهة التي تعودت إسرائيل عليها. »

« افتحي الهدية، نبر رئيس الوزراء السابق بعصبية. »

« هذا لطف منك، ردت أقوى امرأة في العالم بهدوء، وهي تفك الرباط وتمزق الغلاف وترفع الغطاء، أوه سيد رئيس الوزراء، كل رؤوس الغربان هذه بالعشرات بالمئات! »

« إنها رؤوس الفلسطينيين سيدتي العظمى، تباهى بنيامين نون. »

« أوه يا صديقي بنيامين، ارتعشت لودميلا موريس من السرور، شكرًا شكرًا لك، هدية كهذه لا تقدر بثمن، سأودعها متحف هدايا العظماء في البيت الأبيض. »

« يكون قد نسيني يا أبي، همهمت ابنتي، يكون قد وجد أخرى بدلي، يكون قد اشترى كتبًا جديدة. »

« افعلي مثله، همهمتُ لابنتي، انسيه، وجدي آخر بدله واشتري… أقصد… »

« وهل أستطيع وابنه يكبر في أحشائي؟ تحشرجت ابنتي. »

« كان عليك ألا… »

« بل كان عليّ أن، أكدت ابنتي، فأصنع ولدي على هواي غير ما صنعته أمه على هواها، أصنعه رؤوما مثلي حنونًا مثلك عاشقًا مثل لا أحد آخر في الوجود، فهل يبالغ المحرومون في مشاعرهم مثلما أبالغ؟ »

« وأنت صغيرة كان اللون الأسود لونك المفضل، أكدتُ لابنتي. »

« تقبلي مني هذه الهدية المتواضعة يا سيدتي الأعظم في الكون، تفتف محمود عين وهو يقدم علبة كرتون ملفوفة بالورق المذهب ومربوطة بالرباط الحريري كزميله الإسرائيلي، ها هي الهدية فافتحيها. »

« أوه أنا أشكرك كلي شكر سيد رئيس السلطة، تفتفت لودميلا موريس وهي تفتح الهدية، وهي تقول أوه كل أجنحة الغربان هذه! »

« هذا غيض من فيض، عاد محمود عين يتفتف، لدي منها ما يغطي وطنًا. »

« أحسنت فعلاً سيد محمود عين، تفتفت نائبة الرئيس الأمريكي، وهي أجنحة الفلسطينيين كما أعتقد. »

« أجنحة الفلسطينيين وأجنحة الإسرائيليين، تفتف رئيس السلطة دون أن يلتفت من حوله لثقته بكونه حوله في الجهاز. »

« أجنحة الفلس… وأجنحة الآس… تلعثمت المرأة الأقوى بلسان نصفها من دهشتها. »

« سأقول لكِ كيف. »

« قل! »

« في هذه المخرأة العظمى يا سيدتي العظمى نحن لا نعرف غرباننا من غربانهم، أوضح رئيس السلطة دون أن يتفتف هذه المرة. »

« آه يا أبي لكم أود أن أصنعه على غير ما أود طاغية لا يحكم بالعدل، نبرت ابنتي، لا تؤثر فيه الأوجاع، لا يستجب لابتهالات الناس، نوعًا من أنبياء الانحطاط في الزمن الأمريكي، إلهًا أصنعه لو أقدر من آلهتهم، أولئك هم أرباب الأرباب، فيكون لي شرف الخيانة بعد خيانة أبيه لي، وتكون لي عظمة الخساسة بعد خساسة أبيه معي، وتكون لي كرامة الخداع بعد خداع أبيه لي. »

« ستعجزين عن إنجاب واحد مثل هذا يا ابنتي، همهمتُ لابنتي، ليس هكذا جبلتك أنا، أنا لم أجبلك هكذا، هذه الطينة أنا لم أجبلك منها. »

« تقبلي مني هديتي أقل ما يمكنني فعله على خط آبائي وأجدادي، تلعثم عبد الله ثاء، وهو يقدم كرتونته الملفوفة والمربوطة، وهو يفتحها بنفسه، ونائبة الرئيس الأمريكي تردد « أوه أوه أوه… »، وهو ينثر الحلمات والألسنة والأصابع، وهو يردد « الأردنيون الفلسطينيون الأردنيون الفلسطينيون الأردنيون الفلسطينيون »، ثم وهو يقوم واقفًا في بزته الفوهررية ضاربًا التحية النازية ضاربًا الأرض ببسطاره ضاربًا الكون بالهاشمية. »

جاءتهم لودميلا موريس بنيكسون وإخوته، فعروهم، وامتطوهم، ولمضاجعات جهنم نبت للمرأة الأقوى في العالم قضيبٌ انتصب باحثًا عن ثقوب يحشى فيها، كانت لذتها اللذة كما يجب عليها أن تكون لا كما تكون، لذة أمريكا الجديدة، وكانت قد بذلت حتى هلكت، ومن العياء بعد أن أطلقت في شروجهم منيها أطلقت في أفواههم ضراطها، فقتلتهم شرًا يره.

« سأذهب إليه يا أبي، قالت ابنتي وهي تنظر نحو الباب، سأتوسل إليه أن يرجع، يغيب القمر في الليل ثم يطلع، وفي ليلي لم يطلع القمر منذ أن غاب، دونه دامسٌ ليل حياتي، دونه غامضٌ معنى حياتي، ثلاث وجبات في النهار، ثماني ساعات عمل في اليوم، أربعٌ وعشرون ساعة في التفكير فيه أربعًا وعشرين على أربعٍ وعشرين. هذا هو جحيمي يا أبي، جحيم عادي لامرأة غير عادية. »

« عندما انتشرت البقع الحمراء على جسدك وأنت صغيرة كدت أموت خوفًا عليك، قلت لابنتي وأنا أنظر نحو الباب، حملتك حمل روحي، ورحت أجري بك عند الطبيب، كانت حساسيتك من البنسلين. »

« إذا لم يشأ الرجوع توسلت إليه، تابعت ابنتي وهي تنظر نحو الباب، قبلت يديه، وإذا لم يوافق وافقت على البقاء إلى جانبه تاركة كل شيء. »

« كانت حساسيتك من البنسلين، تابعت لابنتي وأنا أنظر نحو الباب، كنتِ حساسة من البنسلين، كان عليّ أن أقول كلما مرضت إن البنسلين يسبب لك الحساسية، فيكون علاجك بدونه أو لا يكون علاجك. »

« إذا رفض بقائي إلى جانبه، تابعت ابنتي وهي تنظر نحو الباب، ضغطت بكفي على فم ابنه في أول يوم يأتي فيه إلى الوجود، وخنقته، وأنا أقهقه. »

« كنتِ حساسة من البنسلين، تابعت لابنتي وأنا أنظر نحو الباب، كان البنسلين هو السبب في تلك البقع الحمراء التي انتشرت على جسدك، وكان عليّ أن أقول في كل مرة آخذك فيها عند الطبيب إنك حساسة من البنسلين. »

« لأنه لم يكن يحبني يا أبي، تابعت ابنتي وهي تنظر نحو الباب، وليس لأني طردته، مثل الكلب طردته، كان ينتظر مني ذلك، كان ينتظر مني أن أضعه على الباب، فتكون فرصته، تكون الفرصة التي كان ينتظرها. »

« حساسيتك من البنسلين تعالجينها بعدم تناولك البنسلين، تابعتُ لابنتي وأنا أنظر نحو الباب، الحساسية من البنسلين خطيرة، حقًا لا تؤدي إلى الموت، لكنها تلزمك الفراش، فتعيدين النظر في كل انتظاراتك. »

« إذن أنا وأنت سيد الرئيس متفقان على كل شيء، قالت نائبة الرئيس الأمريكي لودميلا موريس للرئيس الروسي فلاديمير باء، الابن محل الأب والأب إلى جهنم. »

« والأب إلى جَنَهْنَم، صحح فلاديمير باء وهو يضحك، شيء بين بين ،بين جهنم والجنة. »

« هل الباء ألف هو كلبك المفضل مثلما نيكسون هو قردي المفضل، سألت لودميلا موريس؟ »

« كلبي وكأنه ابني، أجاب الروسي القوي وهو يضحك. »

« أنا نيكسون بالأحرى عشيقي، رمت أقوى امرأة في العالم وهي تضحك. »

« انظري إليهما، حثها على النظر بينما نيكسون ينكح الباء ألف والباء ألف يذعن لنيكسون، أنتِ تفقدين عشيقك، علق أقوى رجل روسي في العالم. »

« وأنتَ تفقد عذرية ولدك، علقت أقوى امرأة أميركية في العالم. »

« أقبل أن أكون حذاءه يا أبي، نبرت ابنتي وهي لم تعد تنظر نحو الباب، أقبل أن أكون بصاقه، أقبل أن أكون خراءه، آهٍ من ابنتك الغريبة عن نفسها، لو كنتُ مكانها لقلبت العالم على رأسها. »

« لكنكِ لم تصابي بالحساسية من البنسلين مرة واحدة بعد تلك المرة، نبرت بابنتي وأنا لم أعد أنظر نحو الباب، كنت في كل مرة آخذك عند الطبيب ألفت نظره إلى حساسيتك من البنسلين، فيهز الطبيب رأسه. »

« أقبل أن أكون عاهرته يا أبي، نبرت ابنتي وهي لم تعد تنظر نحو الباب، أن أكون مومسته، أن يفعل غيره فيّ أمامه لو هذا يرضيه، يستثيره، يَلَذَّه، أن أكون غُرابةَ منيه، أن أكون عَرَّابة غيري لديه. »

« ولما كبرتِ، نبرتُ بابنتي وأنا لم أعد أنظر نحو الباب، ولم أعد آخذك أنا عند الطبيب، وعدت تأخذين نفسك بنفسك، كنتِ تنسين مشكلة مشاكلك مع البنسلين، أكثر من مرة كنت تنسين. »

« كل هذا اللحم والمجاعة في البلد لا مثيل لها في التاريخ، عبرت لودميلا موريس عن دهشتها. »

« إنه لحم كلبي ذلك الخائن، ضحك فلاديمير باء، غير النظيف، غير الوطني، فكيف يسمح لنفسه بفقدان عذريته، وفوق ذلك مع قرد! »

« لكن في كل دمشق لن نجد فحمًا، ألقت نائبة رئيس الولايات المتحدة. »

« توجد هذه، قال الرئيس الروسي، وهو ينزل عن الجدار لوحة للسيدة السورية الأولى بواحد وعشرين مليون دولار، مزقها وكسر إطارها ووضع المزق والكسور في الباربكيو الذي أشعله. »

« ما أزكى رائحة شواء كلبك سيد الرئيس، قالت لودميلا موريس وهي تمرر لسانها على شفتيها. وعندما أعطاها لتأكل، وما ألذ طعمه! »

« انظر بابا، همهمت ابنتي والحساسية من البنسلين تغزو جسدها تجتاح كيانها، كان عليّ أن أفعل فلا أفعل. »

« أنا لم يكن قصدي، همهمتُ لابنتي. »



أفنان القاسم
دكتور دولة من جامعة السوربون ودكتور حلقة ثالثة ودكتور فخري أستاذ جامعي متقاعد من معهد العلوم السياسية في باريس وجامعة السوربون وجامعة مراكش والجامعة الأردنية وجامعة الزيتونة في عمان، له أكثر من ستين كتابًا في الرواية والقصة القصيرة والمسرحية والشعر والنقد الأدبي والنقد السياسي نُشر منها اثنان وثلاثون كتابًا بالفرنسية والإنجليزية والروسية والإسبانية والعبرية... إلى آخره إضافة إلى مئات المقالات السياسية والأدبية

الموقع الفرعي في الحوار المتمدن:

https://www.ahewar.org/m.asp?i=2854



#عبدالله_مطلق_القحطاني (هاشتاغ)       Abduallh_Mtlq_Alqhtani#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نِقَاشُ الْأَدَبِ وَالسِّيَاسَةِ بَيْنَ الْأُسْتَاذِ وَتَلَا ...
- نِقَاشُ الْأَدَبِ وَالسِّيَاسَةِ بَيْنَ الْأُسْتَاذِ وَتَلَا ...
- سَامِي لَبِيبْ وَرَشِيدْ وَبَلَحَهْ وَالْحُكُومَةْ !
- أَسْئِلَةٌ مُحَرَّمَةٌ فِي السَّعُودِيَّةْ ! (( 2 ))
- إلَهُ الْإِسْلَامِ وَالْحُكُومَةُ وَشَرُّ الْبَرِّيَّةِ !
- الْفِكْرُ الْوَهَابِيُّ وَسَطِيٌّ أَمْ إِرْهَابِيٌّ ؟
- نِقَاشُ الْأَدَبِ وَالسِّيَاسَةِ بَيْنَ الْأُسْتَاذِ وَتَلَا ...
- تَغْرِيدَاتُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ الْمَجْنُونَةُ ! 4
- الْحَرَمَانِ بَيْنَ الْفَتْكَنَةِ والتَّدْوِيلِ وَالسِّيَادَ ...
- مَنِ الصَّادِقُ قُرْآنُكَ أَوْ حُكُومَتُكَ يَا عَبْدَاللَّهِ ...
- نِقَاشُ الْأَدَبِ وَالسِّيَاسَةِ بَيْنَ الْأُسْتَاذِ وَتَلَا ...
- إلَهُ الْإِسْلَامِ الْعَارِيْ وَالْحُكُومَةُ الْحَنُونَةُ !
- نَعَمْ أَنَا كَافِرٌ بِالْإِسْلَام !!!
- الْإِلْحَادُ وَالْأَدَبُ فِي النَّقْدِ الدِّينِيِّ وَأَفْنَا ...
- تَنْبِيهٌ أَنَا مَعَاكِ يَا حُكُومَة يَا طَاهِرَةْ
- الحِوَارُ المُتَمَدِّنُ وَوَاشُنْطُنُ وَسِيَاسَةُ الْعَيْنِ ...
- يَا عَبْدَ الجَبّارِ أَنَا نَقَدْتُ الْإِسْلَامَ مِنْ تَحْتِ ...
- لَوْلَا الْمَرْأَةُ لَمْ تَقُمْ لِلْإِسْلَامِ قَائِمَةٌ وَلَ ...
- مَمْلَكَةُ رَايِةِ الصَّلِيبِ الْمُنَافِقَةُ عَنْ أَيِّ شَرِ ...
- دوَلِيَّاً تَجْرِيمُ تَطْبِيقِ الشَّرِيعَةِ الْإِسْلَامِيَّة ...


المزيد.....




- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عبدالله مطلق القحطاني - السَّعُودِيَّةُ وَالشَّرْمَطَةُ الأدَبِيَّةُ السَّاخِرَةُ وَأَفْنَانُ الْقَاسِمِ نَمُوذَجًا